التهويل الإعلامي وأثره السلبي علي الاقتصاد المصري
بقلم : د‏.‏ إبراهيم إسماعيل 126 

درجت بعض البرامج التليفزيونية في القنوات الفضائية الخاصة وأيضا في التليفزيون الرسمي‏,‏ ومعها شبكات المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي علي المبالغة في تصوير الحالة المصرية الراهنة‏,‏ والحديث عن حالات سلبية لايخلو منها أي مجتمع, وكذلك الوضع الأمني, كما لو كانت وقائع البلطجة والسرقة والاغتصاب لم تكن موجودة إلا بعد الثورة.

 

لا أحد ينكر وجود مثل هذه الجرائم ولاشك أن نسبتها قد ارتفعت, لكن علينا أيضا الاعتراف والإشارة إلي أنه أنها موجودة من قبل الثورة, وأن الحزب الوطني المنحل لم يفز في انتخابات 2010 إلا بأعمال البلطجة. وبعض رجال الأعمال ورموز الفساد والعاملين في الفن قد اتخذوا من البلطجية حراسا خاصين أو بودي جاردات, وأن النظام السابق حاول جاهدا جعل جهاز الشرطة جهازا للبلطجة.
إن الاقتصاد المصري هو الضحية الرئيسية المتاحة والمباحة لعملية التهويل والمبالغة في وصف مادرج علي تسميته بحالة الانفلات الأمني, ولم يدر بخلد القائمين علي هذه البرامج والذين يمارسون التزييف وينشرون الأراجيف علي شبكات المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي حجم الضرر الذي يوقعونه بالاقتصاد المصري, ومن صور هذا الضرر عزوف أكبر عدد من المصريين العاملين في الخارج والسياح العرب عن المجيء إلي مصر في إجازة الصيف.
فبسبب هذه البرامج ـ وأنا هنا أتحدث من واقع تجربة أعايشها ـ حدث مايلي:
ـ رأي عدد كبير من المصريين العاملين في الخارج تأجيل إجازاتهم السنوية, بينما رأي قطاع آخر قضاء إجازاتهم في ربوع أوروبا.
ـ أما من قرروا قضاء الإجازة في مصر فقد عقدوا العزم علي ألا يحولوا معهم مدخراتهم طوال العام.
ـ صورة أخري من صور الضرر الذي تلحقه البرامج التليفزيونية بالاقتصاد المصري تتمثل في أنه كان هناك شعور عام لدي مواطني دول مجلس التعاون الخليجي في شهري أبريل ومايو أنه من مطلع شهر يوليو سيكون الوضع الأمني في مصر قد تحسن, وأن مصر هي قبلتهم للسياحة الصيفية هذا العام, وبالفعل استبشروا خيرا عندما تم الإعلان عن رفع حالة الطواريء ابتداء من منتصف يونيو, ولكن بقاء هذه البرامج علي ماهي عليه من المبالغة والتهويل جعلهم لايزالون متخوفين, مع ان من يضطر منهم إلي المجيء لمصر في مهمة عمل يعود ليروي لأصدقائه أن الوضع في مصر ليس بهذا السوء.
هؤلاء الإعلاميون أضروا عن غير قصد بالاقتصاد المصري من خلال مايمارسونه من تهويل, واستضافة من يمارسون بطولات زائفة علي حساب الثورة.
فهل يثبت هؤلاء المذيعون ومقدمو ومعدو البرامج أن مصلحة مصر ترتقي فوق مصالحهم الشخصية, وتعلو علي رغباتهم في انتهاج الإثارة الإعلامية لاجتذاب أكبر عدد من المشاهدين.
إن موسم الإجازات الصيفية للمصريين العاملين في الخارج سوف يبدأ هذا العام مع مطلع شهر يوليو وكذلك موسم السياحة للإخوة العرب, ومازالت الفرصة موجودة أمام مقدمي هذه البرامج ليخدموا بلدهم بالتركيز علي الجوانب الإيجابية بعض الشيء وتشجيع الناس لزيارة مصر, وتقديم برامج تليفزيونية حقيقية لأن مايقدمونه إذا ماقيس بالمعايير المهنية لايعدو كونه برامج إذاعية تقوم علي استعراض وقراءة الصحف وإجراء اللقاءات مع الضيوف.
أقول لمقدمي البرامج: لقد أصبتم الناس بأنماط مختلفة من التوتر العصبي ورفعتم مستوي الضغط والسكر فراجعوا الخطاب الإعلامي وأعيدوا ترتيبه وتوزيعه وأحسنوا اختياره وادرأوا المخاطر عن المجتمع وارحمونا يرحمكم الله.

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 113 مشاهدة
نشرت فى 27 يونيو 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,794,513