كتب:فوزي عبد الحليم: 148
في أحضان مدينة أثينا الهادئة القابعة في ساحل المتوسط.. اجتمع خبراء وناشطو البيئة من14 دولة تطل علي البحر المتوسط تحت مظلة برنامج البيئة المتوسطي( أفق2020) لمناقشة أوضاع البيئة والتنمية في دول الإقليم. <="" div="" border="0">
الحوار الذي استمر علي مدي يومين بين الخبراء وأعضاء البرلمانات المتوسطية, أكد بوضوح تفاقم التدهور الذي أصاب حالة التنوع البيولوجي للبحر جراء زيادة معدلات التلوث الناجم من الأنشطة الصناعية بما تحويه من سموم وصرف صحي غير معالج ومخلفات السفن وحوادث انسكاب البترول, وانتشار الأكياس البلاستيكية التي أصبحت تغطي ثلث قاع البحر.... وكل هذا أدي إلي تدمير ما يصل إلي80% من الأنواع الحية بالبحر,50% منها نادر ولا يمكن تعويضه, كما تطرق الحوار أيضا إلي مناقشة الأوضاع السياسية الساخنة بدول الربيع العربي وأثرها علي التنمية وسياسات حماية البيئة, وكذلك قواعد الحكم الرشيد لمواجهة تصاعد البطالة وازدياد معدلات الفقر في عدد من دول الإقليم.
والمؤتمر دعا إليه برنامج البيئة المتوسطيHorizon2020 وحلقة البرلمانيين بدول المتوسط من أجل التنمية المستدامة برئاسة مايكل سكولوس وشارك فيه أعضاء الشبكة العربية للبيئة والتنمية وأعضاء من مؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلي عدد كبير من الإعلاميين المتخصصين في البيئة والتنمية من دول الإقليم, وكان الغرض من عقده واضحا في الشعار الذي تم اختياره كعنوان للمؤتمر وهو كيف يمكن أن يلعب البرلمانيون دورا مؤثرا في تخفيف التلوث في البحر المتوسط؟ من خلال تعريف البرلمانيين بحجم الحالة المأساوية التي وصل إليها البحر المتوسط وحفزهم إلي ضرورة سن التشريعات اللازمة والضغط علي الحكومات لتنفيذ برامج فعالة لخفض معدلات التلوث.
ضم الوفد المصري كلا من د.عماد الدين عدلي رئيس الشبكة العربية للبيئة والتنمية و د.أكرم الشاعر رئيس لجنة الصحة والبيئة ود.عماد شمس وكيل اللجنة بمجلس الشعب السابق.
وأوضح د. عدلي أن هذا المؤتمر هو الأول بعد الربيع العربي وبني علي عدة خطوط عريضة لتحقيق العدالة الاجتماعية.. الأول هو ضرورة وضع البيئة ضمن أولويات الحكومات لضمان إدماج الاستدامة في كل سياسات التنمية, والثاني هو صنع حوار بين البرلمانيين والصحفيين وتحفيزهم إلي ممارسة دورهم في تعبئة الشعوب ودورهم كمراقب للحكومات لضمان أن يسير الأداء في اتجاه تحقيق التنمية المستدامة.
و أكد مايكل سكولوس أن المتوسط هو من أكثر بحار العالم استخداما وتلوثا بسبب استخراج الوقود وحوادث انسكاب النفط, وأن الحكم الرشيد في مجال التنمية والبيئة غائب تماما في بلدان المتوسط, ودلل علي ذلك بوجود مركز لاستقبال النفايات الكيماوية ومعالجتها في مالطا من السفن العابرة ولكن أمره مازال مجهولا بسبب تجاهل إبلاغ الحكومات به, وطالب البرلمانيين بنقل الرسالة بشكل طوعي لتبني قضايا المتوسط. وأشار إلي أن عدد السكان قد تضاعف خلال الـ40 عاما الأخيرة, وأن معظمهم في دول جنوب المتوسط بالمنطقة العربية يعاني مشاكل جمة بسبب عدم توافر المياه الصالحة للشرب, وأن29% من عدد السكان تحت خط الفقر المائي الذي قدرته الأمم المتحدة بـ1000 متر مكعب للفرد من المياه سنويا, بينما يعيش7% فقط من هؤلاء السكان علي أقل من500 مترمكعب للفرد سنويا... وهو المعدل الأقل في العالم.
كما أن البحر يستقبل نواتج10 آلاف حادث انسكاب بترولي سنويا أو ما يقدر بـ60 ألف طن من الزيوت وكذلك يستقبل3000 طن من الرصاص و5 آلاف طن من البلاستيك, وقال ستيوارت شاناك رئيس لجنة الطاقة والبيئة والمياه باتحاد المتوسط إن التلوث يحدث ايضا بسبب استقبال البحر أطنانا هائلة من النفايات, التي تشكل مواد خام يمكن استعادتها ولا بد من مشاركة المواطنين وتجميع المبادرات الفردية لتنمية صناعة التدوير, خاصة أن هناك بطالة كبيرة بين الشباب, والاعتماد علي الطاقة النظيفة يمكن أن يؤدي إلي ايجاد وظائف جديدة.
وفي تجربة نادرة لا تحدث كثيرا انتقل المؤتمر إلي قلب البرلمان اليوناني, حيث شارك أعضاؤه مع أعضاء البرلمان في حوار ثري حول أوضاع البيئة ومستقبل التنمية, وألقت الأزمة الاقتصادية في اليونان بظلالها القاتمة علي سير المناقشات, حيث أشارت إيلينا باناريتس عضو البرلمان اليوناني إلي انخفاض الأجور بنسبة40% وأن البيئة لم تعد ضمن أولويات كثير من الشرائح الاجتماعية, وقال ديمتريس كوركولاس نائب وزير الشئون الخارجية: لدينا مشاكل كبيرة في التخلص من النفايات والمخلفات الصناعية وكذلك مواجهة الضرر الحادث في الأنظمة البيئية بسبب تغير المناخ, وأشار عماد شمس إلي ضعف القوانين المنظمة لحماية البيئة في المتوسط مستشهدا بمصر التي تعد فيها تكلفة الغرامات المالية أقل كثيرا من تكلفة توفيق الأوضاع البيئية داخل المصانع الملوثة, مما يدفع أصحابها أو القائمين عليها إلي تعمد المخالفة للقانون لأنها أيسر وأقل تكلفة, وطالب بتوفير كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة ببيئة المتوسط لأعضاء البرلمانات المتوسطية حتي تتسني لهم ممارسة دورهم بشكل فعال.
بينما أوضح د. أكرم الشاعر أن أعضاء البرلمان المصري بذلوا جهودا كبيرة خلال السنوات الماضية لمحاصرة التلوث والتخفيف من حدته, فالدستور المصري الذي يعد له حاليا به باب واضح حول البيئة وحمايتها, وقال: لقد قدمت أنا وزملائي في البرلمان المصري طلبات إحاطة واستجوابات تتعلق بالفساد في السياسة والبيئة, خصوصا حول المصانع السوداء التي جاءت إلينا من الشمال ومن بينها مصانع البتروكيماويات التي تنشأ بجوار مساكن الفقراء وتلقي مخلفاتها في البحر المتوسط. وطالب بإيجاد جهة تنفيذية وتمويل مع جدول زمني لتنفيذ مشروعات توفر حماية البيئة في البحر المتوسط وتخفف حدة التلوث به مؤكدا أن ما لم تستطع السياسة تحقيقه تستطيع البيئة أن تفعله.
ساحة النقاش