من المحيط إلى الخليج: سوق المتعة لا تزال مفتوحة

٢٥/ ٧/ ٢٠١٠

بالإضافة إلى تقارير ومصادر الأمم المتحدة نشرت المنظمات الحقوقية المختلفة- المحلية والدولية- مقابلات مع العاملات فى الجنس أو النساء اللاتى تم الاعتداء عليهن جنسيا، ومن بين التقارير المهمة تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش بعنوان «وكأنى لست إنسانة»، ركز على الاستغلال الجنسى لخادمات المنازل، مشيرا إلى أنه فى حالات كثيرة تكابد عاملات المنازل مزيجاً من الإساءات النفسية والبدنية والجنسية.

 ونقلت الدراسة عن العديدات من عاملات المنازل أن أصحاب العمل يحرموهن حتى من الطعام الكافى. وأفادت سفارتا إندونيسيا وسريلانكا بأن الإساءة البدنية والمعاملة السيئة تُشكلان ما بين ١٠% و١٩% من الشكاوى التى تصل إليهما، فيما يمثل التحرش والإساءات الجنسية من ٦% إلى ٨% من الحالات.

وتذكر وسائل الإعلام فى السعودية وإندونيسيا وسريلانكا والفلبين بشكل منتظم حالات للإساءة البالغة، أكثرها انتشاراً كانت حالة نور مياتى، التى قام أصحاب عملها بتجويعها وضربها وحبسها حتى أصيبت بغرغرينا. وفيما تجذب حالات أخرى الانتباه الدولى، فإن حالات لا حصر لها ما زالت طى الكتمان دون الإبلاغ عنها أو ملاحظتها.

ونقلاً عن ازدياب، إحدى الضحايا، ذكر التقرير: كان صاحب العمل يحاول اغتصابى دائماً. كنت أرفض لأن لدى زوجاً وأطفالاً، حاولت أن أعمل لمدة ٨ أشهر، لأن على سداد دين فى بلدى. كنت مدينة لجيرانى مقابل علاج أطفالى فى المستشفى. ولم يكن زوجى يعمل. وفى ليلة عيد الفطر، خرج الجميع، وطلبت منى صاحبة العمل أن أنظف الأرضية، حيث يعيش أصحاب العمل الرجال. حين نزلت على الأرض لم يكن هنالك أحد غيرى، ثم رأيته واقفاً عارياً. اغتصبنى صاحب العمل.

 دفعنى وحاولت المقاومة لكننى لم أتمكن من دفعه عنى. اغتصبنى على الأريكة. وقال «لم أستغلك، لأننى أدفع لك نقوداً كثيرة».

وأفادت ٢٨ عاملة من الـ ٨٦ عاملة منزلية اللاتى قابلتهن هيومان رايتس ووتش بأنهن تعرضن للتحرش أو الاعتداء الجنسى من قبل أصحاب العمل أو الوكلاء. وأوضح مسؤولون دبلوماسيون بالسفارات أن العنف الجنسى من الشكاوى المتكررة بين شكاوى النساء اللاتى يطلبن المساعدة. وفى العادة يكون الجانى هو أحد أصحاب العمل أو أقاربهم، بمن فيهم الأبناء المراهقون أو البالغون، ويشمل هذا عدة أفعال، كالملامسة أو الاحتضان أو التقبيل أو الاغتصاب المتكرر.

وفى المغرب الدولة العربية التى يتحدث عنها كثيرون باعتبارها وجهة للسياحة الجنسية، يحلل الباحث المغربى عبدالصمد الديالمى فى دراسة بعنوان «العمل الجنسى فى المغرب» ظاهرة السياحة الجنسية وارتباطها بوظائف ومفهوم الجنس التجارى، والعمل بالجنس وبأزمات الفقر والبطالة والتمييز ضد المرأة. ويذكر فى دراسته أن المغرب من أكثر الدول العربية فى تجارة الجنس تصديرا ونشاطا مكملا للسياحة حتى إنه يمكن الحديث عن السياحة الجنسية كمظهر رئيسى للسياحة بالمغرب.

وفى كتابه يقول الديالمى «سواء كان منظما أم غير منظم صريحا أو سريا يمكن العمل الجنسى الدولة من تحقيق أرباح كبيرة وتنشيط الدورة الاقتصادية، ففى الثمانينيات من القرن الماضى دخل الاقتصاد المغربى فى أزمة أفرزت بطالة الشباب، واتجه الاقتصاد إلى القطاع السياحى من أجل العملة الصعبة، وتحولت السياحة تدريجيا إلى سياحة جنسية يستفيد منها فاعلون اجتماعيون متعددون: شركات سفر ووسائل مواصلات وفنادق وعمال الجنس وأسرهم ومساعدوهم وشركات الخمور وسوق المخدرات وصالونات التجميل والحلاقة، ومن هنا يمكن القول إن العمل الجنسى أصبح يسهم فى تنشيط الاقتصاد الوطنى وفى «حل» أزمة البطالة. أصبح العمال الجنسيون شريحة من فئة العاملين فى القطاع الخدمى دون أن يكون لديهم أدنى وعى بهذه المهنة».

وبسبب تلك الضغوط الاقتصادية، أصبح العمل الجنسى، على المستوى الفردى، أقصر الطرق لإعالة الذات، فحينما يعجز الفرد عن إعالة ذاته بفضل عمل مشروع معترف به اجتماعيا يجد أمامه العمل الجنسى كأقصر الطرق وأسهلها، طريق تنتهجه المرأة أكثر من الرجل، نظرا للتراكم التاريخى الذى جعل من درجة تأهيل المرأة وتمكينها أدنى منها فى حالة الرجل، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة البطالة بين النساء.

٣ أسباب للظاهرة: الفقر والتفكك الأسرى وسيطرة «الثقافة الذكورية»

٢٥/ ٧/ ٢٠١٠

الجنس التجارى، الذى يكون الهدف منه الحصول على المال، هو ما اعتبرته الدراسة «روافد» أو «ينابيع»، تدفع إلى «سوق المتعة» المزيد من النساء والأطفال للتجارة بهم، وإذا ما تمت معالجتها، فسيتم القضاء على شبح تحول العمل التجارى بالجنس، والاتجار بأجساد النساء إلى ظاهرة. فوفقاً للدراسة فإن الفقر يعد من أهم منابع العمل المأجور فى الجنس ولتوضيح حجم المشكلة فى مصر يكفى النظر إلى تقرير التنمية البشرية لعام ٢٠٠٧ الصادر من الأمم المتحدة، حيث تحتل مصر المركز ١١١ بين دول العالم الأكثر فقراً، حيث يوجد ١٤ مليون مصرى تحت خط الفقر بينهم ٤ ملايين لا يجدون قوت يومهم.

 ووفقا للتقديرات الرسمية هناك ١٠٣٤ منطقة عشوائية فى ٢٤ محافظة مصرية. ومع تزايد الضغوط الاقتصادية والبطالة ازداد عدد النساء المعيلات لأسر، وازداد عدد الرجال الذين يتخلون عن مسؤوليتهم ولا تجد النساء سوى الأعمال الهامشية غير الرسمية كالعمل خادمات فى المنازل وبائعات فى المحال وبائعات مناديل والعمل فى البارات ولا تجد كثيرات منهن مصدراً للرزق سوى هذه الأعمال التى تعرضهن للاستغلال ولا تمنحهن حقوقهن كعاملات، كما تزايدت فى الفترة الأخيرة حالات الاغتصاب وزنى المحارم.. كل تلك الظروف قد تدفع البعض إلى العمل بالجنس، خاصة مع سهولة المكاسب التى يحققها.

فعلى سبيل المثال، من بين الحالات التى قدمتها الدراسة امرأة معيلة بعد زواجها بأيام لم يكمل الزوج عمله، واضطرت هى للاستمرار فى العمل كفراشة فى مدرسة مع أمها، ولم يعمل هو ورفض أن تجلس فى البيت ويبحث هو عن عمل، وانجرفت لتعمل بالجنس بعد حملها، حيث لم تتمكن من العمل مع أمها ومع تزايد عدد الأبناء والأعباء المادية استمرت تعمل بالمهنة الوحيدة التى وفرت لها احتياجات بيتها وأسرتها التى تعيلها بمفردها.

حالة أخرى كانت متزوجة عرفيا ومخطوبة لشخصين، قبلت خوفا من أخيها الكبير. قبل انتهاء فترة الزواج العرفى (شهرين وفقا لتصريحاتها) قام أخوها بخطبتها لشخص آخر وشخص ثالث، وكانت تأخذ أموالا من الثلاثة بضغط من أخيها، وظل الأخ يضغط حتى تم تقطيع ورقة الزواج العرفى وانفصلت عن الزوج الذى كان يحبها بسبب خوفها من أخيها حسب شهادتها.

والسبب الثانى الذى تراه الدراسة لتزايد العمل بالجنس هو التفكك الأسرى حيث إن ١٤ من بين الحالات الـ١٦ التى اعتمدت عليها الدراسة انتمين لعائلات تعانى من التفكك الأسرى، بسبب انفصال الأب والأم ووفاة أحدهما وزواج الآخر، وكذلك الاعتداءات الجنسية من الأقارب وقيام أفراد من الأسرة بدفع الفتاة إلى العمل بالجنس.

إحدى العاملات بدأت الاعتداءات عليها من أخيها الكبير كانت تنام فى سرير واحد مع أختها، وكان الأخ الأكبر يأتى لينام بجوارها ويتحسسها ويقبلها، وكانت وقتها فى الثالثة عشرة وهو قارب العشرين.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 358 مشاهدة
نشرت فى 25 يوليو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,792,816