بسم الله الرحمن الرحيم
نظريات القيادة (4)
النظريات الموقفية
يمكن أن نجمل تلك النظريات فى نظرية القيادة الموقفية (لفيدلر) ، دراسة (فوليت) ، نظرية الخط المستمر في القيادة ، نظرية المسار نحو الهدف ، نظرية الأبعاد الثلاثة .
أولا : نظرية القيادة الموقفية لفيدلر Contingency Theory – Fiedler تسمى نظرية التكيف ، أو الطارئة ، أو العرضية ، أو الظرفية . وتتمتل مرتكزات النظرية فى الأتى :
1. ليس هناك أسلوب واحد في القيادة يصلح لكل زمان ومكان .
2. ليس هناك صفات معينة يجب توفرها في كل قائد .
3. ليس هناك قائد يمكن وصفه بأنه ناجح أو فاشل في كل الأوقات .
تعتمد فاعلية القيادة أو إنجاز المجموعة على التوافق الصحيح والسليم ما بين شخصية القائد والمتغيرات في المواقف ، وهي : العلاقة بين القائد ومرؤوسيه ، ومدى وضوح مهمة وتركيبة العمل ، ودرجة قوة مركز القائد . في حالة وجود علاقة طيبة بين القائد ومرؤوسيه ، ووجود وضوح في مهام العمل ، مع تمتع القائد بمركز قوي فإن الموقف القيادي يكون سهلاً . أما في حالة وجود علاقة سيئة بين القائد ومرؤوسيه ، مع وجود غموض في مهام العمل ، وتمتع القائد بمركز ضعيف ، فإن هذا الموقف يعتبر صعباً للقائد . تدرج صعوبة وسهولة الموقف القيادي بين هاتين الحالتين المتطرفتين .
يتمثل جوهر نظرية (فيدلر) فى إن القائد الذي يوجه مرؤوسيه نحو العمل لا بد أن يراعي إلى حد معين العلاقات الودية معهم ، إن القائد الذي يعزز الاتجاه نحو العمل يكون فعالاً ، لا بد أن يكون مقبولاً من المجموعة ، إن القيادة الفعالة هي نتيجة للتفاعل بين أبعاد القيادة وطبيعة الموقف ، وليس كل واحد منهم على حده .
ثانياً : دراسة فوليت ( العشرينات من القرن العشرين ) إن لكل شخص قدرة قيادية معينة تختلف درجة قوتها عن شخص لآخر كما أن هناك أشكالاً مختلفة للقيادة توجد عند أشخاص مختلفين ، بما إن لكل موقف المتطلبات القيادية الخاصة به والمختلفة عن متطلبات المواقف الأخرى ، فإن الأشخاص الذي تتلاءم صفاتهم القيادية مع متطلبات الموقف ويمتلكون المعرفة اللازمة في ذلك الموقف ، يعتبرون أفضل الأشخاص ملائمة لتبوأ المركز القيادي لذلك الموقف ، إن نجاح العمل يعتمد على التنظيم المرن الذي يساعد القائد على العمل بحرية أكثر ، فليس كافياً إلمام القائد بوظائفه من خلال اتخاذه لقرار معين ، بل يجب أن يتبادل الخبرات بينه وبين العاملين معه الذين يتصل القرار بعملهم مباشرة ومناقشته والتوصل إلى قرار ملائم يحصل على موافقة الأغلبية .
ثالثاُ : نظرية الخط المستمر في القيادة .Aconitum of Leadership Theory يطلق عليها نظرية (تانتيوم وشميت) ، وظهرت عام 1958 م في مجلة هارفارد للأعمال مقالاً بعنوان ( كيفية اختيار الأسلوب القيادى ) . خلاصة الأمر ، يتم تحديد العلاقة بين القائد ومرؤوسيه على أساس خط متصل أو مستمر . أن أسلوب القائد الفعال يتوقف على قدرات القائد نفسه وقدرات مرؤوسيه والموقف الذي يكون فيه ، فالقائد لا يختار أسلوباً واحداً ، بل يكون مرناً بدرجة كافية يتلاءم مع المواقف التى تواجهه ، إن القائد الناجح هو الذي يقدر الأسلوب الصحيح الذي يتبعه في حالة معينة ، كما يجب أن يكون القائد واضحاً مع مرؤوسيه في مشاركتهم في اتخاذ القرار في موقف معين .
رابعاً : نظرية المسار نحو الهدف . Path Goal Theory of Leadership صاحب النظرية هو (روبرت هاوس عام 1971) ، ثم طورها (ميتشل) ، النظرية ما هى إلا محاولة للربط بين السلوك القيادي ودافعية المرؤوسين ومشاعرهم ، الجدير بالذكر تعتبر هذه النظرية امتداداً للنظرية الموقفية (لفيدلر) ، ولكنها تميزت عنها باستخدام ( نظرية الدافعية ) ويعتبر ذلك تطوراً سليماً لأن القيادة ترتبط بالدافعية من ناحية وبالقوة من ناحية أخرى ، كما تناولت النظرية سمات المرؤوسين وخصائصهم وبيئة عملهم ، وتقوم النظرية على أساس أن مدى إدراك المرؤوسين لأهدافهم والمسار الذي يسلكونه لتحقيق هذه الأهداف ، إن ذلك يتأثر بدرجة كبيرة بسلوك القائد في تحفيزه لهم ، ومدى تأثير نمط قيادته على دافعيتهم للأداء ، وعلى رضاهم واتجاهاتهم النفسية . وتشتمل النظرية على أربعة أنماط رئيسية من السلوك القيادي هي :
1. سلوك الموجه Directive : وهو معرفة ما هو متوقع من المرؤوسين مع إعطائهم توجيهات وتعليمات يطلب منهم إتباعها ، فضلاً عن برمجة العمل وتنسيقه ووضع أمثلة للإنجاز ، أي سلوك القيادة التي تصدر توجيهات ( نمط المتسلط ) .
2. الأسلوب المساند Supportive : والذى يتضمن مراعاة حاجات المرؤوسين والاهتمام بهم مع خلق جو من الصداقة ضمن جماعة العمل . أي سلوك القيادة المساندة ( صديق يظهر الجانب الإنساني ) .
3. الأسلوب المشارك Participative : ويتضمن الأخذ بآراء المرؤوسين واقتراحاتهم عند اتخاذ القرارات . أي سلوك القيادة المشاركة .
4. الأسلوب المهتم بالإنجاز Achievement - Oriented : سلوك القيادة المهتمة بالإنجاز – يحدد القائد لمرؤوسيه أهدافاً تمثل تحديات ، ويظهر من الثقة فيهم ما يساعد على تحقيق هذه الأهداف من خلال الأداء الأفضل .
تؤكد هذه النظرية بأن على القائد مراعاة خصائص المرؤوسين ( سماتهم ، قدراتهم ، مهاراتهم ... ) . وخصائص بيئة عمل المرؤوسين ( بيئة العمل الداخلية ، طبيعة العلاقة بين المرؤوسين مع بعضهم البعض ، طبيعة العمل ، الأدوات والمعدات المستخدمة ، بيئة العمل الخارجية ) .
خامساً : نظرية الأبعاد الثلاثة . أدخل (وليام ردن) بعداً ثالثاً على نظرية البعدين أسماه بعد الفاعلية (Effectiveness Dimension ) ، بذا أصبح للقيادة ثلاثة أبعاد ( العلاقات ، المهمة ، الفاعلية ) . وتشتمل النظرية على أربعة أساليب قيادة وهي :
1. الأسلوب المنفصل . يمثل اهتماماً منخفضاًَ بالمهمة والعلاقات .
2. الأسلوب المتفاني . يمثل اهتماماً مرتفعاً بالمهمة ومنخفضاً في العلاقات .
3. الأسلوب المتصل . يمثل اهتماماً بالعلاقات ومنخفضاً للمهمة .
4. الأسلوب المتكامل . يمثل اهتماماً مرفقاً بكل من المهمة والعلاقات .
لم يكتف (ردن) بالأساليب القيادية الأربعة التى حددها بل أضاف إلى أنه هناك خمسة عوامل ظرفية (موقفية) تؤثر في أسلوب القائد ، وهى :
1. المناخ النفسي للمنظمة .
2. التغذية العكسية التي ينفذ العمل بواسطتها .
3. العلاقات مع الرؤساء .
4. العلاقات مع الزملاء .
5. العلاقات مع المرؤوسين .
5. نظرية حاجة التابعين . وجه الكثير من علماء النفس النقد لنظريتي السمات والطوارئ ، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى البحث عن أسلوب أفضل لتوضيح مفهوم القيادة ، فكانت نظرية حاجات التابعين ، أو أسلوب الإتباع للقيادة ، تركز هذه النظرية على التابعين أكثر منها على القائد ، وتنظر إلى القائد على أنه الشخص الذي يستطيع إشباع حاجات الجماعة المختلفة سوأ كانت مادية أم معنوية ، من رواد هذه النظرية ، (ستانفورد) الذي يرى أن التابعين يكونون عنصراً مهماً في القيادة الفعالة (Followers must be an important factor in effective Leadership)
من الواضح إن إشباع احتياجات أعضاء حزب سياسي تختلف تماماً عن موظفي وعمال مصنع أثاث ، أو وحدة أو تشكيل عسكري ، ومن هذا المنطلق ، فإنه من العدالة أن يفترض أن سلوك الزعيم السياسي تختلف تماماً عن سلوك مدير مصنع الأثاث أو قائد التشكيل العسكري .
6. نظرية التفاعل . تقوم النظرية على مفهوم أن القيادة خلاصة تفاعل عدة عوامل وتكاملها مع بعض ، وهي : خصائص القائد ، خصائص التابعين وحاجاتهم ، المواقف المرتبطة بالقيادة ، طبيعة العمل ، والمناخ الذي يحدد المواقف المختلفة . تشير النظرية إلى أن النجاح في القيادة يتوقف على قدرة القائد على التفاعل مع مرؤوسيه ، وتحقيق أهداف المرؤوسين ، وحل مشاكل المرؤوسين ، وإشباع حاجات المرؤوسين .
نخلص من نظرية التفاعل إن القائد الناجح ليس لأنه ذكي أو متزن أو لديه قدرات ومهارات فنية أو إدارية ، بل هذا الذكاء والاتزان والقدرات والمهارات تعتبر في نظر أعضاء الجماعة ضرورية لتحقيق أهدافها ، وإن القائد الناجح هو الذي يكون قادراً على التفاعل مع المجموعة ، وإحداث التكامل في سلوك أعضائها أو سلوك معظمهم ، مع الأخذ في الاعتبار آمال أفرادها وقيمهم .
ساحة النقاش