سيدة الصحافة الأولى بقلم د. حسن نافعة ١٠/ ٦/ ٢٠١٠ |
اسمها «هيلين توماس»، أمريكية المولد والجنسية، لكنها من أصول عربية لبنانية. فوالدها، واسمه الأصلى أنطونيوس، مواطن لبنانى ولد فى مدينة طرابلس، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة واستقر فى مدينة ديترويت بولاية ميتشجان قبل سنوات قليلة من ولادتها فى ٤ أغسطس عام ١٩٢٠. وبعد حصولها على ليسانس فى اللغة الإنجليزية عام ١٩٤٢، امتهنت الصحافة وأصبحت، اعتبارا من عام ١٩٦٠، مراسلة وكالة «يونايتد إنترناشيونال برس» فى البيت الأبيض، وظلت تغطى أخباره على أكثر من أربعين عاما إلى أن تركته عام ٢٠٠٠، بعد أقل من عام من ولاية بوش الابن، وكانت أول سيدة تشغل منصب «رئيس نادى الصحافة القومى» فى الولايات المتحدة الأمريكية. وبعد استقالتها من الوكالة فى ١٧ مايو عام ٢٠٠٠ التحقت بمجموعة «هيرست» الصحفية كمعلقة. صنعت هيلين توماس لنفسها اسما كبيرا فى سماء الصحافة الأمريكية والعالمية بسبب مهنيتها العالية، وأسئلتها الصريحة، بل الحادة أحيانا والتى جعلت الرؤساء الأمريكيين يعملون لها ألف حساب إلى درجة أن بعضهم كان يضطرب ويتلعثم أحيانا حين تحاصره بأسئلتها المباشرة أو بتعليقاتها المتفردة!. ولم يكن الرؤساء الأمريكيون وحدهم أكثر من يخشونها، بل الرؤساء الأجانب أيضا. فحين التقت الرئيس الكوبى فيدل كاسترو وجهت إليه سؤالا يقول: «ما الفرق يا سيدى بين الديمقراطية فى كوبا والديمقراطية فى الولايات المتحدة الأمريكية»، ولم يجد كاسترو ما يرد به عليها سوى: «سيدتى: لست مضطرا للإجابة عن أسئلة تطرحها هيلين توماس»!. لم تكن هيلين توماس مجرد سيدة تمتهن الصحافة وتبعث لمؤسساتها بتقارير تصف ما تشاهده من وقائع وأحداث، أو ما تسمعه من أقاويل وأحاديث، وإنما كان لديها أيضا ما يكفى من الشجاعة للإفصاح عن آرائها ووجهات نظرها علنا، حين تسأل عنها، دون أن تخشى عواقب ما تقول، رغم إدراكها التام لما قد تسببه لها من محن. فحين سألت يوما، فى بداية عهد الرئيس بوش الابن، عن الأسباب التى تجعلها تبدو حزينة إلى هذا الحد؟ أجابت على الفور: «لأننى مضطرة لتغطية أخبار أسوأ رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية»، مما تسبب فى إجبارها على تقديم استقالتها وحرمانها من مقعد كانت قد احتلته بجدارة، على مدى أكثر من ٤٠ عاما، فى الصف الأول من المؤتمرات الصحفية لرؤساء البيت الأبيض وجعلها تشبه «بوذا الجالس»، كما كان يطلق عليها. وحين سئلت عن رأيها فى احتمال ترشح ديك تشينى للرئاسة أجابت على الفور: «سأقتل نفسى.. إن آخر ما تحتاجة الولايات المتحدة هو كاذب آخر»!. دعيت هيلين توماس لحضور احتفال بإحدى المناسبات اليهودية أقيم فى البيت الأبيض يوم ٢٧ مايو الماضى، وهناك سألها أحد الحاخامات: «هل لديك تعليق عن دولة إسرائيل؟»، فأجابت: أطلب منهم أن يرحلوا عن فلسطين..»، فسألها: «وإلى اين يذهب الإسرائيليون؟» أجابت: «يعودوا إلى بلدانهم الأصلية..». كان الحديث مسجلا، وحين نشر فى أحد المواقع على الشبكة الإلكترونية، أحيلت هيلين إلى المعاش على الفور. فقدت هيلين العجوز وظيفتها لكنها لم ولن تفقد أبدا مكانتها واحترامها. وعلق أوباما على الحدث قائلا: «من المؤسف حقا أن تنتهى الحياة المهنية لسيدة ذائعة الصيت بهذه الطريقة المثيرة للجدل، لكنها كانت حقا إحدى «مؤسسات» العاصمة. |
ساحة النقاش