بقلم: حازم عبدالرحمن
الفقر هو أسوأ أنواع الذل والقهر والظلم, وكل تطور الحضارة الحديثة هدفه قهر الفقر أو علي الأقل توسيع قاعدة الاستفادة من الثروة الاجتماعية.
يتحدث تقرير التنمية البشرية المصري الذي جري اعداده بالاتفاق مع الأمم المتحدة عن أن البطالة بين الشباب في مصر تمثل90% من حجم البطالة في المجتمع, وهذه مشكلة خطيرة, فهي تبين أن الشباب تحت سن الـ30 عاما, هم الأكثر تعرضا للتبطل, والأقل قدرة علي توليد الدخل.
ولذلك لايتزوجون, وتضيق الدنيا في وجوههم فهم بعد سنوات التعليم والدراسة, يتخرجون ليجدوا أنفسهم بلا عمل, وهذا هو السر الذي يفسر لنا أشياء كثيرة, فهو يفسر مثلا ظاهرة محاولة الهروب أو الهجرة عبر البحر المتوسط في مراكب متهالكة إلي ايطاليا أو أي بلد في أوروبا لعلهم يجدون فيه ما عجزوا عن العثور عليه في بلادهم.
وفي مثل هذه الظروف, لن تفلح قوات غفر السواحل, وحرس الحدود, وأي قوات مهما تكن من القضاء علي هذه الظاهرة, فطالما أن فرص كسب الرزق غير متوافرة فالبديهي أن يكون هناك ضغط من أجل السعي إلي تغيير هذا الوضع, فليس من الطبيعي أن يظل الشاب وقد أصبح رجلا ينتظر المصروف من أبيه. والبديهي أن يسعي إلي تأسيس منزل وأسرة مستقلة.
الطبيعي أيضا أن الشاب في مثل هذا الوضع يمتلئ بالسخط والغضب علي الأوضاع من حوله, والبديل الوحيد لأن يخرج علي الناس قاتلا أو قاطعا لطريق أو.. أو.. أن يسافر إلي بلاد الله لكي يجد حلا لمشكلته..
2
يقول التقرير أيضا أن27% من الشباب لم يستكمل تعليمه الأساسي وأن منهم17% تسربوا من التعليم و10% لم يدخلوا المدارس أصلا.. فإذا كان التعليم في بلادنا هو أحد الطرق الأساسية لتحسين مستويات معيشة الأفراد, فإن الحرمان من التعليم يعني بالضرورة الحرمان الاجتماعي والاقتصادي ويبين ذات التقرير أن هذه الشريحة من السكان تقع بين فئات السكان الأكثر فقرا واذن فنحن نجد أن السكان الفقراء هم أيضا الأقل حظا من التعليم وهم أيضا ذوو أقل الخظوظ لكي يترقوا اجتماعيا لأجل هذا يتحدث التقرير عما يسميه بـ وراثة الفقر.
واذا تأملنا واقع ان أغني شريحة في المجتمع تمثل5% فقط من السكان وهذه المجموعة تسيطر علي50% من الثروة الاجتماعية وهي أيضا إذا أجرينا دراسة فلسوف نجدها الاوفر حظا في التعليم فهي بالاضافة الي عنصر الوعي الموجود لديها والعلاقات القوية التي تمثل سندا للانسان يعتمد عليه في تقدمه ورقيه, هي بالاضافة الي كل هذا لديها الدخل والقدرة والامكانيات علي تعليم ابنائها في افضل المدارس ثم في احسن وارقي الجامعات, ولايتوقف الامر عند هذا الحد بل هي ايضا قادرة علي ايفاد ابنائها للخارج لاستكمال الدراسة وتحصيل درجات الماجستير والدكتوراه, يعني هذا انها ايضا ليست فقط ثرية وغنية وذات علاقات قوية بل انها ايضا تصبح ذات الفرص الافضل للترقي لكل هذا بالاضافة الي التعليم الاحسن
في هذه الحالة هل يصح ان نقول ان لدينا قطبان متقابلان احدهما هو وراثه القوة والاخر هو وراثه الغني.
3
هذه القضية لايكفي لحلها الحديث عن التكافل الاجتماعي والزكاه والعمل التطوعي فالمجتمعات المدنية توصلت الي حل هذه المشكلة عن طريق النهضة الصناعية, فالصناعة هي الباب الملكي لاقامة مجتمع سوي تتوفر فيه لكل ابنائه فرصة الكسب الشريف وهو ايضا المجتمع الذي لايسعي ابناؤه إلي الهروب منه فالصناعة لديها القدرة علي توليد فرص العمل وتوليد الدخول واتاحة فرص الترقي والنمو في الحياه وتكوين اسرة وحياة مستقله
هل نستطيع ان نقول ان لدينا فرصة لكي نبدأ هل نستغل ازمة او بوادر ازمة مياه النيل لكي نشرع فورا في تنفيذ برنامج تحويل الري الزراعي في مصر الي الري بالرش والتنقيط لكي يكون باكورة هذا التحول الذي تأخر كثيرا لسوف تصبح لدينا بفضل هذا المشروع صناعة بلاستيك متطورة وصناعة محولات كهربائية.
متطورة وصناعة مضخات متطورة وعمالة فنية مدربة ومهندسون علي درجة عالية عن الخبرة... انها مجرد بداية فهل نبدأ؟!
المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
ساحة النقاش