أحمد محمد - العظيم هو الذي تعجز العقول عن أن تدرك صمديته، وتعجز الأبصار عن أن ترى سرادقات عزته، ولا تحيط بكنهه بصيرة، ليس لعظمته بداية، وليس لها نهاية.
والله سبحانه وتعالى يجمع معاني العظمة وعظيم في مجده، في قوته وبطشه، في كرمه وإحسانه ورحمته، عظيم في حلمه ومغفرته في وجوده وذاته وعلمه عظيم في قدرته، فهو على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في السماوات وفي الأرض، وأعظم من كل عظيم.
العظيم هو اسم من أسماء الله الحسنى ومن صفاته عز وجل ورد في القرآن، منفرداً، قال تعالى: (إنه كان لا يؤمن بالله العظيم)، وورد في ثلاثة مواضع الأمر بالتسبيح به خاصة بنص واحد في قوله تعالى: (فسبح باسم ربك العظيم)، موضعان في سورة الواقعة والثالث في سورة الحاقة، وورد مقترناً باسمه العلي في موضعين قوله سبحانه: (ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم)، وقوله: (له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم).
وفي الحديث القدسي: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني منهما شيئا أذقته عذابي ولا أبالي».
وقد ورد الاسم في السنة كثيراً، كما عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده»، وفي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: «أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم»، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش العظيم».
والله عز وجل هو العظيم الذي جاوز قدره حدود العقل وجل عن تصور الإحاطة بحقيقته، فهو العظيم الواسع الكبير في ذاته وصفاته له علو الشأن كما قال في كتابه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، وقال: (رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا)، وإذا كان قد وصف عرشه بالعظمة وخصه بالإضافة إليه والاستواء عليه، فما بالك بعظمة الملك سبحانه الذي علا فوقه، وينبغي أن نعلم أن عظمة الله في ذاته لا تكيف ولا تحد، لطلاقة الوصف وعجزنا عن معرفته فنحن لم نره ولم نر له مثيلاً، فالله عظيم في ذاته ووصفه كما أخبر عن نفسه.
وكلمة العظيم تعني الكبير الشأن ذا المكانة الرفيعة العالية التي توجب لمن هو دونه التبجيل والاحترام والمهابة والطاعة، وهو ما يسمى مجملاً «التعظيم».
والعظيم في اللغة بمعنى الضخامة والعز والمجد والكبرياء، والله العظيم أعظم من كل عظيم، وكل ما سواه فهو حقير بل كالعدم، الله تعالى عظيم له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم، فلا يقدر مخلوق أن يثني عليه كما ينبغي له ولا يحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده.
ومن معاني التعظيم الثابتة لله وحده انه موصوف بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال أكمله، وأعظمه وأوسعه، فله العلم المحيط، والقدرة النافذة، والكبرياء والعظمة، ومن عظمته أن السماوات والأرض في كف الرحمن أصغر من الخردلة، كما ذكر ذلك ابن عباس وغيره وقال تعالى: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) وقال تعالى: (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا).
ومن معاني عظمته تعالى، أنه لا يستحق أحد من الخلق أن يعظم كما يعظم الله، فيستحق جل جلاله من عباده أن يعظموه بقلوبهم وألسنتهم، وجوارحهم، ومن تعظيمه أن يتقى حق تقاته، فيطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، ومن تعظيمه تعظيم ما حرمه وشرعه من زمان ومكان وأعمال، ومن تعظيمه أن لا يُعترض على شيء مما خلقه أو شرعه.
وكل صفات الله تجعله عظيما فهو يعلم كل شيء ويقدر على كل شيء ويرزق كل مخلوق فجميع صفات الله صفات عظمة؛ ولذلك جمع اسم الله العظيم كل أسماء وصفات الله عز وجل.
عندما يردد المسلم اسم الله العظيم فهو يريد أن يعظم الله في قلبه فكلما عظم اسم الله في قلب العبد عظم معه شرعه في حياته (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
ويتجلى اسم الله العظيم في الكون الواسع وبالأرقام المذهلة العجيبة والمعبرة عن ترامي أطراف الكون المشهود بما لا يسع أكبر مراصد العالم مع تطوره أن ترى واحدا من مليون، بل من تريليون من سعته، وما كانت نسبته الضئيلة بالنسبة لعالم أعلى منه ملكوتي، وما تكررت له من النسبة بعوالم أوسع منه حتى سبع سماوات وكرسي وعرش وما بينهما بتكرار النسبة مئات بل آلاف المرات.
ساحة النقاش