جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
أحزان بلياتشو
أول موضوع خطر فى بالى قبل رؤية فقرات السيرك هو الوجه الحقيقى للبلياتشو و ده على ضؤ النهايات المأساوية لكل نجوم الكوميديا و الإبتسامة و كانت كلها نهايات صادمة لعقول الناس و لو استعرضنا النهايات دى هنلاقى انه وداد حمدى قتلها رجيسير واسماعيل يس مات بعد حجز الضرائب على امواله و القصرى مات فقير بعد ما فقد بصره و سعاد نصر عاشت فى غيبوبة سنة و صلاح جاهين مات بالإكتئاب حتى سعاد حسنى نجمة الجمال و خفة الظل ماتت فى احداث غامضة .
مش بس النهايات مأساوية لكن حياتهم الخاصة ما كانش فيها عنصر الكوميديا و طبيعتهم كانت أميل للحزم و الصرامة و كأن الكوميديا عمل يؤديه دون ان يشعر به و طبعا مش لازم نندهش من ده لان كوكب الشرق أم كلثوم لما سألوها عن شعورها بالأغانى العاطفية قالت انها لا تعيشها فى الواقع ولكنها فقط تمتع بها أسماع الجماهير من خلال قوة و جمال صوتها .
مش ده الدافع الوحيد و لكن موقف اكيد بيتكرر كثير لما ينتهى العرض و تخرج الأسرة و معاها طفلها متأثر جدا بشكل اللبس و الالوان و خفة الحركة و أول ما يخرجوا الطفل يقول لوالده " بابا نفسى اطلع بلياتشو " و اول رد فعل للأب " اخرس يا ولد بلاش كلام فارغ " الولد يسأل الأب عن السبب يجاوب الأب " دى ناس ما اتعلمتش علشان كده اشتغل بلياتشو علشان ياكل عيش انت عايز تبقى كده و الناس تضحك عليك يا حبيبى اطلع دكتور مهندس مش .... بلاش كلام فارغ " .
و للبحث عن الحقيقة مذاق خاص لمن عشقها ربما يدفعك الى المغامرة لمعرفة ما وراء الستار
فى السيرك كان بطل البلياتشو هشام يحيى من أسرة اليمانى أثناء العرض لن تدرك سوى وجهه الملون و الباروكه المستعاره ذات الالوان الفسفورية و زي المهرج و حركاته البهلوانية و صوته اللى بيملى المسرح و يبعث فى الناس روح المرح و السعادة .
أما الحقيقة و الواقع انه هشام ربما تشعر فى عينيه مسحة حزن و على عكس أداء العمل هشام صوته منخفض جدا تحتاج تركز معاه علشان تسمعه هادى الطباع جدا و مش شخصية ضاحكة لكن ابتسامته هادية شديد الخجل و الزوق ، شخصية خلوقه بمعنى الكلمة و ردوده مختصره ربما بكلمة او كلمات لا تتعدى عدد اصابع اليد الواحدة .
علشان كده إتجرأت وسألت هشام عن دراسته فعرفت انه دارس بكلية سياحة وفنادق بمعنى انه مش حد جاهل و أكيد كان لازم أسأله انت من جواك شخصية مرحه و لا حزينه فرد بكلمتين انسان عادى سألته و لو كنت حزين او مريض رد بكلمه واحدة بفصل بمعنى فصل العمل عن المشاعر الشخصية سألته و بتقدر قالى لازم شغلى وبحبه .
مش بس هشام اللى بيعمل كده و يظهر بوجه ضاحك و يخفى اوجاعه عن الناس لكن مره وقفت قدام مريض فى جلسة غسيل كلى و انا متأثرة بحالته حب يضحكنى فقالى نكته ضحكت جدا وبعد ثوانى ادركت انه بيضحكنى و هو بيتألم فانهرت من البكاء و ساعتها قالى يا ريتنى ما ضحكتك قلبك ضعيف عايزة تعيشى فى الدنيا دى اضحكى عليها و اوعى تنهارى لو كنت زيك كده كنت موت من سنين
بشكل عام وبعيد عن هشام والسيرك الناس ما يهمهاش ان كنت من جواك فعلا سعيد و لاحزين و لا يهمها تعرف انت بتتألم و لا مرتاح لكن يهمهم الدور اللى مطلوب منك تأدية فى حياتك او فى عملك لانك لو ما قمتش بيه ما حدش هيرحمك و يا ويلك لو أديته ببراعة و إبداع لانك وقتها هتكون خرجت عن حدود مساحة الدور اللى مرسوملك و هتلاقى ليك ميت محارب يدمروك و من غير رحمة و لا شفقه .
يا ويلك كمان لو فكرت فى يوم انك تسيب دورك و عملك و قناع السعادة وتقف تشكى حالك للناس لانه فى الغالب ممكن ما تلاقيش اللى يرحمك او يعذرك و ممكن كمان تلاقى اللى يسخر منك وساعتها تحس انك أهنت نفسك إهانة كبيره جدا و ساعتها هتتعلم تقوم بدور البلياتشو و تلبس قناع السعادة لانك هتكتشف انه اعظم دور ممكن تختاره لحياتك .
مجلة أنين وطن - بقلم نانى محسن عبد السلام