الأجور يؤدي إلي زيادة فرص العمل وفتح منافذ للاستثمار وتغيير هيكل الإنتاج القومي تقرير: ماجدة صالح: يثار في الآونة الأخيرة الحديث عن أوضاع الأجور والمرتبات في المجتمع المصري، خاصة بعد حكم المحكمة الإدارية العليا بوقف القرار السلبي للحكومة المصرية بعدم وضع حد أدني للأجور، وكان قد سبقه حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية وضع حد أقصي للأجور. ومع تزايد حدة وتيرة الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية من جميع فئات المجتمع للمهنيين والعاملين بالقطاع الحكومي اعتراضاً علي تدني الأجور والمرتبات إلي حد كبير لا يتناسب مع ارتفاع موجة الأسعار يوماً بعد يوم، وعلي الرغم من الجهود المبذولة لإصلاح أوضاع الأجور علي مدار السنوات الماضية سواء بالعلاوات الخاصة التي تقرر سنوياً منذ عام 1987 أو بسياسة الدعم السلعي والخدمي، إلا أنها جميعاً لا تخرج عن كونها مجرد مسكنات وقتية، ولكنها لا تحل المشكلة بأكملها والكامنة في ظل نظام الأجور والمرتبات في مصر، هذا ما كشفته أحدث دراسة عن المرتبات والأجور في مصر للدكتور عبدالفتاح الجبالي نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام وتحمل عنوان »اختلالات الأجور في مصر ومشكلات الحد الأدني« وقدمت لمركز شركاء التنمية (pid) برئاسة الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. أكد الدكتور عبدالفتاح الجبالي أنه رغم أن المنظومة التشريعية والدستورية أعطت أولوية خاصة لحق المواطن في الحصول علي أجر عادل مقابل أداء العمل وضرورة وضع حد أدني للأجور علي مستوي المجتمع وربطها بالإنتاج والإنتاجية، إلا أن منظومة الأجور تعاني من التشتت الكبير. قوة العمل أشارت الدراسة إلي أن هناك العديد من الخصائص التي تؤثر علي منظومة الأجور في مصر وتعاني منها مثل ارتفاع نسبة الإعالة، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلي أن قوة العمل المصرية التي وصلت إلي 25.3 مليون عام 2009 لا تحتل سوي 33٪ من السكان مع ملاحظة أن هذه النسبة تصل إلي 50٪ تقريباً بالنسبة للذكور مقارنة بـ 15٪ فقط للإناث. كذلك هناك ضعف الحالة التعليمية للقوي العاملة المصرية، حيث تتسم بانخفاض المستوي التعليمي. وتشير الإحصاءات إلي أن 27.7٪ منهم أميون و7 و9٪ يقرأ ويكتب. و41.3 مؤهل متوسط أو أقل، وهناك 80٪ من القوي العاملة غير مؤهلة وتحتاج إلي إعادة تدريب وتأهيل مرة أخري. وتشير دراسة الدكتور »الجبالي« إلي عدم استقرار سوق العمل، حيث يعمل منهم بشكل دائم 69.9٪ ارتفعت إلي 79.6٪ بشكل إجمالي، بينما يعمل 14.1٪ بشكل متقطع و0.8٪ بشكل مؤقت و5٪ موسمي. وأغلب العمالة تعمل في الزراعة والصيد التي تستحوذ علي 31.5٪ و25٪ في القطاع الحكومي وحوالي 11.4٪ في الصناعات التحويلية و10.1٪ في قطاعات التشييد والبناء. وتوضح الدراسة أن هناك زيادة في نسبة العاملين في القطاع غير الرسمي وذلك باتجاه حركة التشغيل في المجتمع علي عكس الاتجاه المستهدف منها إبقاء التعيينات في الوظائف الحكومية وتشجيع الإجازات غير مدفوعة الأجر، بالإضافة إلي التخلي تدريجياً عن الالتزام بتعيين الخريجين وترشيد التوظيف الحكومي، إلا أن الزيادة في معدلات البطالة وعدم قدرة القطاع الخاص علي امتصاصها أدي إلي تدخل الدولة من جديد إلي سوق العمل عن طريق تعيين المزيد في دولاب العمل الحكومي وكانت وظائف المعلمين هي أسرع المجموعات الوظيفية نمواً، حيث أسهمت بأكثر من نصف النمو في العمالة الحكومية. ونلاحظ أن معظم العمالة التي لحقت بالقطاع الخاص قد انضمت إلي القطاع غير المنظم أو غير الرسمي والذي أصبح يستوعب 50٪ من إجمالي المشتغلين خلال الربع الأخير من عام 2009 مقابل 22.5٪ في القطاع الخاص المنظم وترتفع هذه النسبة بشدة داخل الريف المصري، حيث تصل إلي 82.3٪ مقابل 42.8٪ في الحضر. وأصبح هذا القطاع يضم شرائح عريضة من المجتمع المصري مثل العاملين في الورش الصغيرة أو الأعمال اليدوية والحرفية أو الذين ليس لهم مكان عمل إلا بالشارع، كالباعة الجائلين وعمال التراحيل. وتؤكد الدراسة أن خطورة هذا الوضع تكمن في أنه يستوعب قطاعات جديدة من الشباب، خاصة خريجي الجامعات والمعاهد العليا ليضافوا إلي قوته الأساسية المتمثلة في المنتقلين من الريف المصري إلي المدن أو العائدين من الخارج، بل أصبحت هذه العمالة تتجه مباشرة إلي هذا السوق وهذا مكمن الخطورة، خاصة أن هؤلاء يعملون بدون عقود رسمية وغير مسجلين لدي التأمينات الاجتماعية وخير دليل علي ذلك أن نسبة العاملين بعقد قانوني لدي القطاع الخاص لا يتجاوز 36٪ من إجمالي العاملين بهذا القطاع ووصلت نسبة المشتركين بالتأمينات الاجتماعية إلي 45٪ فقط. ويؤدي نمو القطاع غير المنظم إلي عدم الاستقرار الداخلي لسوق العمل وصعوبة وضع أو رسم سياسات محددة من جانب متخذي القرار في المجتمع، ناهيك عن صعوبة تنظيم الأوضاع بداخل هذا السوق مع ما يتلاءم واحتياجات المجتمع. غول البطالة وحول البطالة تؤكد الدراسة أنها في تزايد مستمر ووصلت إلي 10٪ وهو معدل مرتفع والأهم من ذلك أن أغلب المتعطلين من الشباب إذ تشير البيانات أن 51.1٪ من العاطلين هم في سن ما بين 20 و25 سنة وتصل هذه النسبة إلي 22٪ في الشريحة العمرية 25 و30 سنة، و18.4٪ هم في الشريحة العمرية من 15 سنة إلي 20 سنة. وأن المتعطلين لأكثر من عامين تصل إلي 41.3٪ مقابل 43.7٪ متعطلين بين عام وعامين و15٪ فقط أقل من عام. وأن 46٪ سبب التعطل في عدم وجود عمل إطلاقاً مقابل 29.3٪ بدون عدم وجود عمل يناسب المؤهل وفيما يتعلق بالأجور يري 9.1٪ أن سبب التعطل يرجع إلي عدم وجود عمل بالأجر المناسب. وأضافت الدراسة أن الاقتصاد المصري ينقسم إلي مجموعة من أسواق العمل مع تعدد التنظيمات والقطاعات والأشكال الاجتماعية التي تسيطر علي مجالات الإنتاج والتوظف، مما انعكس في صورة اختلاف تحديد الأجور، حيث يوجد القطاعان الحكومي والعام التابعان للدولة وكذا القطاع الخاص والاستثماري المنظم وغير المنظم بما له من تباين في تحديد الأجور علاوة علي تجزئة سوق العمل في مصر وكلها أمور أدت إلي تعقيد الأوضاع الأجرية في المجتمع وتشتتها بصورة كبيرة. أضافت الدراسة أن ثاني الآثار الناجمة عن الأوضاع الحالية لسوق العمل تكمن في انخفاض نسبة المشتغلين بأجر كنسبة مئوية من القوي العاملة والتي انخفضت من 60.2٪ خلال عام 2006 إلي 57.8٪ خلال عام 2007 ثم عاودت الارتفاع إلي 60.9٪ عام 2009. ونسبة العاملات بأجر مقابل زيادة نسبة العاملات لدي الأسرة بدون أجر من 38٪ تقريباً عام 2009 إلي 29٪ عام 2009 وأن العاملين بأجر يقع أغلبهم في القطاع الحكومي رغم تراجع نسبتهم من 42٪ إلي 40.6٪ ممن يعملون بأجر علي الصعيد القومي مع زيادة نصيب القطاع الخاص ليصل إلي 27٪ عام 2009 مقابل 24.7٪ عام 2006 بينما كان نصيب القطاع الخاص المنظم 25٪ مقابل 24.3٪ خلال نفس الفترة ثم القطاع العام الذي تراجع من 7.2٪ عام 2006 إلي 2.1٪ والتعاوني والأجنبي من 0.7٪ إلي 0.4٪ خلال نفس الفترة. اختلالات الأجور أوضح الدكتور »الجبالي« في دراسته أن الأجور في المجتمع قد ارتفعت من 180.4 مليار جنيه عام (2001 - 2002) إلي 381.7 مليار في العام (2008 - 2009) مع ملاحظة أن أجور الحكومة قد استحوذت علي النصيب الأعلي، حيث ارتفعت من 35.2 مليار إلي 87 ملياراً خلال نفس الفترة يليها قطاع الصناعات التحويلية ثم قطاع تجارة الجملة والتجزئة ثم قطاع التشييد والبناء. ورغم استيعاب القطاع الخاص لنحو 70٪ من العمالة، إلا أن نصيبه من الأجور علي المستوي القومي قد وصل إلي 55٪ من الإجمالي، مما يعكس انخفاض متوسط الأجر في القطاع الخاص مقارنة بقطاعات الاقتصاد العام أعلي من مثيله في القطاع الخاص ويصل متوسط الأجر الشهري للذكور العاملين في القطاع العام إلي 684 جنيهاً مقابل 576 لدي القطاع الخاص. اختلال السلم الوظيفي كشف الدكتور عبدالفتاح الجبالي خلال دراسته أن عدد العاملين بأجهزة الدولة قد ارتفع إلي 5.902 مليون موظف تقع الغالبية العظمي منهم في الدرجة الثانية ويصل عددهم إلي 1.306 مليون موظف، يليها الدرجة الثالثة حيث يحصل الموظف علي أجر يتراوح بين 713 جنيهاً شهرياً و1376 جنيهاً حسب سنوات العمل ويصل عددهم إلي 1.235 مليون موظف ثم الدرجة الأولي والتي يصل عددها إلي 963 ألفاً ويشكل العاملون بالدرجة السادسة 196 ألفاً وهي الشريحة المخاطبة أصلاً بالحد الأدني للأجور. وأشارت الدراسة أن الغالبية العظمي تعمل في مجال التعليم، حيث يصل عددهم إلي 2.162 مليون، يليه قطاع النظام العام والأمن، ثم الشباب والثقافة والدين يليهم قطاع الصحة، وزيادة حجم العاملين بالوظائف العامة في مصر يؤثر بالسلب علي مستويات الأجور والرواتب ويؤثر بشكل أخطر علي أداء الموظفين وتوعيته بالخدمات المقدمة ومن ثم يقف عائقاً أمام محاولات تحقيق الكفاءة الإدارية. ولاحظت دراسة الدكتور الجبالي ارتفاع نسبة الأجور المتغيرة إلي الإجمالي، حيث لا تشكل الأجور الأساسية في موازنة (2009 - 2010) سوي 20٪ فقط من إجمالي الأجور مقابل 49٪ للأجور المتغيرة، و902٪ للمزايا التأمينية والباقي احتياطيات عامة وأجور إجمالية وأدت هذه الأوضاع إلي اختلالات عديدة في توزيع الأجور بالجهاز الحكومي ككل نتيجة لأوضاع قانونية لا علاقة لها بالإنتاجية ويحصل العاملون بالمحليات علي أجور أقل من العاملين بالجهاز الإداري أو الهيئة الخدمية. ووصلت نسبة الأجور المتغيرة التي تشمل المكافآت والبدلات إلي 127٪ من الأجور الأساسية وتختلف هذه النسبة بين القطاعات المختلفة للموازنة حيث تصل إلي 217٪ بالنسبة للجهاز الإداري و184٪ للهيئات الخدمية، بينما لا تمثل سوي 78٪ بالنسبة للإدارة المحلية. وأضافت الدراسة أن هناك تفاوتاً كبيراً في بنود البدلات والمكافآت والمزايا النقدية التي يحصل عليها موظفو الدولة تبعاً للجهة التي يعملون بها ومثال ذلك يتراوح بدل طبيعة العمل بين 25٪ و180٪ من الأجر الأساسي، حسب جهة العمل وبدل إقامته بالمناطق النائية يختلف حسب المنطقة ويتراوح بين 15٪ و100٪ وحافز إثابة يتراوح ما بين 25٪ و80٪. كشفت الدراسة أن هناك اختلالات واضحة في الأجور بين القطاعات الحكومية المختلفة، حيث يستحوذ قطاع المحليات علي النسبة العالية من الأجور المدفوعة للعاملين بالقطاع الحكومي ووصل ما يحصل عليه إلي 32.5 مليار جنيه في موازنة (2009 - 2010) بنسبة 48.5٪ مقابل 25.5 مليار للجهاز الإداري أي بنسبة 38٪ و8.9 مليار للهيئات الخدمية بنسبة 13.4٪ ولا يعني ذلك أن أجور العاملين بالمحليات أعلي من القطاعات الأخري بل العكس. الجهاز الإداري والكادر تقول الدراسة إن الجهاز الإداري استحوذ علي معظم الكادرات الخاصة ويصل عدد الكادرات الخاصة بهذا الجهاز الإداري إلي 935 ألفاً بنسبة 88.7٪ من إجمالي العاملين بالكادرات الخاصة وبنسبة 46.7٪ من العاملين بالجهاز الإداري معظمهم يقع في قطاع الأمن والشرطة (901 ألف موظف)، يليه التمثيل التجاري (30 ألفاً) وجامعة الأزهر (19 ألفاً) بينما يصل عدد الكادرات الخاصة في الهيئات الخدمية إلي 117 ألفاً بنسبة 11.2٪ من إجمالي العاملين بالكادرات الخاصة وبنسبة 21.5٪ من إجمالي العاملين بهذا القطاع، وتستوعب الجامعات معظم هؤلاء بنحو 99 ألفاً ومركز البحوث الزراعية 6583 كادراً والهيئة المصرية للثروة المعدنية 3358 درجة. أما المحليات فهي تكون معدومة من الكادرات الخاصة، حيث يصل عددهم إلي 536 من الخفراء والعمال بالقطاع. وعلي الجانب الآخر ونتيجة لعدم قدرة الدولة علي جذب الكفاءات المطلوبة لتسيير دولاب العمل بكفاءة ويسر. لجأ البعض إلي إقامة هياكل موازية تحصل علي دخول مرتفعة من مصادر مختلفة، مما أدي إلي العديد من المشكلات منها تجزئة الهيكل الإداري للدولة مع ازدواجية في القرارات وتعدد الآراء والمواقف المتضاربة إلي جانب سيادة الشعور بالإحباط واليأس لدي العاملين في المسار التقليدي، فضلاً عن عدم ضمان استمرارية هذه النظم الموازية لأنها غالباً ما تكون خارج الهيكل الرسمي للجهة، وأخيراً انعدام المسئولية لديهم. الحد الأدني للأجور وضعت الدراسة عدة مقترحات لإصلاح هيكل الأجور في مصر، بحيث تتم في إطار سياسة مالية متكاملة ويجب أن تأخذ بعين الاعتبار مدي مساهمتها في خلق فرص عمل جديدة ورفع معدلات الاستثمار وتغيير هيكل الإنتاج القومي. وأن نجاح السياسة المالية يجب أن يقاس بالقدر الذي تسهم فيه النفقات العامة في زيادة التشغيل وامتصاص فائض العمالة بالمجتمع وبقدرتها علي توليد المزيد من الإيرادات العامة في الأجلين المتوسط والطويل لتعزيز النمو الاقتصادي وتشجيع استخدام الموارد بكفاءة وفعالية والمساهمة في إحداث التغييرات الهيكلية المطلوبة في الاقتصاد وتدعيم القواعد الإنتاجية وإزالة المعوقات التي تحول دون تفعيل عمل الأدوات الاقتصادية مع مراعاة الفئات الاجتماعية الضعيفة وبالتالي تمثل التحدي الذي يواجهها في ضمان مستوي من الإنفاق العام يتسق مع الاستقرار الاقتصادي الكلي ثم يجري بعد ذلك هيكلة الإنفاق كجزء من الإجراءات التنفيذية للسياسة المالية. وأكدت الدراسة أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر إلا إذا تعاملنا معه من منظور تنموي عن طريق إعادة تأهيل وتدريب هذه الفئات بما يساعد علي رفع كفاءة الأداء في دولاب العمل الحكومي والحد الأدني من ظاهرة نمو العمالة في القطاع غير الرسمي والبطالة المقنعة من ناحية أخري وذلك بالعمل علي زيادة الأجور والمرتبات وإعادة النظر في نظم الحوافز وبدلات العمل. وأوضحت الدراسة أهمية وضع حد أدني للأجور في المجتمع، بحيث تلتزم به جميع القطاعات العاملة في الحقل الاقتصادي، سواء كان قطاعاً عاماً أو خاصاً يتناسب مع مستويات المعيشة ويتحرك سنوياً وفقاً لمعدلات التضخم المعلنة من الجهاز الإداري المركزي للتعبئة العامة والإحصاء علي أن يكون هذا الحد جزءاً لا يتجزأ من عقود العمل الجماعية والفردية. وضعت الدراسة عدة محاور للتعامل الجدي مع مشكلة الأجور في مصر أهمها إعادة النظر في جداول الأجور الملحقة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المدنيين بالدولة، حيث لا تمثل الجداول الأوضاع الحقيقية للموظفين بالرغم من التعديلات التي أدخلت عليها وهي أوضاع لا تتناسب مع ما يحصلون من دخول فعلية وعدم تناسب الإجمالي مع مستويات المعيشة الراهنة، مما يتطلب تصحيح جداول المرتبات والأجور ووضعها في صورة مرنة يمكن لها أن تتغير لتواكب التطورات في الراتب الأساسي والمتغير مما يعكس دائماً الوضع الحقيقي للأجور. واقترحت الدراسة زيادة شرائح العلاوات الدورية الحالية والتي أصبحت لا تتغير بأي حال من الأحوال عن مستويات المعيشة فمن غير المعقول أن تكون العلاوة الدورية بين 1.5 جنيه شهرياً للدرجة السادسة و6 جنيهات للدرجة العالية إذ يجب مضاعفة هذه العلاوة لتصبح نسبة ثابتة من الأجر الأساسي. كما اقترحت الدراسة إعادة تصنيف موظفي الحكومة وإعادة توزيعهم بطريقة اقتصادية سليمة وهؤلاء منهم نحو 713 ألفا يعملون في الخدمات المعاونة و319 ألف حرفي و1053 ألف كادر خاص، من هذا التقسيم يمكن إعادة تأهيل وتدريب الخدمات المعاونة وتحويلهم إلي عمالة حقيقية يمكن أن تلتحق بسوق العمل مقابل أجور أعلي وهو ما ينطبق علي الحرفيين. بحيث يمكن إنشاء هيئة عامة لشئون النظافة والخدمات الحرفية ويمكن تحويلها بعد ذلك إلي شركة قابضة تتولي القيام بالأعمال عبر التعاقد مع الوزارات المختلفة. استراتيجية جديدة للحد الأدني للأجور طالبت الدراسة بتفعيل دور المجلس القومي للأجور ليصبح الفاعل الرئيسي في هذا المجال والذي يضع الاستراتيجية المناسبة للتعامل مع جميع الأمور المرتبطة بالأجور والمرتبات في المجتمع سواء كان قطاعاً عاماً أو خاصاً، مع منحه الصلاحية الكاملة لتنفيذ ما يراه مناسباً من سياسات وهو ما يتطلب تعديل المادة 34 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 لتعطي للمجلس الصلاحية الكاملة في إقرار العلاوة السنوية وفقاً لما يراه من متغيرات اقتصادية واجتماعية معينة وما يتوقعه من سياسات وإجراءات، وذلك بدلاً من الوضع الحالي الذي حددها بـ 7٪ من الأجر الأساسي كحد أدني لأن ذلك أفقد المجلس أهم آليات التعامل كما أن تحديد العلاوة بالأجر الأساسي فقط فيه ظلم شديد للعاملين وبالتالي يجب أن يعطي المجلس الصلاحية الكاملة في هذه المسألة، وتعديل الرقم القياسي لأسعار المتسهلكين وتصحيح الأخطاء التي تشوبه حتي يصبح أكثر قدرة علي التغيير عن الواقع الفعلي المعاش، خاصة أن هذا المؤشر مازال يحتوي علي العديد من السلع المحددة بأقل من قيمتها في السوق ولا يتم تعديلها بشكل منتظم مثل بعض المواد الغذائية والأدوية والسكن والنقل والتعليم وهو ما يجعل المؤشر متحيزاً لأدني بالضرورة ويتطلب التصحيح حتي يمكن ربط الحد الأدني للأجور بهذا المؤشر وتحريكه سنوياً بما يتناسب مع التحركات في هذا المؤشر. وعن كيفية تحديد الأدني للأجور تؤكد إحصاءات منظمة العمل الدولية أن 60٪ من بلدان العالم لديها سياسات محددة للحد الأدني للأجور و40٪ منها تضع هذا الحد وفقاً للقطاعات والمهن المختلفة ووفقاً لتقرير الأجور الصادر عن منظمة العمل الدولية في يناير 2010 يوجد مؤشران أساسيان لمعرفة أوضاع الأجور في المجتمع وهما متوسط الأجور الفعلية علي المستوي القومي، كذلك حصة الأجور في الناتج. وتشير الدراسات إلي أن رفع الحد الأدي للأجور ينبغي ربطه ليس فقط بالرقم القياسي لأسعار المستهلكين ولكن بالزيادة في أسعار السلع الغذائية، حيث تنفق هذه الأسرة النسبة الغالبة من دخولها علي ذلك وسياسة الحد الأدني لا ينبغي أن تؤخذ بمفردها ولكن يجب الأخذ بالحسبان السياسات الاجتماعية الأخري خاصة الدعم. وفسرت الدراسة الحالة المصرية أنه بالرغم من كون القانون رقم 35 لسنة 1984 قد رفع الحد الأدني للأجور إلي 35 جنيهاً شهرياً إلا أن ما يحصل عليه العامل شهرياً سواء كان في الحكومة أو القطاع العام أو القطاع الخاص يختلف تماماً عن ذلك وأصبح من الضروري العمل علي وضع حد أدني للأجور جديد يتناسب مع الأوضاع المعيشية الحالية والمستوي العام للدخول في المجتمع ومعدل التضخم والإنتاجية ويضمن الحفاظ علي مستوي ملائم من العمالة في المجتمع. وتري الدراسة أنه من الأوفق أن يتم وضع حد أدني للأجور علي مستوي المجتمع ككل ولكن يتم تحديد حدود دنيا مختلفة فيما بين المناطق الريفية أو الوجه القبلي للحد من الفقر، وكذلك للمهن المختلفة خاصة أن الدراسات عن الفقر تشير إلي أن 51٪ من الفقراء يعيشون في ريف الوجه القبلي مقابل 5.4٪ فقط في المناطق الحضرية. وتري الدراسة أن وضع الحدود الدنيا للأجور بالنسبة للعاملين ينبغي أن يراعي زيادة هذه الحدود عن حد الفقر الذي وضعه خبراء البنك الدولي وأيضاً الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وأكدت الدراسة أن الحد الأدني للأجور يجب ألا يتراوح بين 500 و600 جنيه شهرياً وضم العلاوات الخاصة والاجتماعية ومنحة عيد العمال والعلاوات الأخري إلي أساسي المرتب. |
نشرت فى 1 سبتمبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,792,915
ساحة النقاش