لقد أسمعت إذ ناديت حياً

*******************

    بيت الشعر أعلاه شاع بين الناس وتداولوه فيمن لا فائدة ترجى من نصيحته اشتهر به الشاعر الفارس عمرو بن معدي كرب بن ربيعة الزبيدي، الذي عاش بين 525 ـ 642م،

     وهناك قصة تروى كان في إحدى المدن تاجرٌا كثير المال، ولم يكن في المدينة كلها أغنى منه، وكان له ولدٌ وحيدٌ ماتت أمه وهو طفلٌ صغير؛ فلم يتزوج من أجله وأغدق عليه المال والدلال حتى أفسده !!!

    وكان الأب كثير الصدقة وعظيم الإحسان، وكان هناك رجلٌ فقيرٌ يأتي للأب في السوق كل صباحٍ؛ فيُعطيه الأب كسراتٍ من خبز فطوره فيجلس بجوار محله ويأكلها ويحمد الله وينصرف ..

    وحدث أن مرض الأب مرض الوفاة، وخاف على ابنه أن يُضيع كل شيء وأن يُضيع حتى نفسه !!!!!! حاول معه نصحه وعظه أرسل له من ينصحه دون جدوى !!!!!!!!

    كان لدى الابن مجموعة من الصحاب ملتفون حوله يأكلون ويشربون ويلهون وينفقون على حسابه ويزينون له سوء عمله ويصمون أذنه ويعمون عينيه !!!!!لأن بقاء الابن على هذه الحالة فيه فائدة عظيمة لهم !!!!!!!!! وكان الأب ينصح .. يحاول ... يعظ دونما جدوى ..

كان صوت الرفاق أعلى من صوته بكثير !!!!!!!

    ولما شعر الأبُ بدنو الأجل استدعى أخلص خدمه وأمرهم أن يفتحوا مجلس القصر وأن يقوموا ببناء سقفٍ جديدٍ للمجلس تحت السقف القديم

فأصبح مابين السقفين كأنه مخزن !!!!

    وأمرهم أن يصنعوا في السقف الثاني بوابة ويضعون فيها سلسلة حديدية إذا سحبت للأسفل تنفتحُ البوابة جهة الأرض ..

 

وأمرهم بأن يأخذوا كمية كبيرة من ذهبه ويضعوها خلف هذه البوابة مابين السقفين !!!!!!!!!! وألا يُخبروا بذلك أحداً...

وفعلاً تم له ما أراد ..

واستدعى ابنه ذات ليلة وأعاد الكرة في النصح والوعظ والإرشاد والتوجيه ولكن :

لقد أسمعـت لـو ناديـت  حيـا    ًولكـن لا حيـاة لمـن تـنـادي

ونار لو نفخـت بهـا  أضـاءت    ولكـن أنـت تنفـخ فـي رمـاد

وَليسَ يُعابُ المرْءُ من جُبنِ  يوْمِهِ    إذا عُرِفَتْ منه الشجاعة ُ  بالأمسِ

فلو أنَّ قومي أنطقتْنـي رماحُهـم    نَطَقْتُ، ولكـنَّ الرمـاحَ أجَـرَّتِ

قد نِلْتَ مجداً فحـاذِرْ أنْ  تُدَنِّسِـهُ    أبٌ كريمٌ وجَـدٌ غيـرُ  مُؤْتَشَـبِ

واتْرُكْ خَلائِقَ قَوْمٍ لا خَلاَقَ  لَهُـمْ    واعْمَدْ لأخْلاقِ أهلِ الفَضْلِ والأدَبِ

وإن دُعِيتَ لغدرٍ أو أُمِـرْتَ  بـه    فاهرُبْ بنفسِكَ عنه آبِـدَ الهَـرَبِ

فـإنْ تَدْفِنـوا الـداءَ لا نُخْـفِـهِ    وَإنْ تَبْعَثُـوا الحـرْبَ لا نَقْـعُـدِ

فــإنْ تَقُتُـلُـونـا نُقَتِّـلْـكُـمُ؛    وَإنْ تَقْـصِـدُوا لِــدَم نَقْـصِـدِ

ثم قال له :

    بُنيَّ إذا أنا متُ وضاع منك كل شيء وأغلقت الأبواب كلها في وجهك فسألك الله أن تعدني ألا تبيع هذا القصر مهما حدث وتحت أي ظرفٍ من الظروف أما إذا فكرت في الانتحار وقررت وعزمت ففي المجلس الكبير سلسلة معلقة أشنق نفسك بها فتموت في قصرك ميتة سهلة مستورة !!!!!!

    لم يأخذ الولد كلام أبيه على محمل الجد واستمر في غيه ولهوه وعبثه حتى مات أبوه !!!!!!

    وظل رفاق السوء ينفقون وينفقون وينفقون واستمر اللهو والمجون والعبث حتى بارت تجارة الأب فبدأ الابن يبيع محلات أبيه الواحد تلو الآخر !!!!!!! ثم البساتين !!!!!! ثم القصور قصراً تلو قصر !!!!!!!!!!!

ثم باع عبيد أبيه وجواريه !!!!!!! ولم يبقَ إلا القصر !!!!!!!!! فبدأ يبيعُ أثاث القصر القعطة تلو القطعة وبأرخص الأثمان !!!!!!!!

 

 

وبدأ المال ينفد منه ويقل وبدأ الرفاق ينفضون من حوله الواحد تلو الآخر !!!!!

رأيت الناس قد مالوا

إلى من عنده مالُ

ومن لا عنده مالُ

فعنه الناسُ قد مالوا

رأيت الناس من فضة

إلى من عنده فضة

ومن لا عنده فضة

فعنه الناسُ منفضة !!!!!

    وبدأ الجميع في التهرب منه والاختباء عنه حتى أنه كان يذهب لهم في منازلهم فيسأل عنهم فيسمع صوت صديقه يقول لخادمه قل له :

لست موجوداً !!!!!!!!!!

    ولم يكن لديه حتى ما يقتات به !!!!!! ملابسه تمزقت !!!

نعله (( أكرمكم الله ))تقطعت !!!!!

    كل الذي كان يجده هو كسراتٍ من الخبز وبعضاً من الماء كان يُحضرها له ذاك المسكين الذي كان أبوه يُطعمه كل يوم !!!!!!!!!فضاقت به السبل وأُغلقت في وجهه جميع الأبواب وضاقت به الأرض بما رحبت 00فقرر الانتحار !!!!!!!!!

فتذكر كلام أبيه وتلك السلسلة في المجلس الكبير في القصر00وفعلاً قام وأحضر صندوقاً خشبياً ودخل المجلس الكبير ووقف تحت السلسلة، وصعد فوق الصندوق وربط السلسلة حول عنقه وأزاح بقدمه الصندوق بسرعة فائقة ليسقط مشنوقاً فيموت ميتة سهلة مستورة فيرتاح من الدنيا وكدرها !!! وفعلا أزاح الصندوق برجله وسقط إلى الأرض متدلياً بالسلسلة حول عنقه ولكنه لم يمت فتحت البوابة السرية في السقف الثاني وانهال الذهب عليه حتى أغرقه !!!!!!! فرح بالذهب فرحاً شديداً ثم وضعه في الصندوق، وأخذ منه بعضه وذهب للسوق واشترى ثوبا جديدا وبعضاً من الطعام له وللمسكين الذي كان يُطعمه !!!!!!!!!وعاد إلى منزله، وبدأ في التجارة وبدأ في استرداد أموال أبيه وبساتينه وعبيده وجواريه واشترى تحفاً جديدة للقصر ..

وأصبح أغنى من أبيه بمرات ومرات !!!!!!!!!

عَلِمَ رفاق السوء بحاله وما صار إليه من عز وغنى وجاه فأرادوا العودة إلى سابق عهدهم معه !!!!!!!

    وفعلاً قاموا بصنع مأدبة ضخمة عظيمة له ودعوه إليها بدعوة مكتوبة بماء الذهب على حريرٍ أخضر !!!!!! ووعدهم بأن يجيب الدعوة !!وفعلاً حضر بكامل أبهته وزينته ومعه المسكين (( وقد أصبح مديرا لكل أعماله (( فقالوا له تفضل إلى الطعام ... فتقدم إلى الطعام وأمسك كم ثوبه بيده وأخذ يضعه في كل صنفٍ وهو يقول :

حياك الله يا ثوبي حياك الله يا ثوبي !!!!!!!!! وأراد الانصراف !!!!!!!

فقالوا له : ماذا تصنع أتضع الثوب في الطعام ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!

فقال لهم :

أنتم ما ردعتموني أنا أنتم دعوتم أموالي وملابسي وهذا ثوبي قد أجاب دعوتكم أما أنا فلا ورب البيت ...

وانصرف عنهم

 

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 2951 مشاهدة
نشرت فى 28 ديسمبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,600,894