<!--[if !mso]-->
<!--[endif]-->
تأملات<!--[if !mso]--> |
علم من الكتاب
أتأمل كثيرا قوله تعالى: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) فتتسابق الى مخيلتي عدة مسائل:
<!--الاولى: لماذ عجز عِفريت الجن عن تحقيق رغبة نبي الله سليمان عليه السلام في احضار عرش بلقيس ملكة سبأ في طرفة عين في حين نجح الرجل الصالح آصف الذي عنده علم من الكتاب في انجاز المهمة.
<!--الثانية: لماذ لم يحقق نبي الله سليمان عليه السلام رغبته بذاته وهو نبي مرسل واوكلها لأعوانه فعجز من هو مسخر بأمره وأنجز من هو تابع لهديه.
<!--الثالثة: اذا كان تفوق اصف على غيره من الجن والانس بما عنده من علم من الكتاب والكتاب صحائف تقرأ اي يسهل تناولها وتداولها لماذا لم تتكرر مثل هذه الظاهرة وان كان هذا العلم هو معرفته اسم الله الاعظم الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ لماذا لم يورثه غيره من الصالحين.
وأخذت المسائل الثلاثة تجول بمخيلتي وتزر بخاطري عرى الحقيقة الهاما ورحمة فتمثلت الاجابة على نحو ومضات تنزلت من فضاء الرحمة التي وسعت كل شيء فأضاءت دربنا لنسلكه طريقا معبدا فمررت بالومضات الثلاثة:
<!--فكانت الاولى: عجز الجن لتكون الغلبة للرجل الصالح ويكون ابن ادم أقوى من كل من يفوقه في طبيعته بكلمات الله ويتجاوز ناموس طبيعته فيحدث أمورا خارقة لا تعيها الالباب ولا تطويها الاسباب.
<!--وأما الثانية: لم يحققها نبي الله سليمان بذاته و عجز الجن المسخر بأمره كي لا يتضمنها دعاءه عليه السلام رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي ويجوز تكرار مثيلها لمن يأتي من بعده عليه السلام.
<!--و الثالثة: أن العلم هو ادراك حقيقة الشيء والكتاب في عهد نبي الله سليمان عليه السلام كان صحف ابراهيم والتوراة والزبور وبذلك يكون اصف الرجل الصالح قد من الله عليه لصلاحه بعلم من لدنه سبحانه وتعالى بحقيقة بعض الايات وخصائصها في الكتاب سواء كان صحف ابراهيم أو التوراة أو الزبور وهذا يعني ان الرجل الصالح اصف قد استمد قوته بجمعه بين كلمات الله المنزلة في كتبه وعلم الله له.
واستوقفتني كثيرا الومضة الثالثة حيث قرعت سمعي تلك القوة التي جمع فيها الرجل الصالح اصف بين كلمات الله المنزلة في كتبه وعلم الله له وتلقفتها بصيرتي ببواطن معناها فوجدتها سهلة ميسرة يتناولها من يشاء بدون مبالغة حيث بوسع كل منا ان يرفع قواعدها فعلم الله تجده في قوله تعالى واتقوا الله ويعلمكم الله والكتاب هو القران الكريم فما بالنا بمن يرى بنور الله عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله"، ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه:ما يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ وما بالنا والقران بين ايدينا يخشع الجبل الأصم لتجلياته ويتصدع لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله و استمعت له الجن فقالوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا قال رسول الله صل الله عليه وسلم - (رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرَّه) ؛ رواه مسلم فالوسيلة هي القسم والدعاء والآلية اسم الله الاعظم والقران الكريم وبما يفتح الله على عبده بدرجات قربه واسجد واقترب واتقوا الله ويعلمكم الله وقد بين الله لنا الآلية وامرنا باستخدمها بل جعلها عبادة وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ وفي موضع اخر وقال ربكم ادعوني أستجب لكم فقد امرنا الله بالدعاء ومنحنا معيته سبحانه وتعالى عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا دعاني " وعن أبو هريرة : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله : أنا مع عبدي ما ذكرني ، وتحركت بي شفتاه " وهذا كقوله تعالى : ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) وكقوله لموسى وهارون ، عليهما السلام : ( إنني معكما أسمع وأرى ) وتتحقق المعية والاستجابة بالاحسان وهو اليقين عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " القلوب أوعية ، وبعضها أوعى من بعض ، فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة ، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل " كما ان الله سبحانه وتعالى اغدق علينا بكنوز الجنة عن أبي موسى الأشعري ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفا ، ولا نعلو شرفا ، ولا نهبط واديا إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير . قال : فدنا منا فقال : " يا أيها الناس ، اربعوا على أنفسكم ; فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا بصيرا ، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته . يا عبد الله بن قيس ، ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله " فمن حازها فقد استمسك باليقين الذي هو من موجبات الاستجابة.
ساحة النقاش