البطالة.. خطر داهم يهدد المجتمع
كتب - عصام هاشم :
الشباب طاقة لا تهدأ, إن لم توجه إلي خير فإنها إلي شر. ومن أخطر المشاكل التي تؤثر سلبا في الشباب مشكلة البطالة وما تبعها من أمراض وعلل.
البطالة
يوضح الدكتور محمد داود ـ الأستاذ بجامعة قناة السويس أن أمراض البطالة كثيرة وخطيرة ومتنوعة, اقتصادية واجتماعية وأخلاقية وسياسية.. إلخ. بداية من سوق الوهم في مكاتب التوظيف للشباب, ومرورا بسقوط الشباب ضحايا تحت وطأة الحاجة والعوز في حبائل عصابات المخدرات.. كما نشأت أيضا في بعض المناطق الشعبية سوق للبلطجية لتأجير البلطجة لأغراض الأذي والكيد.. كما استفحلت أمراض البطالة حيث تفشي الاتجار بالوظائف وفرص العمل, وأصبحت هناك تسعيرة لكل وظيفة أو فرصة عمل, ورأينا كذلك توريث الوظائف في كثير من المؤسسات, ولا عزاء للمواهب والكفاءات!
ويضيف د. داود أن من أخطر أمراض البطالة أن تفقد المعرفة قيمتها, وتتعاظم قيمة المنفعة المادية, فتنتشر الدروب السرية, حيث تباع الذمم والأعراض تحت شعار مكاتب توظيف العمالة, وحتي أعضاء الانسان أصبح لها سوق في بعض المعامل والمستشفيات الخاصة.
وأمام ضغط البطالة, يستهدف الشباب وتعرض عليه الجميلات اليهوديات, وتفتح له أبواب الثراء ولاأمل في المستقبل, ويشتري اليهود الشباب بالمتعة والمال تأسيسا لوجود قانوني لهم في بلادنا.
وبعد هذا الاستعراض المؤلم يؤكد د. داود أن مواجهة البطالة والتصدي لها هي الأساس في العلاج من هذه الأمراض والعلل, ويطالب بتعظيم دور الجهود المدنية في انشاء مؤسسات بجهود أهل الخير وفكر ورعاية رجال الأعمال, كل في مجاله, ولنبدأ بالمشروعات الصغيرة إقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم والذي حول البطالة والاستهلاك الي عمل وانتاج, وذلك حين جاءه سائل ولمح فيه النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ القدرة علي العمل فجعله يبيع ما يملكه ويشتري به أداة للعمل والانتاج( قدوما) وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأن يغدو أحدكم فيحطب علي ظهره فيتصدق منه, ويستغني به عن الناس, خير له من أن يسأل رجلا, أعطاه وكان منعه, ذلك بأن اليد العليا خير من اليد السفلي, وابدأ بمن تعول...
أو من سياسة النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وخلفائه الراشدين الاقتطاع من الأراضي البور لمن أدوا خدمات ممتازة للدولة الاسلامية, فهي مكافأة لهم من جهة, وتشجيع علي استصلاحها. من جهة أخري.. ومن قطع له من هذه الأرض مساحة معينة ثم تركها بغير أن يعمرها ويصلحها كان لولي الأمر أن ينتزعها منه, ويعطيها لغيره ممن يقوم باحيائها.
ويطالب د. محمد داود الحكومة بمساندة الجهود المدنية في مكافحة البطالة بإعفاء المشروعات الصغيرة ونحوها من الضرائب وتيسير الإجراءات, لأنها لون من الاستثمار الذي أصبح ضرورة حياتية وحضارية, ذلك أن البطالة انهيار لقيم المجتمع واقتصاده.
من جانبه يشير الدكتور محمد أبو زيد الفقي استاذ الثقافة الاسلامية بجامعة الأزهر إلي أن القعود عن العمل يفرز أخلاقيات وأنماطا من السلوك لا أصل لها في كل الأديان السماوية لذلك كان حديث النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ كافيا وبلسما شافيا حين سئل: أي الكسب أطيب؟ فأجاب: عمل الرجل بيده, وكل بيع مبرور. ويروي أن النبي صلي الله عليه وسلم قد سلم علي رجل فأدرك خشونة في يده, فسأله: ما بال كفيك قد أمجلتا فقال الصحابي: من أثر العمل يا رسول الله فيرفع الرسول صلي الله عليه وسلم ـ كفيه أمام جمع من الصحابة ويقول كفان يحبهما الله ورسوله.
وبقدر ما يحصد النبي ـ صلي الله عليه وسلم علي العمل لإعمار الأرض, بقدر ما يرفض البطالة والتسول ويعتبر ذلك خروجا علي طبيعة الانسان الخليقة, وانتكاسا لفطرته العملية الا في ذلك يقول من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر, ويقول أيضا المسألة كلوح في وجه صاحبها يوم القيامة.
وهنا يوضح النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ أن من يسأل الناس بغرض أن يثري عن طريق التسول, فإنه لا يدخر مالا, وإنما يدخر نارا في جسده يوم القيامة. يستوي في ذلك مع كونوا ثرواتهم من خلال الرشوة أو الأعمال التي تضر الوطن والبشر, لذلك يأمرنا النبي صلي الله عليه وسلم دوما في قوله... فاستعفف عن السؤال وعن المسألة ما استطعت, لأن السؤال استثناء وليس اصلا في حياة المسلم العزيز, وأن الأنسان لو تحمل ما يعانيه بعض الشيء فإن الله تعالي يأتيه بالفرج ولكن عن طريق العمل وبذل الجهد والأخذ بالأسباب المعروفة.. ومتي طرق تلك الأبواب المشروعة للعمل, اندثرت آفات البطالة وأمراضها وتطهر المجتمع وصار مجتمعا إنتاجيا متقدما.
ساحة النقاش