ويبحث عن أكثر من بديل للحل, ويتعامل مع كل هذه البدائل علي قدم المساواة, وتحدثنا عن العنصر الأول الذي يؤدي إلي الإبداع وهو: القدرة علي رؤية ما لا يراه الآخرون, ونتحدث اليوم عن العنصر الثاني الذي ينبغي أن يوجد في الإنسان لكي يكون مبدعا وهو: التفكير فيما لا يفكر فيه الآخرون. ولكي نحقق هذا الهدف:' التفكير بطلاقة وسلاسة' هناك مجموعة من المبادئ حول كيفية إنتاج أفكار كثيرة تمثل وسائل إنتاج تنويعات جديدة متباينة ومبتكرة من الأفكار,حيث يعد هذا أحد الجوانب المهمة في العبقرية, ولكي يكون هذا التباين والتنوع فاعلا بحق, يجب أن يكون' أعمي' وتوضح الاستراتيجيات الست التالية كيف يحصل العباقرة والمبدعون علي أفكار جديدة ومبتكرة وهذه الاستراتيجيات تتمثل في:1- صنع توليفات مبتكرة2.- وصل ما لا يكون متصلا.3- النظر إلي الجانب الآخر من الموضوع.4- النظر داخل العوالم الأخري.5- استغلال العثور علي ما لا تبحث عنه.6- إيقاظ روح التعاون' ومعرفة كيفية شحذ الذهن من خلال روح عمل الفريق, والعمل الجماعي. وفيما يتعلق بالتفكير بسلاسة وطلاقة, ينبغي أن نعلم أن سلاسة وطلاقة التفكير تعني توليد كمية من الأفكار من خلال شحذ الذهن, أو كما يسمونه بالعصف الذهني, ولكي يكون هذا الشحذ والشحن الذهني مجديا ومنتجا ومبدعا ينبغي: إرجاء إصدار الأحكام أثناء عملية المخاض الفكري وولادة الأفكار.- توليد أكبر عدد ممكن من الأفكار.- تسجيل الأفكار وكتابتها بمجرد ورودها علي الذهن.- تطوير الأفكار الأولية, ومحاولة تحسينها للوصول إلي الشكل الأمثل. وتشكل الإنتاجية الهائلة إحدي الخصائص المميزة للعبقرية, فالعباقرة يتميزون بغزارة انتاجهم وضخامته, ولا يمكن ان يكون هناك مبدع كسول, فقد أنتج توماس إديسون عددا قياسيا من براءات الاختراع بلغ1093 براءة, ولكي يضمن الإنتاجية اتبع أديسون أسلوبا معينا ألزم نفسه به, فقد خصص لنفسه ولمساعديه بمقتضي هذا النظام حصصا من الأفكار, وكانت الحصة الخاصة به شخصيا هي التوصل لاختراع صغير كل عشرة أيام, واختراع كبير كل ستة أشهر, وكان إديسون يعتبر الإبداع عملا شاقا وصادقا, ومن أقواله المأثورة:' إن العبقرية مكونة من1% إلهام,99% عرق', لذا فقد أجري إديسون تسعة آلاف تجربة لإتقان المصباح الكهربائي, وخمسة آلاف تجربة لاختراع البطارية ذات الخلية الثانوية, وكان لا يعترف بشيء اسمه الفشل, ففي كل مرة يجري تجربة, يخرج منها بشيء جديد, حتي وإن لم يصل إلي الغاية التي بدأ من أجلها التجربة. أما الموسيقار باخ فقد كان يؤلف' كنتاته' كل أسبوع حتي عندما يكون مريضا أو مرهقا, وأنتج الموسيقار موتسارت أكثر من600 قطعة موسيقية, وعلي الرغم من أن ورقة أينشتاين عن النسبية كانت هي السبب في شهرته, فإنه نشر248 ورقة بحثية أخري, أما داروين المعروف بنظريته عن النشوء والارتقاء, فقد كتب119 كتابا آخر في حياته, ونشر فرويد خلال حياته330 ورقة وبحث, وفي مجال الفن فقد أنجز بيكاسو أكثر من20 ألف عمل فني في حياته, وفي دراسة عن2036 عالما وفنانا واديبا علي مر التاريخ, خلص' دين كيث سيمونتون' إلي أن المبدعين الأكثر تمتعا بالاحترام لم ينتجوا فقط المزيد من الأعمال العظيمة, بل أيضا المزيد من الأعمال' الرديئة', ومن الكم الغزير والهائل لأعمالهم جاءت الجودة. وصل ما ليس متصلا: وإذا كان هناك أسلوب معين في التفكير يميز العباقرة والمبدعين, فهو القدرة علي إجراء عمليات ووضع أشياء بجوار أخري( أومتجاورات) يستعصي علي سائر البشر فهمها وإدراك مغزاها, ويمكن أن نسميها القدرة علي وصل ما لا يكون متصلا, وذلك عن طريق إيجاد علاقات تمكنك من رؤية أشياء لا يستطيع الآخرون رؤيتها, فقد أوجد ليوناردو دافينشي علاقة بين صوت الجرس وصوت حجر يصطدم بالماء, وكانت معرفة هذه العلاقة هي بداية التوصل إلي اكتشاف أن الصوت ينتقل علي شكل موجات, وفي عام1865 توصل ف.أ.كيكول بديهيا إلي شكل جزيء حلقة البنزين, وذلك بعد استيقاظه من النوم بعد أن حلم بثعبان يعض ذيله, أما صامويل مورس فقد وجد صعوبة في محاولة التوصل لكيفية إصدار إشارة قوية بدرجة تمكنها من الانتقال من ساحل إلي ساحل آخر, وفي يوم من الأيام شاهد عملية إبدال الجياد في محطة للإبدال في سباق خيل بالتتابع, وربط بين محطات إبدال الخيل والإشارات القوية, فالخيل المرهقة الضعيفة تدخل المحطة, وتتبدل بخيل قوية نشيطة, وكان الحل هو إعطاء الإشارة جرعات دورية من القوة والقدرة في أثناء انتقالها. النظر داخل العوامل الأخري: اكتشف نيوتن قوانين الجاذبية عندما رأي التفاحة تسقط من علي الشجرة, ولاحظ' أليكساندر جراهام بيل' وجه الشبه بين عمل الأذن الداخلية, وحركة غشاء متين ينقل صوت الصلب, ومن ثم اخترع التليفون, أما' توماس إديسون' فقد اخترع الفونوغراف في يوم واحد, بعد أن عقد مقارنة بين قمع لعبة, وحركات إنسان ورقي, وذبذبات الصوت. اقتناص فرصة العثور علي ما لا تبحث عنه: في كل مرة نحاول القيام بشيء ما ونفشل, يجب أن ينتهي بنا الأمر إلي القيام بشيء آخر, ورغم ما قد تبدو عليه هذه المقولة من بساطة, إلا أنها تشكل المبدأ الأساسي للمصادفة الإبداعية, فنحن قد نسأل أنفسنا عن السبب الذي أدي بنا إلي الفشل في القيام بما كان في نيتنا أن نفعله ـ وهذا أمر منطقي ومتوقع ـ إلا أن المصادفة الإبداعية تثير سؤالا مختلفا: ماذا فعلنا ؟ وكيف يمكن الاستفادة بالخطأ الذي فعلناه ؟ إن الإجابة علي هذا السؤال بطريقة جديدة وغير متوقعة تعد عملا إبداعيا أساسيا لا يقوم علي الحظ أو المصادفة, بل علي نفاذ البصيرة بالدرجة الأولي, فلم يكن' إليكساندر فليمنج' أول عالم يلاحظ العفن الذي تكون فوق مستنبت مكشوف, إلا أن أيا منهم لم يعتبر ذلك شيئا جديرا بالاهتمام, أما فليمنج فقد وجد فيما لاحظه شيئا مثيرا للاهتمام وتوصل إلي اختراع' البنسلين' الذي أنقذ حياة الملايين, كما حدث هذا مع باستير عندما نسي الزجاجات التي تحمل ميكروب كوليرا الدجاج علي الرف, وذهب في إجازة, وعندما عاد وحقن الدجاج بها, اكتسب الدجاج مناعة ضد مرض الكوليرا لأن البكتيريا أصبحت مضعفة, وبالتالي توصل إلي اكتشاف لقاح ضد مرض الكوليرا القاتل من خلال إضعاف البكتيريا وحقنها في الإنسان, لكي ينتج أجساما مضادة دفاعية تتصدي لها عند الإصابة بالعدوي. ولقد وصلتني رسالة من الطبيب د.فتحي الدخاخني يقول فيها: إنه توصل إلي تصميم برنامج سماه' المبدع' يمكن من خلاله اكتشاف القدرات الإبداعية للأطفال من سن6 سنوات وحتي15 سنة, ويقول د. فتحي: إن برنامج المبدع يسعي لتطوير وتنمية قدرات الأطفال للمرحلة السنية من6 ـ15 سنة ورفع كفاءة مهارات التفكير الابداعي والابتكاري لهم من خلال التدريب العملي وورش العمل الخاصة بالبرنامج, فهو يسعي لتشخيص وعلاج جوانب الضعف ودعم جوانب القوة بما يحقق تحسنا مستمرا للأداء, وهو يسعي إلي تطبيق منظومة من التقويم التربوي الشامل والجودة في التدريب- ولأول مرة- استخدام الحاسب الآلي في تشخيص حالات الأطفال المبدعين, واكتشاف الموهبة المبكرة لديهم, وتقويم قدرات النصفين الكرويين: الأيمن والأيسر, وتقييم وتقديم الاحتياجات الخاصة بهم وإكسابهم مهارات وقدرات التفوق و التميز الدراسي, والعمل علي إكسابهم القدرة علي الحوار و واحترام الرأي والرأي الآخر, ويهدف البرنامج إلي:1- اكتشاف الموهبة والعبقرية المبكرة.2- إثراء الذاكرة البشرية لحصاد معرفي سابق التجهيز.3- القدرة علي التفكير والتواصل4- اكتشاف أنواع الذكاءات المتعددة الموجودة في الطفل وتعدد الأبعاد5- إعطاء الأطفال بدائل تتيح لهم تحديد المسار في العملية التعليمية تتناسب مع تكنولوجيا عصر المعلومات.6- القدرة علي التعليم الذاتي والمستمر7- تنشيط القدرة علي التحليل والتركيب و توليد الأفكار الجديدة8- تنمية وتنشيط دافع الإنجاز والنقد الذاتي9- حرية العقل في التفكير وقدح القدرات10- تعليم الطفل كيف يعرف ؟ لا ماذا يعرف؟11- تدريب وتعليم مهارات التفوق و القراءة التصويرية12- استخدام الخرائط الذهنية واستغلال الوقت وكذلك القراءة والكتابة الذكية. وأتمني من كل قلبي أن يلتفت وزيرالتربية والتعليم د.أحمد زكي بدر, وخبراء علم النفس إلي مثل هذه البرامج التي تصمم من أجل الاستثمار في ال بني آدم الذي يمكن أن يكون العمود الفقري للاستثمار في المستقبل.
المزيد من مقالات عبد الهادى مصباح |
ساحة النقاش