أ. جمال قاسم الجعفري
مدير مركز التدريب
مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا
صرخ كابتن السفينة في وجه أحد العاملين وأوقفه عن العمل قسراً .. وإن كانت علامات الجدية بادية على هذا العامل في إنجاز العمل وربما كان في قمة نشاطه وحيويته وبكل إخلاص ، وهو بحسب ظنه يريد أن يقدم خدمة لنفسه ولزملائه أيضاً ، وهذه المرة لم ينتقد كابتن السفينة أحدٌ من الموجودين على موقفه هذا ، بل أيدوه وكانوا معه في هذا الموقف ، وأجمعوا على صواب تصرفه .
لم يكن هذا العامل مظلوماً كما قد يتبادر إلى ذهن الكثير لأول مرة في هذا الموقف وفي المواقف المشابهة التي تحتاج إلى نظر وتأنى ومعرفة تفاصيلها قبل إصدار الأحكام على الآخرين والتشهير بهم ، لقد حاول هذا العامل أن يخرق قاع السفينة ، ليأخذ الماء لمنفعته ومنفعة من في السفينة ، ولكن تكمن مشكلته أنه رأى الأمر من زاوية واحدة ، وهي زاوية المصلحة الشخصية العاجلة ، ولم يتدبر العواقب التي قد تلحق به وبجميع من في السفينة ، ولو تركوه وما أراد لهلك وهلكوا جميعاً ، من هنا تبرز أهمية المسؤولية الجماعية في إنجاح العمل وتحقيق الأهداف المرسومة ، وهكذا فإن المؤسسات تواصل مسيرتها بروح واحدة ، فالأخطــاء الشخصية تعيق مسيرتها وربما تعرقلها وتوقفها تماماً إذا لم تجد من يوقف هذه الأخطاء عند حدها ، فالشخص الذي توكل إليه مسؤولية معينة في أي مؤسسة لابد أن يخضع للتقييم ويتلوه التصحيح والتقويم ، فالأخطاء التي تصدر منه لا تنسب إليه فقط ، وإنما تنسب إلى الموقع الذي يمثله ولا يقبل على الإطلاق أن يقال دعه يتحمل مسؤولية نفسه وهذا دليل نجاحه أو فشله ، و إنما نستطيع القول بأنه لا بد أن يكون هناك حد أعلى وحد أدنى يستطيع التحرك فيما بينهما دون تجاوز ، ويتأكد لدينا أهمية النظرة الشاملة للأمر من جميع جهاته ، فما قد يكون صواباً في نظري ومصلحة لا بد منها ، قد تكون من وجهة نظر أخرى ضرر كبير.
وإذا كان كابتن السفينة قد حقق تميزاً في عملا ما أو أي شخص آخر سواءاً كان صاحب مسؤولية إشرافية في السفينة أو لم يكن ، فيجب أن يعم الفرح والسرور لجميع ركاب السفينة ، لأن نجاح الواحد تعود ثمرته على الجميع ، وهذه هي الحقيقة التي لابد أن يفقهها الجميع ، وإن شخصنة الإنجازات والنظر إلها بهذا المنظار سواءاً كانت إنجازاتنا أو إنجازات الآخرين يؤثر تأثير سلبياً على مستوى الأداء وعلى العلاقات أيضاً ويفسح المجال لحظوظ النفس الدنيئة ويبقى البعض يبحث بشتى الوسائل عن طرق إبراز الذات (الأنا) وتسويقها للآخرين وهذا يخل قطعاً بنتائج العمل حيث يتم التركيز على الأشخاص على حساب العمل ، وهو ما يجب أن تتحاشاه المؤسسات التي تعتمد المؤسسية في أعمالها.
وحتى تنجو السفينة يتوجب علينا أن نشجع كل ما هو إيجابي أياً كان مصدره والقائمون عليه ، وأن نكف ونترفع بأن نقدم ذواتنا ومصالحنا الخاصة قبل مصلحة الجميع والمهام والواجبات الموكلة إلينا ، وهكذا نطمئن لسير السفينة ونجاتها بمشيئة الله تعالى .
ساحة النقاش