قدمت دراسة بعنوان "الحل الإسلامي لمشكلة الفقر" للباحث إبراهيم سند إبراهيم الأستاذ المساعد بكلية دار العلوم، عدة وسائل طرحها الإسلام لمحاربة الفقر وهي: الزكاة، العمل، الصدقات، الكفارات، الإنفاق فى سبيل الله.
يعرض الباحث تفصيلياً في دراسته كيف يمكن لكل وسيلة من هذه الوسائل أن تساهم في حل مشكلة الفقر في المجتمع، فالزكاة شرعها الإسلام لسدِّ حاجة الفقراء والمساكين والغارمين وابن السبيل؛ ولإقامة المصالح العامة للمسلمين، والهدف الأوَّل للفريضة هو إزالة الفقر،وذلك بتمليك مستحقيها من الوسائل التي تحميهم من التردِّي في الفقر، وتنقلهم من الكفاف إلى الكفاية ،والزكاة لا تحارب الفقر بمعونة مؤقتة أو دوريَّة، وإنما بوسيلة وقائيَّة توسع فيها دائرة التمليك وتكثر عدد الملاك، وذلك بتمليك كل محتاج ما يناسبه ويغنيه.
والعملَ هو السلاح الأوَّل لمحاربة الفقر، وهو السبب فى جلب الثروة، وهو العنصر الأوَّل فى عمارة الأرض الَّتى استخلف اللهُ فيها الإنسان، والأصل فى الشَّريعة الإسلاميَّة أن يُحارِبَ كُلُّ امرئٍ الفقر بسلاحِهِ، وسلاحه هو السَّعىُّ والعمل.
وجعل الاسلام التّصدُّق من أكبر القربات، وأعظمها أجراً، وجعل اكتناز الأموال وعدم إنفاقها فى سبيل الله من كبار المعاصى، والصدقة مطهرة للمال ومقصد الصدقات هو ربط قلوب المؤمنين برباط الحب الأُخوى؛ ليقومَ التَّعاون بين الجميع فى أعمال العمران، ومحاربة الفقر.
كما جعل الاسلام الكفارة من أبواب معالجة الفقر ولم يقصر ذلك علي الزكاة والكفارة هي: ما يكفر به الإثم، وسميت الكفارات بهذا الاسم؛ لأنها تكفر الذنوب وتمحوها وتسترها فقد عمد الإسلامُ إلى طائِفةٍ من الجرائم والخطايا التى يكثر حدوثها وجعل كفَّارتها إخراج الأموال والتَّصدُّق بها على الفقراء، ولا شَكَّ أَنَّ هذه الكفَّارات الماليَّة مآلها إلى الفقراء الذين ينتفعون منها فى سد رمق الجوع، ومحاربة الفقر عندهم.
ويتناول الباحث في فصل أخر من الدراسة تحت عنوان"معاملات حرمها الاسلام لمحاربة الفقر" عدد من المعاملات التي حرمها الله علي الانسان المسلم لمحاربة الفقر وهي:تحريم الإسلام للربا، وتحريم الإسلام للكسب الحرام، وتَحْرِيمُ الإسلام للغِشِّ فِى المُعَامَلات، وتَحْرِيمُه لكَنْزِ المَالِ، وتحريم السؤال، وتحريم الاحتكار، ثُمَّ تحذير الإسلام من البخل.
فالرِّبا بلا شكٍّ ينشرُ الفقر بين أفراد المجتمع؛ لأنَّ الإنسانَ الذى يطلب الدَّين هو بلا شكٍّ محتاج لهذا الدَّين، فلا يحمِّله الإسلام فوق طاقته وقدرته، فحرَّم الزيادة الرَّبوية - التى يستغلها أصحاب الأموال- ؛ حتَّى لا يزداد الدَّائن فقراً فوق فقره، وحاجةً فوق حاجته.
كما أوصد الاسلام بتحريمه للكسب الحرام أهم الأبواب التى تؤدِّى عادةً إلى تضخُّمِ الثَّروات فى يدِ بعضِ الأفراد، وانتشار الفقر فى الأكثريَّة الغالبة من الأفراد، وحرَّم الإسلامُ أعمالَ الغصبِ والسلب والسرقة والنصب والمقامرة والربا وما ينشأ عنها من مكاسب مالية, واتخذ إزاء ذلك العقوبات الرادعة, وفي ذلك إلزام لأفراد المجتمع في البحث عن الكسب المشروع.
ومن مبادئ الإسلام الترهيب من التسول والاحتيال على الآخرين، فالإسلام يغرس فى نفس المسلم كراهية سؤال الناس، وتربيتهم على علو الهمة وعزة النفس، والترفع عن الدَّنايا.
والأصل في سؤال الناس الحُرمةُ، لما في ذلك من تعريض النفس للهوان والمذلة، فلا يحل للمسلم أن يلجأ للسؤال إلا لحاجة تقهره على السؤال، فإن سأل وعنده ما يغنيه كانت مسألته خموشًا في وجهه يوم القيامة.
وفي فصل ثالث بالدراسة بعنوان "دور التكافل الاسلامي في محاربة الفقر "بيَّن الباحثُ قيمة التكافل الاجتماعى، وأثرهُ فى محاربة الفقر، فالتكافل الاجتماعي يحقق للطبقات العاملة والفقيرة والعاجزة في المجتمع كرامة الحياة، بما يضمن لهم حاجاتهم الأساسية ويمنع عنهم ذل الحاجة والفقر والعجز، وقسَّم كفالة المجتمع للفقراء المحتاجين إلى قسمين: كفالة الأرحام والأقارب ، كفالة الأخرين كالفقراء والمساكين والأيتام، إضافة الى كفالة الأرامل والمطلقات، وغيرهم من المحتاجين.
ساحة النقاش