<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->

 

القدرات القرائية لدى عينة من ضعاف السمع من طلاب الصف السادس

 

 الابتدائي والصف الثالث المتوسط في مدينة الرياض: دراسة مقارنة

 

 

 

 

محمد جعفر ثابت

أستاذ مساعد، قسم علم النفس، كلية التربية، جامعة الملك سعود

الرياض، المملكة العربية السعودية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

القدرات القرائية لدى عينة من ضعاف السمع من طلاب الصف السادس

 الابتدائي والصف الثالث المتوسط في مدينة الرياض

 دراسة مقارنة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملخص البحث. أشار العديد من الدراسات التي أجريت في أمريكا الشمالية وأوروبا إلى تأخر القدرات القرائية لدى المعاقين سمعياً مقارنة بالعاديين.  كذلك وجدت تلك الدراسات أن هناك عوامل أخرى قد تتداخل مع الإعاقة السمعية من شأنها أيضاً أن تؤثر على القدرات القرائية. وبالنظر إلى ندرة الدراسات التي أجريت على البيئة العربية لمعرفة تأثير الإعاقة السمعية على القدرات القرائية، ولما كان هناك اختلافً في طبيعة تركيبات اللغة العربية عن اللغة الإنجليزية بالإضافة إلى اختلاف البيئة العربية عن البيئة الغربية، تأتي هذه الدراسة كمحاولة أولى لتقويم مستوى مهارات القراءة الصامتة لدى عينة من الطلاب ضعاف السمع مقارنة بالطلاب العاديين بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، وذلك لمعرفة مدى الارتباط بين الإعاقة السمعية ومستوى القدرات القرائية، وكذلك اختبار العلاقة بين القدرات القرائية وبعض العوامل الخاصة بالطالب وأسرته. تم اختيار عينة الطلاب ضعيفي السمع من الصف السادس الإبتدائي والصف الثالث المتوسط بمعاهد الأمل للصم للبنين بمدينة الرياض، وكانت درجة ضعف السمع لدى هذه المجموعة تتراوح بين متوسطة وشديدة، وكانت أعمار أفراد العينة تتراوح بين 11-20 عاماً. أما العينة الضابطة من العاديين فقد تكونت من طلاب من نفس المستوى الدراسي تم اختيارهم من مدارس تمثل مناطق جغرافية مختلفة بمدينة الرياض، ممن لا توجد لديهم أي إعاقات ظاهرة، وكانت أعمارهم تتراواح بين 11-18 عاماً. أشارت النتائج إلى أن هناك فروقاً دالة إحصائياً في درجات المهارات القرائية المختلفة بين ضعاف السمع والعاديين. كذلك أظهرت النتائج أن طول مدة سنوات الدراسة يؤدي إلى التقدم في مستوى غالبية المهارات القرائية التي تم تقويمها لدى عينة ضعاف السمع. وأخيراً أشارت النتائج إلى أن مستوى القدرات القرائية لدى ضعاف السمع مقارنة بالعاديين في الدراسة الحالية، لا يختلف عما أفادت به دراسات تم إجراؤها في المجتمعات الغربية، مما قد يعني أن ضعف السمع هو أحد العوامل الرئيسة في تدني مستوى القدرات القرائية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Reading Abilities in a Sample of Hearing-Impaired Students Attending

Elementary and Intermediate Special Education Schools in

Riyadh: a Comparative Study

 

Mohammed J. Thabit

Assistant Professor

Department of Psychology, College of Education,

King Saud University, Riyadh, Saudi Arabia

 

 

This study aimed at evaluating the reading skills of hearing-impaired students attending special education classes at elementary and intermediate levels, relative to their counterparts in other cultures. The sample of hearing-impaired students were drawn from boys special elementary and intermediate schools for the deaf in the city of Riyadh, Saudi Arabia. Their hearing impairement ranged from intermediate-severe to profound and their ages were between 11 and 20 years old. The normal-hearing students were drawn randomly from several public schools representing different districts in the city. Normal hearing subjects had no apparent handicap and their ages were between 11 and 18 years old. Adminstration of the reading comprehension test and the demographic information questionaire, demonstrated that there were statistically significant differences between hearing-impaired and normal-hearing students in the reading comprehension scores, in favour of the latter group. Length of school attendance was found to be a contributing factor in the improvement of most of the reading skills being evaluated. For neither group did parents education correlate with reading comprehension scores, despite a big variance in reading scores among hearing-impaired subjects. The general conclusion that can be drawn from the results of the present study is that hearing impairement was, possibly, one of the main factors contributing to the lower reading scores of  the hearing-impaired sample. This was demonstrated by the fact that reading scores for this sample was comparable to those reported by studies conducted on the same population in other cultures.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يعد تدني مستوى القدرات القرائية من أهم المشكلات التعليمية التي يعاني منها ذوو الإعاقات السمعية. ذلك أن عدم التمكن من القراءة بشكل سليم من شأنه أن يؤثر سلباً على العملية التربوية برمتها لدى الشخص المعاق مما يعطل النمو الفكري والمعرفي لديه. وقد بات ملحوظاً بشكل واضح لدى معلمي وأولياء أمور الطلاب المعاقين سمعياً بأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين تدني مستوى التمكن من القراءة والإعاقة السمعية. والقراءة المقصودة هنا هي القراءة الصامتة، والتي اتفق عدد من الباحثين على تعريفها بأنها عملية تعرف على الرموز المكتوبة وفهمها، وربط عملية الفهم هذه بالخبرات السابقة لدى الفرد (الرقيعي، 1989:63؛ الملا، 1987:7؛ لطفي، 1957:22).

ويدعم ملاحظات معلمي وأولياء أمور ضعاف السمع حول العلاقة بين ضعف السمع ومستوى القدرات القرائية كثير من الدراسات التي أجريت على فئات مختلفة من ذوي الإعاقات السمعية (Kluwin, 1994; Trybus & Karchmer, 1977; Kathleen, 1964). فقد قام كل من تريبوس وكارشمر (1977) بإجراء مسح على مجموعة من ضعاف السمع ممن يتلقون خدمات التربية الخاصة، متوسط أعمارهم 19 عاماً، ووجد أن أعلى حد للقراءة كان في مستوى الصف الرابع الابتدائي. بالإضافة إلى ذلك فعندما قام كارشمر وتشيلدروث (Karchmer & Childroth, 1986) بإعادة المسح بعد حوالي تسعة أعوام من الدراسة الأولى توصل الباحثان إلى نتائج مشابهة. تدعم هذه النتيجة الارتباط الوثيق بين الإعاقة السمعية والقدرات القرائية، وتؤكد ثباتها عبر الزمن وذلك برغم التطور في المناهج ووسائل التعليم خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين الدراستين. وفي دراسة شملت 7775 طالباً من ذوي الإعاقة السمعية تتراوح أعمارهم بين 8-19 عاماً، قام فيها الن (Allen, 1986:161) باستخدام اختبار ستانفورد للتحصيل (Stanford Achievement Test) وجد الباحث أن أعلى مستوى في القراءة حققه الطلاب كان في مستوى الصف الثالث الابتدائي، وذلك بالرغم من أن الباحث قد أشار إلى أن نتائج هذه الدراسة قد أظهرت تحسناً طفيفاًً في مستوى القراءة لدى هذه العينة من الطلاب مقارنة بدراسة سابقة أجريت قبل عشر سنوات استخدم فيها المقياس نفسه. ويؤكد انخفاض مستوى القراءة لدى الطلاب من ذوي الإعاقة السمعية مقارنة بالعاديين عدة دراسات أخرى تطرقت إلى دراسة هذه الظاهرة (Trybus & Karchmer, 1977;Karchmer & Childroth, 1986; Musgrave, 1985; Kintsch, 1988). فقد قام كل من يوشيناجا-إتانو وداوني (Yoshinaga-Itano & Downey, 1996) في دراسة حديثة بتطبيق بطارية اختبارات نفسية تربوية على 458 من الطلاب ضعاف السمع في ولاية كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية تراوحت إعاقتهم مابين خفيفة (mild loss) إلى شديدة جداً (profound loss)، وكانت أعمارهم ما بين 7-18 عاماً، وكان الهدف من الدراسة هو مقارنة أداء هذه المجموعة بأداء مجتمع ضعاف السمع في الولايات المتحدة بشكل عام. وقد استخدم الباحث ضمن هذه البطارية اختبار (Test of Syntactic Abilities) للغة الاستقبالية (Quigley et al., 1978)، وهو اختبار صمم خصيصاً لمن يعانون من ضعف سمع حسي-عصبي شديد إلى شديد جداً، ويتطلب هذا الاختبار من المفحوص فهم واستيعاب عبارات مكتوبة وإجابة أسئلة اختيار من متعدد، تدور حول تلك العبارات. كذلك فقد استخدم الباحثان اختبار فهم العبارة وهو أحد اختبارات بطارية ودكوك وجونسون التعليمية النفسية(Woodcock & Johnson Psychoeducational Battery) (Woodcock & Johonson, 1979). ويستطيع الأطفال العاديين ممن تتراوح أعمارهم بين 7-10 سنوات أداء هذين الاختبارين بدرجة عالية من الكفاءة. وقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أنه بشكل عام، كلما زادت درجة فقدان السمع تراجع مستوى القدرات القرائية، وأن الفارق في مستوى القراءة بين الطلاب ضعاف السمع والعاديين يزداد بزيادة العمر. كذلك فقد وجد الباحثان أن مستوى القدرات القرائية لدى هذه المجموعة لا يختلف عن بقية مجتمع ضعاف السمع في الولايات المتحدة الأمريكية.

على أية حال فبرغم التقارير السابقة حول تأخر مستوى القدرات القرائية لدى المعاقين سمعياً، إلا أنه يبدو أن العلاقة بين درجة الإعاقة ومستوى القراءة ليست، في جميع الأحوال، واضحة ومباشرة بحيث نستطيع القول بأنه كلما زادت درجة فقدان السمع تأخر مستوى القراءة. فقد أفادت بعض الدراسات بأن هناك من الطلاب المعاقين سمعياً من حقق مستوىً متقدماً من القراءة (Quigley & Paul 1987; Smale, 1985; Geers & Moog, 1989).  فقد أفاد جيرز وموج (Geers & Moog, 1989) في دراسة قاما بإجرائها على مائة متطوع من ذوي الإعاقة السمعية الشديدة ممن تتراواح أعمارهم بين 16-17 عاماً ونسبة ذكائهم في حدود المتوسط، كانوا قد التحقوا ببرنامج تعليمي شفهي (تعلم النطق وقراءة الشفاه) من سن ما قبل المدرسة وحتى وقت إجراء الدراسة، أفاد الباحثان بأنه على الرغم من أن مستوى القراءة لدى أفراد العينة لم يصل إلى مستوى الطلاب العاديين ممن هم في العمر نفسه إلا أنهم أظهروا درجة عالية من المهارات القرائية. فقد أشارت النتائج إلى أن 30% من المفحوصين كان مستوى فهمهم القرائي في مستوى العاديين بالنسبة لأعمارهم، وكان متوسط درجات المفحوصين بشكل عام أقل من متوسط العاديين بمستويين دراسيين فقط. وعند مقارنة أداء هذه المجموعة بأداء ذوي الإعاقات السمعية بشكل عام، وجد الباحثان أن 56% من أفراد هذه المجموعة كان مستوى درجاتهم أعلى من 90% مقارنة بدرجات المعاقين سمعياً بشكل عام في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي السياق نفسه، قام كل من جلبرتسون وكامهي (Gilbertson & Kamhi, 1995) بمقارنة قدرات تعلم الكلمات الجديدة لدى 20 طالباً ممن تتراوح إعاقتهم السمعية بين خفيفة ومتوسطة (mild-moderate) ممن هم في عمر الدراسة تتراوح أعمارهم بين 5 إلى حوالي 10 سنوات، بالعدد نفسه من الطلاب العاديين. وقد وجد الباحثان أن نصف عدد الطلاب المعاقين سمعياً كان أداؤهم مقارباً لأداء العاديين، أما النصف الآخر منهم فقد كان أداؤهم أقل من العاديين وكذلك أقل من المجموعة الأخرى من ضعاف السمع. الأمر الذي جعل الباحثين يخرجان بنتيجة هي أن الأطفال ذوي الإعاقة السمعية الخفيفة-المتوسطة  من الممكن تقسيمهم إلى فئتين: مجموعة تعاني من فقدان في السمع ولكنها تنمو بشكل طبيعي ومجموعة أخرى تعاني من فقدان السمع ولكنها تعاني من اضطرابات لغوية، وأن هذا الفرق بين المجموعتين لا يمكن تفسيره بالرجوع إلى درجة فقدان السمع.

لقد أشارت نتائج عدد من الدراسات (Gilbertson&Kamhi,1995; (Geers&Moog,1989; Reynolds, 1986; Moores&Sweet, 1990:154 إلى أن هناك اختلافات كبيرة في القدرات اللغوية بين الأفراد ضعاف السمع، وأن هذه الاختلافات ليست دائماً مرتبطة بدرجة الإعاقة السمعية (Reynolds, 1986).

ان نتائج الدراسات السابقة تشير في مجملها إلى أن هناك فروقاً فردية بين ضعاف السمع وأنفسهم في تعلم المهارات اللغوية بشكل عام والقراءة بشكل خاص. وهذه الاختلافات الفردية في التعلم لا تقتصر على ضعاف السمع فقط بل تشمل العاديين أيضاً (الملا، 1987؛ Bond, 1973:61) الأمر الذي يشير إلى احتمال وجود عوامل أخرى لها تأثير على مستوى القدرات اللغوية والقرائية، غير ضعف السمع. وهذا فعلاً ما أفادت به نتائج عدد من الدراسات كان الهدف منها الكشف عن العوامل البيئية المرتبطة بمستوى القدرات اللغوية بشكل عام والقدرات القرائية بوجه خاص (Kampfe, 1989; Kluwin, 1994;Allen, 1986:161; Quigley & Paul, 1987) . لقد أشارت نتائج هذه الدراسات إلى وجود عدد من العوامل الأسرية والتعليمية والمعرفية المرتبطة بمستوى القدرات القرائية لدى ضعاف السمع. فقد ذكر جيرز وموج (1985) أنه من العوامل المهمة التي وجد أن لها ارتباطاً بمقدرات القراءة والكتابة هو التمكن من المهارات اللغوية المتمثلة في معرفة المفردات وقواعد اللغة ومهارات التحدث. كما أن الطلاب الذين أجريت عليهم دراسة جيرز وموج جاء غالبيتهم من أسر تتمتع بمستوى اقتصادي مرتفع، وكذلك كان مستوى تعليم والديهم مرتفعاً نسبياً. وهذا أيضاً ما أكدته دراسات أخرى من وجود ارتباط بين المستوى الاقتصادي ومستوى تعليم الوالدين وأداء الطلاب من ضعاف السمع في القدرات اللغوية((Kampfe, 1989; Kluwin, 1994; Allen,1986:16. وفي دراسة أخرى كان الهدف منها هو اكتشاف مدى ارتباط مستوى القدرات القرائية ببعض العوامل الأسرية والتربوية، أشارت نتائج الدراسة بأن المنبيء الرئيس لمستوى القدرات القرائية  كان مدى معرفة مفردات وقواعد اللغة الإنجليزية (Schrimer, 1995). وكانت هذه الدراسة قد أجريت على مجموعتين تتكون كل منهما من 65 من المراهقين من ضعاف السمع وكانت إحدى المجموعتين تتكون من مفحوصين كان أحد أبويهم على الأقل من الصم، أما المجموعة الأخرى فقد كان آباؤهم من العاديين. ومن العوامل الأخرى التي وجد أن لها ارتباطاً بالقدرات القرائية لدى الصم وضعاف السمع كان عمر الشخص عند اكتشاف الإعاقة السمعية، طول المدة التي قضاها الطالب في التعليم المدرسي، وماإذا كان والدا الطالب من المعاقين سمعياً (Davis et al., 1986).

وبالمثل فقد أشارت الدراسات التي حاولت الكشف عما إذا كان هناك ارتباط بين نوعية البرامج المستخدمة في تعليم ضعاف السمع والصم ومستوى القدرات اللغوية لديهم إلى وجود هذا النوع من الارتباطات بين هذه المتغيرات(Palpinger & Sikora, 1995; Smale, 1985; Robertson & Flexer, 1993 ). ففي دراسة على 37 طالباً كان غالبيتهم ممن يعانون من ضعف سمع وِلاديّ شديد إلى شديد جداً، تم تعليمهم باستخدام برنامج "لفظي-سمعي"   وجد روبرتسون وفلكسر (1993) بأن 30 طالباً من هذه المجموعة كانت درجات القراءة لديهم لا تقل عن مستوى 50% مقارنة بالطلاب العاديين. وفي دراسة أخرى كان الهدف منها معرفة تقويم المعلمين لتأثير مشاركة الوالدين في البرامج التعليمية المدرسية وكذلك تأثير مهارات التواصل لدى الوالدين، بالإضافة إلى تأثير عدد آخر من المتغيرات، على النمو اللغوي ومهارات القراءة المبكرة وكذلك على النمو الاجتماعي-الانفعالي لدى 28 طفلاً من ضعاف السمع، وجدت كالديرون (Calderon, 2000) أن أهم العوامل المنبئة بمستوى المهارات القرائية المبكرة، كانت مهارات التواصل لدى الأم، تليها في الترتيب مدى مشاركة الوالدين في البرامج التعليمية التي تقدمها المدرسة.

من خلال مناقشة الدراسات السابقة التي أجريت حول العلاقة بين الإعاقة السمعية ومستوى القدرات القرائية، يتضح لدينا أن معظم الدراسات قد أظهرت تدني مستوى القدرات القرائية لدى الصم وضعاف السمع. إلا أن هناك من الدراسات أيضاً، ما كشف عن وجود تباين كبير في مستوى القدرات القرائية بين المعاقين سمعياً أنفسهم، وأن هذه الاختلافات قد تكون عائدة إلى عوامل أخرى غير الإعاقة السمعية، مثل طبيعة البرامج المستخدمة في التعليم وعدد آخر من المتغيرات الخاصة بالفرد نفسه أو بالأسرة التي يعيش بين أفرادها.

ولكن حيث إن جميع الدراسات السابق ذكرها قد أجريت في الدول الغربية, والتي قد تختلف عن البيئة العربية في العوامل التي وجدت مرتبطة بالقدرات اللغوية في المجتمعات الغربية، مثل طبيعة البرامج المستخدمة في تعليم المعاقين سمعيا،ً والمستوى الاقتصادي والتعليمي للأسرة، بالإضافة إلى بعض المتغيرات الخاصة بالمعاق نفسه، لذا فإن هذه الاختلافات قد يصحبها ايضاً اختلافات في مستوى القدرات القرائية بين المعاقين سمعياً في المجتمعات الغربية والمعاقين سمعيا في المجتمع العربي. 

ان الصعوبات التي يواجهها المعاقون سمعياً في التحصيل العلمي في جميع المواد الدراسية التي تعتمد على القراءة، تعود في الأساس، حسب تقارير المشرفين على تعليم الصم وضعاف السمع، إلى تواضع مستوى القدرات القرائية لدى هذه الفئة من الطلاب. لذلك وبالنظر إلى الحاجة الماسة لإيجاد علاج لمشكلة تراجع القدرات القرائية لدى المعاقين سمعياً فقد نبعت الحاجة إلى تقويم هذه المشكلة التربوية بشكل علمي موضوعي كخطوة أولى نحو إيجاد حل لها.

من خلال البحث الذي أجراه الباحث لم يجد أي دراسة عربية كان الهدف منها المقابلة المباشرة في القدرات القرائية بين الطلاب الذين لديهم إعاقات سمعية والطلاب العاديين. وبالنظر إلى أهمية دراسة هذه المشكلة من جميع جوانبها وحتى يمكن معرفة المتغيرات المختلفة التي ترتبط بها وتؤثر عليها في البيئة العربية، للوصول إلى تشخيص سليم ومن ثم وضع الحلول المناسبة، فإن هذه الدراسة تهدف إلى التالي: أولاً، تقويم مستوى القدرات القرائية لدى الطلاب المعاقين سمعياً في معاهد التربية الخاصة بمدينة الرياض، مقارنة بالطلاب العاديين ممن هم في نفس المستوى الدراسي. إن الحاجة إلى المقابلة المباشرة بين المعاقين سمعياً والعاديين أمر تفرضه الاتجاهات الحديثة الداعية إلى دمج المعاقين سمعياً مع الطلاب في المدارس العادية، بدلاً من "عزلهم" في مدارس التربية الخاصة. ثانياً، تهدف الدراسة الحالية إلى الكشف عن العلاقة بين القدرات القرائية وبعض المتغيرات الخاصة بالمعاق سمعياً وأسرته, في المجتمع المحلي. ولتحقيق الأهداف المذكورة وبناء على ما توصلت إليه الدراسات السابقة من نتائج، فسوف تقوم الدراسة الحالية باختبار الفرضيات التالية:

 

 

فرضيات الدراسة

 

1) توجد فروق ذات دلالة احصائية بين متوسطات الطلاب المعاقين سمعياً والطلاب العاديين في اختبار القراءة لصالح العاديين. ويتفرع من ذلك:

                      ‌أ-          توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المعاقين سمعياً و العاديين من طلاب الصف السادس الابتدائي في اختبار القراءة لصالح العاديين.

                    ‌ب-        توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المعاقين سمعياً و العاديين من طلاب الصف الثالث المتوسط في اختبار القراءة لصالح العاديين .

       2)         توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات طلاب الصف السادس الابتدائي وطلاب الصف الثالث المتوسط من المعاقين سمعياً في اختبار القراءة لصالح طلاب الصف الثالث المتوسط.

       3)         توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات الطلاب المعاقين سمعياً في اختبار القراءة، في ضوء مستوى تعليم الوالدين.

       4)         توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات الطلاب المعاقين سمعياً في اختبار القراءة في ضوء تغاير مستوى دخل الأسرة.

       5)         توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات الطلاب المعاقين سمعياً في اختبار القراءة في ضوء تباين متغير العمر.

 

 

المنهج وإجراءات الدراسة

 

استخدم الباحث المنهج الوصفي الارتباطي الذي يقوم على وصف الظاهرة واختبار مدى ارتباطاها ببعض المتغيرات الأخرى.

 

 

التعريفات الإجرائية:

ضعف السمع: ويعرفه حافظ (حافظ، 1995) على أنه "عدم القدرة على السمع بوضوح في الظروف التي يسمع فيها الشخص العادي..." وتتراوح درجات ضعف السمع بين خفيف (mild loss)، وهو فقدان ما بين 40-50 ديسيبل، وفقدان شديد جداً (profound loss)، وهو فقدان فوق 90 ديسيبل. وبالنسبة لعينة الدراسة الحالية فإن مفهوم ضعف السمع يشير إلى فقدان ما بين 55-90 ديسيبل من شدة الصوت، حيث يدخل ذلك ضمن ما يعرف بالإعاقة المتوسطة والشديدة (حافظ، 1995). وحيث أن ضعف السمع يقع تحت فئة الإعاقات السمعية، لذا فقد يستخدم مصطلح الإعاقة السمعية للإشارة إلى ضعف السمع في هذا البحث.

 

القدرات القرائية: وتستخدم كمرادف لمفهوم مهارات القراءة، وهي عملية التعرف على الرموز المكتوبة وفهمها، وربط عملية الفهم هذه بالخبرات السابقة لدى الفرد (الرقيعي، 1989؛ الملا، 1987؛ لطفي، 1957). وتشير القدرات القرائية في هذه الدراسة إلى مستوى فهم الطالب لمحتوى اختبار القراءة المستخدم في هذه الدراسة وقدرته على الإجابة عن الأسئلة التي يشتمل عليها كل جزء من الاختبار، كما تعكسه الدرجة التي حصل عليها في كل جزء من أجزاء الاختبار.

 

مستوى تعليم الوالدين: يشير إلى آخر مستوى دراسي بلغه والدا الطالب. نظراً لتواضع مستوى تعليم آباء وأمهات أفراد العينة، تم تقسيم أفراد العينة إلى مستويين، الأول: "مستوى التعليم المنخفض" ويشير إلى حصول أحد الوالدين على أقل من الشهادة الابتدائية، أما المستوى الثاني فقد أطلق عليه مسمى "مستوى التعليم المرتفع"، ويشير إلى حصول أحد الوالدين على الشهادة الابتدائية أو أعلى.

 

مستوى دخل الأسرة: ويشير إلى ناتج مجموع الدخل الشهري لرب الأسرة مقسوماً على عدد من يعولهم من أفراد الأسرة.

 

عينة البحث

اشتملت عينة البحث على 121 طالباً من طلاب الصف السادس الابتدائي وطلاب الصف الثالث المتوسط من المدارس العادية ومعاهد الأمل الابتدائي والمتوسط بمدينة الرياض. وقد شملت العينة الذكور فقط، وتضمنت عينة ضعاف السمع 62 طالباً تراوحت أعمارهم بين 11-20 عاما، بمتوسط 35,15 عاماً وانحرافاً معيارياً قدره 36,2. أما عينة العاديين فقد اشتملت على 59 طالباً، تراوحت أعمارهم بين 11-18 عاماً، بمتوسط 93,13 عاماً وانحرافاً معيارياً قدره

 89,1.  ويوضح جدول رقم (1) توزيع أفراد العينة حسب المستوى الدراسي، وكذلك حسب مقدرات التواصل لديهم (معاقين سمعياً/عاديين).

 

جدول رقم 1.توزيع أفراد العينة حسب المؤسسة التعليمية، الصف الدراسي والاعاقة السمعية.

 

سادس ابتدائي

ثالث متوسط

المجموع

المعهد

ضعاف السمع

معهد الأمل الابتدائي

معهد الأمل المتوسط

 

شرق

غرب

 

 

17

15

30

 62

المدرسة

العاديين

 

 شمال الرياض

غرب الرياض

وسط الرياض

شمال الرياض

 

14

15

15

15

59

 

 

 

 

 

121

 

بالنسبة لعينة الطلاب المعاقين سمعياً فقد تم إجراء الدراسة على جميع طلاب الصف السادس الابتدائي في كل من معهدي الأمل الابتدائيين في كل من شرق وغرب مدينة الرياض، حيث اشتمل الأول على 17 طالباً وشتمل الثاني على 15 طالبا، علماً بأن هذان هما المعهدان الوحيدان لتعليم الصم في مدينة الرياض بالنسبة للمرحلة الابتدائية، ويأتي إليه الطلاب من شتى مناطق مدينة الرياض. أما بالنسبة لعينة طلاب الصف السادس الابتدائي من العاديين، فقد تم تحديد مدرستين مختلفتين تقع إحداهما في شمال مدينة الرياض والأخرى في غرب المدينة، ومن ثم تم سحب أفراد العينة بشكل عشوائي من فصول كل مدرسة. والهدف من وراء اختيار عينة العاديين من هذه المناطق هو ضمان أكبر قدر من التناظر، من ناحية السكن، بين عينة ضعاف السمع وعينة العاديين، حيث أن الجمع بين عينة من سكان شمال المدينة وعينة من سكان غربها يعطي فرصة أكبر لأن تحتوي العينة الإجمالية على تمثيل لكافة طبقات مجتمع مدينة الرياض. أما بالنسبة لعينة طلاب الصف الثالث المتوسط من المعاقين سمعياً، فقد تم سحب جميع أفراد العينة، وعددهم 30 طالباً، من معهد الأمل المتوسط بالرياض، وهو أيضاً المعهد المتوسط الوحيد بمدينة الرياض. جميع الطلاب المعاقين سمعياً كانت إعاقتهم السمعية تتراوح بين متوسطة – شديدة (من واقع بيانات الملفات الخاصة بكل منهم لدى معهد الأمل)، وكانت نسبة كبيرة منهم تستخدم معينات سمعية من وقت لآخر. وبالنسبة لطلاب الصف الثالث المتوسط من العاديين فقد تم تحديد مدرستين مختلفتين تقع إحداهما في شمال مدينة الرياض والأخرى في وسط المدينة، ومن ثم تم سحب أفراد العينة بشكل عشوائي من فصول كل مدرسة. والسبب، هنا أيضاً، في اختيار عينة العاديين من هذه المناطق هو إعطاء  فرصة أكبر لأن تكون العينة الإجمالية ممثلة لمختلف طبقات مجتمع المدينة، وحتى تكون مناظرة أكثر لعينة ضعاف السمع. حيث سبقت الإشارة إلى أن طلاب معهد الأمل المتوسط يأتون من شتى مناطق مدينة الرياض.

 

أدوات الدراسة:

بالنسبة لعينة الطلاب المعاقين سمعياً استخدم الباحث استمارة بيانات  تشتمل على أسئلة حول العمر وطبيعة الإعاقة السمعية و مستوى تعليم الوالدين ومستوى دخل الأسرة وعدد أفرادها. أما بالنسبة للطلاب العاديين فقد احتوت استمارة البيانات على أسئلة حول العمر والصف الدراسي فقط.

 

اختبار القراءة الصامتة

كذلك فقد استخدم الباحث اختبار القراءة الصامتة (نموذج أ) من إعداد الزهراني (الزهراني،1415هـ) بعد إجراء بعض التعديلات على بعض عباراته والرسوم المستخدمة فيه ليكون أكثر وضوحاً ومناسبة لأفراد العينة التي تم تطبيق البحث عليها، وذلك قبل عرضه على عدد من المحكمين لإبداء الرأي حول مدى مناسبة فقراته لأفراد العينة. وقد تم اختيار هذا المقياس للدراسة بالنظر إلى ما يتسم به من درجات لا بأس بها من الصدق والثبات ولكونه يقيس المهارات الفرعية للقراءة، وكذلك لأنه قد تم بناؤه باستخدام عينة من الطلاب الذين يعيشون داخل المملكة العربية السعودية ويتعلمون بمدارسها. ويحتوي اختبار الزهراني في صورته الأصلية على 35 بنداً تمثل ست مهارات للقراءة الصامتة، وهي كالتالي:

 

1)      التعرف على الكلمة.

2)      التعرف على المترادفات.

3)      التعرف على المتضادات.

4)      التعرف على الجملة.

5)      فهم الجملة المجردة.

6)      فهم النصوص.

 

عرض الباحث نموذج للإجابة قبل كل جزء من أجزاء الاختبار، كان على المفحوص الاطلاع عليه قبل قراءة السؤال، وذلك للتأكد من فهم المفحوص لما هو مطلوب في ذلك الجزء. قام الباحث عند تصحيح الاختبار باحتساب درجة واحدة لكل إجابة صحيحة، أي بحد أعلى 35 درجة في حالة عدم وجود أي إجابة خاطئة.

 

بعدإجراء التعديلات اللازمة على الاختبار قام الباحث في الدراسة الحالية بإعادة حساب الخصائص السيكومترية للاختبار وكانت كالتالي:

 

حساب صدق وثبات الاختبار:

بعد إجراء التعديلات السابق ذكرهاعلى اختبار الزهراني ليكون مناسباً للدراسة الحالية تم حساب خصائصه السيكومترية وذلك بتطبيقه على عينة مكونة من 125 طالباً من الصفوف الدراسية من الثالث إلى السادس الابتدائي من المدارس العادية، ومن ثم حساب معاملات الصدق والثبات.

 

صدق الارتباط بمحك: ويشير إلى درجة الارتباط بين المقياس ومعيار آخر له علاقة بالاختبار (Kaplan & Saccuzo, 1993). وحيث إن مستوى التحصيل الدراسي يرجح أن يكون له علاقة وثيقة بمهارات القراءة، ضمن قدرات ومهارات أخرى، لذا فقد قام الباحث بقياس درجة صدق المقياس عن طريق ايجاد درجة الارتباط بينه وبين مستوى التحصيل الدراسي. وكان مستوى التحصيل الدراسي يمثل معدل درجات جميع المواد التي حصل عليها الطالب خلال الفصل الدراسي السابق لإجراء هذه الدراسة. جدول رقم (2) يوضح قيمة معامل الارتباط بين درجات اختبار القراءة ودرجات التحصيل الدراسي لطلبة كل فصل.

 

جدول رقم (2): معامل الارتباط بين اختبار القراءة ومستوى التحصيل الدراسي باستخدام معالجة بيرسون للكشف عن دلالة الذيلين.

الصف الدراسي

عدد المفحوصين

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 148 مشاهدة
نشرت فى 29 أغسطس 2013 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,794,633