authentication required

صداقة تركيا واسرائيل‏..‏ لصالح من؟
بقلم: د. أحمد يوسف القرعى


علي الرغم من المواقف الحاسمة التي اتخذتها حكومة تركيا تجاه اسرائيل بعد حادث مجزرة قافلة الحرية وتصاعد حدة الهجوم التركي والتهديد بقطع العلاقات وتقليص التعاون العسكري والتبادل التجاري والمطالبة بتحقيق دولي‏...‏ الخ‏.

 

‏ فإن التوقعات السائدة ان العلاقات التركية ـ الاسرائيلية لن تصل الي قطيعة ويؤكد هذا مسيرة تلك العلاقات منذ مطلع القرن العشرين‏.‏
وإذا كان السلطان عبد الحميد قد عارض مشروع انشاء دولة يهودية صهيونية في فلسطين وظل يرفض العروض اليهودية المغرية حتي قيام اسرائيل عام‏1947‏ حيث صوتت تركيا بجانب الدول العربية برفض مشروع تقسيم فلسطين في الأمم المتحدة‏,‏ إلا ان تركيا لم تسلم من الضغوط الامريكية التي مارستها واشنطن علي مختلف الدول واعترفت تركيا باسرائيل في‏28‏ مارس‏1949‏ وكانت تركيا آنذاك عضوا بلجنة التوقيع المشكلة من قبل الأمم المتحدة مع الولايات المتحدة وفرنسا للوساطة بين الدول العربية واسرائيل واتخاذ التدابير اللازمة لوضع الأماكن المقدسة تحت حماية الأمم المتحدة واشرافها ووضع القدس تحت نظام دولي دائم‏.‏
‏***‏
وكانت مبررات تركيا للاعتراف باسرائيل هي العمل علي بقاء اسرائيل ضمن اراضيها التي حددتها الأمم المتحدة والوقوف ضد التوسع الاسرائيلي في اراضي الدولة العربية وتأمين حقوق اللاجئين الفلسطينيين‏,‏ وخاب ظن تركيا ولعلها كانت من أولي الدول التي تعاملت مع اسرائيل من خلال لجنة التوفيق‏,‏ وتعرفت علي اساليب الخداع والمراوغة الصهيونية حيث اتخذت اسرائيل هذه اللجنة وسيلة لتحقيق أطماعها التي كانت تتمثل آنذاك بقبولها في عضوية الأمم المتحدة‏,‏ ولما تم لها ذلك تنكرت اسرائيل تماما لتعهداتها أمام اللجنة‏.‏
وانتهزت تركيا احداث معركة السويس عام‏1956‏ وحاولت تصحيح موقفها نسبيا بمناصرة الموقف المصري وسحب سفيرها من تل أبيب عام‏1956‏ ومنذ هذا التاريخ لم يعد السفير التركي الي اسرائيل في الستينيات من القرن الماضي حيث أكدت احداث حرب‏1967‏ موقف التأييد التركي للدول العربية وأعلن ديميريل رئيس الحكومة التركية انذاك ان حكومته تري وجوب انسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي العربية المحتلة حتي يمكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط الذي وصفه بأنه ذو أهمية بالغة لتركيا‏.‏
وفي هذا السياق أعطت تركيا اهتماما خاصا بشأن مناصرة قضية عروبة القدس اذ سارع الرئيس التركي الأسبق جودت صوماي في‏24‏ اغسطس‏1967‏ وبعث برقية الي قاضي القضاة التركي أكد فيها ان تركيا تعارض أي أمر واقع ينطوي علي ضم مدينة القدس الي اسرائيل‏,‏ وفي‏12‏ فبراير‏1968‏ أعلن متحدث بلسان وزارة الخارجية التركية ان الحكومة التركية لا تعترف بقرارات اسرائيل فيما يتعلق بنزع ملكية الأراضي داخل القدس العربية المحتلة‏,‏ وقال المتحدث ان هذه القرارات تستهدف تغيير وضع القدس من جانب واحد وهي قرارات غير مقبولة ومتناقضة مع قرارات الأمم المتحدة وقام وزير الخارجية التركية باستدعاء القائم بالأعمال الاسرائيلي في تركيا‏,‏ وأبلغه هذا الموقف وقلق حكومته من أعمال اسرائيل‏.‏
وفي الخامس من يوليو‏1969‏ جري توزيع وثيقة تركية تتضمن نص تصريح وزير الخارجية التركية التي هاجم فيها خطوات اسرائيل التي اتخذتها في القدس علي أعضاء الأمم المتحدة كوثيقة رسمية لمجلس الأمن‏.‏
وعند محاولة اسرائيل احراق المسجد الأقصي في أغسطس‏1969‏ برز اهتمام الرأي العام التركي بهذا الحدث وصرح رئيس الوزراء التركي بأن بلاده ازاء كارثة الحريق في المسجد تأخذ مكانها الي جانب الدول الاسلامية‏,‏ وشاركت تركيا في أعمال أول مؤتمر قمة اسلامي عقد في عام‏1969‏ بشأن مؤامرة احراق المسجد الأقصي وظلت مشاركة تركيا في منظمة المؤتمر الاسلامي علي مستوي وزير الخارجية حتي مؤتمر القمة الاسلامي في الدار البيضاء‏(1984)‏ حيث شارك رئيس الجمهورية في أعمال المؤتمر للمرة الأولي‏.‏
‏***‏
وفي مواجهة محاولات اسرائيل ضم مدينة القدس قامت تركيا بإغلاق قنصليتها العامة في القدس في‏28‏ اغسطس‏1980‏ وأشار بيان تركي انذاك الي ان القرار تم اتخاذه بسبب سياسة الأمر الواقع الاسرائيلية بشأن الوضع القانوني للمدينة واعتبار اسرائيل القدس عاصمة لها وبعدها بشهور قليلة قررت تركيا تخفيض حجم تمثيلها الدبلوماسي في اسرائيل وطالبت اسرائيل باتخاذ اجراء مماثل لسفارتها في انقرة وذلك احتجاجا علي قرار الكنيسيت الاسرائيلي ضم القدس الشرقية واتخاذ القدس عاصمة لاسرائيل‏,‏ وكانت تركيا قد وافقت منذ بداية الثمانينات علي فتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في انقرة‏,‏ كما بعثت تركيا وفدا فنيا الي القدس ـ مؤخرا ـ للاطلاع علي أعمال الحفر التي تقوم بها اسرائيل في المسجد الأقصي‏.‏
كما تواصل تركيا سياستها بشأن السلام العادل في الشرق الأوسط وتربط حسن علاقاتها مع اسرائيل بوقف المأساة الانسانية في غزة‏.‏
وأخيرا فإن التوازنات التي تتسم بها سياسة تركيا الخارجية تنبع من الحرص علي عدم التدخل في الشئون الداخلية لدول الشرق الأوسط من منطلق ان القومية التركية تخلو من المكونات الدينية فنظام الدولة التركية علماني الصفات والدبلوماسية التركية لا تري أي تنازع بين صفتها العلمانية ومشاركتها الاسلامية‏.‏
 

 

المزيد من مقالات د. أحمد يوسف القرعى
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 123 مشاهدة
نشرت فى 10 يونيو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,763,088