إحياء التراث الإسلامي .. من أجل حاضر الأمة ومستقبلها
بقلم :د.خالد عزب
[email protected]

في ظل الجهل الذي يحيط بتعاليم الاسلام الصحيحة لدي المسلمين اليوم والصورة السلبية الموجودة لدي الغرب عن الاسلام. كان من الضروري العمل علي إحياء التراث الاسلامي. وهو مشروع ضخم لا يمكن أن تتبناه إلا مؤسسة ثقافية ضخمة مثل مكتبة الاسكندرية وهو ما تم بالفعل حيث تعمل المكتبة حاليا علي مشروع خاص بإعادة نشر مختارات من التراث الاسلامي في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين التاسع عشر والعشرين الميلاديين. في شكل مطبوع إلكتروني علي الانترنت. باللغة العربية. اضافة إلي ترجمة تلك المختارات إلي اللغتين الانجليزية والفرنسية.
نبعت فكرة هذا المشروع من الرؤية التي تتبناها مكتبة الاسكندرية بشأن ضرورة المحافظة علي التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفة. والمساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيدا لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري.. وتلك من أهم وظائف المكتبة التي اضطلعت بها. منذ نشأتها الأولي وعبر مراحل تطورها المختلفة وانطلاقا من هذه الرؤية. فكرت مكتبة الاسكندرية في إعادة إصدار مختارات دالة علي فاعلية التراث الاسلامي النهضوي الاصلاحي. الذي ظهر في تاريخ أمتنا الحديث. علي مدي القرنين الأخيرين.
والسبب الرئيسي لاختيار هذين القرنين هو وجود انطباع سائد غير صحيح. وهو أن الإسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة. ولم تتجاوزها. في حين أن استعراض وثائق هذه المرحلة يشير إلي غير ذلك. ويؤكد علي أن عطاء المفكرين المسلمين وإن مر بمد وجزر فإنه تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة. بما في ذلك الحقبة الحديثة والتي تشمل القرنين الأخيرين.
يهدف هذا المشروع إلي تكوين مكتبة متكاملة ومتنوعة تضم مختارات من أهم الأعمال الفكرية لراد الاصلاح والتجديد الاسلامي خلال القرنين الهجريين الأخيرين وتسعي المكتبة لإتاحة هذه المختارات للشباب بصفة خاصة وللأجيال الجديدة بصفة عامة. وتمكينهم من الاطلاع عليها ورقيا وإلكترونيا عبر شبكة المعلومات الدولية "الانترنت".
إننا نأمل من خلال هذا المشروع في أن نسهم في إتاحة مصادر معرفية أصيلة وثرية للأجيال الصاعدة من شباب هذه الأمة داخل أوطاننا وخارجها. وللمهتمين بقضايا الفكر والفلسفة والسياسة عامة. ولأولئك الذين ينكبون علي بحث الأزمات السياسية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية والنفسية التي تمر بها البشرية في اللحظة الراهنة.
إن محاولات التغلب علي هذه الأزمات وبخاصة في عالمنا العربي والاسلامي من داخل الرؤي الغربية وحدها لم يعد مجديا. وقد باءت بالفشل حتي الآن كل الجهود التي اقتصرت علي هذه الرؤي فقط. دون اعتبار لثقافات الشعوب ورؤاها وذلك رغم تعدد الرؤي الغربية وجدية البعض منها. ونحن نعتقد أن الحل يجب أن يأتي من الداخل ومن الخارج معا. اعترافا بالتراث الانساني المشترك. رغم تنوع الهويات وتعددها.
وهنا تقع المسئولية الكبري علي الفكر الاسلامي الذي عليه أن يعمل علي تقديم نموذج حضاري يسهم في خروج أمتنا من حالة التراجع التي تعيشها. ويؤكد في الوقت ذاته أهمية التعاون فيما ينفع البشرية. وحتي يعلم الجميع أن التاريخ لم يصل بعد إلي نهايته.
ومن أهداف هذا المشروع أيضا. الاسهام في تنقية صورة الاسلام من التشوهات التي تلصق به. وبيان زيف كثير من الاتهامات التي تنسب زورا إلي المسلمين. ومن هنا جاءت أهمية ترجمة هذه المختارات إلي الانجليزية والفرنسية. ومن ثم توزيعها علي مراكز البحث والجامعات ومؤسسات صناعة الرأي في مختلف أنحاء العالم وقبل ذلك إتاحتها لشباب المسلمين من غير الناطقين بالعربية.
إن هذا المشروع يسعي للجمع بين الإحياء والتجديد والابداع والتواصل مع الاخر وتتوافر في المشروع جميع أركان الدقة والضبط والمراجعة كما تتم كتابة تقديم واف في بداية كل كتاب. وفق منهجية علمية صارمة. تسهر علي تطبيقها نخبة متميزة من العلماء والباحثين.
إن قسما كبيرا من كتابات رواد التنوير والاصلاح في الفكر الاسلامي الحديث. خلال القرنين الأخيرين. لا يزال بعيدا عن الأضواء. ومن ثم لا يزال محدود التأثير في مواجهة المشكلات التي تواجهها مجتمعاتنا اليوم وربما كان غياب هذا التراث الحديث سببا من أسباب تكرار الأسئلة نفسها التي سبق أن أجاب عليها أولئك الرواد.
إن من أوجب مهماتنا. ومن أولي مسئولياتنا في مكتبة الاسكندرية أن نسهم في توعية الأجيال الجديدة من الشباب في مصر وفي غيرها من البلدان العربية والاسلامية.
وقد انتهي فريق العمل في المشروع بالفعل من إعداد 12 تقديما لكتب كي تكون جاهزة لإعادة إصدارها.
وهي مجرد بداية يعقبها مجموعة أخري من الكتب التي من المقرر تقديمها علي مراحل حتي تعم الفائدة المرجوة من المشروع.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 264 مشاهدة
نشرت فى 3 فبراير 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,624,721