الحوار الاجتماعي والتنمية المستدامة
بقلم: أحمد محمود 91 

بحسب تعريف منظمة العمل الدولية للحوار الاجتماعي هو جميع أشكال التفاوض والتشاور، أو بتعبير ابسط هو تبادل المعلومات بين ممثلي الحكومات وأصحاب العمل والعمال حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والمتعلقة بالسياسات اقتصادية والاجتماعية.

 

والشروط الأساسية المطلوب توافرها للحوار الاجتماعي هي توافر الإرادة السياسية الصريحة والالتزام بحسن النية من قبل جميع الأطراف المعنيين بالمشاركة في ذلك الحوار وأيضاً وجود منظمات نقابية قوية ومستقلة وممثلة لكل من العمال وأصحاب العمل ويكون لدى هذه النقابات القدرات التقنية وحق الوصول إلى المعلومات المناسبة للمشاركة في الحوار الاجتماعي واحترام الحقوق الأساسية مثل حق التنظيم والمفاوضة الجماعية المنصوص عليها في اتفاقيات منظمة العمل الدولية رقمي 87 و98 وأيضاً توافر الدعم المؤسسي المناسب والاعتراف والاحترام المتبادلين بين ممثلي الشركاء الاجتماعيين.

كانت هذه مقدمة لحديث شيق دار أثناء مائدة مستديرة عقدتها منظمة العمل الدولية في مصر منذ عدة أسابيع ودُعي إليها عدد من الإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام المحلية للإطلاع على البرنامج الذي تسعى المنظمة لتنفيذه في مصر بالتعاون مع وزارة العمل لتعظيم قدراتها لمواجهة الوضع الحالي، وهو برنامج سبق لمديره السيد رشيد خديم مدير برنامج الحوار الاجتماعي بالمنظمة  تنفيذه بالتعاون مع وزارة العمل الأردنية وحقق نتائج مبهرة هناك.

روى لنا السيد رشيد في معرض حديثه كيف أن مصر تحتاج إلى الاهتمام بالنقابات العمالية والمهنية وأن التقدم الاقتصادي لن يتحقق إلا بالاهتمام بقضايا العمال الفئوية ذلك أن التطور في الإنتاج ليس سوى نتيجة طبيعية للاستثمار في العامل ذاته فكيف يمكن إذاً أن يتطور إنتاج العامل وترتفع جودة إنتاجه دون أن يحيا حياة جيدة أصلاً، وروى لنا أيضاً أن العمال في أسبانيا في عهد فرانكو كانوا يرون أن أصحاب العمل هم أداة للفاشية والذين كانوا بدورهم يرون أن العمال ليسوا سوى حفنة من الشيوعيين يسعون لتدمير الدولة بإضراباتهم واحتجاجاتهم ومطالباتهم الفئوية إلى أن جاء خوان كارلوس ملك أسبانيا وكان يسعى للخروج من أزمة بلاده التي عانت من الدكتاتورية التي رسخها حكم فرانكو فقام بتـأسيس مجلس الحوار الاقتصادي الإجتماعى الذي ارتكز على محاور أساسية وهى أن للعمال الحق في المطالبة بحقوقهم كاملة وأنه على صاحب العمل الاعتراف بها وبناء عليه وافق العمال على أنهم لن يطالبوا بكل حقوقهم إذا وافقت الدولة وأصحاب الأعمال على تطوير التشريعات وبناء المؤسسات في فترة زمنية يتم الاتفاق عليها..

هذا بالضبط ما حدث في المغرب حيث استغرقت المفاوضات حول تشريعات العمل مدة ثلاث سنوات حتى تم التوصل إلى مدونة للعمل تضمنت حزمة من التشريعات تضمن حصول العمال على حقوقهم التي يطالبون بها خلال فترة زمنية محددة، هذه التشريعات وافق عليها العمال وصاحب العمل والحكومة مادان التنازل عن بعض المطالب من جانب جميع الأطراف سوف يؤدى في النهاية إلى اتفاق من أجل بناء الدولة.

تجارب كثيرة جرت في عدة دول يمكن الاستفادة منها خاصة وأننا نمر الآن بمرحلة يرغب فيها الجميع في البناء وهو ما تحتاجه بلادنا بشدة فقط علينا أن نتفق على أن بلادنا في حاجة ماسة إلى إعادة بناء الحركة العمالية وأنه لابد أيضاً من رفع الوعي لدى أصحاب الأعمال بدورهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأنهم هم أيضاً في حاجة إلى تكوين منظمات لأصحاب الأعمال تكون مهمتها رفع هذا الوعي بحيث ينخرطون في الحوار الإجتماعى وأن لا يصبح هدف أصحاب الأعمال هو الربح فقط..

ومما لا شك فيه أنه لن يكون هناك تنمية مستدامة اقتصادية وبيئية و اجتماعية تُلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة والتي هي عملية تغيير واستغلال للموارد وتوجيه للاستثمارات واتجاه التطور التكنولوجي والتغييرات المؤسسية التي تتماشى مع الاحتياجات المستقبلية فضلاً عن الاحتياجات الحالية من أجل بناء أفضل للمجتمع إلا إذا حدث توافق على مفهوم التنمية بحيث توضع سياسات تنموية لا تتغير بتغير المسئولين وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا باعتماد سياسة الحوار الإجتماعى والسياسي والاقتصادي، فبناء الدول لا يمكن أن يحدث دون وضع أساس لسياسة توافقية مستمرة لأمد طويل بحيث تسمح ببناء جبهة اجتماعية داخلية  مستقرة تسمح بالنمو الارتقاء.

بقى أن أشير أيضا إلى أن وزارة العمل تحتاج إلى أن تدرك دورها الحقيقي وأن تسعى إلى إنشاء معهد متخصص في مجال البحوث ودراسات العمل وتأهيل مفتشين العمل لأنه بذلك تتقدم بحوث العمل وبذلك تتقدم الدول وترتقي الأعمال وبذلك أيضاً نضمن التنمية المستدامة المبنية على أسس من العلم والمعرفة.

 

المزيد من مقالات أحمد محمود
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 29 مارس 2012 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,792,360