مخطط التهويد من القدس إلي الخليل
بقلم: د. أحمد يوسف القرعى
لا عجب ان يتزامن مخطط تهويد الخليل‏(‏ أرضا وحرما وتراثا‏)‏ مع مخطط تهويد القدس‏,‏ فالمدينتان خاضعتان معا لمخطط التهويد منذ احتلال يونيو‏1967,‏ ويكفي الاشارة أولا الي نقطة بداية مخطط التهويد لكل من القدس والخليل‏,‏
 
 

 

 وذلك بالرجوع الي أول قرار أصدرته الحكومة الاسرائيلية بعد احتلالها الضفة الغربية وهو قرار ضم القدس واقعيا‏(28‏ يونيو‏1967)‏ فقد كان أول عمل استيطاني تم علي مستوي الضفة الغربية هو إقامة النواة الاستيطانية في‏(‏ كفار عصيون‏)‏ الموقع الاستراتيجي المهم علي مشارف مدينة الخليل علي الطريق الموصل الي القدس وكان ذلك في‏27‏ سبتمبر‏.1967‏
‏{{{‏
ولا عجب أيضا أن تتزامن بعد ذلك خطوات التهويد لكل من القدس والخليل‏,‏ وكانت أبرز تلك الخطوات الشروع في إقامة أحزمة استيطانية تعزز مخطط الخليل الذي أقرته الحكومة الاسرائيلية في‏10‏ اكتوبر‏1968,‏ وتم الشروع في إقامة النواة الأولي لمستعمرة كريات أربع في‏31‏ أغسطس‏1970,‏ وتم بموجبها انشاء أول مستعمرة علي مشارف كريات أربع تمهيدا لتطويق الخليل ومحاصرتها جغرافيا وسكانيا بالقلاع الاستعمارية البشرية والاستيطانية علي غرار ما تم تنفيذه حول مدينة القدس‏,‏ وإقامة حي يهودي في قلب مدينة الخليل تحت ستار إعادة بناء الحي اليهودي الذي كان قائما في المدينة‏,‏ وجري تدميره عام‏.1929‏
وواكبت عمليات الاستيطان اليهودي في الخليل توجه اليهود الي الحرم الابراهيمي افرادا وجماعات للزيارة عقب احتلال يونيو‏1967‏ مباشرة ـ الا ان هذه الزيارة اتخذت طابعا رسميا حين سمحت سلطات الاحتلال الاسرائيلي رسميا لليهود في أواخر يونيو‏1972‏ بأداء الصلوات في الحرم بشكل غير تظاهري وفي غير أوقات صلاة المسلمين‏,‏ إلا أن هذه الصلوات اتخذت طابعا تظاهريا استفزازيا حين قام الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة كاخ‏(‏ رابطة الدفاع اليهودية‏)‏ باقتحام مدينة الخليل ومعه مائة من أتباعه في‏27‏ أغسطس‏1972,‏ وأقاموا الصلوات التظاهرية بالقرب من الحرم الابراهيمي‏(‏ وفعلها شارون بعد ذلك باقتحام الحرم المقدسي في‏28‏ سبتمبر‏2000).‏
وبعد مخطط كاهانا قررت سلطة الاحتلال السماح لليهود بالصلاة في الحرم في أوقات صلاة المسلمين وتم هذا لأول مرة مساء يوم الغفران‏17‏ سبتمبر‏1972,‏ وبعدها قرر الحاكم العسكري الاسرائيلي في‏11‏ نوفمبر‏1972‏ زيادة ساعات الصلاة المخصصة لليهود في الحرم الابراهيمي‏,‏ وإدخال عدد من الكراسي لجلوس اليهود أثناء الصلاة وخزانتين لحفظ التوراة‏,‏ وضعت احداهما في الزاوية اليعقوبية من الحرم‏(‏ وتذكرنا مثل تلك الاستفزازات الصهيونية بما جري من انتهاكات من قبل الأقلية اليهودية أمام حائط البراق واندلعت وقتها انتفاضة البراق عام‏1930,‏ واضطرت سلطات الاحتلال البريطاني آنذاك الي اللجوء للتحكيم الدولي بين الطرفين الفلسطيني واليهودي‏,‏ وأسفر التحكيم عن عروبة حائط البراق كجزء من المسجد الأقصي‏,‏ ونصح المحكمون الطرف الاسرائيلي بمراعاة آداب العبادة أمام الحائط‏).‏
‏{{{‏
وواكب قرار الحاكم العسكري الاسرائيلي في الخليل‏(11‏ نوفمبر‏1972)‏ استيلاء اليهود علي الزاوية اليعقوبية والحضرة الإبراهيمية‏,‏ وبعدها قرر الحاكم العسكري الاسرائيلي زيادة الساعات المخصصة لصلاة اليهود في الحرم‏,‏ وجري في الوقت نفسه تقليص الساعات المسموح فيها للمسلمين بالصلاة الي ساعتين ونصف الساعة لصلاة الظهر وصلاة العصر‏,‏ ومنع المسلمين من الصلاة علي موتاهم في الحرم‏.‏
وعلي الرغم من الاحتجاجات التي قامت بها الهيئات الدينية والوطنية في الضفة الغربية قررت سلطات الاحتلال إغلاق البوابة الرئيسية للحرم ونسف الدرج المؤدي اليها كما قامت بسقف صحن المسجد والاستيلاء علي الزاوية اليعقوبية والممر القائم بين قبر سيدنا ابراهيم وقبر زوجته سارة‏,‏ ومنع المسلمين من ارتيادهما‏,‏ وأدت هذه الاجراءات الي تقليص الحيز المخصص للمسلمين داخل الحرم فأصبحت المنطقة التي تمتد بين المحراب والمنبر بعرض خمسة أمتار وطول عشرين مترا‏,‏ وتم فصلها عن بقية انحاء الحرم‏.‏
وبعدها واصل اليهود استفزازاتهم بإقامة الترانيم بأصوات مرتفعة أثناء أداء المسلمين صلواتهم‏,‏ ثم بدأوا في سبتمبر‏1974‏ باستعمال البوق داخل المجلس‏,‏ وكأن الحرم أصبح كنيسا يهوديا خالصا‏,‏ وبعدها تم تكريس تقسيم الحرم الابراهيمي‏,‏ وتحويل الجزء الأكبر منه فعليا الي كنيس يهودي‏.‏
‏{{{‏
وردا علي مثل تلك الاستفزازات أعلن أهل الخليل يوم‏15‏ أغسطس‏1975‏ يوما للحرم الابراهيمي‏,‏ ودعوا الأمة العربية والاسلامية للتدخل لحماية الحرم الإبراهيمي معا مع الحرم المقدسي الذي تعرض بدوره في‏21‏ أغسطس‏1969‏ لمحاولة إحراق من عميل استرالي جندته اسرائيل آنذاك‏,‏ وفي سياق تلك الاجراءات الدامية جاءت أيضا مجزرة الحرم الابراهيمي في‏21‏ فبراير‏1994‏ وبعد‏16‏ عاما وفي اليوم نفسه‏(21‏ فبراير‏2010)‏ جاء قرار نيتانياهو بضم الحرم الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح علي لائحة المواقع الأثرية اليهودية‏,‏ وما أحوجنا الي التذكير بمثل تلك الأيام الصعبة تنشيطا لذاكرة هذا الجيل‏.‏
[email protected]

 

المزيد من مقالات د. أحمد يوسف القرعى
المصدر: مؤسسة الأهرام
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 54/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
18 تصويتات / 119 مشاهدة
نشرت فى 4 مارس 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,762,663