ميرفت عبدالتواب
يغفل بعض الآباء تعليم الطفل أن الأشياء التي يرغبها لها حدود.. وكل ما يطلبه ويتمناه ليس بالضرورة أن يتحقق ويستجاب لمجرد الصراخ أو التودد لأحد الوالدين,
علما بأن الأطفال يفهمون كل شيء, ويعرفون مقدار حب والديهما لهم, فكيف نتعامل مع الأطفال؟
معظم الآباء للأسف لا يعرفون الأسلوب الأمثل لمعاملة الأبناء برغم ثقافتهم, ويعتبرون أن الإغداق عليهم صورة من صور الحب, ويجهلون أن للرغبات سقفا محددا. هذا رأي الدكتور سميح فهمي أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة, مشيرا إلي أن نتيجة التدليل الزائد هي شاب مستهتر شديد الأنانية, لأنه لم يتعود منذ صغره علي أن الأشياء ليست ملكه بمجرد رغبته فيها و الاستمتاع بلذة امتلاكها, مما يصعد في نفسه الرغبة في الحصول علي اللذات مهما كانت الوسيلة, فيعاني في مرحلة المراهقة والشباب من الإدمانية لكل رغباته, وحين يتخرج ويعمل إما أن يفشل أو يصطدم بغيره في عدوانية, أو أن يرفضه المحيطون به ويتطاولون عليه بإلقاء ألقاب سخيفة.. البعض يكون منافقا لغيره لاستسهال الحصول علي ما يريد حتي لو بطريق غير مشروع, كل ذلك نتيجة تحقيق الآباء لكل طلبات ورغبات الصغير دون أن تنمو فيه عادة إشراك غيره في لعبته أو شيء يمتلكه, وتجاوزهم عن كل عيب دون توجيهه, بدعوي الحب الزائد والاهتمام, حيث يسيطر الصغير علي والديه بالصراخ لشراء لعبة, ثم الزن المستمر والتودد لأحد الوالدين, فيحقق للطفل ما يريده فتنمو داخله الأنا, وتتضخم, لأنه يشعر بأن كل العالم المحيط به مستعد لتحقيق رغباته, ويدرك جيدا أن قليلا من الملاطفة تساعده علي تنفيذ سياسته, فيتقدم في مراحل العمر بهذه الروح ليفاجأ بأن الأيام تستقبله بإخفاقات لا يحتمل مواجهتها وصدماتها, لذلك يجب ألا نعد الطفل بما ليس في مقدورنا, لأن الابن يجب أن يتعلم أن المال له قيمة, وإنفاقه له أولويات, وأن مصروفه يمكن الاقتصاد منه لشراء ما يرغبه, وأن الحفاظ علي ما يمتلكه ضرورة, لكن ممكن مشاركة الغير في لذة اللعب معهم لا الاستحواذ فقط, فقد يفوت علي الوالدين أن تقديم كل ما هو مرغوب بصورة سهلة ميسورة دون أي عناء يجعل في أعناق أبنائهم أحجارا تثقلهم في قادم أيامهم حيث لن يجدوا فيها أبا أو أما يحملان عنهم آلام وعقبات الأيام.
وحذر د. سميح فهمي الوالدين من التدليل الزائد لأنه كالعنف الشديد, وكلاهما مر ونتائجه أبناء بلا شخصية, أنانيون.. مستهترون.. يتميزون بالنفور من الغير, أو يتعاملون بشراسة مع من يعترض طريقهم, وتشجيع الوالدين الحقيقي هو الذي يوصله للحصول علي كل ما يريده بشرط العمل والكفاح لا الاتكال والاستسهال.
وطالب الوالدين بتعليم الأبناء أن السيطرة بالصراخ لا تؤدي لأي نتيجة إلا الإخفاق, وأن أي عمل يقوم به الإنسان لابد من أن يقابله استحسان الآخرين ورضاهم, لأن كل ما هو مشروع مقبول من الجميع.
ساحة النقاش