«المصري اليوم» تنشر تقريراً رسمياً حول مياه «كيفارة».. وترصد آراء جيولوجية وتاريخية عن منبعها (٢ -٣) قام بالرحلة أشرف جمال ١٥/ ٥/ ٢٠١١ |
حصلت «المصرى اليوم» على تقرير رسمى حول العين السخنة (كيفارة)، أكد أن مياهها «أنقى» من مياه الصنبور، وأن معدل تدفقها من العين يصل إلى «٢٠ ألف» متر مكعب يومياً، ودرجة حرارتها تفوق الـ«٦٠» درجة مئوية، مشدداً على ضرورة سرعة استغلال هذه العين، لضمان عدم إهدار ثروة تعود بالنفع على المنطقة. اللافت أنه رغم تنبيه التقرير الصادر منذ نحو ربع قرن من الزمان، فإن الوضع لا يزال على ما عليه: ماء ينهمر بقوة دون أن يجد من يستفيد منه. أمام ما سرده التقرير من نتائج مذهلة حول عين كيفارة كان من الضرورى رصد آراء عدد من المتخصصين جيولوجياً وتاريخياً فى هذه المنطقة، فالتقينا أحد الجيولوجيين المسؤولين عن جهاز تعمير صحراء الساحل الشمالى، الذى تحدث معنا كثيراً حول خواص ومنبع هذه المياه، مقابل وعد منا بعدم الكشف عن اسمه لأسباب قال إنها وظيفية، فيما أمدتنا المستشارة هايدى فاروق، الباحث فى الأرشيفين البريطانى والأمريكى، بمعلومات تاريخية وصفتها بـ«المذهلة» تتحدث عن وجود نهر فى باطن الصحراء الغربية. تقرير «بحوث الأراضى الملحية والقلوية»: مياه العين «أنقى» من نهر النيل.. والأرض المحيطة بها «تصلح للزراعة».. والتأخر فى استغلالها «إهدار» للثروة المائية أكد تقرير رسمى صادر عن معمل بحوث الأراضى الملحية والقلوية بالإسكندرية أن مياه عين كيفارة «أكثر نقاءً» من مياه نهر النيل، وأن هناك رقعة كبيرة من الأرض الصحراوية المحيطة بها «صالحة للزراعة»، معتبراً أى تأخر فى استغلال مياه هذه العين «إهداراً» لثروة مائية تعود بالنفع على المنطقة. وجاء فى نص التقرير، الصادر فى الرابع من نوفمبر ١٩٨٥: «قامت اللجنة المكونة من السادة مدير عام قطاع الزراعة بمطروح، الأستاذ الدكتور المنسق العام، والمستشار الأستاذ الدكتور حسن إسماعيل، والمجموعة الفنية لمشروع الأراضى القحلة بزيارة العين السخنة (عين كيفارة) بواحة سيوة بمطروح، وقد تولى مدير معمل بحوث الأراضى الملحية والقلوية دراسة مياه العين السخنة، وكذا صلاحية الأراضى المحيطة للزراعة». وقال التقرير: «تم رفع تقرير فى حينه إلى الأستاذ الدكتور عادل البلتاجى، المنسق العام لمشروع الأراضى القحلة لعرضه على السيد الأستاذ الدكتور وزير الزراعة، ولقد تبين من الدراسة التى قامت بها اللجنة ومعمل بحوث الأراضى النقاط التالية:- العين السخنة بواحة سيوة بمطروح هى عبارة عن بئر حُفرت بواسطة إحدى شركات البترول، التى كانت تعمل بالمنطقة، ولمّا وجدت الشركة أن البئر لا تحتوى إلاّ على الماء قامت بعمل تكْسية للبئر وأغلقتها بمحابس حديدية، لإمكانية استغلالها مستقبلاً، إلاّ أن التكْسية الحديدية للبئر كُسِرت وتفجّر الماء بسرعة تحت ضغط هيدروستاتيكى عال جدا أدى إلى تدفق الماء بسرعة كبيرة من البئر، وبمعدل تصرف يصل إلى حوالى ٢٠.٠٠٠ متر مكعب يومياً، إلاّ أن هذا الرقم لا يعول عليه إلا بمد قياس التصرف الحقيقى للبئر على الطبيعة. بدراسة العين السخنة وُجد أن درجة حرارة مياهها ٦٥ درجة مئوية، ودرجة توصيلها الكهربائى هى ٠.٦ ملليموز/سم، أى أن درجة تركيز الأملاح بها ٣٩٠ جزءاً فى المليون، وبذلك فإنها أكثر عذوبة من مياه الصنبور العادية، التى تصل أحيانا درجة ملوحتها إلى أكثر من ٥٠٠ جزء فى المليون، ويُبيّن جدول رقم ١ نتائج تحليل مياه البئر الساخنة. تقع البئر المذكورة أعلاه فى منطقة توضح الدلائل فيها أنها من أصل بحرى، حيث تنتشر القواقع البحرية فى المنطقة التى حول البئر، والتى تتميز بوجود طبقة متفاوتة السمك من الرمال، تليها طبقة جبسية يتراوح سمكها من ٢٥ إلى ٣٠ مم، ونتيجة لارتفاع درجة المياه المتدفقة من البئر وسرعة جريانها فإن المياه أحدثت تصدعات فى الطبقة الجبسية، مما أدى إلى تسربها خلال جوف الأرض، مُذيبة للأملاح، ثم ظهورها مرة أخرى فى المنخفضات على صورة بحيرات ملحية تماماً، حيث وصلت درجة ملوحة إحدى البحيرات المتكونة من تسرب المياه (البحيرة الكبيرة) إلى حوالى ٤٣ ملليموز/سم، أى حوالى ٢٧٩٥٠ جزءاً فى المليون، أى ما يقارب تركيز الأملاح فى مياه البحر الأبيض المتوسط (حوالى ٣٤٠٠٠جزء/مليون)، ويبين هذا مدى الضرر الجسيم الذى يؤدى إلى تحويل مياه عذبة إلى مياه مالحة غير صالحة لأى غرض، وبالطبع هذا يتوقف على ملوحة الطبقات التى يمر خلالها الماء. ورغم أن الأراضى المحيطة بالبئر أراض ملحية تحتوى على نسب عالية من أملاح كلوريد الصوديوم بجانب طبقات الجبس المنتشرة على سطح التربة، مما يعوق استغلال تلك الأراضى للزراعة، فإن هناك أراضى جيدة تبعد عن البئر بحوالى ٣٠ كيلومتراً، ويمكن استغلالها زراعياً، وقد تم أخذ عينات من قطاع تلك الأراضى للتحليل، ويوضح جدول ٢ تحليلا لقطاع التربة، إلاّ أن قطاعا واحدا لا يفى بالغرض ويمكن عمل حصر تصنيفى للأراضى فى المنطقة المذكورة لتحديد مدى صلاحيتها للزراعة. كما توجد بئر أخرى بالمنطقة إلاّ أنها مغلقة وبها تصدع خفيف طرأ على تكسيتها الحديدية، وبدأ يتسرب منها الماء، ولذا فإنه تعذر أخذ عينات للتحاليل لعدم تمثيل العينة لمياه البئر تحت هذه الظروف، ولذا فإنه يمكن فتح البئر وتقدير تصرفة وتحديد درجة ملوحتها لتكون مكملة للعين السخنة كمصدر للمياه فى المنطقة. إن أى تأخير فى استغلال تلك المياه يعتبر إهداراً لثروة ممكن استغلالها، وتعود بالنفع على المنطقة كلها، خصوصاً أن المنطقة تعانى من نقص شديد فى مياه الشرب، وأقل استغلال حالياً هو عمل محطة لمياه الشرب يكون مصدرها العين السخنة، بعد تحليل مياهها بكترولوجياً لتمد منطقة مطروح بالمياه العذبة، بدلا من محطات تحلية مياه البحر، التى تعتبر إلى الآن مكلفة للغاية، كما يجب دراسة البئر من الناحية الهيدرولوجية لحساب معدل تصرفها اليومى ومخزونها من المياه حتى تكون الدراسة كاملة. مُعِد التقرير لـ«المصرى اليوم»: لم أتوقع تجاهل توصياتنا حول استغلال «العين» .. وسكرتير عام «مطروح» رفض توصيل مياهها للمحافظة بسبب «١٧ مليون» جنيه أبدى الدكتور محمد عبدالمحسن خليل، المدير الأسبق لمعمل بحوث الأراضى الملحية والقلوية بالإسكندرية، غضبه الشديد مما وصفه بـ«تقاعس» الأجهزة التنفيذية بالدولة عن تنفيذ توصيات التقرير الصادر بشأن «عين كيفارة»، مؤكداً أنه «فوجئ» بما كشفت عنه «المصرى اليوم» حول بقاء الوضع كما هو عليه فى هذه العين، منذ صدور تقرير اللجنة فى نوفمبر ١٩٨٥. وقال خليل- فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»: «أولاً ليس لى الحق فى التعليق على الوضع الحالى لأننى أصبحت غير مسؤول الآن، حيث خرجت على المعاش منذ فترة، ومن ثم فمن الناحية الوظيفية هناك من هو أصلح فى الرد على الموضوع». وأضاف: «هذه القصة بدأت حينما وردت معلومات للدكتور يوسف والى وزير الزراعة وقتها، عن هذه العين، فشكل لجنة برئاسة الدكتور عادل البلتاجى، الذى كان يشغل منصب المنسق العام لمشروع الأراضى القحلة آنذاك، والذى بدوره أوفد لجنة مُشكّلة من الدكتور حسن إسماعيل، مدير عام قطاع الزراعة بمطروح وقتها، إضافة إلى مجموعة فنية تابعة لمشروع الأراضى القحلة، إلى العين السخنة (كيفارة)، حيث أجرت دراسات عليها، وجاءتنى بالنتائج، التى بناء عليها أعددت هذا التقرير». وتابع «خليل» - الذى يعمل حالياً أستاذاً متفرغاً بالمعمل: «بعد عودة اللجنة من العين طالبنا باستغلال مياهها بشكل أمثل من خلال توصيلها إلى مطروح، خاصة أنها من المحافظات التى تعانى ندرة مائية، وكان سكانها فى هذا الوقت يشترون المياه بمبالغ كبيرة، فعرضنا الأمر على اللواء يوسف الشامى، محافظ مطروح آنذاك، لكن أذكر أن سكرتير عام المحافظة فى هذا الوقت رفض بدعوى أن هذا المشروع سيكبد ميزانية المحافظة ما يقرب من ١٧ مليون جنيه، وهو ما لم تستطع المحافظة تحمله أيامها، فاكتفينا بما جاء فى نص التقرير». وجدد «خليل» تشديده على ضرورة استغلال هذه المياه، مؤكداً أنها «أنقى» من مياه نهر النيل، وأن عدم الاستفادة منها ومن التربة المحيطة بها، يتسبب فى تحويلها إلى مياه «أشد ملوحة» من البحر المتوسط.
|
ساحة النقاش