كتب:طارق الشيخ
روبرت زوليك أحد ابرز صقور الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش الابن والرئيس الحالي للبنك الدولي يبدي منذ سنوات اهتماما واضحا بالشرق الأوسط ومشكلاته وهو ما دفعه مؤخرا لطرح رؤيته حول مستقبل المنطقة في ظل الموجة الثورية التي اجتاحت جنباتها.
وكانت ازمة البطالة بين الشباب وسبل مكافحتها من ابرز ما تناوله, بل وذهب الي ما هو ابعد حيث قدم ما يمكن وصفه بـ'الوصفة' او'الروشتة'لعلاج تلك المشكلة التي كانت المفجر الأساسي للثورات التي تجتاح المنطقة حاليا.
فخلال الاسابيع القليلة التالية علي اندلاع ثورات الشرق الأوسط كانت الحركة محمومة داخل مقر البنك الدولي, فالكل يبحث عن إجابات لحزمة من الأسئلة المتعلقة بموجة الثورات الشرق أوسطية واسباب اندلاعها وأهدافها وكيفية انتقالها من دولة لأخري بسرعة فاقت انتقال النار في الهشيم.
وتم اتخاذ قرار بعقد مؤتمر بالبنك الدولي للاستماع للأصوات العربية من خلال جماعات شبابيةوجماعات نسائية. وكان اول سؤال تم طرحه علي المدعوين هو..ماذا تريدون وجاء اول مطلب علي قائمة الرغبات والأهداف..'نريد الفرص والعدالة والوظائف' أما اخر مطلبين فكانا العيش بكرامة والحصول علي الاحترام..وهما من نتاج الحصول علي فرص عمل جيدة بأجر ملائم.
وعندها تهلل وجه السيد زوليك فقد علم لتوه انه يسير في الاتجاه الصحيح.فخلال الإجتماعات السنوية للبنك في عام2007 أشار زوليك الي ان الدول العربية تعد:'مركز التجارة والعلم, وهو ما يشير إلي وجود إمكانات وقدرات يمكن الاستفادة منها إذا استطاعت تخطي الصراعات والحواجز التي تعوق تحقيق النمو والتنمية الاجتماعية.'محذرا من انه:'بدون تحقيق النمو علي المستوي الجماهيري العريضفإن تلك الدول ستعاني من توترات اجتماعية ومن أعداد كبيرة من الشباب والشابات غير القادرين علي العثور علي فرص العمل.'وهو ما حدث بالفعل فلم يكن غالبية مفجرو الثورات العربية الاخيرة سوي الشباب الباحث عن فرص عمل بلا أمل.
وكان التحديث في المؤسسات جزئيا وسطحيا فلم يؤت ثماره.وأعاقت جهود الإصلاح من القمة إلي القاعدة مشاركة الجمهور أو الشكوي من المظالموتم التخلي عن الأشكال التقليدية للحوارات المجتمعيةوأصبحت النخب الحاكمة منعزلة.
وسعت حكومات دول الشرق الأوسط إلي التعامل مع ارتفاع معدلات البطالة عن طريق استخدام مزيج من التدابير والسياسات منها القمع السياسي والتوظيف بالقطاع العام وتقديم الدعم لأسعار الغذاء والوقود وغيرهما من المواد والسلع الضرورية.ولم تنجح تلك التدابير إلا في تأجيل موعد الانفجار.
ورصدت الإحصائيات ان متوسط استثمارات القطاع الخاص لا يزيد علي نحو15% فقط من إجمالي ناتجها المحلي, وهو ما يعني ان الأعداد الكبيرة من الشباب الباحث عن الوظائف في المنطقة لن يجد أمامه سوي الالتجاء إلي الحكومات, حيث تقل الوظائف الجديدة واشارت تقديرات منظمة العمل الدولية إلي أن معدل البطالة في الشريحة العمرية15-24 عاما في منطقة الشرق الأوسط يقدر بــ25% وكان البديل هو..النزول إلي الشارع.
خطة زوليك
ومؤخرا قدم زوليك خطته لمكافحة البطالة في المنطقة والتي تعتمد علي عدة عناصر وخطوات.
أولا: الإصلاحات السياسية لا تقل في اهميتها عن توفير الموارد المالية علي ان تتم الإصلاحات الفعلية بعد حوار مجتمعي يشارك فيه جميع شرائح المجتمع, وفي مقدمتها شريحة الشباب.
ثانيا: أن تتسم الإصلاحات بالشفافية والسرعة.
ثالثا: وضع حلول متكاملة تغطي المدي القصير والمتوسط والطويل. فالمدي القصير يعطي اولوية تطبيق حلول ذات نتائج سريعة لبناء الثقة وحشد التأييد السياسي. وهو ما يعني القيام بمشروعات قصيرة المدي كثيفة العمالة, مع التأكد من عدم تسبب المشروعات الجديدة في زيادة ترهل القطاع العام المتخم أصلا وألا تحد الوظائف الجديدة التي ستوفرها تلك المشروعات من إمكانية خلق القطاع الخاص لفرص العمل في المديين المتوسط والطويل.
رابعا: يمكن لتدابيرمثل: الحد من الإجراءات الروتينيةوتسريع إجراءات إصدار التراخيص وإصلاح قوانين شهر الإفلاس وتخفيف أوجه الجمود لدي الهيئات التنظيميةأن تحقق نتائج ملموسة في توسع سوق العمل.
خامسا: سد الفجوة بين المناهج التعليمية ومتطلبات سوق العمل.... وفي النهاية فإن زوليك يؤمن بأن نماذج النجاح في بعض الدول العربية ستدفع باقي الدول لأن تحذو حذوها فعلي حد قوله:'هناك العديد من الطرق لتحقيق الرخاء والازدهار لكن يتعين السير في إحداهالأن التقاعس عن القيام بما يلزم لا يؤدي إلي شيء'..ولكنه ايضا وقبل كل شئ لاينسي رغبته الجامحة في توسيع دائرة اعماله بالمنطقة.
ساحة النقاش