بين الشريعة والقانون
إعداد: فتحي الصراوي
عندما بكي القاضي وعرض علي الابن التنازل
المشرع أسقط العقوبة عن الأب السارق.. والقانون أعطي الابن حق العفو
وقف المدعي بالحق المدني أمام محكمة الجنح يطلب من القاضي توقيع أقصي العقوبة علي الأب السارق والذي تجرأ وفتح "دولاب" ابنه وسرق ألف جنيه من ولده الذي يستضيفه.. نظر القاضي إلي الأب وسأله عن الاتهام فلم ينكر.. ثم اعترف بالجريمة كاملة.. قال: إن ابني للأسف لا يحب أمه.. يعمل مهندسا معماريا ويعيش في سعة من الرزق ويفضل زوجته علي والديه رغم كرهها لحماتها دون مقتضي.. مرضت زوجتي أم ابني المجني عليه وهي عشرة عمري وكان يتعين عليّ إجراء تحليلات طبية تكلفني ألفي جنيه.. لا أملك منها إلا ألفا فقط.. فأين أذهب.. طلبت منه.. وكررت الطلب وألححت عليه ورجوته واستعطفته. وكانت إجابته القاطعة إن موتها أفضل من أن تأخذ مالي!!.
أكمل الأب حديثه.. لم أجد أحدا أسرقه إلا ولدي لأعالج زوجتي.
نظر القاضي إلي الابن وسأله هل رضعت من أمك؟ فأجابه الابن المجني عليه طبعاً. فقال له القاضي أنت عاق وإذا لم تتنازل فورا فسوف أدفع المبلغ من جيبي.
اهتز الابن من كلام القاضي وطلب التنازل فورا ولكن القاضي الذي اغرورقت عيناه بالدموع وهو علي منصة العدالة.. نطق حكمه أمام الجميع.. براءة.. براءة.. رفعت الجلسة.
ولكن ماذا لو أن القاضي في واقعة كهذه لم يستطع إقناع الابن بالتنازل.. أجاب محامي النقض هشام عبدالسلام.. ليس أمام القاضي إلا الحكم بالحبس علي الوالد السارق.. والحبس هنا من 24 ساعة إلي 3 سنوات.. غير أن المشرع عندما تحدث عن سرقة الأصول للفروع أي الآباء للأبناء أو سرقة الفروع للأصول لم يطلق يد النيابة في رفع الدعوي ولكنه جعل إقامة الدعوي بإذن من المجني عليه كما أن للمجني عليه أيضا حق إيقاف العقوبة والإعفاء عن المتهم .
سألت الدكتور صبري عبدالرءوف - أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر - عن رأي الشرع في سرقة الأبناء للآباء أو العكس.. قال: إن الإسلام جعل للوالدين مكانة عالية وفي نفس الوقت أوجب علي الآباء العدل بين الأبناء.. فلكل منهما حقوق علي صاحبه لها اعتبارها فإذا قتل الوالد ولده فإنه يأثم بجريمته ولكنه لا يقتص منه.. وإذا سرق الأب مال ولده فلا يعاقب وسقط عنه حد السرقة. كما قال الرسول في شأن الولد مع الأب "أنت ومالك لأبيك" ولهذا قال الفقهاء إذا كان الوالد لا يقتص منه لولده فمن الأولي ألا يقام حد السرقة علي الوالد إذا سرق من مال ولده. وليس معني هذا أن الإسلام يترك الآباء يقتلون أبناءهم أو يسرقون أموالهم ولكنه رغم رفع الحد فإنه أوقع الإثم علي الجاني. أما بالنسبة للابن السارق من مال أبيه فالراجح أن علي القاضي أن يعزره بعقوبة زاجرة رادعة ولكن ليست حدا عملا لقول الرسول: "ادرءوا الحدود ما وجدتم مدفعا".. ولكن الإسلام يخالف القانون أيضا في مسألة العفو عن العقوبة.
يؤكد الدكتور صبري عبدالرءوف أنه إذا وصل الأمر إلي الحاكم أو القاضي فإن عفو الأب لا يسقط العقوبة عن الابن.. أما إذا تم العفو قبل وصول الأمر إلي القاضي أو المحكمة فإن العقوبة لا تقع علي الابن.
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 149 مشاهدة
نشرت فى 14 أغسطس 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,623,916