هل هناك فرق بين الطبيب والحكيم؟ ٢٧/ ١٢/ ٢٠١٠ |
عندما كنت أسمع جدى وهو يقول «أنا رايح للحكيم» كنت أندهش من أنه يتجاهل كلمة الطبيب ويصر على كلمة الحكيم، وبعدها بسنوات عندما كنت أمر بنقابة الأطباء فى طريقى إلى كلية الطب لحضور أول محاضرة ورأيت لافتة «دار الحكمة» شامخة تطل على شارع قصر العينى زادت حيرتى أكثر وتضخمت علامات الاستفهام لدى، أثناء الدراسة فى كلية الطب تم حل اللغز وعرفت الفرق بين الحكيم والطبيب. كل حكيم طبيب ولكن ليس كل طبيب حكيماً، هناك فرق كبير بين الحكمة والتطبيب، من الممكن أن يتعامل الطبيب مع المريض كما يتعامل الميكانيكى مع السيارة فيصبح طبيباً بدرجة ميكانيكى لإصلاح الأعطاب والأعطال البشرية، يتعامل معه على أنه موتور، المريض عنده مجرد مخزن أعضاء منفصلة، رئة + كبد + طحال + قلب = مجموع إنسان، هذه هى معادلة الطبيب العادى، المريض يتحول طبقاً لهذه المعادلة إلى رقم فى ملف أو نمرة فى أرشيف، ويتم التعامل مع أوراق وأرقام التحاليل وصور الأشعات ويتم تجاهل ونسيان المريض نفسه . الحكيم يتعامل مع الإنسان، من الممكن أن يشخص المريض من طريقة حكى المريض لتاريخ المرض، هنا الحكمة والفراسة والحصافة والبصيرة لا الحفظ والصم، الحكيم ينفذ إلى الروح بأشعة حكمته، الحكيم يحنو ويطبطب ويتفاعل، الحكيم مهموم الأربع والعشرين ساعة بمريضه، لا تنقطع علاقته به بمجرد انتهاء الكشف وقبض «الفيزيتة»، يسكنه المريض، من الممكن أن يعرف مرضه من ارتعاشة جفن أو إطراقة حزن أو اهتزاز يد أو رائحة فم أو طريقة سير أو بحة صوت، هذا هو الحكيم الذى ننشده فى حياتنا وهذه هى الحكمة.. الفريضة الغائبة فى نظامنا الصحى . أسٍعدتنا جميعاً ردود الفعل تجاه ملحق «صحتك اليوم»، مما حفزنا على المزيد من التجويد، فهذا الملحق لكم وبكم، أنتم من تصنعونه باقتراحاتكم وأسئلتكم، أنتم فى هذا الملحق من سيكتب الروشتة، أما قيمة الكشف والفيزيتة التى سنحصل عليها فهى إعجابكم وتشجيعكم ودعمكم لنا. |
ساحة النقاش