اكتشاف بروتين في سائل المخ للتنبؤ المبكر بالزهايمر
كتب:عمرو يحيي.أشرف أمين
تأتي احتفالية هذا العام باليوم العالمي لمرض الزهايمر, والذي وافق أمس, تحت شعار' هذا وقت الفعل' الذي يظهر زيادة الوعي الايجابي بالمرض لدي بعض دول العالم, لكن مازالت الدعوات متكررة وداعية إلي حفز المجتمع العالمي إلي معاناة هؤلاء المرضي وحاجتهم للرعاية بعد رحلة عطاء استمرت عقودا.
, خاصة للمحيطين بهم, كما تعكس المناسبة شكوي العلماء من تدني الإنفاق البحثي علي هذا المرض, الذي يلتهم ذاكرة المسنين, مقارنة بأبحاث السرطان وأمراض القلب.
ومحليا, تم ترشيح مصر' ممثلة عن الدول العربية' من جانب جمعية الزهايمر العالمية ـ والتي تضم في عضويتها77 دولة ـ وتستعد جمعية الزهيمر ـ مصر لاستضافة مونديال الزهايمر العالمي عام2013, وذلك تقديرا لدورها, كواحدة من أقدم جمعيات الزهايمر في العالم العربي.
وفي مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتوعية بالمرض, توصل فريق بحثي, في اكتشاف علمي جديد, بمستشفي سانت لويس بجامعة واشنطن وهو تحديد الخلل الجيني المسئول عن معدل تدهور حالة مريض الزهايمر, الدراسة والتي نشرت هذا الأسبوع في مجلة المكتبة العامة لعلوم الجينات ترصد نسبة بروتين محدد يسميTau في السائل المحيط بالمخ والحبل الشوكي. وطبقا للتحاليل التي تمت علي أكثر من900 مريض بالزهايمر وجد أنه كلما زاد هذا البروتين فإن معدل تطور المرض يكون أعلي, ويقول الدكتور أليسون جويتا رئيس الفريق البحثي إن معظم الدراسات الجينية الحالية تبحث عن الخلل الجيني المؤدي للإصابة بالزهايمر, أما هذه الدراسة فتساعد علي إجراء تقدير مبكر لحالة المريض قبل أن تظهر عليه الأعراض, من خلال حصر هذه البروتينات, وكذلك تقدير سرعة تطور المرض في المستقبل. من ناحية أخري فقد أجريت ثلاث دراسات دولية مقارنة للتأكد من علاقة هذا البروتين بتطور المرض, كما تبين أن هذا البروتين يتضاعف في مرض الزهايمر وليس في أي مرض آخر. ومن المتوقع أن تسهم هذه الدراسة في الكشف المبكر عن المرض والذي ينتشر بنسب كبيرة بين من تعدوا65 سنة, كما ستساعد الأطباء في وضع برامج علاجية أفضل طبقا لحالة المريض.
ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة فإن عدد المصابين بالزهايمر في العالم حاليا يقدر بنحو36 مليون نسمة, ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام2030 ليصل إلي66 مليون نسمة, وفي عام2050 سيرتفع عددهم إلي115 مليون نسمة. وطبقا لتقدير العلماء فإن النسبة الأكبر من المرضي يتركزون في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط, حيث تصل نسبتهم الي57% ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة في عام2050 إلي70% من مجمل المصابين وهو ما يمثل عبئا اقتصاديا علي هذه الدول.
وطبقا للتقرير الدولي عن مرض الزهايمر, فإن حجم الإنفاق البحثي العالمي علي مرض الزهايمر يعد هزيلا جدا إذا ما قورن بالإنفاق علي أبحاث السرطان وأمراض القلب, حيث أن الأخيرة موجهة لمنح المرضي فرصة لحياة أطول في حين أن أبحاث الزهايمر تهدف لتحسين نوعية حياة المريض. وعن مسببات الإصابة بالزهايمر, يقول الدكتور أحمد عبد الحليم الباحث بمركز أبحاث المخ بجامعة راتجرز بأمريكا إن هناك تفسيرات عديدة لحدوث المرض, خاصة بعد سن65 سنة الأكثر شيوعا هي ضمور منطقة بالمخ مسئولة عن تذكر الأشياء الخاصة مثل أسماء الأقارب والتواريخ والعديد من الأمور الشخصية هذه المنطقة تعرف باسم الهيبوكامبوس. ومن خلال تصوير المخ يمكن معرفة حجم الضمور الذي لحق بهذا الجزء من المخ.
أما عن أسباب ضمور هذه المنطقة في المخ, فهناك وفق رأيه مسببات متعددة وراء ذلك أشهرها انخفاض نسبة الأستيل كولين, وهو من أهم الموصلات العصبية وله دور وظيفي بمختلف أعضاء الجسم خاصة المخ والقلب والجهاز الهضمي. وفي مجال المبيدات, فإن معظم آليات القضاء علي الحشرات والآفات من خلال مبيدات حشرية تعمل علي خلل هذا الموصل العصبي في الحشرات, مما يؤدي إلي وفاتها خاصة إذا ارتفعت نسب السموم.
وطبقا للدراسات التي أجريت علي العديد من مرضي الزهايمر, فقد لوحظ أنهم يعانون من انخفاض نسب هذا الموصل الكيميائي, مما يعني تأثر الجسم بسموم أو كيماويات أثرت بدورها علي الموصل العصبي أستيل كولين. إضافة لذلك يعد المدخنون ومن يعانون السمنة ومرضي الضغط والسكر من أكثر الفئات عرضة للإصابة بالزهايمر نظرا لارتفاع نسب الكولسترول في الدم, وهو ما قد يؤدي إلي انسداد الشرايين ومنها شرايين المخ والتي تؤدي لضمور منطقة الذاكرة بالمخ.
ومحليا تكافح جمعية الزهايمر مصر لكي تدخل المرض ضمن دائرة الاهتمام المحلي, خاصة مع وجود300 ألف مريض في مصر, ينتظر زيادتهم إلي مليون مريض بحلول عام2030, كما تطالب بإنشاء دور لرعاية المسنين بالأقاليم, وتجدر الإشارة إلي استحداث عيادات لمشاكل الذاكرة وبرامج لتدريب أفراد الأسرة بالمجان بجامعة عين شمس ويتوقع الدكتور عبد المنعم عاشور أستاذ الطب النفسي ورائد طب المسنين ورئيس جمعية الزهايمر مصر انخفاض سن الإصابة بالمرض دون سن50 عاما, نتيجة الأمية والفراغ الذهني, مشيرا إلي أن المرض يستهلك1% من الناتج القومي للعالم, تتوزع بين رعاية المرضي وخسارة إنتاجية5 أشخاص بكل أسرة قائمين علي الرعاية المريض, وارجع أسباب المرض إلي تساقط خلايا المخ, والتي تظهر في صورة تغيرات بالمخ كترسيب مواد بروتينية وانخفاض عدد خلاياه وفقد العلاقة بين الخلايا ونقص الموصلات الكيميائية والعصبية بالمخ, وتطول فترة المرض بين10-15 عام تجعل الأنظمة الطبية والاجتماعية بالدول تتهرب من رعاية المرضي. واستعرض الدكتور عاشور إنجازات الجمعية ومنها ما نفذته جامعة عين شمس من استحداث دراسات عليا لتخريج أطباء واستشاريين, وإنشاء عيادات لفحص شكوي الذاكرة والسلوك لتميز المرض مع الحالات المرضية المتشابهة, بالإضافة إلي برنامج لتدريب الشباب علي رعاية المرضي, مشيدا باستجابة محافظي الأقصر والغربية والإسماعيلية لإنشاء فروع للجمعية بمحافظاتهم, وتوقيع اتفاقية توءمه مع جمعية الزهايمر مكة والصومال, لتبادل الأبحاث والخبرات, كما ووجه الدعوة لوزارات الصحة والأسرة والسكان والتضامن الاجتماعي, ورجال الأعمال وهيئات المجتمع المدني للأخذ دور ايجابي في دعم المرضي والجمعية.
من جانبه, أكد الدكتور طارق احمد عكاشة أستاذ الطب النفسي بعين شمس, أن المشكلة تكمن في اكتشاف المرض بعد انتهاء مرحلته الأولي التي تكون خلالها الاستجابة للأدوية أفضل, حيث يمر المرض بـ3 مراحل تبدأ باضطراب الذاكرة وخاصة الأحداث القريبة, وظهور نشاط زائد وعدم التعرف علي الزمن, ويظهر بالمرحلة الثانية أعراض للإصابة بالجهاز العصبي كصعوبة في الكلام والحركة والكتابة واختلاف طريقة المشي وظهور تغيير في السلوك وأعراض اكتئابية, أما المرحلة الثالثة فيفقد خلالها المريض القدرة علي القيام بأساسيات الحياة كالأكل والشرب مع ارتداد لمرحلة الطفولة, ويجب تناول العلاجات الدوائية الحديثة التي تبطئ تدهور مراحل المرض وتعمل علي زيادة مادة الاستيل كولين بالمخ, وقنوات الكالسيوم للحفاظ علي نشاط الخلايا العصبية, وعقاقير تحسين تدفق الدم والأكسجين للمخ, مشيرا إلي عدم وجود علاج شاف للمرض, إلا أن هناك تجارب لإنتاج عقاقير تمنع ترسب مادة الأمولويد المسببة لوفاة الخلايا العصبية بالمخ. وأشار الدكتورعكاشة لدور العلاج النفسي مشيرا لأهمية الوقاية بممارسة الرياضة, والسيطرة علي السكر والضغط والكولسترول, وممارسة الألعاب الذهنية, إلي جانب الاهتمام بمقدمي الرعاية للمرضي فهم عرضه للإصابة بالاكتئاب.
ساحة النقاش