كتبت ـ سوسن الجندي:
لم تكن المرأة المصرية في غالبية تاريخ مصر المكتوب ومنذ عهد الفراعنة غائبة عن صناعة الحياة السياسية بل كانت غالبا محركا رئيسيا لها إيجابا أو سلبا.
وسواء كان هذا التحريك عن طريق التدخل السياسي المباشر أو المساهمة في التغيير العقلي للسياسات ، وسواء جاء هذا التغير بصورة صدامية ثورية أو من خلال تحريك أ فكار ومفاهيم المجتمع كما يقول د. حسن السعدي أستاذ التاريخ بجامعة الاسكندرية فإن المرأة قد مارست وزرعت في أبنائها بذور الثورة بنوعيها السياسي والفكري منذ القدم مشيرا إلي ان زوجات الحكام ومنذ مصر الفرعونية كن دائما صاحبات آراء سياسية وفكرية مستقلة ويحاولن الاستفادة من نفوذ الملوك, كما أظهرن تمردا شديدا علي الأفكار والمعتقدات التي حكمت أدوار المرأة منذ العصور القديمة مثل نفرتيتي ويعرض التاريخ بين أوراقه العديد من مؤامرات النساء في مختلف العصور لعل أشهرها مؤامرة ايمتث من الأسرة السادسة للوصول إلي العرش.
لكن وعي المرأة السياسي, كما يقول دكتور حسن السعدي قد سبق وعيها وممارستها للحقوق السياسية بسنوات طويلة, فيذكر التاريخ دور السيدات في مقاومة هجمات الفرنسيين علي جزيرة فيليد حيث كن يلقين بالرمال الحارقة في وجه الجنود الفرنسيين لإعاقتهم عن التقدم لاحتلال الجزيرة.
ولعل أهم ما يذكر للمرأة المصرية هو سبق وعي بنت البلد عن وعي الهوانم وفي الأقاليم قبل العاصمة حيث تم عقد أول مؤتمر نسائي مصري في حمام برشيد عام 1799 لمناقشة سوء معاملة الرجال للنساء لتكون هذه هي أول ثورة نسائية علي مستوي العالم تقوم بها النساء علي خلفية حقوقية, والغريب ان اهتمام المرأة المصرية بقضايا المنطقة السياسية الخارجية قد سبق مطالبتها بحقوقها وأن دراسة تاريخ الصالونات السياسية للنساء يكشف ان وعي المرأة بقضية فلسطين مثلا قد سبق ممارستها لحقوقها السياسية ومطالبتها بالحقوق.
ومن المدهش تاريخيا أنه بينما اقتصر الالزام علي تعليم المرأة ما بين عامي 1873 و 1921 علي المرحلة الابتدائية إلا انها أصرت علي استكمال تعليمها حتي ان عام 1925 شهد اشتراك أول جامعيتين مصريتين في البعثات التعليمية الخارجية وهما سعاد فريد وفردوس هلباوي هذا في الوقت الذي لم تكن المرأة تمارس حقها في التصويت والذي لم تنله إلا عام 1951, وبعد أن قامت عضوات من جمعية بنت النيل بالاعتصام أمام البرلمان للحصول علي حق التمثيل البرلماني للسيدات مما شجع طه حسين علي منحهن حق التعليم في المدارس العليا.
ساحة النقاش