تفشى «كورونا».. إنذار أول.. التغيرات المناخية تضرب بلا هوادة

2-5-2020 | 17:59

تفشى «كورونا».. إنذار أول.. التغيرات المناخية تضرب بلا هوادة

 

تحقيق ــ محمد القزاز

مع تفشى فيروس كورونا بهذا الشكل والسرعة الكبيرين فى غالبية دول العالم. ربط الكثير من العلماء بين سرعة تفشيه وبين التغيرات المناخية . وأن ما سبقه من فيروسات وأمراض مثل السارس والميرس هو نتيجة لهذه التغيرات، فيما القادم من الأمراض الفيروسية والمعدية بسببها سيكون كثيرا، فكورونا ما هو إلا إنذار، فهناك الكوليرا وحمى الضنك والملاريا وغيرها من الأمراض، عائدة وبقوة.

<a href='http://advm.ahram.org.eg/www/delivery/ck.php?n=ab785a9a&cb=INSERT_RANDOM_NUMBER_HERE' target='_blank'><img src='http://advm.ahram.org.eg/www/delivery/avw.php?zoneid=16&cb=INSERT_RANDOM_NUMBER_HERE&n=ab785a9a' border='0' alt='' /></a><a href='http://advm.ahram.org.eg/www/delivery/ck.php?n=a671dfd6&cb=INSERT_RANDOM_NUMBER_HERE' target='_blank'><img src='http://advm.ahram.org.eg/www/delivery/avw.php?zoneid=23&cb=INSERT_RANDOM_NUMBER_HERE&n=a671dfd6' border='0' alt='' /></a>


التغيرات المناخية باتت تضرب بلا هوادة كل دول العالم، ورغم أن قمة المناخ فى فرنسا عام 2015 كانت أهم قمة تركز ضمن ما تركز على الصحة، لكن الاستهانة من قبل الدول الصناعية كانت السمة الرئيسية، بل ضرب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب عرض الحائط بما صدر عن هذه القمة.

لكن، رغم ذلك لم تتوقف تحذيرات العلماء والمنظمات فى هذا الخصوص، خاصة تأثير التغيرات على صحة الإنسان، فالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية أصدرت بيانا عن حالة المناخ العالمى فى 2019 توقعت فيه أن يشهد العالم فى السنوات الخمس المقبلة رقما قياسيا جديدا كل عام فى درجات الحرارة العالمية، ووثقت المنظمة ظواهر الطقس والمناخ وتداعياتها على التنمية الاجتماعية ــ الاقتصادية، والصحة البشرية والهجرة والنزوح والأمن الغذائى والنظم الإيكولوجية البرية والبحرية. المنظمة نفسها أكدت على لسان رئيسها بيتيرى تالاس، بأن الفترة الواقعة بين عامى 2015 و2019 كانت أدفأ خمسة أعوام فى التاريخ، ومنذ ثمانينيات القرن الماضى كان كل عقد من العقود المتعاقبة أحرّ من أى عقد سابق منذ 1850.

علميا وصحيا، هناك دراسة أعدها المجلس الاستشارى العلمى للأكاديميات الأوروبية حدد خبراء من 27 أكاديمية علمية وطنية فى نوفمبر الماضي، «الضرر الواسع النطاق الذى تسببه التدفئة العالمية بالفعل لصحة الناس والتأثيرات الخطيرة المتزايدة المتوقعة فى المستقبل.الدراسة قالت: «ستؤدى موجات الحر والفيضانات الحارقة إلى مقتل عدد أكبر من الضحايا مع زيادة الطقس القاسى ولكن هناك آثارًا غير مباشرة خطيرة أيضًا ، من انتشار الأمراض التى ينقلها البعوض تؤدى إلى تدهور الصحة العقلية». وفقا لما يؤكده البروفيسور السير أندرو هينز، الرئيس المشارك لتقرير الأكاديميات الأوروبية: »هناك تأثيرات تحدث الآن وخلال القرن القادم ، يجب تصنيف تغير المناخ كواحد من أخطر التهديدات للصحة».

حماية صحة الإنسان

منذ سنوات وأمراض كثيرة أصبحت تصيب الإنسان، أرجعتها منظمة الصحة العالمية فى تقرير لها أصدرته فى ديسمبر الماضى «إن حماية صحة الإنسان من آثار تغير المناخ أصبحت أكثر إلحاحًا من أى وقت مضي، إلا أن معظم البلدان لا تطبق بشكل كامل ما وضعته من خطط فى هذا المجال، وفقًا لأول لمحة عالمية عن التقدم المحرز بشأن تغير المناخ والصحة« وأن »معالجة أزمة المناخ من شأنها أن تنقذ حياة مليون شخص على الأقل كل عام، مما يجعل التصرف واتخاذ الإجراءات اللازمة ضرورة أخلاقية».

المنظمة فى تقريرها اعتمدت على بيانات من 101 دولة شملتها الدراسة الاستقصائية لمنظمة الصحة العالمية، أجرى 48 فى المائة من البلدان تقييمًا لمخاطر المناخ على الصحة العامة. وحددت البلدان المخاطر الصحية الأكثر شيوعًا المتعلقة بالمناخ على أنها تشمل: الإجهاد الحراري، أو الإصابة أو الوفاة الناتجة عن الأحداث المناخية القاسية، والأمراض المنقولة عن طريق الطعام والماء وناقلات الأمراض (مثل الكوليرا أو حمى الضنك أو الملاريا).

كورونا وغضب الطبيعة

ليس العلماء فقط، من قام بهذا الربط، فقد خرج البابا فرنسيس منذ أيام فى حوار له بأن «وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، «أحد استجابات الطبيعة نحو التغير المناخي»، مضيفًا «أنا لا أعرف ما إذا كان هذا هو انتقاما من الطبيعة، لكنه بالتأكيد رد فعل من الطبيعة».

كان البابا فرنسيس قد نبه إلى خطورة التغيرات المناخية مرات عديدة، بل كان يخشى من شيء أسوأ، فذكر فى مايو الماضى أن «ما يشهده العالم من موجات حرارة مرتفعة وجفاف، احتراق الغابات وفيضانات، ارتفاع مستوى البحر وظهور أمراض وغيرها من مشاكل هى مجرد تحذير قوى من شيء أسوأ بكثير يمكن أن يحدث إن لم نفعل شيئا وبشكل عاجل».

ربط آخر وإن كان سياسيا أكثر منه علميا، هو بيان الأمين العام للأمم المتحدة بعد تفشى فيروس كورونا فى العالم فى مارس الماضي، إذ قال «إن 2020 سنة محورية لمعالجة حالة الطوارئ المناخية. فالمؤشرات واضحة وضوح الشمس، فالاحترار العالمى يتسارع، وعام 2019 سجّل ثانى أعلى حرارة (بعد عام 2016) والعقد الماضى كان الأكثر حرارة فى تاريخ البشرية».

كورونا و التغيرات المناخية مشكلتان خطيرتان

على مستوى الربط الاقتصادى فإن اجتماعات وزراء مالية ومحافظى البنوك المركزية فى مجموعة العشرين أقرت فى فبراير الماضى بتهديد «كورونا» واعتبرت أن تفشى فيروس كورونا والتغير المناخي، صارا مهددات ماثلة على الاستقرار المالى والاقتصادى العالمي.

سكان المتوسط وزيادة المخاطر الصحية

وعلى الرغم من أن معظم سكان البحر المتوسط معتاد بشكل نسبى على درجات الحرارة المرتفعة، فإن شبكة الخبراء المعنية بالتغيّرات المناخية والبيئية فى منطقة البحر الأبيض المتوسّط، أصدرت تقريرا من مقرها ببرشلونة أواخر العام الماضى أكدت أن زيادة شدةّ وتكرار موجات الحرارة المترافق مع حدوث تغييرات فى موسميتها سوف يؤديّ إلى تعريض السكان إلى مخاطر صحية كبيرة ولا سيّما الفئات السكانية الضعيفة بما فى ذلك الفقراء الذين يعيشون فى ظروف محفوفة بالمخاطر وبإمكانية محدودة للوصول إلى المساحات المكيّفة.

فى منطقة البحر الأبيض المتوسّط تسببت المخاطر المرتبطة بالمناخ والتغيّرات البيئية ، فى وجود آثار مباشرة وغير مباشرة على صحّة الإنسان. فشملت الآثار المباشرة تلك المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأشعة فوق البنفسجية والجفاف وغيرها من ظواهر الطقس مثل العواصف والفيضانات. كما يمكن أن تتسببّ الحرارة فى المرض أو الوفاة عندما لا تسمح درجات الحرارة المحيطة المرتفعة (المرتبطة بالرطوبة النسبية العالية) للجسم بتبديد حرارته بشكل طبيعي.

تفشّى الأمراض المنقولة

وقامت شبكة الخبراء المعنية بالتغيّرات المناخية والبيئية فى منطقة البحر الأبيض المتوسّط فى دراسة أشرف عليها 80 عالما بيئيا منذ عام 2015بتوثيق العديد من حالات تفشّى الأمراض المنقولة فى منطقة البحر المتوسط، التى يعزّز تغيرّ المناخ من إمكانيةّ انتقالها، لأن آلياّت دورة حياة أنواع ناقلات الأمراض والكائنات المسببة للأمراض حسّاسة جدّاً للظروف المناخية.

من هنا، فإنه تأكد على وجه اليقين أن الاحترار العالمى والزيادة فى تكرار الظواهر الجوية القاسية مثل الفيضانات سوف تسهم فى احتمال انتقال الأمراض المنقولة عن طريق المياه فى المستقبل. خلال السنوات الأخيرة، رصدت الدراسة العديد من حالات الإصابة بحمى الضنك فى كرواتيا وفرنسا واليونان وإيطاليا ومالطا والبرتغال وإسبانيا فيما ينذر بتفشى هذه الأمراض فى منطقة المتوسط بأكملها.

من الصعب التنبّؤ بعواقب تغير المناخ على شدة الأمراض المعدية وتوزيعها، كما ذكرت الدراسة، خاصة بالنسبة للأمراض المعدية بسبب التفاعلات المعقدّة بين المضيفين ومسببِّات وناقلات الأمراض أوالعوائل الوسيطة. فمن المحتمل أن تتسع المناطق التى ترتفع فيها احتمالية الإصابة بعدوى النيل الغربى والمرتبطة بتغير المناخ لتشمل فى النهاية معظم دول البحر المتوسط. أما الآثار الصحية غير المباشرة فترتبط بتدنيّ جودة الهواء والتربة والمياه والتى تؤثر فى إنتاج الأغذية وجودتها والجوانب الاجتماعية والثقافية الأخري. يزداد تركيز الغازات وغيرها من الجزيئات الأخرى فى الهواء بسبب التصحّر وحرائق الغابات الناجمة عن تغيّر المناخ إضافة إلى تأثير الأنشطة البشرية المباشرة خاصّة فى المدن الكبيرة. وبرغم أن تفشى كورونا فى الدول العربية ليس كبيرا مقارنة بدول فى المتوسط، غير أن ارتفاع درجة الحرارة وإن كان من الممكن أن يشكل حجر عثرة فى تفشى كورونا، لكن التغيرات المناخية فى منطقتنا العربية سوف تتسبب بأمراض وفيروسات اختفت منذ زمن، لكنها ستعود مع أخطار التغيرات.

لماذا كورونا و التغيرات المناخية ؟

التغيرات المناخية لها آثار كبيرة على جائحة كورونا، هذا ما يذهب إليه د. عاطف كامل أستاذ الحياة البرية فى كلية الطب البيطرى جامعة قناة السويس وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة ، إذ يرى أن هذا التأثير ليس الأول من نوعه. فمنذ سنوات ظهر عدد من الفيروسات، وكل فترة تعود هذه الفيروسات ولكن بطريقة أشرس من الأولي، يساعدها فى ذلك تغير العوامل المناخية.

ويربط ذلك بما حدث فى الصين فى أوائل الألفية، حين أصيبت بسارس، ثمّ يعود هذا الفيروس فى شكل جديد من خلال ما يسمى «الميرس» الذى أصاب الجزيرة العربية عام 2012 و2013، ما سبق من سارس وميرس هو كورونا، لكن ما أصاب العالم الآن هو تحور لكورونا ليكون أعنف وأكثر شراسة من عائلته السابقة. بالعودة إلى ما يعرفه الجميع من خروج كورونا من إقليم ووهان، وما أثير من روايات أنه بسبب أكل حيوانات بعينها، ينبهنا أستاذ الحيوانات البرية، أن تجارة الحيوانات البرية تسبب العديد من الأمراض، كما حدث فى غرب إفريقيا من مرض إيبولا، كان سببه الخفاش، بعدما اختفى من جنوب السودان وتشاد، ليظهر بقوة وعنف وشراسة فى غرب إفريقيا، وكذلك السارس والميرس وكوفيد 19 وذلك نتيجة أن العوامل المناخية تؤثر تأثيرا شديدا فى انتشار هذه الفيروسات.

ماذا عن مصر؟

التغيرات المناخية على الصحة فى مصر، سيكون لها تأثيرات مباشرة، وتأثيرات غير مباشرة. فالمباشرة تتعلق بالتعرض للشمس. وهنا فى مصر، بدأ أطباء الأمراض الجلدية فى رصدها وربطها ب التغيرات المناخية ، خاصة على اليدين والوجه. على ما تقول أمل سعد الدين رئيس شعبة البحوث البيئية المركز القومى للبحوث. فى إحصائية قام بها مؤخرا معهد الأورام خلص أن هناك زيادة فى معدلات الإصابة بسرطان الجلد، خاصة لدى المزارعين الذى يعملون أوقاتا طويلة فى الشمس. فحين تم الاستفسار عن أغلب الحالات وجدنا أنها من المزارعين، ولعل من الأسباب لذلك هو تغير عمل الفلاح، فلم يعد يذهب فجرا إلى مزرعته بل أصبح يخرج ظهرا.، فنجد أن التغيرات المناخية تسببت فى ظهور أمراض كثيرة للزراعة زيادة الآفات والحشرات، وبالتالى يتم استخدام المبيدات بشكل كبير ومكثف لقتلها، وهى من الأمور التى لم يتم الانتباه إليها كثيرا.

إذا تحدثنا عن التأثيرات غير المباشرة، كما تذهب د. أمل، زيادة البعوض خاصة الناقل منه للأمراض مثل الملاريا، والإيبولا فى بعض الدول، فالملاريا أصبح مرضا مرتبطا كثيرا ب التغيرات المناخية ، وهذه البعوضة موجودة فى مصر، ووزارة الصحة اتخذت إجراءات مشددة لعدم نقل هذا المرض فى مصر. هناك كذلك مرض حمى الوادى المتصدع، هو بالأساس يصيب الحيوان، لكنه مع التغيرات المناخية أصبح من السهل انتقال المرض إلى الإنسان. إجمالا فإن أى أمراض مرتبطة بالحشرات سواء أصابت الزرع أو الحيوان.

الأمراض المرتبطة بارتفاع سطح البحر، هى من التأثيرات غير المباشرة، حيث تتسرب هذه المياه إلى المياه الجوفية، وبالتالى تزداد ملوحة هذه المياه، مما يؤثر تأثيرا مباشرا على الكلي، ويؤدى إلى فشل كلوي.كذلك فإن تسرب مياه البحر إلى المياه الجوفية يؤثر أيضا على الإنتاج الزراعي، بل يشكل خطورة على الصحة، سواء الحوامل أو الأطفال أو كبار السن، وبدا بروز ظاهرة قصار القامة، ناتجا عن سوء التغذية مما يكون سببا إضافيا إلى الجينات.

أمراض لم نكن نعرفها

التغيرات المناخية تسببت فى نوعين من الأمراض، مستجدة، وأمراض كانت موجودة وستعود مرة أخري، فهناك مرض السل، رغم اختفائه، واتخاذ الدولة إجراءات التطعيم له، فإنه مع التغيرات المناخية قد يعود مرة أخري، فميكروب الدرن أو السل مقاوم جدا للحرارة، ويعيش فترات طويلة فى التربة ومن الممكن أن يسبب عدوى كبيرة، فحين ترتفع درجات الحرارة مع التغيرات المناخية وارد ظهوره مرة أخري، وعليه فإن عودة التطعيمات والحرص عليها يجعلنا فى أمان من عودته. بسبب الاختلاط والزحام بدأ يعود المرض فى الظهور.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 84 مشاهدة
نشرت فى 2 مايو 2020 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,795,964