نظرية الدجاجة
بقلم: د. بثية عبد الرؤوف 141 

كتب الفونس اسكيروس في وصفه لنظام الحكم في بلاده انه يشبه الدجاجة التي أرادت ان تغطي بجناحيها علي افراخ تفقس عنها البيض فقالوا لها لسنا في حاجة الي عنايتك فإنك تزهقين انفسنا بثقلك‏, فكان جوابها علي ذلك ان قالت, انكم لاتدرون في ذلك شيئا. اما عدم احتياجكم الي فهذا ممكن.

 

واما انا فلا استغني عنكم اولا: لانه يطيب لي ان القي ثقلي علي شيء فإن هذا يرفع من شأني. وثانيا لانني آكل من الحب الذي يقدم اليكم ويقول الكاتب ان هذه الدجاجة تمثل الحكومات المستبدة في حكمها لامم تنهض. وعلي الرغم من ان هذا الكتاب نشر في القرن التاسع عشر فإنني اري انه ينطبق علي احوالنا الآن, ولكن الاشارة هنا ليس للحكومات المستبدة, بل ان الاستبداد هنا تقوم به بعض فئات المجتمع التي تحاول وضع يدها علي كل مفاتيح المستقبل وتحاول فرض وصيتها وفرد جناحيها علي المجتمع الذي لايعرف مصلحته ولايعرف طريق الخير ـ فهي تري انها تسلك الطريق القويم وتملك القدرة علي حمايته وتحقيق اماله وطموحاته.
لذلك فهي تحاول الاستحواذ والسيطرة ليس طمعا في الحكم ولكن إيمانا بأنها الوحيدة القادرة علي تحقيق هذا المستقبل, ولقد فاتني أن اشير الي ان الدجاجة تدعي انها الام, وان هذا واجبها وحقها الطبيعي بل انه الامر الالهي. وهي ليست كذلك, ويقف البعض ينظر لهؤلاء الصغار الرافضين لتلك الامومة المزعومة والمدعومة من بعض المنتفعين والمغيبين وينقسمون الي فئتين, الاولي تقف امام هذا المشهد غير مكترثة بمحاولة السيطرة لانهم علي علم بطبائع الامور, ويقولون ان مايحدث هو رد فعل طبيعي لطول الاستبداد والاستبعاد. وانها فترة قصيرة وتعود الامور الي مكانها الطبيعي وسوف تخضع هذه الفئة لقواعد اللعبة السياسية ان آجلا او عاجلا, وهؤلاء هم المتفائلون, بينما البعض الاخر ينظر متوجسا خائفا بل في بعض الاحيان مرعوبا ذلك لانهم ينظرون الي طبائع المصريين الذي قال عنهم عمر بن الخطاب عندما فتح مصر هم لمن غلب وانهم سرعا ماتتسرب اليهم صفات حاكمهم.
بل ان هناك فئة يصل بها حتي التشاؤم في رؤيتها الي أقصاها, فتشير الي ان طبيعة الشعب المصري جعلت منه ساحة خصبة لاعادة انتاج, الطغاة. وانه بمجرد وصول هؤلاء الي سدة الحكم سوف يسعون للسيطرة علي امكانيات الدولة كلها ويمارسون رقابة شديدة علي كل شيء, ويصبح الاعلام, وقفا علي النظام وتصبح كل ثقافة لاتخدم النظام مرفوضة وعميلة وقد تكون كافرة, وينعدم الحوار ويلغي الآخرين, ونعيد انتاج الاستبداد, ولكن هذه المرة سوف يكون اخطر انواع الاستبداد السياسي لانه يتخذ له صفة قدسية تبارك بها الله, وعندما يسألني البعض هل انا من المتفائلين الذين ينظرون الي النصف الممتليء من الكوب, ام من المتشائمين الذين ينظرون الي النصف الفارغ, لم أستطع الإجابة لانني مازلت ابحث عن الكوب.

 

المزيد من مقالات د. بثية عبد الرؤوف
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 65 مشاهدة
نشرت فى 21 فبراير 2012 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,797,405