في أسبوع الأصم العربي لعام 2015: الحقوق أولاً .. بقلم د. غسان شحرور
في كل عام، وخلال الأسبوع الأخير من شهر نيسان (أبريل)، تقيم جمعيات الأشخاص الصّم والهيئات العاملة معهم في الوطن العربي أسبوعاً يدعى «أسبوع الأصم» الذي يعد أسبوعاً حقوقياً مكثفاً وتظاهرة إعلامية شاملة للتعريف بالصّمم والوقاية منه، وكذلك التعريف بالأصم وقدراته ووسائل تربيته وتأهيله، وقنوات تواصله اللغوي والنطقي والإشاري مع أقرانه، وأفراد مجتمعه، بالإضافة إلى توجيه وسائل الإعلام المختلفة لتسليط الضوء على حقوقه الأساسية الصّحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتأهيلية، ويهدف أيضاً إلى تمكين الأشخاص الصّم وضعاف السّمع وجمعياتهممن القيام بدور فاعل وإيجابي في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمستدامة.
اعتمد الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصّم "تعزيز حقوق الأشخاص الصّم في المجتمع من خلال متابعة تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" محوراً لأسبوع الأصّم لهذا العام 2015، نظراً لأهمية هذه الاتفاقية الدولية في تحقيق أقصى درجة ممكنة من التأهيل والدمج والاحتواء.
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:
تمثل الاتفاقية صكاً لحقوق الإنسان ذا بعد واضح للتنمية الاجتماعية، وتؤكد الاتفاقية من جديد ضرورة تمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين، وتحدد المجالات التي ينبغي تأمينها لكي يمارس الأشخاص ذوو الإعاقة حقوقهم بالفعل، والمجالات التي يجب تعزيز الحقوق فيها، من أجل تمكينهم، وتعزيز دورهم المجتمعي.لقد حرصت هذه الاتفاقية على تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأشخاص الصم، من خلال التأكيد على أن لكل فرد، دون تمييز من أي نوع الحق في التمتع بجميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.
كذلك أبدت اتفاقية الأمم المتحدة هذه اهتماماً خاصاً بالأشخاص الصّم ولغاتهم الإشارية، من خلال المادة 2 الخاصة بالتعاريف، والمادة 9 الخاصة بإتاحة الوصول، والمادة 21 حول حرية الرأي والتعبير، والمادة 24 الخاصة بالتعليم، والمادة 30 حول المشاركة في الحياة الثقافية والترفيه، وقد أكدت على الاعتراف بلغة الإشارة، واستخدامها، واحترام ثقافة الأشخاص الصّم وخصوصيتهم، والحق في الحصول على الترجمة الإشارية، واستخدام ثنائية اللغة في تعليمهم.
- أسبوع الأصم العربي الأربعون ...دعـوة متجددة إلى العمـل:
لقد وقعت الدول العربية على هذه الاتفاقيةِ، ورغم هذه الاستجابات الجيدة إلا أن القوانينَ الوطنيةَ والتشريعاتَ الخاصّةَ بالإعاقةِ في بعض الأقطارِ العربيةِ، لا تزال تعودُ إلى سنواتِ ما قبل الاتفاقية، كما أن معظمها لا يعكس واقعَ المرأةَ المعوقةَ ولاسيما الصّماء، والحاجةَ الماسّةَ إلى تعزيزِ حقوقِها، وتأمينِ حاجاتِها الأساسيةِ المختلفةِ، ومعالجةَ العوامل الاجتماعية والثقافية، وضعفَ الوعيِ المجتمعيِّ. كل ذلك يدعونا إلى تحديثِ تشريعاتنا الوطنية، والاستفادةِ من الاتفاقيةِ الدوليةٍ على الشكلِ الأمثلِ، وإطلاقِ العملِ التشاركي الحكومي والأهلي ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة وبينها منظمات الأشخاص الصم في مجالات رصد تنفيذها الأمثل، من أجل تعزيز حقوقهم وحمايتهم وحفظ كرامتهم.
تقع على منظماتِ الأشخاصِ ذوي الإعاقة، لا سيما منظمات الأشخاص الصم وذويهم والعاملين معهم مسؤوليةً كبرى في المشاركةِ الكاملة، الفاعلة في كل هذه المجالات، التي تحتاج إلى الكثيرِ من الجهدِ والوقتِ لإحداثِ التغييرِ المنشود، كما أن المنابرِ الإعلاميةَ العامةَ والمتخصّصةَ بالإعاقةِ لا تتردد في القيامِ بالعملِ الإعلاميِّ المتخصّص والجاد من أجلِ تمكينِ الأشخاص الصم، وخلق بيئةٍ ممكّنة، لضمانِ تمتـّـعهم تمتّعاً كاملاً، وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
بمناسبةً هذا الأسبوع، نكرر دعوة المنظمات الوطنية والعربية والدولية إلى تلبية احتياجات الأشخاص الصم، ومنظماتهم والعاملين معهم في مناطق الحروب والنزاعات والحصار والإحتلال، كما ندعو إلى الاستفادةِ من توصياتِ مؤتمراتِ وندواتِ الاتحاد العربي للهيئات العاملةِ مع الصّمِ التي طرحت مواضيع عديدة من قضايا الأشخاص الصم في وطنِنا العربي.
من جهة أخرى, وكما في كل عام، نأمل أن يشكّلَ هذا الأسبوعُ الأربعون مناسبةً للاحتفالِ في الوطن العربي بإنجازات الأشخاص الصّم ونجاحاتهم العديدة، في أكثر من مجال، وأكثر من مكان، وعرض التحديات والصعوبات التي تواجههم وسبل التغلبِ عليها، إنها مناسبةً أيضاً لعرضِ الجهودِ والتشريعات والدراسات التي تسعى إلى تمكينِهم والنهوضِ بواقعهم نحو الأفضل.
<!--مصادر:
للاطلاع على موجز فعاليات أسبوع الأصم العربي لعام 2014 ، إعداد اليرموك للإعلام الخاص:
http://slidesha.re/1wlz9MK
ساحة النقاش