المعلمون.. الإبداع في التدريس

المعلمون.. الإبداع في التدريس
بقلم:د. محمد رجب فضل الله
[email protected]
الأستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس

الابداع ظاهرة راقية للنشاط الإنساني تنعكس آثارها علي صاحبها وعلي المحيطين حوله نتاجا جديدا وأصيلا وذا قيمة.
والابداع هو القدرة علي انتاج أشياء جديدة من عناصر قديمة وهذه القدرة تتسم بالطلاقة والمرونة والأصالة.
والابداع في التدريس أو التدريس الابداعي يتحقق باتسام السلوك التدريسي بسمات ابداعية طلاقة ومرونة وأصالة.
والمعلم يكون مبدعا في تدريسه إذا ما اعتقد بضرورة القيام بأداءات تدريسية مرنة وأصيلة وطلقة وعرف متطلبات هذه الاداءات واقتنع بأهميتها وقام بممارستها والموقف التدريسي شركة بين المعلم والمتعلمين ومن ثم فإن جعله موقفا ابداعيا يتطلب قيام كل من المعلم والمتعلمين بأدوار أصيلة ومتطورة.
ويتمثل ابداع المعلم في التدريس في مقدرته علي طلاقة الأفكار الجديدة غير المألوفة وتطبيقها عمليا في مجال تخصصه وفي قدرته علي التجديد في طريقة عرض دروسه وتنفيذها وتقويمها وفي تصميم الوسائل التعليمية المبتكرة وفي المبادأة لايجاد حلول ومقترحات للقضايا أو المشكلات التي تواجهه.
وممارسات المعلم الصفية يمكن أن تشجع المتعلمين علي الابداع ومن هذه الممارسات: احترام استجابات المتعلمين واسئلتهم أيا كانت الاسئلة واحترام افكار التلاميذ الخيالية والعادية واشعار التلاميذ ان لأفكارهم قيمة مهما كانت بسيطة واعطاء المتعلمين فرص الممارسة والتجريب دون خوف من التقويم وتشجيع التلاميذ علي ادراك الأسباب والنتائج مع توفير جو عملي واجتماعي متفاعل مفتوح وبيئة تربوية واقعية ومرنة تتميز بالاستقصاء والبحث والتجريب وتبادل الآراء والأفكار والمعلم يكون معوقا للابداع في التدريس عندما يكون غير مقتنع بعملية الابداع وبأهميته كهدف تربوي وعندما يكون غير مستعد لتلبية حاجات المتعلمين وعندها لا يعرف طريقة بدء أو تقويم القدرات الابداعية ويتحقق الابداع في التدريس عندما يستخدم المعلم مداخل تساعد في تنمية القدرات الابداعية لدي المتعلمين ومن مداخل التدريس الابداعي ما يلي: المداخل التي تعتمد علي حل المشكلات وعلي التعلم الذاتي وعلي الألعاب واللعب الدرامي.
ان أسلوب الحل الابداعي للمشكلات Creative Problem Solving أسلوب تدريس يوجه المتعلمين إلي الملاحظة وتعني معرفة الجوانب المختلفة للمشكلة ومعالجة المشكلة بما يعين علي تحديدها وبلورتها ومحاولة التوصل إلي الحلول الملائمة لها وتقييم الأفكار وتعني النقد والحكم علي الأفكار التي تم التوصل إليها والتي تمثل الحلول البديلة للمشكلة المطروحة.
وحلقة التفكير استراتيجية تدريسية تنمي ابداعات المعلمين لأنها تقوم علي أن التفكير الصحيح لحل المشكلات تفكير دائري تتواصل حلقاته اثناء الحل وبعده والحل يؤدي إلي بداية مشكلة جديدة أو عدة مشكلات ويتم تنفيذ حلقة التفكير في خطوات تدريسية محددة والعصف الذهني أسلوب تدريسي يحفز علي الابداع حيث تستمطر الافكار التي يمكن أن تعالج الموضوع أو تحل المشكلة. ان المرحلة الاساسية لتنفيذ العصف الذهني هي جلسة عرض وتوليد الأفكار الجزئية وتغطيتها بالمناقشة حيث تكتشف افكار جديدة وتدمج افكار موجودة.
والاكتشاف أسلوب تدريسي يعني بتنمية قدرات التلميذ ومهاراته العقلية وذلك عندما يمارس نشاطا عقليا يتمثل في اعادة التنظيم والترتيب والتحويل وهذا الأسلوب "الاكتشاف" يتيح فرصا أمام التلاميذ للتفكير المستقل والحصول علي المعرفة بأنفسهم في موقف علمي متكامل التلميذ فيه هو المكتشف وليس المنفذ والمشروع مدخل تدريسي يهدف إلي تنمية قدرات التفكير والتربية العقلية الاستقلالية وهو يعود التلميذ الاعتماد علي النفس في التفكير.
والمتفحص للاعتبارات التي يجب مراعاتها عند استخدام لعب الأدوار كمدخل تدريسي يمكن ان يتخذ من هذا المدخل استراتيجية للابداع في التدريس ففي هذا المدخل اختيار للمواقف التي ستمثل ادوارها بحيث تكون مواقف مقبولة لدي المتعلمين ومناقشة حرة بعد انتهاء تمثيل الدور مباشرة وتبادل الآراء حول مضمون الدور ومستوي أدائه.
والابداع في التدريس يتطلب القيام بإجراءات تدريسية متعددة ومتنوعة والتوظيف المرن والواعي للمداخل التدريسية والصياغة المتكاملة لتلك الإجراءات وهذه المداخل بما يحفز مصادر القدرة الابداعية لدي المتعلمين.
والابداع في تدريس اللغة العربية - علي سبيل المثال - يمكن أن يكون اداة فاعلة للابداع في اللغة العربية ومن ثم فإن حرص معلم اللغة العربية - وغيره من المعلمين - علي القيام بممارسات تدريسية ابداعية هو السبيل - إلي جانب عوامل أخري - لتكوين المعلم المبدع.
قبل التدريس يخطط معلم اللغة العربية لأن يصبح المتعلمون قادرين علي اصدار أكبر عدد ممكن من الكلمات والجمل والافكار واستبدال الكلمات المعروضة والافكار الروتينية بألفاظ جديدة وتعبيرات غير تقليدية وافكار متطورة وتقديم اضافات جديدة لكل تعبير أو فكرة تقال أو تكتب وتقديم التعبير أو الفكرة غير المعروفة أو المكررة ورسم صورة كاملة وتفصيلية لكل فكرة عرضت والتفاعل مع المشكلات اللغوية وتقديم حلول غير مألوفة لها والتفكير الطويل من أجل الانجاز.
وأثناء التدريس يقوم معلم اللغة العربية باثارة المناقشات واتاحة الفرص للمتعلمين للعب أدوار متنوعة وحث المتعلمين عند كل استجابة علي التخيل وعلي التفكير ومطالبة المتعلمين باستخراج كلمات وعبارات وافكار جديدة غير ما عرض وطلب أمثلة اضافية واستخدامات جديدة للمفردات والجمل والأفكار واتاحة الفرص للمتعلمين للتساؤل وجعل بعض المتعلمين يديرون المناقشات واعتبار بعض مواقف الاتصال جلسات عصف ذهني وتدريب المتعلمين علي النقد بأدب وموضوعية ووضع المتعلمين في مواقف اكمال الاجابات أو القصص وصياغة الاسئلة وتوجيهها واتاحة فرص ممارسة المتعلمين للتعبير الذاتي وتدوين الافكار ومساعدة المتعلمين علي استخراج الكلمات المفتاحية في النصوص اللغوية المختلفة.
وعلي المتعلم اثناء الحصة أن ينظم ويصنف مفردات وعبارات وافكار وان يجيب عن اسئلة تتطلب التخيل وان يعالج اخطاءه ذاتيا واخطاء غيره من المتعلمين وان يستخدم المعاجم ويستخرج منها مرادفات ومتضادات وان يركب جملا متنوعة من عدة مفردات متفرقة وان يكتب فقرات أو يروي اخبارا أو يصف مواقف وان يعلل لاستجاباته ويناقش تبريرات زملائه وفي نهاية الحصة وبعدها يطرح المعلم اسئلة متنوعة تكشف عن القدرات اللغوية للمتعلم وتدفعه إلي قراءات اضافية تثري لغته وفكره وعلي المعلم أن يدرب المتعلمين علي البحث وممارسة النشاط ويثبت المتميز منهم والمتعلم - في موقف التدريس اللغوي المبدع - يتوصل لأفكار عكس افكار أو آراء معروضة وذلك بقلب كلمات أو اعتبارات ويولد جملا متنوعة في افكارها ترد فيها كلمة بعينها ويتحاور مع زملائه حول فكرة محددة ويصف بلغة أو معني جديد ويعيد تفسير كلمات ويطرح اسئلة غير مألوفة ويستخدم لغة مجازية ويجيد التعبير عن غيره والتعبير غير اللفظي.

المصدر: الجمهورية