إرادة القوة وقوة الإرادة
من أهم أسرار التميز في الشخصية
جمال قاسم الجعفري
كم هي لحظات جميلة وسعيدة ، تلك التي نعيشها مع العظماء الذين استطاعوا أن يصنعوا إنجازات ، سواءاً كانت معايشة واقعية أو قراءةً في كتب التأريخ أو التنمية البشرية أو عرفناها من البرامج التدريبية أو المحاضرات ... الخ ، وسرعان ما يتبادر إلى أذهاننا : لماذا لا نكون مثل هؤلاء ؟ ولماذا لم نصنع نجاحاتنا كما صنع هؤلاء نجاحاتهم ؟
والملاحظ هنا أن الكثير منا يركز مساحة النظر على النتيجة التي وصل إليها هؤلاء الناجحون ويغفل عن المراحل التي قبلها وهي الأهم فهي طريق النجاح ، فقد يريد الواحد منا أن يكون خبيراً ورائداً في مجال تخصصه لكنه ليس مستعداً أن يخصص بعضاً من ساعات يومه للقراءة والإطلاع ويلتزم بذلك برنامجاً عملياً ، وقد يريد الآخر الحصول على درجة الدكتوراة وتمضي السنتين والثلاث والخمس وهو يريد ولكنه ينتظر من يتفضل عليه بمساعدة مالية ليبدأ الدراسة ، لم يخطر بباله أن يقتطع جزءاً من قوته أو يضاعف جهده ليحصل على رسوم الدراسة من عرق جبينه .
أعتقد أننا اليوم بأمس الحاجة إلى أن نصنع أنفسنا بأنفسنا ولا ننتظر أحداً ليقوم بهذا الدور نيابة عنا ، إن القوانين والسنن الكونية لا تحابي أحداً ولا تعرف المجاملة وإن ممارسة أسباب التفوق هي التي تصنع التفوق في مختلف المستويات وإن النتائج التي يحصل عليه هؤلاء هي ثمرة صدق الإرادة وثمرة الجهود الدءوبة التي يبذلونها ومع استكمال العمل بكافة الأسباب يأتي التوكل على الله سبحانه وتعالى .
أحلام وأهداف :
وكم هي الأفكار الحلووة والإيجابية والمتميزة التي نفكر بها سواءاً في المجال الشخصي أو مجال العمل المهني أو العلاقات الإجتماعية ... أو أي مجال من مجالات الحياة ، ولكن في كثير من الأحيان تتوقف هذه الأفكار عند مجرد التفكير!! ولا تجد طريقها للتنفيذ وعندها لا تعدو أن تكون أحلام طائرة .!! لماذا ؟
لان صاحبها لا يملك قوة الإرادة التي تمكنه من التنفيذ ، ولا يملك الإصرار الذي يدفعه للتضحية بشيء من الوقت أو المال أو الجهد ، لا يملك النفس التواقة التي استطاع أن يملكها عمر بن عبد العزيز فحقق أعلى المراتب في الدنيا فالتاريخ يحدثنا أن عمر بن عبد العزيز جلس يوماً ليحدث رجاء بن حيوه فقال له يا رجاء : إن لي نفساً تواقة كلما حققت شيئاً تاقت إلى ما بعده . يا رجاء : تاقت نفسي إلى ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها ، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فَوُلِّيتها ، ثم تاقت نفسي إلى الخلافة فنِلتُها ، والآن تاقت نفسي إلى الجنة ، وأرجوا أن أكون من أهلها .
إرادة وتوكل :
إن قوة الإرادة تصنع إرادة القوة ، وقوة الإرادة لا تعرف المستحيل ، و بيئة الإنجاز تتعالى دوماً على الكسل والعجز والتسويف وتتوق إلى معالي الأمور وقد جعل الله سبحانه وتعالى في هذا الإنسان ما يؤهله أن يكون خليفة الله في الأرض وما عليه إلا أن يسخرها ليكون كذلك فعلاً .
دواؤك فيك وما تشعر ---------- وداؤك منك وما تبصر
وتحسب أنك جرم صغير ---------- وفيك أنطوى العالم الأكبر
وإن قوة الإرادة تحتاج إلى ما يعضدها لينال صاحبها الرعاية الإلهية والتوفيق الرباني وهو التوكل على الله في كل تفاصيل الحياة (ومن يتوكل على الله فهو حسبه )
فيا أخي الفاضل أدعوك أن تصحب دائماً في مشوار حياتك الإرادة القوية والإصرار على التميز والتوكل على الله سبحانه وتعالى ثم جهد وجهد وجهد (فإذا فرغت فانصب) ليكون لك الدور الريادي ، وبإذن الله يلقاك أحبابك غداً لتكون رمزاً يشار إليه بالبنان لتخدم أمتك ودينك وتكون إضافة إيجابية في هذه الحياة .
ساحة النقاش