من الشيخ الشعراوى إلى جمال عبدالناصر

١٥/ ١/ ٢٠١٣

فى جامعة إكسفورد البريطانية أقوم بإعداد رسالة ماجستير عن جمال عبدالناصر وقد وجدت وأنا أبحث فى الصحف القديمة هذا الرثاء الذى كتبه فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى، فى الرئيس الأسبق الراحل، وقد أدهشنى هذا الرثاء كثيراً، أرسله إليكم، وكان بعنوان «أنت أستاذ فى الزعامة.. ومعلم ثورة! «قد مات جمال وليس بعجيب أن يموت، فالناس كلهم يموتون، لكن العجيب وهو ميت أن يعيش معنا - وقليل من الأحياء يعيشون وخير الموت ألا يغيب المفقود وشر الحياة الموت فى مقبرة الوجود، وليس بالأربعين ينتهى الحداد على الثائر المثير.

■ وقد كان البطل الماثل فلتة زعامة وأمة قيادة وفوق الأسطورة للريادة لأن الأسطورة خيال متوهم وما فوق الأسطورة واقع مجسم، وللزعامات فى دنيا الناس تجليات فليس الزعيم الذى يعمل لك بنفسه طوال عمره إلى نهاية أجله، لكن الزعيم الذى يعلمك أن تعمل بنفسك لنفسك طوال عمرك إلى نهاية أجلك، وعلى مقدار تسلسل الخير فيه يكون خلود عمره.

■ وقد كان الزعامات تأفل، وكان الحكم المعاصر له تكبيل فالزعيم دائماً طامحاً والحاكم أيامه كان دائماً كادحاً.. إذن فليخرج بمزيج جديد على دنيا السياسة - فبدأ الدائرة حينما فاجأ الدنيا بالثورة الأمة فاستقبله الناس بأعراس شعب منصور على إثم وطغيان مقهور! ثم انتقل البطل إلى الدائرة الثانية من أبعاد حياته، فانتفض العملاق العربى برأس متطاول إلى السماء وقدمين راسختين فى الأرض، ومد يديه ليجد وطنه العربى بجغرافية الحق لا بخرائط الرق، فاستقرت أنامل يمناه على الخليج العربى، واستقرت أنامل يسراه على المحيط الأطلسى، وظل يهدهد العروبة حتى شبت فكرة فى الرؤوس، وتأججت عقيدة فى النفوس، وأصبحت نشيداً على كل لسان.. فلابد أن تتوحد العروبة لنصبح بنعمة الله إخواناً حتى يكون بعث الإسلام على مثل ميلاده فإنه لا يصلح آخر هذا الأمر إلا بما صلح به أوله.

■ وكان - رحمه الله - إمام كل ثورة تحررية بالإيحاء والقدح، ووراءها دائماً بكل الإمكانيات والمنح، فوضع البطل بصلته الإنسانية على التاريخ المعاصر، ولذلك لن تجرؤ قوة فى الأرض أن تزحزح المظلومين عما لقنهم جمال من مبادئ للإباء على الضيم والانتفاض عليه والنهضة إلى الآمال الواسعة الوارفة!

■ إن الزعيم الذى يترك بعده فراغاً، زعيم أنانى، لأنه يحكم بمبادئ من رأسه فإذا ما انتهى، قضى على نظام أسسه، وهو زعيم أنانى أيضاً لأنه يحب أن يفتقد الخير بفقده، لكن زعيمنا لم يكن من هذا الطراز، لأنه لم يكن زعيماً فحسب، إنما كان أستاذ زعامة، ولم يكن ثائراً فحسب. إنما كان معلم ثورة! وكانت بقريته فى غرس المبادئ أنه أشاعها فلم يجعلها خاصة بفئة دون فئة حتى مرغ بها النفوس حتى يكون عند كل واحد صورة طبق الأصل مما عند الحاكمين.

■ وإن أمة فجعت فيه هذه الفجيعة أكدت كل ذلك وأكدت صدقها فيما كان له فى حياته «كلنا ناصر».. وأخيراً جزاه الله بالخير وحيا بالكرامة كل من أسف عليه، وكل من واسى فيه، وكل من تأسى به، وكل من أقتبس منه».

هيفاء السروجى - لندن - المملكة المتحدة

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 187 مشاهدة
نشرت فى 15 يناير 2013 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,794,265