أساليب التدريب (7) ... العصف الذهني Brainstorming

أساليب التدريب (7) ... العصف الذهني Brainstorming

في عصر المعلومات والمعرفة تعلو قيمة الأفكار والمقترحات الابتكارية والابداعية المتيزة والتي تأتي بصورة أكثر عدداً وتنوعاً وأفضل جودة كلما أتت من المجموعات عما قد يقدمة الفرد بصورة مستقلة ، وهو ما يصعب تنفيذه من خلال غير المحترفين بالتدريب ، إن خبير التدريب المحترف يستخدم أساليب التدريب المناسبة وفي الوقت المناسب وبين أيدينا اليوم أحد أهم وأرقى أساليب التدريب ألا وهو "العصف الذهني Brainstorming" ، ويحلو للبعض أحيانا تسميته "استمطار الأفكار" أو "إذابة الثلوج". ويمكن عرض طريقة التدريب من خلال العصف الذهني بتناول العناصر التالية:
أولاً : ماهية العصف الذهني
ثانياً : كيفية تطبيق العصف الذهني.
ثالثاً : قواعد العصف الذهني.
وفيما يلي هذه النقاط بالتفصيل:

أولاً : ماهية العصف الذهني
يعتبر العصف الذهني إحدى صور المناقشات الجماعية التي يمكن وصفها بالمناقشات الارتجالية المنظمة ، حيث تكون المناقشة منظمة في الأصل بمعرفة خبير التدريب الذي يقوم فيها بدور الميسر والمسهل Facilitator لعملية إنسياب الأفكار والمقترحات من الأفراد بصورة شبه ارتجالية من خلال تشجيعه لهم وحثه إياهم على تكثيف وجودة الأفكار المطروحة. ويقصد بالعصف الذهني "أحد أساليب التدريب التي يقوم فيها خبير التدريب بمناقشة مجموعة أفراد لتقديمهم أكبر قدر ممكن من الأفكار والمقترحات المبتكرة حول موضوع معين خلال فترة من الزمن".

ويتناسب أسلوب العصف الذهني مع المتدربين الذين لديهم قدر من المعلومات عن موضوع العصف الذهني ، وهنا تجدر الإشارة إلى الخلط (الذي يقع فيه كثير من غير المحترفين بالتدريب أو قليلي الخبرة) باعتبارهم الأسئلة المشوقة التي توجه للمتدربين في بداية اليوم التدريبي بأنها إحدى صور العصف الذهني ، غير أن الصحيح هو أن تلك الأسئلة هي ما يمكن اعتبارها أسئلة التهيئة والتشويق والجذب للموضوع ومساعدة المشاركين في استدعاء خبراتهم والتي سيأتي الحديث عنها ضمن مجموعة أساليب التداعي حيث سيتم تناولها بالتفصيل بالأعداد اللاحقة إن شاء الله من هذه السلسلة حول أساليب التدريب. أما العصف الذهني فقد يستنفذ جزء كبير من اليوم التدريبي أو يستهلكه بالكامل في بعض الأحيان بل وقد يمتد لأكثر من يوم بحسب الحاجة وليس مجرد سؤال مشوق في مقدمة اليوم التدريبي عن تفاصيل ما لم يتم شرحه بعد ، والذي قد يعد عيباً عند المختصين بإعداد وتدريب المدربين في حالة إذا تم تقديم سؤال لمجموعة من المشاركين ليس لديهم أدنى فكرة عنه على واعتبار ذلك من صور العصف الذهني ، وإنما كما سبق التوضيح ليس إلا سؤال محفز فقط وتشويقي.

ثانياً : كيفية تطبيق العصف الذهني
ينصح باستخدام اسلوب العصف الذهني في حالة كون المتدربين (أو المشاركين) لديهم دراية بموضوع التدريب ويتم جمع عدد من المشاركين يفضل ألا يقل عن 5 أفراد كما ينصح بعض الخبراء ألا يزيد العدد عن 11 مشارك (وأرى أن العدد يتوقف على مدى خبرة المدرب ومهاراته في إدارة العصف الذهني بكفاءة وفعالية) ، ويتعامل خبير التدريب في هذا الاسلوب كقائد ميسر لعملية العصف الذهني والتي يقوم في بداية عمله بتحديد المشكلة الرئيسية للجلسة وآلية سير الجلسة وقواعدها الأساسية والحث على تقديم المشاركات ، ومن المفضل تخصيص مقرر لكل مجموعة بحيث يكون هناك تنسيق للمشاركات بأقل قدر من التدخلات والجدل.

إن خبير التدريب المحترف يعمل على تفادي المشاركات الخارجه عن الموضوع قبل وقوعها بالتنبيهات الخفيفة قبل بداية المشاركات ، ثم إن عليه تشجيع المشاركين بعد ذلك في تقديم أكبر قدر ممكن من الأفكار والمقترحات دون تدخل منه بعد ذلك لا بالتقييم أو المقاطعات او حتى الاضافات وانما يصح منه الاستفسار أحيانا لابداء مزيد من الاهتمام بالمتحدث أو للاستفسار عن عن عنصر غير واضح بالحديث ، ويقوم خبير التدريب أو من ينيبه بتسجيل كافة الأفكار والمقترحات المطروحة حيث ان هناك قاعدة مستنتجة من العديد من التجارب العلمية لخبراء الادارة تشير إلى أن الأفكار الابداعية قد تتراوح بين 1-2 فكرة لكل 100 فكرة يتم طرحها بمثل هذه الجلسات وهو ما يشير للحاجة الماسة لطرح أكبر عدد ممكن من الأفكار والمقترحات للخروج بحصيلة جيدة من الأفكار الابداعية المتميزة والقابلة للتطبيق وبالأخص تلك الأفكار التراكمية والمركبة التي يتم تكاملها بين الأفراد داخل جلسة العصف الذهني.

ومما يميز أسلوب العصف الذهني أنه وسيلة قد تساعد على توصيل المعلومات من المشاركن إلى جهات إدارية أعلى أو العكس كما أنها يمكن وأن تساعد على تبادل الخبرات بين المشاركين وتنقيح الأفكار والمقترحات بأقل قدر ممكن من التعارض والاختلاف. ومن المفيد جداً أن يوجه خبير التدريب جهود المشاركين لبناء أفكارهم ومقترحاتهم على الأفكار السابق عرضها من خلال باقي المشاركين بالجلسة لتكوين بناء متكامل من المقترحات.

ثالثاً : قواعد العصف الذهني
1- أثناء التجهيز لأسماء المشاركين بجلسات العصف الذهني يتأكد خبير التدريب من عدم وجود الشخصيات ذات المسئوليات الإدارية العليا ممن قد يؤدي وجودهم إلى إحجام البعض عن التفاعل بالافكار والمقترحات بالجلسة وبالتالي تصبح روتينية وغير فعالة.
2- لا ينصح بهذالاسلوب للأفراد قليلي الخبرة بموضوع العصف الذهني وإلا يعتبر وجودهم عائقاً لسير جلسات العصف الذهني فهي وسيلة للمحترفين وتقديم الهدف المهاري أكثر من المعرفي وليت مرتكزة على الجانب المعرفي كما في أسلوب المحاضرة على سبيل المثال ووفقاً لما تم عرضه بالحلقات السابقة من هذه السلسلة الخاصة بأساليب التدريب.
3- تحديد موضوع الجلسة بدقة في بداية جلسة العصف الذهني مع تقديم الحث والتغريب المناسبين للمشاركة الفعالة بتقديم الأفكار والمقترحات.
4- يُطلب من الجميع طرح أكبر قدر ممكن من الأفكار والمقترحات وعدم الخروج عن الموضوع.
5- يمكن تقسيم المشاركين الى مجموعات ولكل مجموعة مقرر لتجميع وعرض الأفكار ومن المفضل ألا تزيد امجموعة الواحدة عن خمسة أفراد.
6- يتم تسجيل كافة الأفكار والمقترحات باهتمام ودقة وعناية.
7- يعاد على مسامع الحاضرين ما تم تسجيله لأنه غالباً ما يطلب المشاركون إضافة مجموعة جديدة من المقترحات والأفكار إذا ما كانت إدارة الجلسة محفزة ومشوقة.
8- لا يتم تقييم المقترحات أثناء عرضها كما لا سمح مقاطعة المتحدث سواء باعتراض أو إضافة أو غيره وإنما قد يسمح بالاستفسار الاستيضاحي بعد انتهاء المتحدث من عرض فكرته ، ويسري هذا المنع عى خبير التدريب أو المشاركين على حد سواء.
9- يتم تصنيف الأفكار والمقترحات في مجموعات وقد يسمح بالقاء بعض الاضافات من الحاضرين لها مع التنبيه المسبق بعدم انتقاد أية فكرة أو توجيه اللوم لأصحاب تلك الأفكار.
10- يجب تقديم شكر لكل مشارك بعد مشاركته بالاضافة لتقديم شكر عام لكل المشاركين بنهاية جلسة العصف الذهني.
11- يقتصر دور خبير التدريب على تيسير عملية إنسياب الأفكار والمقترحات من المشاركين ويجب ألا تتعدى نسبة مداخلاته ومشاركاته حوالي 20-30% من إجمالي زمن جلسة العصف الزهني وبصورة موزعة على الفترة الاجمالية للجلسة.