ماما..لقب مرفوع من الخدمة
كتبت :سـعدية شـعيب
مع أن أفضل لقب تحصل عليه الأم هو ماما فإن بعض الابناء ينادون امهاتهم باسمائهم أو باسم التدليل أمام الاقارب والغرباء بل حتي في الشارع,
وقد تطلب بعض الامهات ذلك حتي يظهرن أصغر من سنهن, أو كأنهن مع اخوتهن وليس ابنائهن, فما أسباب هذه الظاهرة؟
وهل هي صحية ام لا.؟
الدكتور أحمد جندي حافظ أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس يؤكد أن هناك تغيرات اجتماعية وثقافية جديدة طرأت علي المجتمع المصري أثرت في صورة الأم التقليدية التي نعرفها والتي تفتخر بأبنائها وتعتبرهم امتدادا لها: فحتي وقت قريب كان اللقب المفضل للمرأة في الريف المصري بشكل خاص علي سبيل المثال ـ هو المصحوب باسم ابنها أم فلان وكان ينتابها الحرج والخجل الشديد عندما تنادي باسمها مباشرة أمام الغرباء, ولكن مع الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي الذي حدث في السنوات الأخيرة بدأت بعض الأمهات يطلبن من ابنائهن مناداتهن بأسمائهن مباشرة. كنوع من التقليد لثقافة مختلفة عن ثقافتنا الشرقية, ومخالف لعاداتنا وتقاليدنا. ويشير إلي أن هذا الأمر الذي يعكس دور الأم لم يعد هو الدور المحوري للمرأة المصرية ففي دراسة أجريت في منتصف السبعينيات علي عينة من النساء المصريات حصل دور الأم علي الترتيب الاول, بينما جاء دور الزوجة في الترتيب الثاني, وجاء دور المرأة العاملة الثالث ودور الأنثي الأخير, وفي المقابل أجريت مثل هذه الدراسة العام الماضي فانقلبت الصورة رأسا علي عقب فأصبح دور الأنثي الأول وتراجع دور الأم تماما وكأنها تقول: مازلت أنثي صغيرة ولاتحسبوا عمري بأولادي ونجد كثيرا من الامهات يخجلن في بعض الأحيان من الخروج مع بناتهن الكبار حتي لاتعرف أعمارهن, وتجلت هذه الظاهرة مع التقدم في الرعاية الصحية, والاهتمام الزائد بمظهرها.
ثانيا: لم تعد الأم فرحة بدورها كأم وكأنها ليست مهيأة له والدليل علي هذا ارتفاع معدلات الطلاق, وتزايد المشكلات التي ترتبط بحضانة الابناء, وأصبحنا نسمع ونقرأ عن بعض الامهات يفرطن في أولادهن بعد الطلاق.
ثالثا: لم تعد الأم منشغلة بفكرة الأمومة بعد أن تغلبت طموحات العمل علي غريزة الأمومة التي أصبحت مجرد جانب من جوانب المظاهر الاجتماعية.
أخيرا: إن المتغيرات التي حدثت لنسق القيم في المجتمع المصري أطاحت بقيمه الاصيلة وانحسرت وتراجعت قيم كنا نتفاني من أجلها من قبل وحلت محلها قيم الأنانية والمصلحة, والتمركز حول الذات والمكاسب السريعة السهلة وعدم الاهتمام بالآخر والبخل في المشاعر, والعطاء والتي انعكست وأثرت علي مفهوم الامومة الشامل العظيم بما يحمله من معاني العطاء وأظهرته بهذا المظهر السلبي بمعناه المحدود بل أثرت في كل جوانب المجتمع المصري فأصبحت الأم تقتل أبناءها والعكس صحيح وتفككت الاسرة المصرية وتناثرت شظاياها, وأوضح صور هذا التفكك وأبسطه ـ هو نداء الأم بغير لقبها المقدس لقب أمي.
وروشتة العلاج التي يطرحها د. أحمد جندي حافظ وقبل أن يستفحل الخطر ـ هي ضرورة عودة الأم الرحيمة التي تفتخر بأنها أم فلان والتي تقف رافعة الرأس فخورة بأنها ربت أبناءها وضحت من أجلهم.. الأم المثقفة المعلمة حاملة القيم التي تعتز أكثر ماتعتز بأمومتها وبأن أبناءها خير ماقدمته للوطن.
كما ندعو الأبناء إلي العودة إلي المناداة بكلمة أمي لأنها أجمل كلمة في الوجود.
ساحة النقاش