اضطرابات النطق
ان الكلام هو الطريقة الشفهية للتواصل بين البشر . و يتكون الكلام من الأصوات
الكلامية التي تجتمع معا" لتكوين مقاطع ثم كلمات ويسمى اصدار هذه الاصوات نطقا,
فالنطق فهو القدرة الجسدية على إصدار الأصوات الكلامية مفردة . و عندما تجتمع هذه الاصوات لتشكل كلمات وتجتمع هذه الكلمات معا" في جمل فإنها تكون ما يسمى باللغة .
ويشكل الحديث المتصل اللغة الشفهية. واللغة هي نظام من الرموز المتفق عليها بين
مجموعة من الناس كنظام للتواصل, حتى تكون مفهومة من جميع الناطقين بتلك اللغة .
و لكل لغة قواعدها في تجميع الأصوات الخاصة بها والتي تختلف من لغة لاخرى ,
و تقسم الأصوات الكلامية تبعا" للعديد من الطرق, مثل طريقة إصدار الصوت و مكان
النطق داخل الفم و دور اللسان و الشفتين و الأعضاء الداخلية للفم في ذلك .
و يتم تعلم الأصوات بسماعها ثم تكرارها و تقليدها , و يعتقد بأن كل إنسان يولد و لديه
استعداد خلقي لتعلم اللغة , مما يفسر أن الطفل يبدأ بإصدار العديد من الأصوات مبكرا" في
حياته ( حتى أولئك الذين يعانون من مشاكل سمعية ) حتى تلك الاصوات التي لاتوجد في لغة اهله حيث تؤكد الدراسات بأن جميع الأطفال يصدرون وهم رضع جميع الأصوات, سواء تلك الموجودة في لغاتهم أو غير الموجودة , و لكن يتم بالتقدم في العمر عملية " تفنيد للاصوات
و ذلك عبر التغذية الراجعة ( أي ما يسمعه الطفل في بيئته ) فيستمر في إصدار الأصوات الموجودة و المقبولة و المستعملة في بيئته و لا يعود يصدر غيرها ( و ربما يعني هذا الاستعداد الخلقي لتعلم جميع أصوات لغات العالم, مما يفسر كيفية إصدار الأشخاص لأصوات اللغات الأخرى التي يتعلمونها في مستقبل حياتهم حتى و لو لم تكن موجودة في لغتهم الأم ) .
و يتبع معظم الأطفال – تبعا" لدراسات علمية تعنى بهذا المجال – يتبعون جدولا" تطوريا" لاكتساب الأصوات الكلامية و يكون هذا الجدول متبعا" غالبا" من معظم الأطفال بشكل تسلسلي مع مراعاة وجود فروق فردية .
ومن أبرز مراحل هذا الجدول أو التسلسل ما يلي :-
· صرخة الولادة .
· من صفر إلى 3 أشهر: إصدار أصوات العلة .
· من 5 – 7 أشهر: بعض الأصوات الساكنة و البدء بتكوين مقاطع من صوت ساكن مع صوت علة مثل با – دا – ما .
· 8 – 9 أشهر: إعادة المقاطع مثل بابا – دادا – بدون معنى محدد .
· 9 – 12: أوائل الكلمات ( أصوات أو مقاطع ذات هدف تواصلي )
أي ذات معنى مثل ماما – هم – ننا.
وقد لوحظ في الدراسات الخاصة بالأصوات و الصوتيات في العالم الغربي العديد من الملاحظات التي تتم خلال عمليه الاكتساب ومنها :
· غالبا يتم اكتساب الأصوات الشفيه ألا نفيه ( المغننة) وهي / ب- م- وing /
أولا"
· يتم اكتساب الأصوات الوقفية مثل / ب- ت- ك / قبل الاحتكاكية مثل
/ ف- س- ث/.
وفي دراسة حول اكتساب الأصوات العربية في البيئة الأردنية و التي تمت بإشراف الدكتور موسى العمايرة ( اختصاصي نطق و لغة وأستاذ في الجامعة الأردنية ) في عام 1998 لوحظ تقارب النتائج مع النتائج العالمية و ملخص هذه الدراسة :-
· يتم اكتساب الأصوات الشفهية قبل 4 سنوات .
· يتم اكتساب الأصوات الوقفية قبل 4 سنوات , باستثناء بعض الأصوات المفخمة مثل/ ط/
· يتم اكتساب الصوت الاحتكاكي / ف / مبكرا" بالنسبة للأصوات الاحتكاكية الأخرى .
· يتم اكتساب الأصوات المفخمة ( وهي من مميزات اللغة العربية ) متأخرا" غالبا" مثل
/ ظ – ض- ط /
· يعتبر الصوت / ر/ من أكثر الأصوات تأخرا" في الاكتساب ( حتى ست سنوات ) .
و تختلف المشاكل النطقية التي يتعرض لها الأطفال و يختلف أثرها كذلك على وضوح كلام الطفل .و تكون الأخطاء غالبا" إما عدم القدرة على إصدار صوت أو أصوات معينة . أو إجراء ما يسمى بالعمليات الصوتية ( التي تؤثر على أكثر من صوت في الكلمة الواحدة غالبا", مثل حذف مقطع – صير بدل عصير – أو المماثلة – سياية بدل سيارة ) . وهذه العمليات يتبعها معظم الأطفال في معظم الأطفال في مرحلة الاكتساب كطريقة لتسهيل صعوبة الكلام عليهم , و لكنها تزول أيضا" تبعا" لجدول متوقع , فإذا استمرت بعد ذلك فهذا يعني أنها أصبحت مشكلة كلامية ينبغي التعامل معها .
ويتم تصنيف المشاكل الكلامية إلى وظيفية أو عضوية . أما الوظيفية فتعني استمرار وجود مشاكل في نطق الطفل بعد السن المتوقع انتهاؤها فيه , مع عدم وجود مشاكل من شلل أو ضعف أو تشوه في أعضاء النطق ( اللسان – الأسنان – الشفتين – سقف الحلق – الحبال الصوتية – الحنجرة, و العضلات المكونة لمنطقة الفم أو الأعصاب المزودة لها ) أو الحاسة السمعية أو القدرة العقلية للطفل .
أما إذا كان هناك شلل أو ضعف أو تشوه خلقي في هذه الأعضاء فيسمى الاضطراب النطقي عضويا" , أي أن السبب يعود إلى عدم قدرة العضو على تأدية وظيفته بالشكل المناسب بسبب خلل في هذا العضو او العصب المزود لهذا العضو او منطقة الكلام في الدماغ . وهنا ينبغي اللجوء إلى استشارة الطبيب المختص ( مثل أطباء الأسنان و الأنف و الأذن والحنجرة و الأعصاب ) وذلك للتعاون بين أخصائي النطق و الطبيب لإيجاد السبيل الأمثل لتحسين قدرة الطفل على النطق .
التنبه للمشكلة :-
ومن المهم التنبه للمشاكل النطقية مبكرا" و المسارعة باستشارة أخصائي النطق و اللغة لتحديد هل المشكلة وظيفية أم عضوية , و هل هي مجرد مشكلة نطقية مؤقتة أم أنها مؤشر لوجود مشكلة أو مشاكل أخرى عضوية أو تطوريه , حيث أن التأخر بالكلام و المشاكل النطقية تكون غالبا" من أوائل العلامات على وجود مشاكل أخرى في التطور و النمو لدى الأطفال , بل إن هناك دراسات حديثة بدأت تشير إلى أنه حتى المشاكل النطقية الوظيفية ( أي التي لا ترتبط بسبب عضوي ) قد تكون مؤشرا" لوجود مشكلة صعوبة تعلم دراسية مستقبلا" عند الطفل , حيث أنه يعتقد بأن الطفل الذي يجد صعوبة في تعلم الأصوات الكلامية يكون لديه صعوبة في التعامل مع الصوت كرمز لغوي ,و بالتالي فإنه سوف يكون لديه في المستقبل صعوبات في التعامل مع الأحرف كرموز للغة المكتوبة .
ساحة النقاش