. مبروك عطية يكتب: الإسلام وعلاج العمى.. لا تقتلوا هذا الرجل.. لماذا؟

١٥/ ١٠/ ٢٠١٠

هل كان المسلمون ليلة بدر، تلك الموقعة الكبرى التى سماها ربنا تعالى يوم الفرقان يعلمون بتلك الوصية، حيث أوصاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل من المشركين إن لقيه أحدهم فى ساحة القتال أن يتركه حيا، ولا يقتله، قال لهم: «من لقى منكم أبا البخترى فلا يقتله»، فلماذا؟ والجواب أنه فى زمن الحصار تسرب حكيم بن حزام ليلاً بطعام إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين المحاصرين معه فى الشعب، فمنعه المشركون إلا أبا البخترى،

قال فى وجه القوم: لابد أن تسمحوا له بالمرور، أَوَ تأكلون أنتم ولا يأكلون؟! وحين صاح أخوه أبوجهل وقال: لا لن يمر، علاه فشجّه، أى ضربه فوق رأسه، فجرحه ومر حكيم بن حزام بالطعام وهو يومئذ على شركه أيضاً، يعنى من حمل الطعام كان مشركاً، ومن سمح له بالمرور كان مشركاً وهو أبو البخترى، ومضى ما مضى من الزمان أعوام لا أيام، فقد كان ذلك فى صدر الدعوة وغزوة بدر كانت فى السنة الثانية من الهجرة، والناس ينسون، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى، خصوصاً تلك اليد التى اتخذها أبو البخترى، وربما نسيها هو أيضاً.

وقد كان.. لقيه صحابى كريم فقال له: ابتعد، فقد أوصانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا نقتلك، فقال: وزميلى هذا؟ قال: لا، ما أوصى إلا بك وحدك، فأبى أن يعيش دون صاحبه وأنشد فى ذلك:

لا يُسلم ابن حرةٍ زميله

حتى يذوق الموت أو يرى سبيله

فضرب معه، وبقى المعنى دون جدال أو خلاف بأن الإسلام يحفظ اليد البيضاء، ويقدر الجميل من الفعال، وكم للمسيحيين من يد على إخوانهم المسلمين، من طبيب عالج، ومن جار أحسن، ومن زميل أخلص، ومن كاتب منصف، ومن سائق أمين، ومن جندى حمى ودافع إلى جنب مسلم لتسلم السفينة، كما أن للمسلمين أيادى كذلك على إخوانهم المسيحيين.

ويذكر التاريخ ويفوح بعبق المودة هذا الموقف النبيل الذى كان من رسولنا وسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - حين جاء وفد من الحبشة إلى المدينة فقام النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه يخدمهم، فقال نفر من الصحابة: نحن نكفيك يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: «هؤلاء خدموا أصحابى فأنا أولى بخدمتهم»، فعلام يدل ذلك؟

إننا فى حاجة إلى دراسة مثل هذه المواقف التى تدل على نبل هذا الدين، الذى يقدر لأهل المعروف معروفهم ويحفظ لأولى الأيدى أياديهم البيضاء وإن لم يكونوا مسلمين.

لأن الدين دعوة إلى الله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وتبقى بعد الدعوة حياة، هذه الحياة رغم أنف المبغضين لن تتوقف، ولدينا من أحكام الشريعة ما يدل على استمرارية هذه الحياة، من أكل طعام أهل الكتاب «وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم» ومن كيفية التعامل معهم، من حيث البيع والشراء والجوار والمشاركة والوصية التى رآها الفقهاء من المودة بين أهل الأديان، ولو لم تكن فى الشريعة إلا الإبادة لما كان لهذه الأحكام من وجود والفقهاء ينصون على أنه من كسر صليباً لمسيحى غرم ثمنه،

مع أننا نعتقد أن رسول الله عيسى - عليه السلام - لم يصلب، فانظر إلى أى مدى كان حرص الإسلام على المسالمة واحترام الناس فيما يعتقدون، ولهم ما لنا وعليهم ما علينا، ويكفى قول النبى - صلى الله عليه وسلم: «من ظلم معاهداً أو انتقصه حقاً من حقوقه فأنا حجيجه يوم القيامة»، أى مجادله بالحجة، والحجة قطعاً ستكون عليه لا له، لأن الله يأمر بالعدل والإحسان.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 58/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 95 مشاهدة
نشرت فى 15 أكتوبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,621,816