الذكاء الانفعالى:
من رسالة الدكتوراة للدكتور احمد الشافعى المدرس بكلية التربية الرياضية
جامعة المنصورة
وانقلها لكم من اهمية الموضوع والتاكيد على ضرورة دراستة
مفهوم الذكاء الانفعالى :
لقد اعتمد الباحث فى تناوله لهذه الجزئية، وبشكل أساسى، على كتابات فاروق عثمان ومحمد عبد السميع رزق (2001م)، حيث يعتبر مفهوم الذكاء الانفعالىEmotional Intelligence مفهوم حديث على التراث السيكولوجى، ومازال يكتنفه بعض الغموض، حيث أنه يقع فى منطقة تفاعل بين النظام المعرفى والنظام الانفعالى، والتعاريف التى تم رصدها للذكاء الانفعالى تؤكد هذا الغموض، وبدراستها نجد أنها انشقت على نفسها إلى قسمين:
القسم الأول:
أكثر تحفظاً ويعرف الذكاء الانفعالى بأنه القدرة على فهم الانفعالات الذاتية والتحكم فيها وتنظيمها وفق فهم انفعالات الآخرين والتعامل فى المواقف الحياتية وفق ذلك، فيعرف ماير وسولفاى (1990,1995 , Mayer & Salovey) الذكاء الانفعالى بأنه القدرة على فهم الانفعالات الذاتية وللآخرين وتنظيمها للرقى بكل من الانفعال والتفكير، كما يشير سولفاى وآخرون (Solvey et al,1993) بأن الذكاء الانفعالى يميز الأفراد الذين يحاولون التحكم فى مشاعرهم ومراقبة مشاعر الآخرين وتنظيم انفعالاتهم وفهمها، ويمكنهم ذلك من استخدام استراتيجيات سلوكية للتحكم الذاتى فى المشاعر والانفعالات، ويشير سولفاى وآخرون
((Solvey; et al,1995 بأن مرتفعى الذكاء الانفعالى يحتمل أن يكون لديهم القدرة على مراقبة انفعالاتهم ومشاعرهم والتحكم فيها والحساسية لها وتنظيم تلك الانفعالات وفق انفعالات ومشاعر الآخرين.
ويرى الباحث أن مقدرة الفرد على التعلم الوجدانى Affective Learning، وهو التعليم الانفعالى، أو اكتساب المشاعر، أو الأذواق والعواطف، والقيم والاتجاهات
من المؤشرات الدلالية التى تؤكد تمتع الفرد بالذكاء الانفعالى، ويعتبر الاستبصار الانفعالى Emotional Insight أحد مؤشرات الذكاء الانفعالى حيث يؤكد وعى الفرد بردود الفعل الوجدانية للفرد وللآخرين.
وأن الأفراد مرتفعى الذكاء الانفعالى يندرجون تحت نمط من التفكير يغلب عليه الطابع المنطقى فى ظاهره والذى يعرف بالمنطق الوجدانى Affective Logic – شريطة أن يتسم بالصحة والإيجابية – حيث أن العوامل الفعالة فى هذا النمط هى عوامل وجدانية
بالدرجة الأولى.
كما أن ذوى الذكاء الانفعالى لديهم حس استبصارى بمشاعر وأفكار واتجاهات الآخرين، ويحدث هذا نتيجة الإسقاط الذاتى على المواقف (التموضع)، وهو ما يعرف بالفهم المتعاطف Empathic Understanding، حيث أن التعاطف Empathy هو الوعى الموضوعى بالمعانى التى تتضمنها المشاعر أو الأفكار، وعى يؤكد مواصلة الموضوعية ويفصل المشاعر حتى فى حالة المواجهة بأمور نفسية مزعجة.
القسم الثانى:
يعرف الذكاء الانفعالى بأنه مجموعة من المهارات الانفعالية والاجتماعية التى يتمتع بها الفرد واللازمة للنجاح المهنى وفى الحياة، ويعطى جولمان (Goleman,1995) مجموعة من المهارات الانفعالية والاجتماعية تميز مرتفعى الذكاء الانفعالى وتشمل الوعى الذاتى Self – awareness ، والتحكم فى الاندفاعات Impulse Control والمثابرة Persistence والحماس Zeal، والدافعية الذاتية self-motivation والتقمص العاطفى Empathy والأناقة أو اللياقة الاجتماعية Social definess، وبأن انخفاض تلك المهارات الانفعالية والاجتماعية ليس فى صالح تفكير الفرد أو نجاحه المهنى.
يرى الباحث أن القسم الثانى من تعاريف الذكاء الانفعالى يجنح للبنية المهاراتية للفرد، ومن ثم ينبغى التأكيد على أن الشحن أو التعبئة النفسية Cathexis والتى تعد بمثابة التوظيف أو الاستثمار الانفعالى Emotional Investment (ويقابله Acathexis) وهو أحد الدلائل التى تؤكد كيان الذكاء الانفعالى لدى الفرد.
ويوضح جابر عبد الحميد، علاء الدين كفافى (1988م)، أن الشحنة النفسية للجسم Body Cathexis أساس الحيوية والنشاط والدافعية، كما تعتبر الحيوية أحد مؤشرات استثمار الطاقة النفسية، ويعتبر ضعف الشحن النفسى الذاتى Self Hypocathexis انخفاض غير عادى لتعبئة الطاقة النفسية واستثمارها فى موضوع ما، ودليل على تدنى الفعالية ونقص الحيوية، كما تعد مؤشراً لوجود الضغوط النفسية وانخفاض مستوى الذكاء الانفعالى. (40 : 38)
مكونات الذكاء الانفعالى :
إن من خلال رصد ما كتب حول الذكاء الانفعالى (Goluman, 1995; Mayer & Salovey, 1990; Mayer, Dipaolo, Salovey 1990; Mayer & Salovey, 1993; Salovey; Mayer, Goldman & Palfai, 1995; Mayer, Geher, 1996)
(فى : فاروق عثمان، محمد عبد السميع رزق، 2001م) توصل الباحثون إلى أن الذكاء الانفعالى خاصية مركبة من خمسة مكونات أساسية وهى:
1- المعرفة الانفعالية Emotional Cognitive :
وهى الركيزة الأساسية للذكاء الانفعالى، وتتمثل فى القدرة على الانتباه والإدراك الجيد للانفعالات والمشاعر الذاتية وحسن التمييز بينها، والوعى بالعلاقة بين الأفكار والمشاعر والأحداث.
2- إدارة الانفعالات Management Emotions:
وتشير إلى القدرة على التحكم فى الانفعالات السلبية وكسب الوقت للحكم فيها وتحويلها إلى انفعالات إيجابية، وهزيمة القلق والإكتئاب وممارسة مهارات الحياة بفاعلية.
3- تنظيم الانفعالية Regulating Emotions:
وتشير إلى القدرة على تنظيم الانفعالات والمشاعر وتوجيهها إلى تحقيق الإنجاز والتفوق، واستعمال المشاعر والانفعالات فى صنع أفضل القرارات، وفهم كيف يتفاعل الآخرون بالانفعالات المختلفة، وكيف تتحول الانفعالات من مرحلة إلى أخرى.
4- التعاطف Empathy:
ويشير إلى القدرة على إدراك انفعالات الآخرين والتوحد معهم انفعالياً وفهم مشاعرهم وانفعالاتهم والتفاهم معهم والاتصال بهم دون أن يكون السلوك محملاً بالانفعالات الشخصية.
5- التواصل Communication:
ويشير إلى التأثير الإيجابى والقوى فى الآخرين عن طريق إدراك انفعالاتهم ومشاعرهم ومعرفة متى تقود ومتى تتبع الآخرين وتساندهم والتصرف معهم بطريقة لائقة. (138 : 36)
ويرى فاروق عثمان، محمد السيد عبد السميع (2001م)، أن الذكاء الانفعالى يتضمن: القدرة على الانتباه والإدراك الجيد للانفعالات والمشاعر الذاتية وفهمها وصياغتها بوضوح وتنظيمها وفقاً لمراقبة وإدراك دقيق لانفعالات الآخرين، ومشاعرهم للدخول معهم فى علاقات انفعالية اجتماعية إيجابية تساعد الفرد على الرقى العقلى والانفعالى والمهنى وتعلم المزيد من المهارات الإيجابية للحياة. (138 : 136)
ويرى الباحث أن الذكاء الانفعالى هو قدرة الفرد على استثمار انفعالاته، واستبصاره الانفعالى، وتمتعه بالمنطق الوجدانى ذى الصبغة الإيجابية، وفهمه المتعاطف للمعانى التى تتضمنها مشاعر وأفكار واتجاهات الآخرين بشكل ذاتى الاسقاط (تموضعى)، وقدرته على التعلم الوجدانى، وبعده عن الجوانب السلبية كالتصلب الوجدانى والتحيز العاطفى والتنافر الوجدانى والتى يمكن أن تنعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على الناتج / الحصيلة الوجدانية، ومن ثم تحقيق الأهداف الوجدانية فى المناخ الوظيفى.
إذن فالذكاء الانفعالى: "هو معرفة وفهم وتنظيم الانفعالات وضبطها وإدارتها على المستويين الشخصى والغيرى وتحاشى الجوانب التى قد تهدد هيكلته وبنيته بشكل يساعد على ترقية سلوكه الوظيفى والعقلى وتحقيق التواصل بين –الشخصى- وتحقيق الأهداف الوجدانية".
ومازالت الدراسات السابقة فى مجال الذكاء الانفعالى قليلة نسبياً مقارنة بأى متغير آخر فى الشخصية وفقاً لما ذكره فاروق عثمان، محمد رزق (2001م)، وقد يرجع ذلك إلى أن:
- مفهوم الذكاء الانفعالى مازال غامضاً ويوجد خلاف حول كونه قدرات عقلية أو مهارات اجتماعية أو سمات شخصية (Seart, 1989 ; Mayer & Salovey, 1997) وهذا الغموض يحتاج إلى المزيد من الفحص والتقصى والتحليل.
- فهم الذكاء الانفعالى لدى الأفراد لا يتم إلا من خلال الخلفية الثقافية لهم ليتم التمكن من فهم ردود أفعالهم الانفعالية والتى تقيم فى إطار الاتساق المنطقى ومن ذكائهم (1995 Mayer & Salovey). (138 : 38)
المظاهر الإيجابية للذكاء الانفعالى:
يمكن حصرها وفقاً للكتابات والدراسات والبحوث فى هذا الشأن على النحو التالى:
1- القدرة على فهم الانفعالات الذاتية والتحكم فيها طبقاً للوعى بانفعالات الآخرين وفهمها والتعامل معهم فى المواقف الحياتية وفقاً لذلك.
2- تنظيم الانفعالات ووضع استراتيجية سلوكية تساعد على ترقية الجانب البدنى والعقلى للفرد.
3- تمتع الفرد بالمهارات الانفعالية والاجتماعية اللازمة للنجاح المهنى.
4- القدرة على توجيه الانفعالات نحو الإنجاز والتفوق.
5- القدرة على الاتصال بالآخرين والتأثير فيهم.
6- القدرة على تحويل الانفعالات السلبية إلى انفعالات إيجابية.
7- التعاطف الوجدانى.
ويرى الباحث أنه يمكن إضفاء بعض الجوانب الإيجابية للذكاء الانفعالى وهى:
- مقدرة الفرد على التعلم والاكتساب الوجدانى من مختلف المواقف الفعلية والمجردة.
- القدرة على الاستبصار الانفعالى.
- التمتع بالمنطق الوجدانى.
- القدرة على الاستثمار الانفعالى والتعبئة النفسية فى مختلف المواقف.
أما عن المظاهر السلبية التى تشير إلى تدنى مستوى الذكاء الانفعالى فيمكن إيرادها على النحو التالى:
- تدنى الجوانب الإيجابية سالفة الذكر أو سلبها.
هذا ويضيف الباحث مؤشرات أخرى تعتبر دليلاً على تدنى مستوى الذكاء الانفعالى، مع ملاحظة أن البعض منها قد تمت الإشارة إليه فى بعض المراجع تحت مسمى مغاير للذكاء الانفعالى، والبعض الآخر يخضع للمنطق العقلى وشواهد الحس ومنها:
1- التصلب الوجدانى Affective Rigidity يعد من المؤشرات الدلالية لتدنى الذكاء الانفعالى، حيث يدل على عدم تغير الانفعالات والمشاعر بتغير المواقف التى ينبغى أن تتغير فيها. (40 : 90)
2- أن الذكاء الانفعالى بعيد عن التحيز الانفعالى أو التحيز العاطفى Emotional Bias الذى يؤكد التعصب القائم على عوامل انفعالية، والذى يعوق تحقيق الأهداف الانفعالية والوجدانية Affective Objective وربما يؤدى إلى الفشل الوجدانى Affective Failure، ومن ثم انعكاسه بصورة مباشرة على الناتج الوجدانى والمردود أو الحصيلة الانفعالية Affective Outcome.
3- وأن التنافر الوجدانى Affective Disharmony الذى يعنى عدم الانسجام أو عدم الاتساق بين ردود الفعل الوجدانية ومضمون الأفكار التى أثارت ردود الفعل هذه دليل على عدم الذكاء الانفعالى، أو ربما يعزو ذلك إلى زملة من الضغوط التى قد تفوق احتمال الفرد العادى صحيح النفس.
4- العجز الانفعالى أو التبلد الانفعالى Acatheris والذى يعنى غياب القدرة على الانفعال العادى المرتبط بالأفكار المشحونة بالانفعالات القوية. (40 : 89)
من خلال ما تقدم من تعاريف ومفاهيم ودراسات حول الذكاء الانفعالى، يرى الباحث أنه من الضرورى أن يؤكد معاونو أعضاء هيئة التدريس على هذا الجانب حالة وجوده – وإن لم يكن فيجب أن يدربوا أنفسهم عليه، حيث أن الأمر برمته ينعكس على جودة العملية التعليمية بالدرجة الأولى، وقدرتهم على التواصل بالآخرين فى محيط المناخ الجامعى، ومن ثم الوصول إلى حيز السواء النفسى وتأصيل كينونة البعد الانفعالى الإيجابى.
نشرت فى 30 سبتمبر 2011
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,793,016
ساحة النقاش