من المفترض أن يلعب الشات والفيس بوك دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بين الأجيال وخاصة الشباب في مختلف البلدان وبين جميع الديانات.. لكن الذي يحدث الآن هناك حروب أخري أكثر شراسة تدار معاركها علي أرض الشبكة العنكبوتية في هدوء شديد لكنها تصب النيران علي الزيت لتزداد المشكلات اشتعالا.
هذا ما يحدث الآن في حوارات الفتنة الطائفية علي المواقع.. فهناك من المسلمين والاقباط من لا يدركون خطورة الحوارات الانفعالية والعبارات التحريضية علي الفتنة بين ابناء الوطن الواحد.. لتترك هذه الحوارات شروخا أعمق ربما تبتلع هذه الشروخ جيلا كاملا من الشباب المتردد علي المواقع والذي يبلغ أكثر من3 ملايين شاب مصري بمختلف عقائده مما يهدد بفتن لا يمكن السيطرة عليها لأنها الكترونية.
وطن واحد.. شعب واحد
وقبل أن نبدأ بمن يثيرون الفتن نؤكد أن هناك مواقع تنتهج الوسطية والاعتدال.
مثل موقع كلنا مصريون
وهو واحد من المواقع المعتدلة والتي تقف في وجه المواقع الاسلامية والمسيحية المتطرفة والتي تدعو إلي أحداث خلل في العلاقة بين أبناء الوطن الواحد, وعلي حسب قول تامر حبيب عوني أحد مؤسسي هذا الموقع يؤكد أننا أبناء وطن واحد وأن هناك عقيدة يجب أن نؤمن بها مفادها أن هناك عدوا مشتركا متربصا بمصر والمصريين مسلمين ومسيحيين, ويهدف إلي أحداث الفتنة التي تؤثر سلبا علي أحوال البلاد.
ونحن في هذا الجروب الذي يضم الألف من المسلمين والمسيحيين أصحاب الرأي المستنير أتفقنا أن نجعل الشعار الأول للجروب وطن واحد.. شعب واحد.. ونقوم فيه باستخدام العقل والمنطق في تحليل الأحداث التي يمكن أن تحدث لبسا في قضية المواطنة والوطنية.
ويضيف عادل ابراهيم أحد أعضاء الموقع أن هناك قضايا مختلفة استطاع الموقع معالجتها مثل قضية نجع حمادي والتي طرحت للنقاش واستقر الرأي أنها حادثة هامشية وفردية لا يمكن تعميمها ويجب القفز فوق ذلك الحاجز بسرعة جدا. وهناك أيضا العديد من المشاكل التي تمت أثارتها وحلها بهدوء.
ويضيف محمد مرسي أحد أعضاء الجروب أن ما يحدث في مصر ليس فتنة طائفية ولكن هناك مشاكل حياتية تحدث بين المسلم والمسلم والمسيحي والمسيحي, فما الغريب أن تحدث بين مسيحي ومسلم لماذا تتحول إلي فتنة طائفية فهناك أيد خفية تلعب في حياة المصريين. هناك موقع آخر تحت عنوان أنا مسيحي ويضم أكثر من99 ألف عضو يستهل صفحته الرئيسية حداد علي ارواح شهداء الاسكندرية.. لن نقبل تهاني.. لن نقبل أي اعتذار الله المنتقم الجبار.
اضطهاد منظم
الموقع يعرض كليبات للحادثة وعليه مجموعة من التعليقات مثل كيمو الذي يقول ياريت منبقاش ساذجين ونجري وراء اشاعة هدفها تضليل الرأي العام وتحويل الموضوع لمجرد محاولة انتحار مش اضطهاد منظم للكنيسة.
وأضاف ياجماعة دي قنبلة كبيرة في ميعاد معين وكان فيه عربيتين تانيين أمام الابواب الأخري.. وهذه دعوة لتأجيج المشاعر واتهام موجه للدولة وللمسلمين بالتآمر مع الوضع في الاعتبار أننا جميعا نعيش حالة عزاء للضحايا.
وهناك فيديو آخر وضعه شخص اختار أسما وهميا أنا مسيحي عن الانفجار ووضع عليه سؤال هل هناك علاقة بين صاحب جروب أول حالة انتحار في2011وتفجير كنيسة الاسكندرية؟ وعليه سيل من التعليقات من أعضاء الموقع فمثلا جورج نبيل يقول دول عاوزين يوهموا الناس أنه عمل عادي, وأن وراءه خلية إرهابية وتنظيم وعارف هو بيعمل ايه كويس.. وهذا كلام خطير لاننا في بلد مؤسسات وهناك تحقيقات تجري الآن من أعلي الجهات.
أما بيتر ماهر فيري أن اللي عمل ده لازم يكون مات في التفجير علشان ما حدش يتم حسابه أفهموا بقي الحكاية واضحة علشان ماكانش ينفع يطلع مختل عقليا تاني.. أحسن يبقي ميت أفهموها بقي. هذا بالاضافة إلي وجود عشرات الفيديوهات التي يحملها الموقع الذي أزدادت عليه طلبات التصويت وطلب الاشتراك نتيجة لارائه المتشددة والغريب أن كل الفيديوهات التي تعرض علي هذا الموقع لاتحض الا علي الفتنة والبلبلة أما الأصوات العاقلة فهي قليلة جدا.. والجروب يمكن ان تشاهد فيه أشعار أيضا.
مثل ماريو ماهر الذي يرد علي عضو آخر كتب عادي قول عمر دم القبطي رخيص وهذا ليس بصحيح لأن مصر تعيش فعلا حالة إخاء حقيقي.
دعوة للانتقام
أما موقع اضطهاد الاقباط في مصر فهو موقع آخر علي الفيس بوك يستهل صفحته الأولي بشعر يدعوا الي الثورة علي كل ما هو مسلم.. لحد امتي حقنا هيضيع والبلد بتاعتنا, لحد أمتي كل عيد يموتوا أولادنا, مش هنسكت علي اللي بيحصل فينا.
دماء الاقباط ليست رخيصة
وهذا الموقع يبدو أن هناك شبه تعاون تام مع قناةCTV واحدة من القنوات المحرضة والمحفزة علي اندلاع ثورة بين المسلمين والمسيحيين في مصر من خلال عرضها لتقارير فهي القناة الوحيدة التي عرضت ووزعت فيديوهات الحادث علي المحطات المختلفة بدلا من أن تتفرغ للمعالجة الموضوعية.
مصر بلدنا
وهناك جروب آخر ظهر مؤخرا يحمل اسم مصر لينا كلنا ويهدف إلي أن يسمع كل منا الآخر.. وأن يسمح للآخر بمساحة من الحرية يقول فيها رأيه ويعبر فيها عما يضايقه في الوطن الكبير الذي يتحمل ان يكون ساكنوه من أطياف وأديان مختلفة والجروب يدعو كل المسلمين والمتعصبين والمتشددين إلي أن يفتحوا حوارا مع الآخر وأن يعطوه حقه في العبادة واقامة طقوسهم وصلاوتهم بحرية دون مساس لان هذا هو الدين الاسلامي السمح.. الجروب يضم نحو4500 عضو من المسلمين والمسيحيين والمطالبين بالتعايش مع المسلمين في وطن يمكن أن يسع الجميع. وفي تعليق علي ما تسببه هذه المواقع من بلبة.. يقول: محمد عبدالعزيز أستاذ القانون بجامعة أسيوط المتخصص في قضايا النشر أن هناك حربا شعواء يشنها الشباب عبر الانترنت علي الفيس بوك والانترنت وتشارك فيها الفضائيات المسيحية والاسلامية علي حد سواء فعلي الانترنت وخصوصا الفيس بوك هناك جروب عناوينها مستفزة وتدعو إلي الفتنة وكلها تتحدث عن الاضطهاد بين المسلمين والمسيحيين مثل حروب أضطهاد الاقباط في مصر والذي يحمل فيديوهات.. وأخبارا.. ومقالات واخبارا مشكوكا في صحتها واشارات تدعو إلي الفتن.
وفي المقابل هناك جروبات لشباب مسلمين قاموا بالرد فيها علي أدعاءات البعض علي الاسلام والمسلمين وعلي الفيديوهات التي تنشر علي المواقع المختلفة من الاخوة الاقباط لانه من غير المعقول أن لا يرد فهذه هي روح الشباب بأخبار ومقالات وفيديوهات ايضا يشوبها الكثير من الشك في مصادرها مما حرك الغيرة بين الطرفين علي دينهم.
ويضيف محمد عبدالعزيز أن الغريب أن مؤسسي هذه المواقع يكونون غير معروفين ولا يكتبون تليفوناتهم ولا عناوينهم ولا تعرف جنسياتهم ولكنه بغرابة شديدة تجد أن كل جروب يحمل الآلاف من المصريين من المسلمين والمسيحيين المتربصين بعضهم ببعض دون تفكير أو عقلانية.. والخوف كل الخوف أن تكون هذه هي الفتنة النائمة التي سوف تأتي لمصر من الانترنت.. واعتقد أن ظهور أي فيديو من الجانبين في النقاط الحساسة مثل اعتناق دين, أو قصة حب مصورة, أو هدم كنيسة أو اعتداء علي مسجد كفيل هذا الفيديو المجهول والقادر علي الانتشار بسرعة الصاروخ أن يحول مصر إلي ساحة قتال بين المسلمين والمسيحيين بلا أي داعي.
والحل في زيادة الرقابة علي تلك المواقع وغلق المتعدي منها من قبل الجهات المسئولة.
ساحة النقاش