صعوبات الجودة في التعليم
بقلم: د. بثية عبد الرؤوف 113 
يعتبر مفهوم الجودة من أهم المفاهيم التي تحتل واجهة الخطاب التربوي منذ أكثر من عقدين علي مستوي العالم‏,‏ ولذلك كان من المنطقي أن ينص دستور مصر‏2012‏ علي إتاحة تعليم عالي الجودة للجميع‏.‏

تجب الإشارة إلي أن تبني مفهوم الجودة في التعليم ليس بالجديد علي الواقع المصري, فلقد بدأ طرحه علي الساحة التعليمية في مصر منذ عام2002 عندما رأت القيادة السياسية في ذلك الوقت ضرورة الاهتمام بالجودة في التعليم بناء علي توجهات اليونسكو التي تبنتها كثير من دول العالم. ومن هذا المنطلق رفعت وزارة التربية والتعليم شعارا قوميا يؤكد أن الجودة للجميع, وعلي الرغم من مرور عشر سنوات علي رفع هذا الشعار إلا إنه ما زال بعيد المنال حتي الآن, ولقد كان هناك الكثير من الأسباب التي أدت إلي تعثر تحقيق الجودة في التعليم, أهمها:
أولا: المعايير التي وضعتها هيئة الاعتماد لتقويم المدارس بعيدة كل البعد عن الواقع المصري, وعلي الرغم من محاولات الهيئة المستمرة تعديل هذه المعايير حتي تتوافق مع الواقع المصري إلا انه مازال هناك الكثير من الصعوبات والتحديات تواجه الهيئة.
ثانيا: عدم تقبل الكثير من العاملين بالحقل التربوي لتطبيق مفهوم الجودة الشاملة في مصر. ويرجع ذلك إلي: فرض مفهوم الجودة من قبل القيادة السياسية وليس نتاج مناقشات ومؤتمرات تربوية يشارك فيها جميع القائمين علي العملية التعليمية وفي مقدمتهم المعلم. واستعجال النتائج من قبل القيادات التعليمية في ذلك الوقت, كما كان متبعا في معظم أمور الدولة وذلك للظهور أمام القيادة السياسية وإثبات الكفاءة, بغض النظر عن مصداقية العمل علي ارض الواقع. وأنا أتذكر جيدا أنه بعد قيام الثورة رفض بعض المدرسين القيام بأعمال الجودة بل إن إحدي المدارس قامت بطرد فريق الجودة من المدرسة علي اعتبار أن من متطلبات الثورة إلغاء أعمال الجودة, بل إن إلغاء الجودة كان علي قائمة طلبات المعلمين في اثناء إضرابهم.
ثالثا: التكلفة التي تتحملها المدارس للحصول علي الاعتماد فمن المعروف أن تكلفة الحصول علي الاعتماد تتراوح ما بين عشرة إلي ثلاثين ألف جنيه للمدرسة, تتحملها وزارة التربية والتعليم للمدارس الحكومية. وهو ما عجزت عنه الدولة حتي الآن ويتحملها أصحاب المدارس بالنسبة للمدارس الخاصة والتي كانت الأسرع للتقدم للاعتماد نظرا لوفرة الإمكانيات المادية, وإن كانت هناك بعض المدارس الخاصة تعجز ميزانيتها علي تحمل أعباء الحصول علي الاعتماد. وهذه ليست كل المشكلات بل أكثرها تأثيرا وتمثل التحدي الحقيقي للوزارة التي سوف تحمل علي عاتقها تحقيق تعليم عالي الجودة لجميع أبناء المصريين كما ينص الدستور.
الحقيقة أنني لا استطيع التنبؤ بالطريقة التي سوف تتبعها الوزارة لمواجهة هذه المشكلات, وهذا في حالة علمها بهذه المشكلات بالفعل ؟ وعلي أي حال يجب أن تضع الوزارة في اعتبارها أن تبدأ من جديد برؤية واضحة و لا تتعجل النتائج, فالجودة لا يمكن أن تتحقق في سنة أو سنتين ولا يمكن أن تتحقق بطلاء الحوائط وإصلاح المقاعد, الجودة منظومة متكاملة تشمل المعلم والإداري والتلميذ والمبني والإدارات التعليمية والوزارة والمجتمع أيضا. إن تطبيق نظام الجودة يحتاج استعدادات كبيرة واتباع مراحل محددة وأهمها نشر ثقافة الجودة بين العاملين بالحقل التربوي, كما يحتاج إلي توفير كوادر إدارية وفنية علي درجة عالية من الكفاءة والتأهيل والتدريب. وقبل كل ذلك يجب أن يدرك القائمون علي العملية التعليمية من معلمين وأخصائيين ومديرين أن الجودة لم تعد ترفا ترنو إليه المؤسسات التعليمية أو بديلا تأخذ به أو تتركه الأنظمة التعليمية, بل أصبح ضرورة ملحة تمليها حركة التطور والتنمية, هذا إذا صدقت النيات و أردنا تطورا وتنمية حقيقية لهذه البلد.

المزيد من مقالات د. بثية عبد الرؤوف

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 72 مشاهدة
نشرت فى 15 يناير 2013 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,750,281