يبدو مقولة الناقد الايطالي الأشهر "بندتوكروتشة" حول التاريخ صحيحة إلي حد كبير. وهي تقرر ان "التاريخ كله تاريخ معاصر". اذن ان أحداث الماضي لا تنفصل عن الحاضر مهما بدت مغايرة في الأحداث والوقائع.. فهذه المغايرة لا تنفي طبيعة النفس البشرية والعاطفة الانسانية. وهي تستقبل ما يجري. خيرا أو شرا. أو هي تصنع هذا الخير أو ذلك الشر. انها طبيعة التأثير والتأثر والقوة والضعف والحلم والنوم والأمل والألم ولذا تكون أحداث التاريخ معاصرة علي هذا القياس. إذ يكون التاريخ كله تاريخا معاصرا. وفقا لمقولة "بندتوكروتشة".
ومن هنا فان قياس الرواية علي التاريخ يصبح ممكنا.. حيث تصير الرواية أو السرد أو الحكاية كلها معاصرة.. انطلاقا من كون الرواية وهي تتناول الصراعات الانسانية علي مستويات عدة تصب في هذا السياق الذي يتغالب فيه الانسان القوي مع الانسان الضعيف وتتحدد مصائر وتظهر نتائج وتطرح أسئلة.. والروايات التي يدرسها هذا الكتاب تمثل التاريخ معاصرا في أوضح صورة مع انها في الغالب تستدعي التاريخ وتعيد انتاجه روائيا. ان صح التعبير. وتقدم شخصياته من خلال التاريخ الذي قرأه الناس أو عرفوه أو استوعبوه في الذاكرة الشعبية.. هناك ألوان متنوعة من التقنيات والوسائل التعبيرية التي تجسد مضامين الروايات وتصنع حبكتها وترسم شخصياتها. وتتفاوت الصياغة الأسلوبية بين الشاعرية واللغة اليومية البسيطة.. ولكنها في مجموعها تنقل الواقع إلي التاريخ أو التاريخ إلي الواقع وتحقق مقولة "بندتوكروتشة" التاريخ كله تاريخ معاصر وقياسا علي مقولته. فان "الرواية كلها معاصرة". ولو استدعت التاريخ أو أبحرت فيه أو جعلت من الأحداث خيالا خصبا تتحرك فيه الشخصيات والأحلام.
يتجاوز الدكتور حلمي محمد القاعود في هذا الكتاب الأفق المحلي إلي الأفق الخارجي. فيقدم نماذج فريدة للراوية في العالم الاسلامي نادرا ما يتعرف عليها القاريء العربي. فيقدم روايات من مصر والعراق وأفغانستان والقرم وايران. كما يقدم أسماء مصرية مثل فتحي غانم ومحمود عرفات تتجاور مع عماد الدين خليل ومرال معروف ومحسن مخملباف. في منظومة تعبيرية تدافع عن الانسان المعاصر وتكتب تاريخه الراهن عبر التاريخ الغابر.
هذا الكتاب يصاف إلي مجموعة الكتب التي أصدرها المؤلف حول الرواية. فيشكل موسوعة لدراسة عدد ضخم من الروايات المؤثرة فنيا في العصر الحديث.
صدر الكتاب عن دار حضر موت للدراسات والنشر باليمن في 219 صفحة.
"الحكاية كلها معاصرة" دراسات في الرواية للقاعودالأثنين 2 مايو 2011
المصدر: http://www.almessa.net.eg/
نشرت فى 2 مايو 2011
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,795,005
ساحة النقاش