أراك للاعلام والتنمية

اثراء المحتوى العربي الهادف هدفنا،المعرفة ضرورة للتنمية ،لغتنا كنز حضاري علينا الحفاظ عليه وتنميته

ثانوية عامة .... وحدوتة ذكريات.
""""""""""""""""""""""""
إنتهت علاقتي بالثانوية العامة -الحمد لله- منذ سنوات طويلة، بعدما عشت أيامها بكل تفاصيلها مع نفسي ومع أولادي.
.. أيام صعبة، مشحونة تعب وتوتر، كان يزيد من صعوبتها، بل ويصل بنا للانهيار النفسي، خبر ينتشر عن لجنة ما، يحدث بها "غش جماعي" مثلا،
أو عودة أحد الأولاد بعد أداء الامتحان، ثائرا حزينا، بسبب تمييز أحد أو بعض الطلاب واختصاصهم دون غيرهم، بالمساعدة وإدخال أوراق إجابة، لعلاقتهم "بعلية القوم"، مثلا، ... حالات فردية ... ما علينا.
.. هذا هو أقصى ما كان يحدث، حيث أن حدث امتحانات الثانوية العامة، كان دائما هو الحدث الجلل، ذو الهيبة والأهمية العظمى، في كل أنحاء الدولة كل عام،
.. لا أخفي عليكم، أنني وعلى الرغم من مرور سنوااااات طويلة على تجربتي الشخصية مع الثانوية، إلا أنني - وإلى الآن - لم أتمكن من السيطرة على ما يجتاحني ويتملكني، من خوف ورعب، مع إعلان نتيجتها، حتى أنني كثيرا ما أحدث نفسي لأحاول تهدئتها وتذكيرها، بعدم وجود أية علاقة بينها وبين النتيجة المذاعة!!!
.. أعلم سبب تلك الحالة،
فقد وقفت في صباح يوم بعييييد، على سطح منزلنا، وفي يدي كوب شاي وسندويتش فول ولفت من صنع يد أمي، وفي قلبي فرحة كبيرة لاقترابي من دخول الجامعة، وقد علق أسفل العمارة ميكروفون الإذاعة المحلية، يذيع نتائج طلبة الثانوية العامة، وقد كنت ضمن من تذاع نتائجهم في تلك السنة،
.. كنت طالبة مجتهدة، عاشقة للغة العربية والأدب والانجليزية والفلسفة، إلا أن هذا العشق لم يشفع لي أمام كراهيتي لمادة التاريخ، والتي كانت سببا في ألا يذاع رقم جلوسي في هذا اليوم، من خلال ميكروفون إذاعتنا المحلية!
.. نعم، لم أسمع رقم جلوسي ضمن الناجحين!
.. نعم، رسبت في الثانوية العامة بسبب مادة التاريخ وحدها! وقد كان هذا هو نظام الثانوية العامة، في أيامنا! رسوب في مادة واحدة يعني إعادة السنة كلها بكل ما فيها! لا نقض ولا استئناف. ولا معارضة ولا وقفة إحتجاجية،
فقط الحسرة والبكاء والاستسلام للقضاء والقدر ونظام الثانوية القديمة القاسي القاتل. ثم الاستعداد للسنة الجديدة بروح ملؤها التحدي والإصرار،
.. لم تبرح عيني صورة الشوارع، حول المدارس واللجان، وصورة الأهل في انتظار أولادهم، واستقبالهم عند خروجهم، بالأحضان والدموع وزجاجات الكوكاكولا وبعض الحلوى،
.. كانت أقصى الأحلام، هي الحصول على النسبة المئوية المشرفة والتي تتيح لنا الالتحاق بما نتمنى من تخصصات، تلك النسبة التي لم تكن تتعدى ال 80% مثلا،
.. أذكر أيضا أنه عند التحاقي بكلية التجارة "رغما عني" حيث لم يكن مسموحا لي بالسفر والخروج من بورسعيد، كانت تلك الكلية الكريهة إلى نفسي وقلبي، تقبل الحاصلين على نسبة 62% فقط لا غير!!
.. أذكر أيضا، كم كنا كبارا! على قدر كبير من الإحساس بالمسئولية، على قدر كبير من الثقافة، لنا هوايات جميلة مفيدة، أبسطها وأسهلها "القراءة"!
.. بين كتب الثانوية العامة، خبأت سنة أولى سجن، خبأت عودة الروح، خبأت لا أنام ... والكثيييير مما قرأته متخفية وهاربة من عين أمي، حتى لا يصرخ بوجهي صوتها الحبيب "سايبة المذاكرة وبتقري إيه ياختي!".
.. لا أذكر مع كل ما ذكرته، أنني احتجت يوما إلى ما يسمى بالدروس الخصوصية، وأقسم لكم، أن هذا لم يحدث طوال عمري الدراسي، فقد كنت أجد كل ما أحتاجه داخل مدرستي وعلى يد أساتذتي الكبار، كبار النفس، كبار العطاء، كبار القيمة، قبل أن يصبح المعلم سلعة يعلن عنها وتحدد لها "التسعيرة" في مراكز الدروس الخصوصية، قبل أن تقل قيمته ويرتفع رصيد حسابه وسعر سيارته وأثاث منزله ومستوى معيشته!
.. كانت حالة، نعم، كانت حالة .. حالة بناء، حالة كفاح، حالة تغيير للواقع، حالة سعي مستميت لتحقيق مستقبل وهدف وذات لها قيمة.
.. تتحرك داخل قلبي ونفسي كل تلك الذكريات، وأنا أتابع في حسرة وإحساس يشبه الغثيان، ما يحدث بثانويتنا العامة هذه الأيام،
.. حزينة على بلدي وصورة بلدي وموقعها الذي أصبح متميزا، في عالم الكوميديا والسخرية والهزل ..
.. لا أحب الإطالة في الحديث عما يحدث، ولا الاقتراب منه بمحاولة تفسير أو تحليل، فإنه فعلا يصيبني بالغثيان والحزن، وفقط.
‫#‏طاقة_نور‬
.. في محاولة لإخراجي وإخراجكم مما أخذتكم معي إليه، من شجن ومرارة،
أذكر أيضا، أنني وبعد أكثر من ثلاثين عاما من تخرجي في كلية التجارة الكريهة إلى قلبي ونفسي، والتي أرغمت عليها، حققت لنفسي بفضل الله، ما أردت، حتى لو جاء تحقيق الحلم متأخرا، ولكنه تحقق وحدث بالفعل،
.. حدث أن أصبحت طالبة بجامعة عين شمس الحبيبة، الحلم،
.. حدث أن تخرجت في قسم الإعلام بمرتبة الشرف،
.. حدث أن حصلت على دبلومة الصحافة الإلكترونية،
.. حدث أن درست فنون الكتابة على يد أروع معلميها،
.. حدث أن استمتعت وتفوقت في مجال وتخصص، طالما عشقته،
.. حدث أنني لازلت بنفس الروح والحماس وبداخلي طالبة علم لن تتوقف،
... ولكل محبط ضيق الأفق، يسأل عما جنيته من بعد جهد الدراسة وأعبائها المادية،
أقول: أعد قراءة الخمسة أسطر الأخيرة، تجد بها الإجابة، وأجد بها ما يكفيني ويشبعني سعادة ونشوة...
‫#‏كنا_وسنبقى_جيلا_وافر_الحظ‬

المصدر: عزة البرقي
arakmedia

شاركونا الحلم .. زورونا في موقعنا وواقعنا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 402 مشاهدة

ساحة النقاش

مركز أراك للاعلام والتنمية

arakmedia
-مركز يسعى الى تحقيق التنمية الإنسانية برفع مستوى اداء الفرد و مهاراته باستخدام تقنيات حديثه للتواصل المباشر او للتواصل عن بعد واطلاق مشروع تنموي متكامل على الانترنت ، للتواصل مع المجتمع بكل فئاته خاصة الشباب والفتيات و الطلائع والمرأة لتطوير وتنمية المجتمع ، واثراء المحتوى العربي على الانترنت ، يوضع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

61,328