مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل
بقلم: د. عزيزة علي عبد الرازق
لاشك في ان دراسة الواقع العربي من منظور التعليم باعتباره المنظومة التي تثبت مخرجاتها لسوق العمل لتواجه اوضاع التشغيل والبطالة, تعد أحد المتطلبات المعلومية التي يحتاجها متخذو القرارات التنموية والإنمائية.
للتعرف علي الأوضاع الراهنة ودراستها وتحليلها, لاستكشاف الفجوات والثغرات بين احتياجات سوق العمل وخصائص الموارد البشرية التي تنتجها منظومة التعليم التي تتباين طبيعتها ومستوي جودتها طبقا لمستوي جودة أداء المنظومة التعليمية ومستويات التعليم في الوطن العربي, مقارنة بدول العالم المتقدم, وذلك بغية اتخاذ الاجراءات التصحيحية اللازمة بما يلبي احتياجات سوق العمل من ناحية واعتبارات التشغيل ومشاكل البطالة من ناحية أخري.
ولاشك في ان التحصيل التعليمي للفرد يؤثر تأثيرا كبيرا في كفاءة الحصول علي فرص عمل لائقة وعلي مستوي أجر مناسب, وعليه فمن المنطقي ان الفرد الأعلي تعليما لديه فرصة أقوي في الحصول علي عمل ذي أجر أفضل, وينطبق هذا الوضع علي البلدان المتقدمة, ولكنه لا يتماشي مع الأوضاع التعليمية وسوق العمل العربية.
ويفتقر النظام التعليمي في الكثير من الدول العربية الي الآليات الكفء والكافية لادارة المناهج التعليمية بجميع مواءماتها وتوجهاتها العينية والمهنية والحرفية, والتي تعد من التخصصات التي تحتاجها أنشطة اقتصادية متعددة في أسواق العمل.
وهناك العديد من المحاولات أعقبتها الكثير من التجارب المدعمة بالجهود الدءوب لتطوير برامج التعليم والتدريب المهني والتقني مع توفير التمويل الكافي للبحث العلمي الجاد, لتفريخ مخرجات ذات قيمة اقتصادية مضافة بما يقتضي بناء منظومة تعليمية قدرتها أفضل علي انتاج رؤوس اموال بشرية, تلبي احتياجات سوق العمل وأولوياتها ومتطلباتها ليس للأجيال الحالية ولكن للأجيال القادمة.
وقد بدأت مشكلة البطالة بصورة عامة, والبطالة الهيكلية بصورة خاصة, وهي قصور المعروض من مخرجات التعليم عن تلبية احتياجات سوق العمل ومتطلباتها التنموية تظهر وتتنامي بين خريجي الجامعات العربية وخريجي التعليم المتوسط والثانوي, وأيضا التدريب الفني والتقني, لتسجل تلك البطالة الهيكلية أعلي معدلات البطالة في العالم العربي, حيث تبلغ عشرة مستوياتها بين الأميين في حالة مصر, وخمسة أضعاف في حالة المغرب, وثلاثة أضعاف في حالة الجزائر, وتتفاقم تلك المعدلات أكثر في حالات الإناث, فمعدلات البطالة بين المتعلمات منهن قد تجاوزت حاجز الـ23% من القوي العاملة النسائية في أغلب الحالات, وتبرز أكثر حالة البطالة بين الجامعيات في بلدان الخليج العربي, ويرجع ذلك الي عدم التوافق بين محتوي مناهج التعليم ومخرجاته البشرية التي تدنت بها مستويات جودة التعليم واحتياجات سوق العمل من ناحية وفي تطورها من ناحية أخري.
ولاشك في أن الدول العربية ذات الدخل المنخفض يتدني بها مستوي تعليم الاناث, وتتركز عمالة المرأة بتلك الدول بقطاع الزراعة والقطاع العائلي بدون أجر, لاسيما ان المرأة في تلك الدول لا تنال المستوي التدريبي اللائق مقارنة بالذكور عند الالتحاق بالعمل.
ونظرا للجهود المبذولة في السنوات الأخيرة بالدول العربية لإيجاد فرص عمل جديدة جعل المنطقة العربية من أولي مناطق العالم بين البلدان النامية في استحداث وظائف جديدة, حيث وفرت تلك البلاد ثلاثة ملايين وظيفة جديدة في السنوات الخمس السابقة, وبالرغم من ذلك تظل المنطقة العربية محتفظة بأعلي معدلات بطالة بين مناطق العالم أجمع اذ يتجاوز معدل البطالة فيها14% من حجم السكان الذين في قوة العمل, كما تبقي المنطقة العربية ذات المعدلات الأعلي في البطالة بين الشباب اذ يتجاوز هذا المعدل25% من الشباب الذين في قوة العمل.
ولا يفوتنا الحديث عن تراجع دور الدولة في تقديم الخدمة التعليمية المتميزة وانتشار التعليم الخاص الموازي في كثير من البلدان العربية ذات التكلفة المرتفعة من جهة, وفرص العمل الكافية واللائقة والكريمة من جهة أخري, تاركة المسئولية الكبري والتحديات التنموية علي عاتق القطاع الخاص, الذي يعاني في بعض البلدان العربية من مجموعة من التحديات.
ساحة النقاش