التحديات والفرص التى تواجه الليبراليين المصريين

  بقلم   د. رونالد ميناردوس    ٤/ ٦/ ٢٠١١

منذ بضعة أيام حضرت منتدى مفتوحاً فى منطقة وسط البلد بالقاهرة حضره عدد من قيادات الأحزاب السياسية الأربعة التى تُعرّف نفسها على أنها أحزاب ليبرالية، وهى: حزب الجبهة الديمقراطية وحزب المصريين الأحرار وحزب العدالة والحزب الديمقراطى الاجتماعى. كان هذا المنتدى فعالية مزدحمة لم أر لها نظيراً من قبل فى مصر، وسرعان ما اتضح لى أن القاسم المشترك بين تلك الأحزاب هو توجهها العلمانى، أو بتفسير سياسى آخر اجتمعت هذه الأحزاب على عدم توافقها مع الإخوان المسلمين، كما اتضح لى أن قادة هذه الأحزاب بعيدون كل البعد عن تبنى برنامج ليبرالى مشترك، ناهيك عن استراتيجية موحدة.

وعلى خلفية الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها فى شهر سبتمبر يعد التوصل إلى نوع من أنواع الاتفاق أو الاتحاد من أكبر التحديات التى تواجه القوى الليبرالية فى هذه المرحلة، يدخل ممثلو القوى الليبرالية المختلفة فى مفاوضات مع بعضهم البعض بهدف التوصل إلى تحالف كبير للقوى الليبرالية قبل يوم الانتخابات بكثير.

وبينما يشكل تنظيم حملة انتخابية فى بلد بحجم مصر تحدياً فى جميع الأحوال يتفاقم هذا التحدى على وجه الخصوص فى حالة القوى الليبرالية لأنها تبدأ التواصل سياسياً مع الجماهير من نقطة الصفر، فباستثناء حزب الجبهة الديمقراطية الذى بدأ يتمثل دور النقطة المحورية لجميع الجهود الموجهة نحو الوحدة الليبرالية، لا تزال الأحزاب الأخرى فى حاجة إلى تسجيل نفسها بطريقة رسمية. من ناحية أخرى عند مقارنة الأحزاب الليبرالية المصرية الناشئة بالأحزاب السياسية فى النظم الديمقراطية المتقدمة نجدها تفتقر إلى الهياكل التنظيمية والأعضاء والتمويل، والأهم من ذلك أنها لا تتمتع بالخطط الاستراتيجية الضرورية لتوظيف جميع هذه العوامل فى الوقت المناسب استعداداً لمرحلة العد التنازلى فى شهر سبتمبر.

ولكن فى نهاية المطاف لن تعتبر القضايا التنظيمية ولا الافتقار إلى الزمن الكافى من العناصر الأساسية المؤثرة على الأداء الانتخابى للقوى الليبرالية، فإن المسألة الحاسمة مسألة أيديولوجية ولها علاقة بوجهة النظر ذات العلاقة بكل ما هو ليبرالى فى أذهان الجماهير المصرية.

فإن قلنا إن الغالبية العظمى من الشعب المصرى ليس لديها أدنى فكرة عن معنى لفظ «ليبرالى» فلن نعتبر من المبالغين، بينما يحاول العديد من المجموعات الأخرى - وهذا هو النوع الأخطر - تشويه الليبرالية عن عمد، وتصوير الليبراليين بوصفهم غير أخلاقيين وبدون قيم وخونة، بل الأكثر من ذلك أنها تصورهم على أنهم ضد الدين، حيث شارك الكثير من المتعصبين الدينيين وغيرهم فى الحملات المناهضة لليبرالية على مدار السنوات، وهو ما أدى إلى خلق الكثير من الصور النمطية السلبية بين الشعب المصرى شديد التدين. ويمثل تخطى هذه الصورة الذهنية القائلة بأن الليبرالية مناهضة للقيم العربية والإسلام التحدى الأكبر على مدار السنوات القادمة بالنسبة لليبراليين وجميع محبى الحرية فى هذه البلاد.

فى هذه البيئة العدائية من الناحية الأيديولوجية سوف تكون الغلبة لليبراليين فقط إن تجنبوا استخدام اللفظ المحمّل بالكثير من المشاعر ألا وهو «ليبرالى» وبدأوا يشرحون للناس بلغة بسيطة وسهلة ما يتبنونه من أفكار، فالليبرالية ليست شعاراً، بل هى مجموعة من المبادئ السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى تعتبر بمثابة حجر الزاوية فى كل نظام سياسى ديمقراطى حديث: حرية الفرد والمسؤولية الاجتماعية وحقوق الإنسان وسيادة القانون واقتصاد السوق والتسامح. الأهم من ذلك كله أن تلك الأفكار والمبادئ توحد القوى والمجموعات الليبرالية التى ذكرتها فى البداية.

قال أحد الصحفيين فى كلمة ألقاها مؤخراً: «معظم المتظاهرين فى ميدان التحرير كانوا ليبراليين دون أن يعلموا»، وكما يقول المثل الألمانى القديم «محتوى الصندوق أهم مما هو مكتوب عليه»، وبالنسبة لى هذه أهم نصيحة استراتيجية يمكننى أن أقدمها إلى القوى الليبرالية المصرية وهى تستعد للدفاع عن مبادئ الثورة عندما تذهب إلى صناديق الاقتراع.

* المدير الإقليمى لمؤسسة فريدريش ناومان

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 119 مشاهدة
نشرت فى 4 يونيو 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,827,840