رؤية مصر والطموحات الإفريقية
ستبقي مصر بحكم خبراتها التاريخية والسياسية, ودورها الرائد في تأييد حركات التحرر الوطني الإفريقية, وصولا إلي استقلال دول القارة من الاستعمار الأجنبي, محورا أساسيا من محاور الطموحات الإفريقية المشروعة للتقدم والنهضة.
هذا تاريخ موثق لا لبس في وقائعه, ولا غموض في مقاصده, فقد كان الدور التاريخي لمصر ساطعا وجليا في الإسهام الخلاق في موجة التحرر الإفريقية الكبري عام1960, وهي الموجة التي شهدت استقلال عدد كبير من دول القارة.
واضطلعت مصر بدور بارز في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية التي استهدفت الذود عن مصالح شعوب القارة, وترسيخ الاستقلال, ودفع التنمية الاقتصادية حتي يتسني للقارة السمراء أن تلحق بمتغيرات العصر, وقد تحولت منظمة الوحدة الإفريقية إلي الاتحاد الإفريقي.
غير أن دولا إفريقية عديدة سرعان ما انزلقت في دوامة خبيثة عرقلت تقدمها, وليس أدل علي ذلك من تفشي ظاهرة الانقلابات العسكرية, واندلاع حروب أهلية وطائفية مدمرة, ووقع بعض دول القارة في براثن الصراع الاستراتيجي علي مناطق النفوذ الذي كان مشتعلا بين أمريكا والاتحاد السوفيتي قبل انهياره.. وكانت حرب أنجولا في منتصف السبعينيات مؤشرا علي هذا الصراع.
وقد تمكنت الدول الإفريقية من استعادة زمام المبادرة, وشرعت مجددا في الارتقاء بأوضاع شعوبها, لكنها لاتزال تواجه تحديات جسيمة.
وهذا تحديدا ما تدركه مصر بوضوح, ولذلك فإن الرئيس حسني مبارك في كلمته ـ التي ألقاها نيابة عنه الدكتور أحمد نظيف أمام القمة الإفريقية في العاصمة الأوغندية كمبالا ـ طرح رؤية مصرية شاملة تجاه التحديات التي تواجهها القارة, خاصة تحديات التنمية الشاملة, وكذا سبل التصدي لصراعات القارة, وأهمية التعاون بين دول القارة.
وبهذه الرؤية تطور مصر علي نحو فعال ومؤثر أنماط التعاون مع دول القارة, ومصر قادرة بحكم خبراتها وإمكاناتها علي أن تسهم في التوصل إلي حلول للمشكلات التي يواجهها الأشقاء الأفارقة, وكذا تقديم خبراتها الفنية لهم. وبهذه الرؤية تؤسس مصر لمسار جديد يضعها في قلب القارة كقوة للتنمية لا تستهدف سوي مساعدة الأشقاء الأفارقة, وقد كان هذا شأنها وهدفها منذ دورها التاريخي في الإسهام في دفع موجة الاستقلال الكبري في القارة.
ساحة النقاش