أبنــاء‏..‏ ولكـــن أيتــــام
سعدية شعيب
عندما ينفصل زوجان‏..‏ فإنهما يضعان بطلاقهما ـ نهاية للتوتر والخلاف والحياة التي لم تعد تطاق‏,‏ لكنهما في نفس الوقت يطلقان إشارة البدء لحياة أتعس.
 
 

 

وهى حياة  اليتم لأبنائهما حتي لو حرص الطرف الحاضن علي آداء حق الرؤية للطرف الآخر‏.‏
هذه الحقيقة رصدتها دراسة بعنوان المسئولية الاجتماعية نحو تيتم الأطفال ضحايا الطلاق أجرتها الدكتورة سلوي محمد المهدي أستاذ علم الاجتماع بكلية آداب قنا التابعة لجامعة جنوب الوادي‏,‏ وحذرت الدراسة من أن هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للإنهيار النفسي والعصبي ويشعرون بالاكتئاب واليتم‏,‏ وبأنهم منبوذون ويتأذون نفسيا من تأثير المكان الذي ينفذ فيه حكم الرؤية الذي لايدعو إلي البهجة أو السرور‏,‏ فقد أثبتت الدراسة أن‏60%‏ من مواقف الرؤية رسمية‏,‏ وتفتقد إلي مشاعر الود والعاطفة المتبادلة‏,‏ وأن‏40%‏ من الأطفال تأصلت لديهم مشاعر الخوف وعدم الشعور بالأمان الإجتماعي والنفسي‏,‏ كما يشعر‏70%‏ من الذين ينفذون حكم الرؤية أنهم مختلفون عن أقرانهم ويتمنون لو كانوا يعيشون في أسر متكاملة متحابة مثل باقي الزملاء والمعارف‏,‏ كما اظهرت الدراسة ان بعض الآباء غير الحاضنين يعملون خارج البلاد وبالتالي تكون الرؤية حق للأجداد لكن هؤلاء غالبا مايتخلفون عن موعد الرؤية لسبب تقدمهم في السن أو مرضهم مما يسبب ألما نفسيا للأطفال‏..‏ وتوصلت الدراسة إلي أن‏20%‏ من الآباء غير الحاضنين لاينفقون علي مدارس أو علاج أبنائهم مما قد يثير غضب الأمهات الحاضنات فيكون الرد بالتعنت في تنفيذ حكم الرؤية وهذا بدوره يزيد من تيتم الأطفال‏,‏ فقد أثبتت الدراسة أن‏35%‏ من الحالات تسود بينهم العلاقات السيئة‏,‏ مما ينعكس علي تنفيذ الحاضنة لحكم الرؤية لغير الحاضن‏.‏
ومن جهة أخري يلقي‏80%‏ من الآباء غير الحاضنين مسئولية تيتم الأطفال‏,‏ علي تحديد قانون الرؤية لفترة ثلاث ساعات اسبوعيا‏,‏ حيث يؤكدون أنها فترة قليلة للغاية‏,‏ ولكنهم لاينتبهون إلي النص القانوني الذي يحدد ألا تقل مدة الرؤية عن ثلاث ساعات أي من الممكن أن تزيد‏,‏ و‏30%‏ منهم يؤكدون رفض بعض الأمهات الحاضنات رؤيتهم لأبنائهم منفردين ويصرون علي إن يكون الأم أو الاب ملازما للصغير‏,‏ في حين أثبتت الدراسة أن‏70%‏ من غير الحاضنين يلقون بمسئولية التيتم علي عدم وجود نظام الإستضافة في قانون الرؤية‏..‏ والمقصود به أي مكان آمن يرغب فيه الأب لقاء ابنه سواء كان النادي المشترك فيه أو منزل اسرته‏,‏ أو في منزله الخاص ولاتحدده الزوجه ولمدة يوم واحد كامل أو لعدة أيام في عطلة نهاية الاسبوع‏,‏ أو نصف العام الدراسي أو في أجازة الصيف‏!!‏
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا تتعنت بعض الأمهات في رؤية الآباء غير الحاضنين لأطفالهم مدة زمنية أطول؟‏!..‏ ولماذا تصر الأم علي وجود فرد أو أكثر من عائلتها مع الصغير في فترة الرؤية؟‏!..‏ بل ولماذا دائما هي التي تختار مكان تنفيذ الرؤية؟‏.‏
الخوف‏..‏ سبب التعنت‏!‏
محمد فؤاد يوسف المستشار القانوني والمحامي بالنقض والإدارية والدستورية العليا‏.‏ يؤكد حقيقة أن بعض الأمهات يتعنتن في تنفيذ حكم الرؤية بحق الأب غير الحاضن للإبن المحضون للأم‏,‏ بالمراوغة والتزويغ من ميعاد الرؤية‏,‏ أو برفض تركه منفردا مع الأب‏,‏ بعيدا عن أعين فرد أو أكثر من أفراد أسرتها‏,‏ وذلك لخوف بعضهن ـ من إختطاف أطفالهن وعدم رؤيتهن لهم مرة‏,‏ أخري وهو ماتقرره محاضر الشرطة من تقديم بعض الأمهات بلاغات ضد مطلقيهم لإختطاف أبنائهم‏,‏ فقد يلجأ الأب إلي حيلة أخذ الطفل مدة يوم واحد كاملا‏,‏ علي وعد أن يعيده إلي أمة في نهاية اليوم ولكنه يصطحبة إلي الخارج حتي لو اضطر للبحث عن فرصة عمل جديدة‏,‏ فلاتعرف الأم طريقه مما يضطرها إلي تحرير محضر بالإختطاف في قسم الشرطة‏,‏ وتقديمه إلي المحكمة لإلغاء الرؤية‏,‏ كما تتعنت بعض الأمهات في تنفيذ حكم الرؤية عندما يلجأ بعض الآباء ـ وأسرهم ـ إلي تسميم أفكار الإبن تجاه الأم عندما يرددون أمامه بأنها السبب في الطلاق‏,‏ أو أن طباعها صعبة‏,‏ وأنها تطالب الزوج بماديات تفوق قدراته‏..‏ الخ‏,‏ مما يجعله ينقلب علي أمه عند عودته لها فلايستجيب لتوجيهاتها أو نصائحها‏,‏ كما أن هذه الافكار السلبية التي يستقيها تجعله غير سوي يعاني من الأمراض النفسية‏.‏
النفقة سبب غضب الأبناء
والأكثر مرارة من ذلك أن يرفض الإبن نفسه تنفيذ حكم رؤيته لأبيه غير الحاضن‏,‏ عندما يشعر أن أبيه يساوم أمه في الإنفاق علي إحتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس بما يسمي بالنفقة‏,‏ وأنه يسعي لتقليلها رغم كونه ميسور الحال‏,‏ فالأطفال يشعرون بعبء الدعاوي التي يقدمها الآباء ضد أمهاتهم في محاولة لتخفيف النفقة مما يشعرهم بالدونية‏..‏ فليس للأمهات دخل في هذا الشأن‏..‏ كما يرفض بعض الآباء تنفيذ حكم الرؤية بالذهاب إلي بيت أسرة مطلقته لملاقاة طفله وأخذ الوقت الكافي لهذا اللقاء‏,‏ مكتفين بالثلاث ساعات في أي مكان‏,‏ أو عدم الرؤية علي الاطلاق‏..‏ والجدير بالذكر أن تنفيذ حكم الرؤية أصبح يتم في الحضانات والحدائق والمنتزهات‏,‏ بعد أن رفضت نواد كثيرة تنفيذ أحكام الرؤية بين أرجاءها‏,‏ نظرا لوقوع مشادات وخناقات بين الآباء والأمهات المطلقين‏,‏ أو بعض الأطراف المصاحبة للطفل في هذه اللقاءات‏,‏ مما أدي إلي إستصدار الأحكام لتنفيذها جبرا في أقسام الشرطة‏,‏ وتمزيق نفوس الصغار وتعريضهم لكوارث نفسية يدفع ثمنها المجتمع كله‏.‏
الإتفاق الودي هو الحل
ولتجنب مثل هذه المنازعات يري المستشار محمد فؤاد يوسف ضرورة عقد إتفاق ضميري وودي بين الطرفين‏(‏ من له حق الرؤية‏,‏ ومن له حق الحضانة‏)‏ بطريقة حضارية ومحترمة لتنفيذ وتنظيم حكم الرؤية تراعي فيه مصلحة الصغير‏,‏ فاللجوء للقضاء لاينصف من له حق الرؤية بالشكل المرضي‏,‏ بإجراءاته الطويلة المعقدة والمصروفات التي يتكبدها الطرفان‏..‏ وفي حالة عدم التوصل إلي اتفاق بين الطرفين فليس هناك حل سوي تدخل لجان التسوية الخاصة بمنازعات الاسرة في محاكم الأسرة‏,‏ فتفعيل قرار تلك اللجان من ناحية الرؤية بشكل عملي سوف يريح جميع الأطراف المتنازعة‏,‏ بما تتسم به من دراسة متأنية‏,‏ وسرعة في الإصدار‏,‏ وسهولة في تقديم الطلبات بناء علي ذوي الشأن‏,‏ فقرار لجنة التسوية سوف يلزم الطرفين بالتنفيذ وفي حالة عدم التنفيذ فلنفس اللجنة حق إصدار قرار أخر يجبر من تعسف في تنفيذ القرار الأول بقرار آخر‏,‏ فمثلا من لم يلتزم بحق الرؤية‏(‏ الأم أو الأب‏)‏ فللجنة حق نقل الحضانة فورا إلي من يليه عقابا علي عدم تنفيذ القرار‏,‏ ومن الضروري أن تحمل هذه اللجان علي عاتقها مسئولية تثقيف الطرفين عن حقوق كل منهما وحقوق الأبناء‏,‏ وكيف يمكن إجتياز تلك المرحلة العصيبة بأقل الخسائر لهم ولأبنائهم‏.‏
 

المصدر: مؤسسة الأهرام
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 356 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,619,925