دراسة مكتبية : سلبيات الخدم ،،وانتهاك حقوقهم  

                                              الباحث الاجتماعي : عباس سبتي

                                                            2010م     

مقدمة :                                  

مع تفشي ظاهرة الخدم في المجتمعات الخليجية أدى إلى ظهور مشكلات تعاني منها الدول الخليجية  كانتهاك حقوق الخدم مثل سوء المعاملة وتأخر دفع الرواتب  ، وفي دراسة رسمية ظهرت في الكويت ( مارس 2008) بلغ عدد الخدم أكثر من مليوني نسمة في دول الخليج ، ونتيجة لتعقد الحياة وعمل الوالدين خارج المنزل أسند إلى المربيات تربية الأبناء الصغار في الأسر وانعكس ذلك سلباً على نفسية الأبناء مما حدا بدولة قطر أن تعقد ندوة لتدارس إسناد تربية الأبناء إلى الخدم   

في اجتماع على مستوى مسئولي وزارات الشئون الاجتماعية والعمل نوقشت قضايا مرتبطة بالخدم مثل سن تشريعات تنظم عمالة الخدم في الأسر الخليجية بعد تفشي السلبيات منها هتك حقوق الخدم مما يسيء إلى سمعة دول الخليج ، وعلى الرغم من أن الكويت لديها قانون تنظم ظاهرة الخدم إلا أن هناك شكوى من  الخدم وشكوى من الأسر ، والأمر يحتاج إلى سن قوانين أخرى

وطالبت بعض الدول الخليجية استقدام الخدم من الدول العربية لتقليل سلبيات هذه الظاهرة  ، وكما أشارت الدراسة إلى أن من أسباب انتشار ظاهرة الخدم خروج المرأة إلى العمل وتدني راتب الخادمة  و........

ولعل التوصيات التي في ذيل الدراسة مفيدة لتنظيم شئون العمالة المنزلية

 

أسباب تفشي ظاهرة الخدم :

عمل المرأة خارج المنزل :

أدى ذلك إلى الاستعانة بمربية لرعاية وتربية الأبناء وغالبية المربيات غير مسلمات وثقاتهن لا تتلاءم مع عادات وتقاليد المجتمعات الخليجية

 

زيادة أعباء المنزل :

بعد الطفرة النفطية وغنى الأسر الخليجية انعكس ذلك على أمور كثيرة منها كبر حجم ومساحة المنزل مما يعني الاستعانة بالخدم في طبخ الطعام ونظافة البيت وترتيب الأثاث والعناية بحديقة المنزل وغسل السيارات ورعاية الأبناء وكبار السن

 

تقليد الغير :

في دراسة أجريت في إحدى دول الخليج ان ما نسبته 21،8% من الأسر جلبت أو استقدمت الخدم بهدف حب التظاهر والتقليد والتباهي الاجتماعي والتفاخر  ، 13،7% استخدمت الخدم لقيام ربة الأسرة  بالضيافة والزيارة ، و20% من الأسر تستعين بالخدم من باب الترفيه والغنى

 

نظرة التعالي :

نتيجة حياة الغنى والترف في الأسر الخليجية ظهرت نظرة تعالي لدى بعض أفراد الأسر وهذه النظرة الفوقية عبارة عن تفكير بعض الأفراد  أنهم الأفضل والأحسن من الآخرين وعلى الآخرين خدمتهم ، وهذه النظرة تكرس استقدام الخدم وتسخرهم لخدمة الأغنياء

  وننسى قوله تعالى " إن أكرمكم عند الله اتقاكم " وقول نبيه (ص) : " كلكم لآدم وآدم من تراب "

 

                              المشكلات التي تعاني منها الخدم :

تشتكي معظم الخدم العاملين في المنازل في كثير من الدول العربية بسوء المعاملة وانتهاك حقوقهن وذلك حسب الدراسات التي تناولت المشكلات التي تعاني منها الخدم ، بل وتشتكي أيضا هؤلاء الخدم من بعض أصحاب مكاتب استقدام الخدم حيث أنهم يعلمون بما يعانيه هؤلاء الخدم إلا أنهم لا يتحركون أو يفعلون شيئاَ  ، وأكثر الجرائم التي تقع بحق هؤلاء  الخدم في المنازل دون علم مراكز الشرطة أو رجال الصحافة ، إلى جانب خوف الخادمة من الإبلاغ بل وكيف تصل إلى الشرطة وهي لا حول لها ولا قوة وسط تهديد لها وحرمانها من الراتب وحجز جوازها  

كشفت دراسة أن أهم المشكلات التي تعاني منها الخدم هي : الضرب وعدم مراعاة إنسانية الخدم والتحرش الجنسي وهتك عرض وعدم دفع الراتب الشهري  أو تأخير دفع الراتب وقلة وقت الراحة والنوم  وعدم التأقلم مع عادات البلاد الخليجية وصعوبة تعلم اللغة العربية

دراسة ميدانية قام بها الدكتور راي جورديني - رئيس مركز دراسات المهاجرين واللاجئين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، أشارت الدراسة على أن 65% من الخدم في لبنان يعملن 15 ساعة في اليوم بينما 42% منهن يعملن 18 ساعة في اليوم  وأظهرت الدراسة أن 30% من عينة البحث في لبنان تم التحرش بهنّ . وفي تقرير صحفي من لبنان أيضا  أن الخادمة قد تنتحر بسبب سوء المعاملة القاسية والتعذيب لها ، ووجهت نداءات منظمة حقوق الإنسان الدولية إلى لبنان بعد تزايد حالات الانتحار للخدم  ، وطالبت منظمة " هيومن رايتس " المعنية بحقوق الإنسان  الحكومة اللبنانية التحقيق في حالات الانتحار للخدم

 

                                 سلبيات تفشي ظاهرة الخدم

 

الاتكالية وعدم الاعتماد على النفس :

اعتماد الأبناء كلياً على الخدم ، مما يعين عدم قدرتهم على سير أمورهم بمفردهم مستقبلاً وهذه الاتكالية إن صح التعبير تجعل الابن ضعيف الشخصية ولا يثق بنفسه وبقدراته ، ويتعود الابن على الكسل والخمول فلا يرتب حاجياته أو غرفته ثم أن قلة حركته سوف يزيد في وزن جسمه ولذا تجد انتشار ظاهرة السمنة وزيادة الوزن في الأبناء ، ويصل الأمر أن الابن يعتمد في حل واجباته المدرسية على المربية أو الخادمة  ، وعدم التوافق النفسي للأبناء ، إلى جانب أن البنت لا تستطيع أن تطبخ وتدير شئون منزلها بعد الزواج وكذلك تربية أبنائها تربية سليمة  ، وسلبيات تواجد الخدم في الأسر وما يؤدي ذلك إلى ظواهر سلبية ناهيك سوء تربية الأنباء ،( العريمة ، 1429هـ ) ، وأيضا تزايد بعض الأمراض الجسدية مثل السكر والضغط والسمنة نتيجة قلة الحركة والعمل لدى ربات البيوت واعتمادهن على الخدم ، وهذا أثر على صحة رب المنزل وربة المنزل

 

تأثر لغة الطفل :

غالبية لغات الخدم أو العاملة المنزلية غير عربية والطفل الصغير يتعلم لغة الخدم بسرعة بحكم اختلاطه وتأثره بهن ،كما تشير إحدى الدراسات على أن 97% من العاملات غير عربيات وهن من دول جنوب شرق أسيا ، وتشير دراسة أخرى على أن 25% من الأطفال يقلدون الخدم في لغتهن ، وان 40% منهم في لغته لكنة أجنبية ، وفي دراسة أخرى أن 80% من الأطفال يتعثرون في القراءة بسبب تأثير العمالة المنزلية عليهم (مارس 2009 )

 

تعلق الطفل بالخادمة :

الطفل الصغير والرضيع يتعلق أكثر بمن يرعاه ويرعى شئونه ويعطف عليه وكلما طالت مدة الرعاية و الاهتمام كلما تعلق الطفل بالمربي أكثر ، وهذا ما أثبتته الدراسات على ان العلاقة بين الأبوين والأولاد قد ضعفت لصالح العلاقة بين الأولاد والخدم ، ولهذا الأمر اثر على نفسية الأولاد مستقبلاً ، ولعل من أسباب التمرد وعدم طاعة الوالدين وضعف احترام الطفل لهما بسبب ضعف العلاقة بين الأبوين والأولاد  ( العريمة ، 1429هـ )

 

إساءة الأطفال :

نتيجة لسوء معاملة الخدم ونظرة المخدوم إلى الخدم نظرة فوقية وشعور الخدم بالظلم وعدم العدالة يتولد في عقلهن الباطن حب الانتقام كما أشار علماء الاجتماع إلى ذلك ، لذا قد تلجأ الخادمة أو المربية إلى استخدام أسلوب التهديد أو الضرب أو قسوة في معاملة الطفل أو حرمانه من أشياء يحبها أو تنويم الطفل باستخدام الدواء وغير ذلك في غياب الوالدين عن المنزل ، وذلك كي تتفرغ لأعمالها أو تتحدث مع صديقاتها بالتلفون أو تلتقي بحبيبها ، بل تطالعنا الجرائد اليومية المحلية والخليجية بوجود عاهات وغيرها وفض بكارة الطفلة أو قتل الطفل انتقاماً من الوالدين  

 

تأثر الأبناء بعقيدة الخدم :

تأثر الأبناء بعقيدة المربية : تشير الدراسات الاجتماعية على أن  عقيدة الخدم من النصارى والبوذية وعبدة البقر وتبلغ نسبتهن ما بين 60-75%  في المجتمعات الخليجية ،  ويتأثر الأبناء بهذه العقيدة شاءوا أم أبوا ، وأن 25% من الخدم يتحدثن عن عقيدتهن أمام الأبناء  وقد لا يعتنق الأبناء هذه العقائد لكن قد يتأثروا بثقافة الخدم وبتقاليدهن ، حيث أشارت دراسة على أن 97% من الخدم يمارسن عبادتهن وهم خارج وطنهن ، ولعل من أسباب ضعف الوازع الديني لدى أبناء المسلمين هي أثر عقيدة الخدم على نفسية الأبناء ، وأنها عقيدة صحيحة مثل الإسلام

 

انتشار الانحلال الخلقي :

أكثر الخدم المسيحيات يمارسن العلاقات الجنسية قبل الزواج في بلدانهن ، وقد يمارسن هذه العلاقات مع أي إنسان بعد قدومها كخادمة أو مربية ، وقد تعصف الغرائز الجنسية لدى الخدم وهن من فئة الشباب إلى الممارسات غير الشرعية في المجتمعات المحافظة ، وقد فتح ذلك الباب في وقوع شبابنا في شباك الرذيلة من خلال إغراءات الخدم أو الاعتداء عليهن لإشباع هذه الغرائز لديهم  ، بل ويصل الأمر أن تمارس المراة عملية السحاق مع خادمتها ، وتم القبض على سائق يمارس الجنس مع ابنة كفيله ، إلى جانب تشير دراسة أجريت على بعض الخدم ممن انتهى عملهن أن لهن دور في غرس مشاهدة أفلام العنف والجنس لدى الأطفال والمراهقين في دول الخليج ( النجيدي ، الرياض  ابريل 2010 )     

 

إثارة مشكلات بين الزوجين :

وتبين بعض الدراسات على أن وجود الخادمة الشابة تثير الغيرة لدى الزوجة خاصة إذا دار الحديث بين زوجها والخادمة ، وشعور الزوجة أن الخادمة تتدخل بطريقة غير مباشرة في خصوصيات البيت وإفشاء أسرار البيت من أسباب النزاع بين الزوجين ، وحتى اهتمام الخادمة بملبسها قد تثير الغيرة في نفس الزوجة إلى جانب اعتقاد أن الخادمة قد تسحر زوجها لتفرق بينه وبين زوجته ( العريمة 1429هـ )

 

                 جهود الدول الخليجية في الحد من سلبيات الخدم

 الدول الخليجية تلتزم بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان حول التعذيب والعقوبات والمعاملات القاسية والحط من الكرامة الإنسانية ، وحرية العامل في اختيار نوع العمل وإنشاء النقابات والحق في الراحة الأسبوعية ، لكن قد تحصل بعض التجاوزات بالنسبة للعمالة المنزلية لعدم تفعيل تشريع ملزم لمكاتب الخدم ولأرباب المنازل خاصة مع تفاقم سلبيات الخدم وإلحاق الأذى بأفراد الأسرة 

نادى الدارسون والمعنيون بشئون الخدم وتداعيات مشكلاتهن على سن تشريعات تنظم العمالة المنزلية وتخفف وطأة المشكلات الناجمة عن هذه العمالة على كاهل الأسر الخليجية ، ولعل من أسباب عدم وجود تشريعات أو تطبيق بعضها أن الخدم يأتين من بلدان فقيرة ، ودولهن عاجزة عن المطالبة بحقهن أو أن ذلك هجرتها إلى الخارج قد يخفف عنها بعض مشكلات الفقر التي تعاني منها أسر الخدم ، وتحصل هذه الدول على العملات الصعبة  

تشكلت في دبي دائرة حقوق الإنسان بمركز الشرطة وتستقبل كل من انتهك حقوقه من  مواطن أو وافد أو خدم ، وهذا شيء جيد ، لكن كيف تعرف الخدم هذا المركز وكيف تصل إليه ؟     

وفي البحرين أنشئت جمعية حماية العمال الوافدين من التجاوزات ضدهم ولعل فئة الخدم ترعاهم هذه الجمعية أيضاً 

أوصت دراسة في قطر على إعطاء المرأة دوام جزئي للعمل مع توفير حضانات في مقار العمل للأمهات ( بتول ، 2008 ، موقع أمان الاكتروني ) ، ولعل الحضانة تحل بعض مشكلات الأمهات العاملات اللاتي لا يثقن بترك أطفالهن الرضع عند الخدم

وفي دولة الإمارات أنشيء المكتب الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر لدراسة اثر العمالة المنزلية على أوضاع الأسر الخليجية وتداعياتها السلبية على هذه الأسر

  

وأوصت دراسة ( العريمة 1429هـ ) بتشكيل لجان من المتخصصين في شؤون الخادمات للعمل على زيارات ميدانية للأسر  للتعرف أكثر على سلبيات الخادمات الأجنبيات داخل الأسرة حتى يتسنى القيام بالتوجيه والإرشاد اللازم لهم

ونوصي في هذه الدراسة أن تنشيء محكمة خاصة تعتني بشئون الخدم وتداعياتها مع حفظ حقوق المواطن  

ونادى أحد الخبراء المعنيين بشئون العمالة المنزلية في دول الخليج إلى وضع معايير تنظم هذه العمالة واستقدامها ومنها معايير نوعية ومدى حاجة الأسرة إلى هذه العمالة وعدد الخدم تحتاجها هذه الأسرة

صرح احد المسئولين في الكويت أنه أنشئت دار إيواء مؤقت للخدم لحين حل مشكلاتهم مع أرباب المنازل ( جريدة الجريدة يوليو 2010 )

                               التوصيات

أوصي بما يلي :

1-   أن تمنح المرأة العاملة سنة كاملة براتب مخفض لرعاية ابنها رعاية كاملة  

2-   إنشاء دور حضانة في الوزارات والمؤسسات التي تعمل بها الأمهات العاملات لأطفالهن ما بين سنة وأربع سنين على أن تستقطع من راتبها اجر خدمة وتربية الأطفال بهذه الدور

3-   تعيين باحثين اجتماعيين في مكاتب الخدم لحل القضايا بين الخدم وأرباب المنازل

4-   تتحمل مكاتب الخدم كل الأخطاء والتزوير ببيانات الخدم وتسفر الخادمة على نفقة المكتب على أن يوفر المكتب خادمة أخرى لرب المنزل 

5-    التحاق أصحاب مكاتب الخدم بدورات تدريبية في التعامل مع المشكلات الناجمة بين الخدم وأرباب المنازل كشرط لفتح وترخيص لمزاولة استقدام الخدم

6-   التنسيق والتعاون بين الدول المصدرة للخدم والدول المستقبلة لها لتفادي بروز مشكلات الخدم أو التقليل منها

7-   يشترط على رب الأسرة توفير كل مستلزمات الحياة الكريمة للخادمة من مأكل وملبس ومكان نوم وساعات للراحة والنوم ، في حال الإخلال بهذه الشروط تسحب الخادمة من المنزل 

 
7/4/2012

المصدر: الباحث: عباس سبتي ألف شكر للباحث
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 7 إبريل 2012 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,826,386