باحثة بريطانية تشكك فى «غزو الهكسوس»..
"الآثار المصرية": جاءوا كخدم ولممارسة الأعمال الشاقة
كتبت ـ رنا جوهر ــ ياسمين أسامة فرج طباعة المقال اثار ترجع لعصر "الهكسوس" فى منطقتى تل الضبعة وكوم الخلجان بمحافظة الشرقية
من المسلمات التاريخية لدينا ان الهكسوس دخلوا مصر من خلال الغزوات الحربية مستخدمين العجلات الحربية، وقد نشأنا ونحن نقرأ رواية «كفاح طيبة» التى طارد فيها احمس الهكسوس للكاتب الكبير نجيب محفوظ.
العاصمة كما لم تراها من قبل ... شقق وفيلات بانظمة سداد حتى 10 سنوات
goo.gl
خرجت مؤخرا باحثة من جامعة بورنموث البريطانية تقول إن الهكسوس الذين حكموا مصر القديمة لنحو قرن من الزمان، ربما وصلوا من خلال زواج نسائهم من ملوك ونبلاء الفراعنة وليس عن طريق الغزو العسكري، كما هو معتقد.
وقالت كريستينا ستانتيس العالمة فى الأنثروبولوجى إن تدفقا فى هجرة نساء الهكسوس إلى منطقة تل الضبعة، ربما يكون قد سبق وصول الهكسوس لحكم مصر بفترة زمنية طويلة.
«الاهرام» أراد ان يتأكد من صحة المعلومات التى جاءت بها هذه الباحثة، وكانت المفاجأة فيما قاله د.ايمن عشماوى رئيس قطاع الآثار المصرية الذى كانت رسالة الدكتوراi الخاصة به عن فترة الانتقال الثانى ومنطقة الدلتا فى عصر الهكسوس، حيث اكد ان الكلام الذى جاءت به الباحثة من ان دخول الهكسوس مصر لم يكن عن طريق الغزو العسكري ليس بجديد على الإطلاق، نافيا ما أشارت إليه بأن دخولهم كان عن طريق المصاهرة، وأوضح ان علم الاثار حتى الستينيات من القرن الماضى كان يرى ان الهكسوس دخلوا مصر عن طريق الغزو الحربي، ولعل هذا هو السبب وراء تناول بعض الاعمال الروائية فى فترة الستينيات لهذا الرأي.
واشار الى انه خلال الفترة من عام 1965 وحتى ثمانينيات القرن الماضى ثبت بالأدلة العلمية عن طريق اعمال الحفائر التى أجريت بمنطقة تل الضبعة بالشرقية فى تلك الفترة،إلى ان هناك مجموعة من القبائل الآسيوية التى دخلت منطقة شرق الدلتا فى أواخر عصر الاسرة 12 وبداية الأسرة الـ 13 بغرض الاستقرار والعمل، وكانت هذه القبائل تعمل فى البداية فى خدمة المصريين وأداء الاعمال الشاقة التى تتطلب مجهودا بدنيا، وهذا ماأثبتته الدراسات التى تجرى على الهياكل العظمية التى وجدت فى هذه المنطقة.
وقال إن هذه القبائل الآسيوية التى دخلت مصر فى تلك الفترة لم تكن تنتمى لمجموعة عرقية واحدة، لكن إلى مجموعات مختلفة بدائية.
وأضاف ان هذه القبائل بدأت بعد ذلك تعمل فى التجارة بين مصر وفلسطين وسوريا، وبعضهم تزوج من المصريين، ونظرا لتقدم مصر الفكرى والحضارى اعتنقت القبائل العقائد المصرية وتبنوا العادات والتقاليدالمصرية كما حملوا الالقاب المصرية.
ثم بدأت مكانتهم الاجتماعية وبالتالى السياسية فى الازدهار، ومع ضعف الملوك المصريين فى ذلك الوقت صعدت هذه القبائل الى الحكم وانفصلوا عن الحكومة المركزية وكونوا الاسرة الـ 15، وكان مركزها تل الضبعة بمركز فاقوس بالشرقية، واتخذوا من مدينة أواريس او حوت وعرت عاصمة لهم، وحمل كبارهم لقب حكا خاسوتاى حاكم البلاد الاجنبية ومنه اشتق الاسم اليونانى هكسوس، وهذا ما أكده الكاتب المصرى مانيتون فى كتابه الشهير عن تاريخ الأسر المصرية القديمة. واشار عشماوى الى ان الهكسوس بدأوا فى توسيع سلطانهم فى أواخر الأسرة 13 ومد سيطرتهم على الوجه البحرى وحاولوا الاستيلاء على العاصمة ايثت تاوى بالقرب من مدخل الفيوم الأمر الذى ادى الى وجود صراع عسكرى نجد صداه فى المصادر القديمة وكتابات المؤرخين القدماء. وقال إن الأبحاث والدراسات الأثرية خاصة فى تل الضبعة أكدت ان ظهور الهكسوس ووصولهم للسلطة لم يكن عن طريق اجتياح عسكرى لمصر استخدمت فيه العجلات الحربية كما كان شائعا، وإنما عن طريق النمو التدريجى حتى وصلوا الى السلطة.
جدير بالذكر ان الباحثة البريطانية كانت قد أوضحت، خلال الاجتماع السنوى للرابطة الأمريكية لعلماء الأنثروبولوجي، أن تحليلا أجرته لعنصر الإسترونتيوم بأسنان 71 مومياء عثرعليها فى تل الضبعة، عاصمة الهكسوس السابقة، كشف عن أن نصف أصحاب هذه المومياوات من الأجانب الذين توفوا قبل فترة من حكم الهكسوس، علما بأن عنصر الإسترونتيوم، الذى يتم امتصاصه فى العظام من خلال تناول اللحوم والنباتات المحلية، يساعد فى معرفة المنطقة الجغرافية التى ينتمى إليها الأشخاص.
وتابعت أنه تم اكتشاف أن 21 مومياء لسيدات، هى مومياوات لنساء أجنبيات هاجرن إلى مصر قبل فترة طويلة من حكم الهكسوس.
وتابعت أن دفن هؤلاء النساء الأجنبيات فى مقابر النبلاء بتل الضبعة يرجح فكرة أن نساء الهكسوس هاجرن إلى مصر وتزوجن من العائلات الحاكمة الفرعونية قبل سنوات من وصول الهكسوس لحكم مصر. وأشارت الباحثة إلى أن تل الضبعة كانت مدينة جاذبة للأجانب من الصفوة خلال فترة حكم الهكسوس. وتابعت أن المزيد من التحاليل على عنصر الإسترونتيوم فى أسنان مومياوات الأجانب بتل الضبعة ستكشف من أى منطقة كانوا ينتمون قبل أن يصلوا إلى مصر.
رابط دائم:
ساحة النقاش