authentication required

محكات التعرف على الموهوبين والمتفوقين " دراسة مسحية للبحوث العربية فى الفترة من عام 1990 إلى  2002 "

                                             د/ السيد محمد أبو هاشم حسن

                                                      قسم علم النفس

الملخص : تهدف هذه الدراسة إلى إجراء مسح للبحوث العربية الخاصة بالموهوبين والمتفوقين فى الفترة من عام 1990 إلى 2002 ، لمعرفة  أكثر المحكات استخداماً فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين ، ودرجة اختلاف هذه المحكات باختلاف : المرحلة التعليمية ( ما قبل المدرسة ، ابتدائى ، إعدادى ، ثانوى ، جامعى ) ، والنوع  ( ذكر - أنثى ) 0 وفى سبيل تحقيق ذلك قام الباحث بمسح للبحوث والدراسات العربية المنشورة فى المجلات العلمية ورسائل الماجستير والدكتوراة ، وتجمع لديه ( 61 ) دراسة ، منها ( 18 ) دراسة فى مجال الموهوبين ، ( 43 ) دراسة فى مجال المتفوقين 0 وبتحليلها توصل إلى ما يلى  :

( 1 ) أن أكثر المحكات استخداماً فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين هى على الترتيب : مقاييس الخصائص السلوكية ، ودرجات التحصيل الدراسى ، ومستوى الذكاء ودرجات التحصيل الدراسى معاً 0

 ( 2 ) اختلاف المحكات المستخدمة فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين باختلاف المرحلة التعليمية ، حيث كان محك الخصائص السلوكية الأكثر استخداماً فى مرحلة ما قبل المدرسة ، والمرحلة الإبتدائية ، والمرحلة الإعدادية 0 بينما كان محك التحصيل الدراسى الأكثر استخداما فى مرحلتى التعليم الثانوى والجامعى 0

( 3 ) اختلاف المحكات المستخدمة فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين باختلاف جنس المفحوص ( ذكور – إناث ) ، حيث جاء محك الخصائص السلوكية فى المرتبة الأولى بالنسبة للدراسات التى اشتملت العينات فيها على الذكور فقط ، أو الذكور والإناث معاً فى حين كان  أكثر المحكات استخداماً فى عينة الإناث هو محك مستوى الذكاء والتحصيل الدراسى معاً 0وفى ضوء هذه النتائج قدم الباحث مجموعة من التوصيات والبحوث المقترحة.

 

 

 

مقدمة :

تمثل عملية التعرف على الموهوبين والمتفوقين  المدخل الطبيعى لأى برنامج يهدف إلى رعايتهم 0 وهى عملية فى غاية الأهمية لأنه يترتب عليها اتخاذ قرارات قد تكون لها آثار خطيرة ويصنف بموجبها الفرد على أنه  " موهوب أو متفوق " بينما يصنف آخر على أنه   " غير موهوب أو غير متفوق"   ونظراً لهذه الأهمية لا يكاد يخلو  مرجع متخصص فى مجال الموهبة والتفوق من جزء لمعالجة موضوع التعرف على هؤلاء الأفراد ، ومن جهة أخرى فإن نجاح أى برنامج لتعليم الموهوبين والمتفوقين يتوقف بدرجة كبيرة على دقة التعرف عليهم 0

ولكن يبدو أن هذه العملية معقدة ، ويرجع السبب فى ذلك إلى أن الموهوبين والمتفوقين مجموعات متباينة ، فقدراتهم المرتفعة لا تعبر عن نفسها بطريقة واحدة بل نجد هناك تبايناً فى طرق التعبير عنها ، وتبعاً لهذا التباين فى القدرة يجب استخدام وسائل متباينة فى التعرف عليهم ( إمام مصطفى سيد ، 2001 : 20).

وعدم تحقيق الموهوبين والمتفوقين نجاحاً كبيراً فى الاختبارات التحصيلية يرجع لتركيزها على جانب محدود من القدرات العقلية للفرد ، أو عوامل بيئية أسرية أو مدرسية أو كليهما معاً ( عبد المطلب القريطى ، 1989 : 43).                                              

ونظراً لوجود مثل هذه المحاذير على الاختبارات التحصيلية فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين اتجهت أنظار الباحثين إلى طرق أخرى بديلة ربما تكون أكثر جدوى مثل اختبارات الإبداع ، بالرغم من تباين الإتجاهات فى تحديد مفهوم الإبداع ، ولكن انتقد البعض هذا الإتجاه ، واعتبروا أن هذه الاختبارات تعد من قبيل المنبئات وليس من قبيل المحكات أى أنها لا تعبر عن مستويات أداء حقيقية فعلية ، وقد أشار هؤلاء إلى أهمية قياس الإبداع كناتج من خلال الأنشطة الأدائية المقدمة للأطفال كمحك أساسى للموهبة والتفوق العقلى ( فتحى الزيات ، 1995: 498 ) 0                                                    

وقد اهتم عدد من الباحثين باستخدام اختبارات الذكاء باعتبارها أحد المحكات الهامة فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين مثل :  هدى أبو معطى  ( 1999 ) ، إمام مصطفى سيد ( 2001 ) وبالرغم من ذلك نجد أن مستخدمى اختبارات الذكاء شككوا فى فعاليتها حيث أنها متحيزة ثقافياً ،كما أن درجة الذكاء وحدها لا تكفى كمؤشر للموهبة والتفوق.

ولذلك اتجهت العديد من الدراسات إلى الاعتماد على تقديرات المعلمين وأولياء الأمور من خلال دراسة الخصائص السلوكية الفردية لهؤلاء الطلاب كمحك للموهبة والتفوق ، ومن هذه الدراسات دراسة كل من : " فاروق الروسان وآخرون" (1990 ) ، و " محمد وليد البطش وفاروق الروسان " ( 1991) ، و" سمية عبد الوارث " (1996)، و" أسامة حسن معاجينى " ( 1996 ، 1998) ،و " فاروق الروسان ونادية سرور " ( 1998 ) ، و" رياض زكريا المنشاوى " ( 1999 ) 0 فى حين نجد دراسات أخرى تقلل من موضوعية تقديرات المعلمين فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين مثل دراسة كل من :" عبد المطلب القريطى " ( 1989 ) ،  "سعيد اليمانى وأنيسة فخرو " (1997 ) ، "إبراهيم  أبونيان وصالح  الضبيبان "  ( 1997 ) 0 ولذلك يؤكد  محى الدين توق  ( 1990: 118 ) على ضرورة توفر وعى كاف لدى معلمى ومعلمات المدارس العامة بالخصائص المختلفة للموهوبين والمتفوقين ، وأن تكون اتجاهاتهم إيجابية نحو هذه الفئة من الطلاب ، وكذلك ضرورة تدريب المعلمين وأولياء الأمور لضمان التعرف السليم على الموهوبين والمتفوقين 0

ونظراً للتباين الملحوظ فى الاتجاهات السابقة لمحكات التعرف على الموهوبين والمتفوقين اتجهت أنظار الباحثين إلى ضرورة استحداث وتطوير محكات تتميز بما يلى :

( 1 ) سهولة استخدامها فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين وتحديدهم 0

( 2 ) إمكانية استخدامها فىكل البيئات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة .

 ( 3 ) معالجة أوجه القصور فى المقاييس السيكومترية التقليدية والتى تعتمد على الورقة والقلم ( إمام مصطفى سيد ، 2001 : 201 ) 0

ومن منطلق الإنتقادات التى وجهت للمحكات المختلفة التى تستخدم للتعرف على الموهوبين والمتفوقين ، فإن الدراسة الحالية هى مراجعة تحليلية ناقدة للمحكات المستخدمة فى الكشف عن الموهوبين والمتفوقين فى البحوث العربية 0

مشكلة الدراسة :

إن المتتبع للبحوث والدراسات التى أجريت على الموهوبين والمتفوقين فى السنوات العشر الأخيرة يستطيع أن يقف أمام العديد من الانتقادات للمحكات المتبعة فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين من خلال الاختبارات السيكومترية التى تقيس الذكاء أو الإبداع أو التحصيل الدراسى ، وقد وصف عادل الأشول  ( 1997: 604 ) تصميمات بحثية بديلة لا يتم فيها استخدام درجات الاختبارات المختلفة للتعرف على الموهوبين والمتفوقين وتحديدها ، ولكن يتم استخدام أنماط أخرى من الأداءات مثل الإتقان الأكاديمى ، والإنتاج الإبداعى فى مجال أو مجالات متعددة 0 ويذكر  عبد المطلب القريطى ( 1989: 48 ) أن الاعتماد على القدرة العقلية العامة وحدها – بالرغم من أهميتها – كمنبئ عن التفوق العقلى يحول دون التعرف على عدد كبير ممن يتمتعون بالمواهب الخاصة 0

وبالرغم من أهمية محكات التعرف فى نجاح أى برنامج لرعاية الموهوبين والمتفوقين، وبالرغم من الكم الهائل من الدراسات التى تناولت فئة الموهوبين والمتفوقين إلا أن موضوع تقييم محكات الكشف عنهم لم يلق الاهتمام الكافى ، ولاتزال الحاجة قائمة لمزيد من الدراسات التجريبية فى هذا المجال 0 وفى حدود علم الباحث أنه فى البيئة العربية – لا توجد دراسة – تناولت محكات التعرف على الموهوبين والمتفوقين فى البحوث العربية بالتحليل والمقارنة ، وإلقاء الضوء على أكثر هذه المحكات استخداماً وانتشاراً فى البيئة العربية 0 ومن هنا تبلورت مشكلة الدراسة الحالية فى مراجعة تحليلية لمحكات التعرف على الموهوبين والمتفوقين فى البحوث العربية ، ويمكن صياغة مشكلة الدراسة فى التساؤلات الآتية :

سـ1 : ما أكثر المحكات  استخداماً فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين فى البحوث العربية ؟ 0

سـ 2 : هل تختلف المحكات المستخدمة فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين فى البحوث العربية باختلاف المرحلة التعليمية ( ما قبل المدرسة ، ابتدائى ، إعدادى ، ثانوى ، جامعى ) ؟ 0

سـ 3 : هل تختلف المحكات المستخدمة فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين فى البحوث العربية باختلاف جنس المفحوص ( ذكر ، أنثى ) ؟ 0

أهداف الدراسة : تهدف الدراسة الحالية إلى :

1- التعرف على المحكات التى تستخدم فى الكشف عن الموهوبين والمتفوقين فى البحوث العربية فى الفترة من ( 1990-2002)0

2- التعرف على الخصائص السلوكية للموهوبين والمتفوقين وأهم برامج رعايتهم من خلال مسح البحوث والدراسات العربية فى الفترة من ( 1990-2002)0

أهمية الدراسة :

1- تأتى أهمية هذة الدراسة متلازمة ومتزامنة مع التوجهات الحديثة لدى المسؤولين فى الدول العربية حول التعرف على الموهوبين والمتفوقين ، ورعايتهم بهدف الاستفادة من طاقاتهم الكامنة ، وبالرغم من أهمية محكات التعرف فى نجاح برامج رعاية الموهوبين والمتفوقين إلا أن موضوع تقييم هذه المحكات لم يلق الاهتمام الكافى وتأتى هذه الدراسة لتلقى الضوء على هذه المحكات وأكثرها استخداماً ومدى مناسبته لعملية التعرف 0

2- فى ضوء نتائج الدراسة المسحية عن الخصائص السلوكية للموهوبين والمتفوقين ، وأهم برامج رعايتهم يقدم الباحث مجموعة من التوصيات التى قد تفيد الآباء والمعلمين والمهتمين بشؤون الموهوبين والمتفوقين فى وضع خطط وبرامج للخدمات التربوية والنفسية وتهيئة المناخ المناسب للموهوبين والمتفوقين سواء فى البيئة الأسرية أو البيئة المدرسية 0

حدود الدراسة :

تقتصر الدراسة الحالية على الدراسات والبحوث العربية التى استطاع الباحث الحصول عليها والتى أجريت على الموهوبين والمتفوقين فى الفترة من ( 1990 –2002 ) ، بشرط أن تحتوى الدراسة التى يشملها التحليل على البيانات الأساسية وأهمها : محكات اختيار العينة ، والمرحلة التعليمية ، وجنس المفحوص  0 وأن تكون الدراسة منشورة فى إحدى المجلات العلمية المعروفة ، أو أن تكون رسالة ماجستير أو دكتوراة من إحدى الجامعات العربية .

مصطلحات الدراسة :

المحكات Criterions :هى أدوات ووسائل القياس التى تستخدم فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين ، وفى ضوء مستوى أداء الفرد عليها يمكن اعتباره موهوباً أومتفوقاً 0

الموهوبين والمتفوقين Talented and gifted: استخدمت مفاهيم كثيرة ذات معان مختلفة للدلالة على ما يتميز به الفرد من استعدادات مرتفعة ، كالموهبة والتفوق ، وتأثرت هذه المفاهيم فى أذهان الباحثين بتطور المعرفة عن الصلة فيما بينها وعوامل أخرى كالذكاء والتكوين العقلى للفرد، والوراثة والبيئة 0

ويشير واقع الحال إلى صعوبة التوصل إلى تعريف متفق عليه لمفهوم مجرد كالموهبة أو التفوق 0 ويختلف تعريف الموهوب والمتفوق تبعاً للمحك الذى يتم استخدامه فى وضع الحد الفاصل بين الموهوب والمتفوق وغير الموهوب وغير المتفوق 0

ويعرف الموهوبون والمتفوقون فى الدراسة الحالية بأنهم أفراد عينة الدراسات والذين تم تصنيفهم فى ضوء محكات محددة من قبل القائمين بالدراسة على أنهم موهوبين أو متفوقين. البحوث العربية : هى مجموعة البحوث والدراسات التى أجريت فى البيئة العربية وتتناول ظاهرة الموهبة والتفوق ، والتى أجرى الباحث الحالى مسحاً شاملاً لها وبخاصة فى الفترة       ( 1990 – 2002 ) 0

الإطار النظرى :

يتضمن الإطار النظرى للدراسة الحالية محورين أساسيين هما : مفهوم الموهبة والتفوق ، ومحكات التعرف على الموهوبين والمتفوقين ، وفيما يلى عرض تفصيلى لهذين المحورين 0  

أولاً  : مفهوم الموهبة والتفوق :

لا يستطيع أحد القول بأنه يمكن استخدام مصطلحات مثل موهوب ومتفوق ومبدع ومتميز وذكى بمعنى واحد ، ومن الناحية اللغوية تكاد تتفق المعاجم العربية والإنجليزية على أن التفوق Giftedness يعد استعداداً فطرياً غير عادى لدى الفرد 0 بينما يرد مصطلح الموهبة Talent إما كمرادف فى المعنى لمصطلح التفوق ، وإما بمعنى قدرة موروثة أو مكتسبة سواء أكانت قدرة عقلية أم قدرة بدنية 0 أما من الناحية التربوية فإن الأمر يبدو أكثر تشعباً  وتعقيداً 0  إلا أن مراجعة شاملة لما كتب حول هذا الموضوع تكشف بوضوح عن عدم وجود تعريف عام متفق عليه بين الباحثين المهتمين بعلم نفس الموهبة  والتفوق0

ويذكر عبد العزيز الشخص ( 1990 : 46 ) أن مصطلح الموهبة يستخدم للإشارة إلى مجموعة من الأفراد لديهم قدرات خاصة تؤهلهم للتفوق فى مجالات معينة علمية         ( رياضيات ، علوم ) ، أو أدبية ( شعر ، صحافة  ) ، أو فنية ( رسم ، موسيقى )  ، أو عملية ( ميكانيكا ، نجارة  ) ، وليس بالضرورة تميزهم بمستوى مرتفع من حيث الذكاء أو التحصيل الدراسى بصورة ملحوظة بالنسبة لأقرانهم 0

ويعرف  فاروق الروسان ( 1996 : 125 ) الموهوب أو المتفوق بأنه ذلك الفرد الذى يظهر أداء متميزاً مقارنة مع المجموعة العمرية التى ينتمى إليها فى واحد أو أكثر من القدرات التالية :

1- القدرة العقلية التى تزيد فيها نسب الذكاء على إنحرافيين معياريين موجبين عن المتوسط 0

2- القدرة الإبداعية العالية فى أى مجال من مجالات الحياة 0

3- القدرة على التحصيل الأكاديمى المرتفع التى تزيد عن المتوسط بثلاثة انحرافات معيارية 0

4- القدرة على القيام بمهارات متميزة مثل المهارات الفنية أو الرياضية أو اللغوية 0

5- القدرة على المثابرة والالتزام والدافعية العالية ، والمرونة ، والأصالة فى التفكير كسمات شخصية عقلية تميز الموهوب والمتفوق عن غيره من العاديين 0

وفى ضوء ما سبق نستطيع القول بإننا حين نتحدث عن التفوق فإننا نعنى بذلك الحديث عن النتيجة لفعل قدرات معينة ، هذه النتيجة التى توصلنا إليها من خلال المقارنة مع معيار ما أو متوسط ما 0 وعندما نتحدث عن الأفراد المتفوقين فإننا نشير بذلك إلى أولئك الذين يرتفعون عن المتوسط بمقدار ملحوظ سواء أكان هذا الإرتفاع فى الذكاء أم فى التحصيل الدراسى بصورة عامة 0 أو فى أى مجال آخر من مجالات التفوق 0

وتضيف  مها زحلوق  ( 1996 : 97 ) أنه يوجد ثلاثة أشكال للتفوق هى :

( 1 ) الموهبة : وتظهر فى مجال معين كأن نتحدث عن الموهوب فى الموسيقى ، وحين نستخدم هذا المصطلح فإننا نشير إلى أولئك الذين يظهرون مستوى أداء ، أو لديهم استعداد خاص ومتميز فى بعض المجالات التى تحتاج إلى قدرات خاصة مثل الرسم ، والموسيقى ، والتمثيل ، والكتابة 0

( 2 ) العبقرية : ويشير إلى أولئك الذين تبدو معرفتهم وقدراتهم غير محدودة ، وإنجازاتهم فريدة من نوعها ، وأنه نادراً ما يستخدم ، ولا يقف عند تخصص معين ، بل قد يشمل أكثر من تخصص أو مجال كأن نقول فلان عبقرى فى الرياضيات أو نقول أنه عبقرى فى000000 الخ 0

( 3 ) الإبداع : ويشير إلى أولئك الذين يظهرون نوعاً من أنواع السلوك التى تشتمل على الاستنباط والتخطيط والتأليف والاختراع والتصميم 0

بينما يرى جانيية  Gagne وجود فرق  بين الموهبة والتفوق يتضح فى النقاط التالية :  

أ – التفوق ينطوى على وجود موهبة وليس العكس ، فالمتفوق لابد أن يكون موهوباً وليس كل موهوب متفوقاً 0

ب - المكون الرئيسى للموهبة وراثى بينما المكون الرئيسى للتفوق بيئى 0

جـ- الموهبة طاقة كامنة أونشاط أو عملية ، والتفوق نتاج لهذا النشاط أو تحقيق لتلك الطاقة 0

د - الموهبة تقاس باختبارات مقننة بينما يشاهد التفوق على أرض الواقع

هـ – الموهبة تقابل القدرة من مستوى فوق المتوسط ، بينما يقابل التفوق الأداء من مستوى فوق المتوسط ( فى : فتحى جروان ، 1999 : 67 ) 0

ومن أكثر التعريفات التى تلقى قبولاً بين الباحثين التعريف الذى تبناه " مكتب التربية الأمريكى " ، و ينص على أن الموهوبين والمتفوقين هم أولئك الذين  يمتازون بقدرات عالية، وقادرون على القيام بأداء عال ، و يظهرون قدرات تحصيلية وعقلية ، وابتكار أو تفكير منتج ، وقدرة قيادية ، وفنون بصرية أو أدائية مرتفعة ( سميرة عبد الوهاب ، 1999 : 60)

ومع كل الاختلافات بين الباحثين حول تعريف الموهبة والتفوق ، إلا أنهم يتفقون على المعنى العام والإطار الشامل له ، فلا يوجد اختلاف بينهم على أن الفرد الموهوب أو المتفوق هو الفرد الذى يظهر سلوكاً فى المجالات العقلية المختلفة يفوق كثيراً من أقرانه الآخرين ، مما يستدعى تدخلاً تربوياً لإثراء وتنمية هذه القدرات والوصول بها إلى درجة من النمو تسمح بها طاقاته وقدراته 0

ويستخلص من التعريفات السابقة أيضاً أن كلاً من الموهبة والتفوق يستخدمان بمعنى واحد تقريباً ، وذلك للدلالة على المستوى المرتفع من أداء الفرد فى مجال ما أو أكثر من المجالات الأكاديمية أو غير الأكاديمية التى تحظى بالقبول والاستحسان    الاجتماعى 0 ويفسر  عبد المطلب القريطى ( 1989 : 37 )  ذلك بسببين هما :

( أ  ) أن الذكاء هو أحد العناصر والمكونات الأساسية اللازمة للتفوق فى مختلف وجوه النشاط العقلى للفرد ، وأن نوع الذكاء يختلف من مجال إلى آخر فنجد الذكاء البصرى مهم فى الفنون التشكيلية ، والذكاء الميكانيكى فى الأعمال الميكانيكية 0

( ب ) إن قدرات الفرد ومواهبه ليست خاضعة لعوامل الوراثة فقط ، وإنما هى على الأقل تخضع فى نموها لتفاعل تلك العوامل مع غيرها من العوامل البيئية والخبرات السابقة ، حيث تأخذ هذه القدرات فى النمو إذا ما توافرت لها البيئة المناسبة وفرص التنمية والتدريب اللازمين 0

ثانياً : محكات التعرف على الموهوبين والمتفوقين :

   يؤكد  عبد الله النافع وآخرون ( 2000 : 20 ) على أهمية التبكير فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين وعدم الإنتظار لأعمار متأخرة خوفاً من اكتسابهم أساليب وعادات تعوق تكيفهم مع النظم التعليمية المختلفة ، بالإضافة إلى ما يترتب على تأخير اكتشافهم من تعريض طاقاتهم للهدر والفقد ، وبتعدد تعريفات الموهبة والتفوق تعددت كذلك المحكات التى تستخدم فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين 0

ويرى فواز فهد أبو نيان ( 2000 : 166 ) أن استخدام محكات متعددة فى عمر ومستوى دراسى معين يعتبر أمراً جوهرياً للوصول إلى الأفراد الذين لديهم قدرات ومواهب، ولكنها تكون كامنة بسبب ظروف معينة ، إما عائلية ، أو عدم توفر المعلم المؤهل الذى يدفع بالمواهب للظهور ، أو عدم توفر الخامات أو المجالات الفنية التى قد يكون أحد الطلاب متميزاً فيها ، وغيرها من العوامل التى تحجب موهبة الطالب 0لذا فمن المهم فى هذا المجال أن يكون هناك تلاؤم مناسب بين الفئات العمرية والدراسية ومحكات التعرف على الموهوبين 0

ومن الملاحظ شيوع استخدام محكات مثل مستوى التحصيل الدراسى المرتفع ،  ونسبة الذكاء ، والقدرة على التفكير الابتكارى ، والخصائص والسمات السلوكية الإيجابية فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين 0 ونعرض فيما يلى لهذه المحكات وأهم الإيجايبات والسلبيات لكل منها على حدة فى ضوء نتائج البحوث والدراسات التى اعتمدت عليها فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين 0

1- التحصيل الدراسى : academic achievement

يعتبر التحصيل الدراسى من أهم المحكات المستخدمة فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين على أساس أنه يعتبر أحد المظاهر الأساسية للنشاط العقلى عند الفرد ، ومن مظاهر هذا النوع من التفوق ارتفاع درجات الطالب فى المواد الدراسية المختلفة ، إلا أنه فى بعض الأحيان يعتمد ارتفاع مستوى التحصيل الدراسى على قدرة الطالب على التذكر، أو القدرة على أداء نوع معين من العمليات العقلية 0

وتتميز اختبارات التحصيل بأنها تعطى صورة واضحة عن مجالات القوة والضعف للطالب فى الموضوعات الدراسية المختلفة ، ونظراً لعدم وجود اختبارات تحصيل مقننة منشورة فى الوطن العربى ، فإنه يبدو من الضرورى للقائمين على برامج تعليم الموهوبين والمتفوقين الاستفادة من نتائج التحصيل الدراسى كما تعكسها درجات الطلاب فى المواد الدراسية مجتمعة ، أو فى المواد الدراسية المرتبطة بنوع الخبرات التى يقدمها البرنامج . وإذا توفرت نتائج اختبارات التحصيل التى تعقد فى نهاية مراحل دراسية معينة فإنه يمكن استخدامها فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين ( فتحى جروان ، 1999 : 172) 0

ويذكر إبراهيم أبو نيان وصالح الضبيبان ( 1997 : 256 ) أن التفوق فى التحصيل الدراسى العام ، أو التحصيل الدراسى فى كل من العلوم والرياضيات يعد ضمن محكات التعرف على الموهوبين والمتفوقين فى المملكة العربية السعودية 0

وأسفرت دراسة " مبارك سالم السيف " ( 1998 ) أن أكثر محكات التعرف على الموهوبين فى المرحلة الابتدائية بمدينة الرياض هى : اختبارات التحصيل ، وتقديرات المعلمين، والمشاركة فى الأنشطة اللاصفية 0 وأن المحكات الأخرى مثل مقاييس الذكاء ، واختبارات التفكير الإبتكارى ، وتقديرات أولياء الأمور لا تستخدم فى المرحلة الابتدائية 0

وحدد  "سعد سعود الفهيد "  ( 1993 ) الطالب المتفوق بأنه الذى يحقق مستوى تحصيلى مرتفع بحيث يكون أفضل من بقية أقرانه فى نفس العمر الزمنى ، ويكون ضمن أفضل (15% ) ، بينما حددهم " محمد الجغيمان " ( 2000 ) بالحصول على مجموع درجات تؤهلهم بالوجود ضمن الثلث الأعلى (30% ) ، وحددتهم " منى المجماج"         ( 1998 ) بوجودهم ضمن ( 10 % ) العليا من التحصيل الدراسى 0 ومن الدراسات التجريبية التى حددت نسبة ( 90 % ) فما فوق من مجموع درجات المواد التحصيلية فى آخر اختبار بمراحل التعليم العام كمحك للموهبة والتفوق دراسة كل من" غزوى الغفيلى"  ( 1990 ) ، و" ثناء الضبع " ( 1995 ) ، و " عبد العزيز الدباسى " (2000 ) 0

وفى دولة الكويت حدد " عبد العزيز الغانم " ( 1994 ) نسبة ( 85% ) كمحك للموهبة والتفوق 0 بينما حددهم كل من " حسن سلامة وجاسم التمار "  ( 1997 ) بأنهم الأفراد الذين يثبتون تقدماً ملحوظاً فى الأداء الأكاديمى فى الرياضيات بالنسبة لزملائهم يضعهم ضمن أعلى ( 5% ) من توزيع الطلاب فى اختبار تحصيلى للرياضيات0ووضعت كل من " خيرية رمضان وآمال رياض ( 1997 )  ، و " سميرة عبد الوهاب " نسبة        ( 90% ) على الأقل فى اختبار نهاية العام الدراسى ، ونسبة ذكاء (120) فى مقياس وكسلر للذكاء كمحك للتعرف على الموهوبين والمتفوقين 0

ونفس الشئ فى البحرين فقد اعتمدت الاختبارات التحصيلية كأحد محكات الموهبة والتفوق ( سعيد اليمانى وأنيسة فخرو ، 1997 : 191 ) 0

يتضح مما سبق أن الاعتماد على اختبارات التحصيل الدراسى كمحك للتعرف على الموهوبين والمتفوقين هو الأكثر استخداماً وشيوعاً ، ولكن لم تحدد قيمة ثابتة أو درجة فاصلة واحدة يعتمد عليها فى جميع البحوث والدراسات الخاصة بالموهوبين والمتفوقين ، فقد امتدت النسبة المئوية بين ( 85% - 90 % ) ، أو يكون ضمن أفضل مجموعة عليا فى مستوى التحصيل الدراسى ، ومدى هذه المجموعة يتراوح ما بين ( 5 % - 30 % ).

ولكن على الرغم من أن هناك من يؤيدون التحصيل الدراسى كمحك فعال للتعرف على الموهوبين والمتفوقين إلا أنه وحده غير كاف أو دقيق لإعطاء مفهوم شامل للموهبة والتفوق 0 فهناك العديد من المآخذ والسلبيات التى تحد من قيمة هذا المحك ، ومن بينها :

أ- إن التحصيل الدراسى يركز على الحفظ والاستظهار والاستيعاب للمعلومات، ولذلك فإنه لا يقيس إلا جانب القدرة على التذكر والاستظهار واسترجاع المعلومات

ب – إن وسيلة التقويم للتحصيل الدراسى هى الامتحانات ، وهى منخفضة أو منعدمة الصدق والثبات لارتباطها بتقدير المعلم الذى يمكن أن يتفاوت من معلم إلى آخر كما أن عامل الصدفة يمكن أن يلعب دور مهماً فى حصول التلميذ على درجة عالية أو منخفضة 0

جـ - إن التحصيل الدراسى مبنى على المنهج المدرسى المصمم حسب مستوى غالبية التلاميذ وهم العاديون ، ولذلك لا يجد كثير من الموهوبين والمتفوقين فيه تحدياً لقدراتهم ومواهبهم فيؤثر ذلك على دافعيتهم ويخفض من مستوى أدائهم ، فلا يحققون تفوقاً فى التحصيل الدراسى 0

د- إن هناك عوامل ترتبط بشخصية التلميذ ووضعه الأسرى ، والاجتماعى والاقتصادى قد تؤثر على مستوى تحصيله رغم أنه يملك الاستعدادات والقدرات التى تجعله ضمن الموهوبين والمتفوقين ( عبد الله النافع وآخرون ، 2000 : 32 ) 0

مما سبق يرى الباحث أنه يجب أن تؤخذ نتائج الاختبارات التحصيلية بحذر عند استخدامها كأحد المحكات لتحديد الموهوبين والمتفوقين ، وعدم الاعتماد عليها كلياً بل ننظر إليها على أنها واحدة من المحكات المختلفة التى يتم وفقاً لها عملية التعرف على الموهوبين والمتفوقين وتحديدهم 0

 2-  نسبة الذكاء :  IQ

تعتبر مقاييس القدرة العقلية العامة ، كمقياس "  بينية " ، ومقياس " وكسلر " للذكاء من الأساليب المناسبة والمعروفة فى قياس القدرة العقلية العامة للموهوبين والمتفوقين ، حيث تمثل القدرة العقلية المرتفعة أحد الأبعاد الأساسية فى التعرف عليهم ، ويعتبر الفرد موهوباً ومتفوقاً إذا زادت قدرته العقلية عن انحرافيين معياريين عن المتوسط ، وبلغت نسبة الذكاء   ( 130 ) درجة فأكثر ( فاروق الروسان ، 1996 : 126 ) 0

واعتمد كثير من الباحثين على قياس الذكاء العام كوسيلة لتحديد الموهوبين والمتفوقين  وقد تفاوتت النسب لدى الباحثين بين ( 120 ) إلى ( 140 ) درجة على نفس المقياس ، وبالرغم من التفاوت إلا أن معظم الدراسات قد اكتفت بنسبة ( 130 ) درجة على الاختبارات اللفظية الفردية ( عبد العزيز الغانم ، 1994: 801 ) 0

وأكدت نتائج العديد من الدراسات على أن الأفراد الذين تم اختيارهم على أساس نسبة الذكاء المرتفعة  حيث كانت نسبة ذكائهم ما بين ( 130- 150) درجة  هم الأكثر شيوعاً فى دراسات الموهوبين والمتفوقين ( إمام مصطفى سيد ، 2001 : 208 )0

بينما توصلت  سمية عبد الوارث أحمد  (1996 : 239 ) إلى عدم وجود ارتباط بين الذكاء والتفوق ، وتفسر ذلك بأنه إذا أردنا الحكم على شخصية فرد ما أو قياسها فإننا نركز فقط على سماته الاجتماعية والإنفعالية و العقلية والمعرفية ، والدليل على ذلك ما قدمته النتائج من أن الارتباط بين الجوانب العقلية وغير العقلية من الشخصية ارتباط ضعيف 0

 فى حين ترى مها زحلوق  ( 2000 : 239 ) أن معدلات الذكاء لدى الموهوبين والمتفوقين تفوق وبمقدار ملحوظ معدلات الذكاء لدى أقرانهم العاديين ، وأن الموهبة مظهر من مظاهر الذكاء ، وهذه الظاهرة يمكن أن تكون نامية بدرجة نمو الذكاء ، ويمكن أن تكون أكثر من ذلك 0 وأنه توجد علاقة إرتباطية إيجابية ما بين الذكاء والموهبة والتفوق 0

وعلى الجانب الآخر هناك العديد من الباحثين الذين يعارضون استخدام مقاييس  الذكاء فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين ، حيث أكد  عبد المطلب القريطى ( 1989 : 31 ) أن الذكاء لم يعد المظهر الأوحد للموهبة والتفوق ، فارتفاع معدل الذكاء لا يعنى التفوق فى المظاهر الأخرى كالتفكير الإبداعى والاستعدادات الفنية وغيرها ، كما أن انخفاض معدل الذكاء لا يعنى عدم التمتع بدرجة مرتفعة من الاستعدادات العقلية الأخرى 0 لذا فإن الاعتماد على القدرة العقلية العامة وحدها يحول دون التعرف على عدد كبير ممن يتمتعون بالمواهب والاستعدادات العقلية الخاصة الفنية والموسيقية والميكانيكية وغيرها.

ويرى  سعيد اليمانى وأنيسة فخرو  ( 1997 : 191 ) عدم جدوى وكفاية اختبارات الذكاء والقدرات العقلية فى تحديدها للموهوبين والمتفوقين ، فحصول الفرد على معدل مرتفع فى اختبار الذكاء لا يعنى أن لديه موهبة وقدرات ابتكارية لأن الارتباط بين الذكاء والموهبة ضعيف ، كما لا يمكن لاختبارات الذكاء أن تقيس الاستعدادات الفنية ، والتفكير الابتكارى الذى يفضل التعرف عليه باستخدام محكات الإبداع 0

 وبغض النظر عن النقاش الذى لم يتوقف حول طبيعة الذكاء وأساليب قياسه من جهة، واستخدام هذه الأساليب فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين من جهة أخرى فإن مقاييس الذكاء  المعروفة سوف تبقى مثيرة للجدل إلى أن يتم التوصل إلى مقاييس أكثر فاعلية وصدقاً من مقاييس الذكاء ، وفى هذا السياق يحسن التعرف على مميزات مقاييس الذكاء الفردية وأوجه القصور فيها حتى يكون مستخدمها على بينة من الأمر لتلافى ما أمكن من نقاط الضعف ولاسيما عند استخدامها لأغراض التعرف على الموهوبين والمتفوقين

( فتحى جروان ، 1999 : 160 )0

ويضيف عادل الأشول  ( 1997 : 604 ) أنه قد يظهر بعض الأطفال مواهب فى بعض المجالات  فى مرحلة مبكرة من عمرهم وذلك برغم عدم تميزهم بمستوى ذكاء مرتفع بصورة ملحوظة بالنسبة لأقرانهم 0 وقد تظهر مهاراتهم فى الشعر أو الرسم ، وفى هذه الحالة يبدو أن لدى الطفل دافعاً معيناً يحفزه على ممارسة المهارة أو التميز فى ذلك المجال 0 أى أن توافر الموهبة والدافع يساعدان الفرد على إحراز تقدم ملحوظ فى مجال اهتمامه 0 ورغم ذلك لم تتضح الصورة بعد حول العلاقة بين الذكاء والموهبة فى مجال معين 0

مما سبق يتضح أن الحاجة ماسة وضرورية لاستخدام محكات  أكثر فعالية وكفاءة للتعرف على الموهوبين والمتفوقين بالإضافة إلى الاختبارات التى تنظر إلى الذكاء على أنه عامل أحادى ، ولذا فإنه لم يعد ينظر للموهبة والتفوق على أنهما مجرد أداء متميز فى اختبارات الذكاء المقننة 0 وفى ضوء ذلك ظهرت نظريات حديثة للذكاء مثل نظرية         " جاردنر " Gardner ( 1983 ) للذكاءات المتعددة ، وتعد من أفضل الاتجاهات الحديثة فى التعرف على الموهوبين والمتفوقين ( إمام مصطفى سيد ،2001 : 213 )0

يتضح كذلك أن النسبة المئوية لعدد الموهوبين والمتفوقين تعتمد على الدرجة الفاصلةcut off score    التى يتم اختيارها فإذا ارتفعت الدرجة  الفاصلة انخفضت النسبة المئوية ، وإذا انخفضت الدرجة الفاصلة ارتفعت النسبة  المئوية 0 ونظراً لأنه لم يتم الاتفاق على درجة معينة بين الباحثين ، بل هناك مدى يتراوح من ( 110 – 140 ) درجة فإن تحديد الدرجة بين هذا المدى يعود للباحث فى المقام الأول 0

3- التفكير الابتكارى : Creative thinking

يمثل التفكير الإبتكارى أحد الأبعاد الأساسية المكونة للموهبة والتفوق ، ويعتبر الفرد موهوباً إذا تميز عن أقرانه المناظرين له فى العمر الزمنى فى تفكيره الإبتكارى ، حيث تعتبر القدرة على التفكير الإبتكارى مؤشراً أساسياً يدل على الموهبة والتفوق ، وقد ظهرت تعريفات متعددة لمفهوم التفكير الابتكارى ، إذ يعرفه " جيلفورد " بأنه ذلك الاستعداد لدى الفرد لإنتاج أفكار جديدة مفيدة ، ويعرفه " تورانس " بأنه القدرة على ابتكار حلول للمشكلات والتى تظهر فى الطلاقة والمرونة والأصالة ( فاروق الروسان ، 1996: 128 )

ومن الملاحظ شيوع الكثير من تعريفات الابتكار التى تركز على هذا المفهوم بوصفه ناتجاً ابتكارياً 0 والواقع أن الناتج الابتكارى لا يمكن أن يوجد بمعزل عن عمليات النشاط العقلى ، وهى تلك العمليات العقلية المعرفية التى تقف خلف هذا الناتج الابتكارى ، ولذا فإن الفصل بين الناتج والعملية أمر يصعب قبوله ، والذين يتناولون الابتكار بوصفه عملية أو بوصفه ناتجاً ابتكارياً يكون تناولهم تناولاً جزئياً ، فكلاهما الناتج والعملية يمثلان وجهان لنفس الشئ ( فتحى الزيات ، 1995: 498 )

وفى سبيل قياس التفكير الابتكارى والكشف عن الموهوبين والمتفوقين من خلال  هذا المحك ، طورت العديد من الاختبارات ولكن أكثرها انتشاراً واستخداماً  هى  اختبارات    " تورانس " والتى تهدف إلى قياس قدرات التفكير الابتكارى الأربع ، وهى الأصالة ، والمرونة ، والطلاقة ، وإدراك التفاصيل ، وتشمل نوعين من الاختبارات ، اختبارات لفظية ، واختبارات الأشكال 0 والمشكلة التى تواجه هذه الاختبارات تكمن فى إجراءات التصحيح ، حيث إنه لا توجد إجابات محددة تصحح على أساسها إجابات المفحوصين ، وإنما تعتمد قيمة الإجابة على مدى ندرتها واختلافها عن المألوف ، وإتيانها بحلول جديدة لم تكن معروفة من قبل ، كما تعتمد على القدرة فى تنوع الإجابات على أن تكون الإجابات ذات معنى ، وتعكس قيمة مفيدة فى المجتمع  ( عبد الله النافع وآخرون ، 2000: 38 ) 0

فى حين يرى  فتحى الزيات ( 1995: 521 ) أن الاختبارات المستخدمة فى قياس الإبتكار تقيس استعدادات إبداعية أو إمكانية حدوث الإبداع ، وبالتالى تعد هذه الاختبارات من قبيل المنبئات وليس من قبيل المحكات أى لا تعبر عن مستويات أداء فعلية ، وأنه يمكن الاعتماد على الدرجة فى هذه الاختبارات كمنبئات بالموهبة والتفوق  لدى الأفراد

ولذلك فأنه بجانب استخدام اختبارات التفكير الإبتكارى للتعرف على الموهوبين والمتفوقين لابد من الفحص والتقويم لأمثلة من أعمال إنتاج الأفراد فى المجالات العلمية والأدبية والفنية من قبل المتخصصين الذين يستطيعون الحكم على مدى الجدة والإبتكار والأصالة فى الأعمال المقدمة ، ومدى استمراريتها ، ووجودها كظاهرة تعبر عن القدرة على الإبتكار ، واستخدام ذلك كدليل عملى فى وجود الموهبة والتفوق فى المجال الذى يبدع فيه الفرد ( عبد الله النافع وآخرون ، 2000 : 39 ) 0

وبمراجعة العديد من الدراسات التجريبية التى تناولت العلاقة بين الإبتكار والموهبة والتفوق مثل دراسة كل من  سمية عبد الوارث أحمد ( 1996 ) ،  فاروق الروسان          ( 1996 ) ،  منى المجماج  ( 1998) نجد أنها تؤكد على وجود ارتباط موجب بين التفكير الإبتكارى وكل من الموهبة والتفوق ، ويفسر ذلك بأن الابتكار فى أى مجال من المجالات هو محصلة للعديد من العوامل ، البعض منها يدخل فى نطاق المجال العقلى ، ويدخل البعض الآخر فى نطاق المجال الإنفعالى والمجال الدافعى 0

4- الخصائص السلوكية للموهوبين والمتفوقين :

يعتبر الموهوبين والمتفوقين من الثروات البشرية التى يجب أن نتعرف عليها ونعتنى بها لزيادة تفوقها وتوجيهها إلى المجال المناسب للاستفادة منها 0 وتكشف الدراسات النفسية عن أن الموهوبين والمتفوقين يتميزون بسمات محددة سواء من الناحية الجسمية أو العقلية أو الاجتماعية أو الإنف

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 3495 مشاهدة
نشرت فى 13 فبراير 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,621,805