الشاعر و الاديب علي الفشني

<< الحروف تبني صرحا إذا أوقدتها مشاعر صادقة >>

<!--

<!--<!--<!--

أصابه الإعياء و شعر أنه يفقد شيئا من ادراكه فقرر ان ينصرف من العمل مبكرا كي ينال قسطا من الراحة لعله يسترد شيئا مما فقده توجه محمد افندي الى منزله جارا وراءه ظلا يكاد يواريه التراب و يلاحقه النوم من شدة الإرهاق كان محمد افندي قد جعل من الليل صومعة و كانت لا تفارقه مسبحته في ليل أو في نهار و كان لسانه رطبا بالأوراد و الأحزاب و كان مواظبا على حضرة شيخه المنتقل متواصلا بها وجدانيا و روحانيا كان يرى ما لا يراه  الأخرون كان يعرج بخواطره الى ما فوق السحاب و يقطف من حدائق الرحمة الحكمة و فصل الخطاب لم يسع أحدا راه الا ان قال مستحسنا :

 

ـ ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم

و لما بلغ منزله طرق الباب و لم ينتظر زوجته تفتح له او احد ابناءه ففتح الباب و دخل و هو يقول كانه يبوح بسر للباب :

ـ  بسم الله ولجنا و بسم الله خرجنا و على ربنا توكلنا

ثم سلم على اهله اماءة و لفظا :

ـ السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله و بركاته

و أومأ اليهم بما يفيد عدم الاستفسار كأنما يريد أن يخبرهم بأنه نذر للرحمن صوما فلن يكلم الساعة انسيا و ما عليهم الا ان ينتظروه حتى يخرج عليهم من محرابه فكان محمد افندي لا يطئ موطأ الا يصير له محرابا

نام محمد افندي مستغرقا في نومه من فرط تعبه دون ان تخور عزيمته الروحانية فهو كثيرا ما يأنس بالملائكة و أولياء الله الصالحين في منامه و أحيانا في يقظته فرأى فيما يرى النائم أنه مطرود من الدنيا مغادر الى الأخرة و ان حياته الدنيا شارفت على المغيب و ان الله مرسل له من يسل روحه و يسترد امانته  و ان هذه هي لحظة مولده في العالم الآخر و ما يجري عليه انما هو مخاضها فاذا به يرى بامتداد بصره ملائكة غلاظ شداد سود الوجوه و معهم ثياب تشبه الكفن ضيقة و مزدحمة بالأشواك الموقدة كالجمر نزلت ثم مكثت غير بعيد ثم صعدت و معها الثوب مشحون برائحة كريهة كأنها تساق الى سخط من الله و غضب فأوجس في نفسه خيفة و صرخ بصوت اهتز له كل شيء يحطه :

ـ يا مغيث أغثني .. يا مغيث أغثني

فاستيقظ من نومه ليتلقى خبر وفاة احد جيرانه و رفيقه بالصف الأول بالمسجد ينعيه النواح و عويل النساء فسأل اهله بعد ان قص عليهم ما طاف عليه في منامه فأجابته :

 

ـ لم يسلم أحدا من لسانه

 

 

alihamed

علي الفشني

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 290 مشاهدة
نشرت فى 24 يوليو 2015 بواسطة alihamed

ساحة النقاش

علي محمد حامد

alihamed
أنا قلم متصل بالوجدان مداده سيل العواطف المتدفق من منابعه و الجاري على صفحات الحياة طابعا عليها بواعث الأمل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

190,257